صفحة الكاتب : الشيخ حسين الخشيمي

القراءة الرسالية للقصص القرآنية -1-
الشيخ حسين الخشيمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

آدم (ع).. أصل التسمية


قد تكون قصة اصطفاء الخالق عز وجل لآدم (ع) خليفة له في الارض هي القصة الابرز في حياة النبي زوجته حواء (ع) " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ"(البقرة/ 30) أو لربما تكون القصة الاهم بين قصص آدم هي سجود الملائكة له واعتراض ابليس! والتي تحدث عنها القرآن الكريم أيضاً "فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ" (ص/ 73-74) او تكون قصة العصيان الاكثر أهمية من غيرها، باعتبار أن المعصية صدرت من نبي عُصم عن الخطأ والسهو والزلل؟!! والتي اشار لها القرآن الكريم أيضاً بقوله " وعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى" (طه/ 121).

إذن؛ ما الفائدة  من بقية القصص المرتبطة بالنبي آدم وزوجته حواء، والتي تتحدث عن امور سطحية لا طائل منها؟ ما فائدة معرفة أصل تسميتهما؟ والتي لم تشر لها أي آية من الآيات الواردة في قصة النبي آدم!! نعم، نكتفي بالإجابة على هذا السؤال بالقدر المعقول الذي يضمن لنا الاقتناع  دون الولوج في تفاصيل قد تبعدنا تماماً عن اهم محاور حياة النبي، وهذا ما نراه أيضاً في سائر حياة الانبياء والأئمة (ع) حيث أن هناك نسبةً كبيرةً من الباحثين والكتاب يسطرون الكلمات والجمل في بيان مثل هذه القضايا، او لمعرفة من هي ام النبي الفلاني، او خال الامام الفلاني! منصرفين عن اهم محطات حياتهم المضيئة والتي تعد بالنسبة لنا تجارباً غنيةً نستثمرها في حياتنا وواقعنا الذي نعيشه.

سنجد ونحن نطالع الروايات الشريفة في مصادرنا كماً هائلاً منها يتحدث عن أصل تسمية النبي آدم المقتبسة عادة من إجابات النبي و الائمة (ع) عن أسئلة أصحابهم او عامة الناس في الموضوع. ومنها ذلك الذي سأل النبي (ص) عن آدم لم سمي آدم ؟ فأجاب: "لأنه خلق من طين الأرض وأديمها......" ثم يمضي السائل في أسئلته عما اذا كان النبي آدم قد خُلق من نوع واحد من الطين او اكثر والنبي يجيب!! وقد لا  نجد ونحن نطالع هذه الروايات المباركة  ما يدل على أن النبي أو احد الائمة (ع) قد تحدث بخصوصية بالغة، وأفرد درساً أو محاضرة أو حديثاً خاصاً عن تسمية النبي آدم كما تحدثوا عن باقي القيم الاخلاقية و القضايا السياسية، و الاجتماعية، وحتى الاقتصادية التي انبرى لها اغلب الانبياء والائمة وهم يجوبون الاسواق ويفَقّهون التجار وكل من يبتاع فيها. اذن لما يندفع بعض الباحثين والكتاب والمهتمين بالقضايا الفكرية نحو مثل هذه الامور السطحية؟

لعل الاجابة تتلخص في أمرين، الاول هو أن اغلب شرائح المجتمعات تميل عادة نحو القصص الغريبة والمشوّقة، ولا يعني هذا اننا نشكك في صحة الروايات الواردة في تسمية النبي آدم (ع) والعياذ بالله، وإنما تسليط الضوء على هذا الجانب من حياته والاهتمام به يعد امراً غير مألوفاً لما يحمل من إثارة وتشويق، فعندما يأتي يهودي ويسأل الامام علي (ع) عن سبب تسمية آدم بآدم، وحواء بحواء، ويجب الامام بـ : " إنما سمي آدم آدم لأنه خلق من أديم الأرض ، وذلك أن الله تبارك وتعالى بعث جبرئيل عليه السلام وأمره أن يأتيه من أديم الأرض بأربع طينات : طينة بيضاء وطينة حمراء، طينة غبراء، وطينة سوداء......." الامر يعد مشوقاً للقارئ وربما يكون شيئاً جديداً بالنسبة اليه! لذلك يذهب اغلب الكتاب والباحثين الى تسليط الضوء على هذه المواضيع الخفيفة والشيقة في الوقت ذاته، والتي من خلالها يضمنان أن تلك المواضيع ستجد طريقها بسهولة للانتشار بين الناس وتقبلها.

اما الأمر الثاني والأهم، فهو أنه ربما يكون الاهتمام بهذه المرويات مقصوداً، وأن لأعداء الاسلام يداً في دفع الباحثين -سواء كان بعلم او بغيره-  نحو "سطح" القصص القرآنية بهدف إشغالهم عن المضامين الغنية والمهمة الموجودة في مواضع اخرى من ذات القصص، في الوقت الذي نجد فيه التشديد والترغيب العظيم من قبل الائمة (ع) على العمل بالقرآن الكريم قبل أن يعمل به غير المسلمين، فقد جاء في وصية أمير المؤمنين علي لابنه الحسن (ع) ما نصه: " الله الله في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به أحد غيركم...."

 إن إشارة الامام في الوصية من خلال قوله: "لا يسبقكم........" ربما ترمي والله العالم الى ما سيوظف اعداء الاسلام من هذه القصص القرآنية فيما يصب بمصالحهم، من إشغال المجتمعات الاسلامية في امور لا يقدم البحث عنها من العلم والمعرفة والفائدة إلا القليل، في الوقت الذي تترك فيه أهم وأبرز المواقف في قصة النبي آدم (ع) والتي منها خلافة الأرض، والامر الالهي للملائكة بالسجود؟ وعصيان آدم لربه وما هي فلسفة العصيان؟ وكيف يعصي النبي ربه؟ وهناك الكثير من الاسئلة المثيرة والتي تبحث عن إجابات موجودة حتماً في مروياتنا وموروثنا الفكري الغني الذي تركه لنا نبينا الاكرم محمد (ص) والائمة الاطهار (ع).


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ حسين الخشيمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/06



كتابة تعليق لموضوع : القراءة الرسالية للقصص القرآنية -1-
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net