صفحة الكاتب : نزار حيدر

شِعارُهُ علوي..فِعلُهُ أموي
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   لا تحدّثني عن دينك، دع فعلُك يتحدث عنه، فقد تكون ممن يتاجر بالدين، لا ادري، او قد تكون ممن قال عنهم سيد الشهداء (ع) {الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون} او ممن لبس الدين كالفرو مقلوبا.

   حدثني من اثق به قال:

   تقدمت معه لاختبار التعيين كقنصل عام في احدى سفارات جمهورية العراق، ولقد حالفني الحظ لانجح في الاختبار، اما صاحبي فقد سقط بالاختبار، فاتصل بي هاتفيا ليشتم كل المسؤولين في الدولة، بمن فيهم الحزب الذي ينتمي اليه وقياداته ورموزه وتاريخه العتيد وكل ما يتعلق به من اسم ورسم ورمزيّة، ثم عرج على الله تعالى ليكفر به وبالسماوات والأرضين والرسل والأنبياء وبكل ما هو مقدس، وقبل ذلك كان صائما قائما لا يترك فعل المستحبات فضلا عن الواجبات.

   لقد انقلب على كل مقدساته بمجرد ان فشل في نيل ما كان يتمناه، ناسيا او متناسيا انه يدعي التدين والالتزام بنهج الامام علي (ع) الذي كانت الإمرة عنده كعفطة عنز الا ان يقيم حقاً او يدحض باطلا، فما بالك بالسفارة او القنصلية!!.

   كثيرون يتظاهرون بالتدين، بل يتظاهرون بالانتماء الى علي (ع) الا ان أفعالهم أمويّة، ولذلك ورد عن رسول الله (ص) قوله {لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم وكثرة الحج والمعروف وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة} وقول المعصوم {لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإن ذلك شيء اعتاده، فلو تركه استوحش لذلك، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته} فالكثير منهم تحولت العبادة عندهم والتظاهر بالدين والانتماء الى المذهب عادة اعتادها لا يقدر على هجرانها.

   ان الانتماء الى علي (ع) وإذ تمر علينا اليوم ذكرى ولادته المباركة في جوف الكعبة، انتماء الى منهج وخط وسلوك وأسلوب، في الأخلاق والسياسة والإدارة والحقوق والتنمية والحكم وفي كل شيء، فلا يمكن ان تدعي الانتماء اليه باللسان واسلوبك في الادارة أمويّ النزعة، او ان تدعي الالتزام به وطريقتك في الحكم تنطبق عليها مواصفات السلطة عند معاوية، وهكذا، فإما ان تكون علويّا في الفكر والمنهج والأسلوب والأدوات والطريقة وفي كل شيء، او ان تكون أمويّا تنتمي الى معاوية في كل شيء، اما التبعيض فتختار من علي (ع) شيئا وتستهوي من معاوية أشياء اخرى، فذلك قمة النفاق وازدواج الشخصية، لان علي (ع) ومعاوية نقيضان لا يجتمعان في شيء ابدا.

   ان الانتماء الى علي (ع) التزام بنهج، كما ان الانتماء الى معاوية التزام بنهج، اما ان ننتمي لعلي (ع) بالهوية ونلتزم بكل ما يعاكسه بالمنهج، فهذا يعني اننا ندعي الانتماء اليه، اما النهج فاموي بامتياز.

   انهما نهجان متناقضان لا يلتقيان، فاما علي (ع) واما معاوية.

   لقد تميز الامام (ع) بكل التفاصيل فضلا عن النهج العام، ولذلك يكذب من يدّعي ان الامر لُبّٓس عليه فاختلطت عليه الامور فاخذ من هذا شيء وأخذ من الاخر أشياء.

   ان نهج الامام واضح وهو لم يدع أمرا من أمور الحياة والشأن العام الا وتحدث فيه او كتب عنه، ولذلك فان من يخلط بين النهجين فإنما يتعمد ذلك، انهم الذين يدّعون الانتماء للإمام اما نهجهم فأموي يتقمصون شخصية معاوية عمدا، ربما لانه اقرب الى هوى انفسهم من الامام ونهجه وسيرته.

   انهم يعلنون الانتماء الى علي (ع) مجبرين بسبب البيئة او العائلة او لأغراض السياسة وواجبات الدعاية الانتخابية، اما نهجهم فاموي يختارونه بملء إرادتهم.

   ولعل من أشد ما نحتاجه اليوم في نهج الامام هو الحقوق التي يجب ان نصونها لأنفسنا كما نصونها لغيرنا، ولقد تحدث الامام (ع) عن ذلك بقوله:

  أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ مثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ، فَالْحَقُّ أَوْسَعُ الاَْشْيَاءِ فِي التَّوَاصُفِ، وَأَضْيَقُهَا فِي التَّنَاصُفِ، لاَيَجْرِي لاَِحَد إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ، وَلاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ، وَلَوْ كَانَ لاَِحَد أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَلاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ، لَكَانَ ذلِكَ خَالِصاً لله سُبْحَانَهُ دُونَ خَلْقِهِ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَلِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ، وَلكِنَّهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضَاعَفَةَ الثَّوَابِ تَفَضُّلاً مِنْهُ، وَتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ أَهْلُهُ. 

   ان الحقوق المتبادلة بين الناس معيار العدل، وهي أساس الاستقرار المجتمعي، ولذلك فصل الامام الحديث فيها وعنها، لئلا يظلم إنسان في دولته، فتنهار من القواعد.

   9 مايس (أيار) 2014

                      للتواصل:

E-mail: nhaidar@hotmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/10



كتابة تعليق لموضوع : شِعارُهُ علوي..فِعلُهُ أموي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net