صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

الشعوب تتطلع الى دور روسيا الجديد
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


روسيا أحدى دول الإتحاد السوفيتي السابق الذي تفكك عام 1991 م عندما كان غورباتشوف رئيسا للإتحاد السوفيتي ، وكانت روسيا تشكّل ثقل وقوة الإتحاد السوفيتي السابق ، وعندما تفكك الإتحاد السوفيتي بقيت قوته في روسيا ، لكن روسيا لم تمارس دورها قطبا ثانيا منافسا لأمريكا بعد تمزق وحدة الإتحاد السوفيتي ، أذ  أنشغلت بمشاكلها الداخلية خاصة الإقتصادية منها ، وبغياب الإتحاد السوفيتي القطب الثاني من ميدان المنافسة ، أنفردت أمريكا بالعالم وأخذت تصول وتجول من غير رادع أو خوف ، وأخذت تفرض القوالب السياسية الجاهزة على أي منطقة في العالم حسب حاجتها وحاجة حلفائها من الدول الأخرى ، مع الإهتمام بالمصلحة الصهيونية الدولية ، ومصلحة أسرائيل بشكل خاص .
أول رئيس لروسيا بعد تفكيك الأتحاد السوفيتي هو بوريس يلتسين ، وقد أستلم المنصب في حزيران 1991 م ، وبسبب المشاكل الأقتصادية الكبيرة لروسيا أستقال يلتسين بعد عدة سنوات ، وسلم الرئاسة لرئيس الوزراء فلاديمير بوتين ، ألذي فاز رئيسا لروسيا في أنتخابات عامة عام 2000 م ، نجح بوتين في التصدي لكثير من المشاكل الداخلية ومنها المشاكل ألأقتصادية ، وفي سنة 2008م جرت إنتخابات عامة وفاز ديمتري ميدفيديف رئيسا لروسيا ، وتولى بوتين رئاسة الوزراء ، وعملا معا لتجاوز الكثير من الصعوبات الداخلية ، خلال هذه الفترة إكتسب بوتين شعبية كبيرة ، فعندما جرت إنتخابات الرئاسة في آذار 2012 م فاز بوتين مجددا بالرئاسة  لكن هذه المرة إتجهت روسيا لاستعادة مركزها دولة عظمى في العالم ، وأخذت تنافس أمريكا وتقف بوجهها في كثير من المواقف الدولية ، منها موقفها فيما يتعلق بالمسألة النووية الأيرانية ، وأتضح موقف روسيا بشكل أكبرعندما وقفت بوجه أمريكا ومحورها خلال أحداث سوريا عندما تعرضت للهجوم التكفيري المسلح ، أذ أفشلت روسيا الكثير من الخطط الأمريكية ، خاصة فيما يتعلق بالهجوم العسكري المباشر الذي أرادت أمريكا تنفيذه على سوريا  .
بعد تمزيق الأتحاد السوفيتي الى ( 16 ) دولة بناء على رغبة الحركات الدولية السرية التي تصنع الأحداث في العالم ، واليد الصهيونية هي جزء من هذه الحركات خرجت روسيا بقوتها العسكرية الضخمة دولة منهكة خاصة في الجانب الإقتصادي وبعد تولي بوتين الرئاسة بدأت تستعيد عافيتها مجددا وبالتدريج ، وخلال فترة عقدين من الزمان تقريبا إنفردت أمريكا بالعالم ، وهذه النتيجة ليست في مصلحة الشعوب المضطهدة ، وخلال هذه الفترة حاولت أمريكا إحتواء روسيا ، فأخذت تتقرب منها بوسائل عديدة منها الوسائل الأقتصادية ، الى أن إنتفض المارد الأشقر واستعاد عافيته حينئذ أخذت أمريكا تشعر بالقلق .
ظهر الموقف الروسي بارزا خلال أحداث ما سمي ( الربيع العربي ) الذي صنعته الدوائر الغربية والصهيونية خدمة لأمريكا وإسرائيل بالتعاون مع محور الشر في المنطقة ( السعودية وقطر وتركيا ) ، فهمت روسيا هذا الحراك والنوايا الأمريكية من ورائه ، حتى بدأ الهجوم التكفيري الإرهابي على سوريا المدعوم من أمريكا والصهيونية وحلفاؤهم ( السعودية وتركيا وقطر ) ، ولما عجزت منظمات التكفير من القاعدة والنصرة وداعش وغيرها من المنظمات الإرهابية التي تنتمي كلها الى المذهب الوهابي المتطرف من إسقاط  سوريا ، قررت أمريكا بأن تشن هجوما عسكريا مباشرا على سوريا لنجدة المنظمات الإرهابية ، في هذه المرحلة تحركت روسيا بشكل أقوى ، ووقفت بوجه أمريكا لدرجة أفشال الهجوم العسكري الأمريكي مما أضطرها الى الرضوخ لطلب الحل السياسي للقضية السورية .
هذا الموقف أظهر روسيا قطبا منافسا لأمريكا ، وقد أرتاح الكثير من الشعوب للموقف الروسي هذا ، إذ تعاطفت شعوب المنطقة مع روسيا وتمنت على حكوماتها أن تقيم أحسن العلاقات معها ، وفق مبدأ المصالح المتبادلة مع أحترام السيادة لكل بلد  الموقف الروسي لعب لعبته وحقق المطلوب ، أذ أفشل المخطط الأمريكي الصهيوني لإسقاط سوريا بدعم من السعودية وقطر وتركيا ، وبقيت سوريا صامدة لتصفية جيوش الظلام التكفيرية .
ساعدت أحداث سوريا على تشخيص الموقف الأمريكي والروسي بشكل واضح ، بعد أن كشف الموقف الروسي العورة الأمريكية ، كذلك كشف عمالة بعض دول المنطقة مثل ( السعودية وقطر وتركيا ) الى الصهيونية ، وكشف زيف الإدعات الأمريكية أنها تحارب الإرهاب ، وأثبت أن العكس هو الصحيح ، كذلك ظهرت المنظمات الإرهابية التي أنتجها المذهب الوهابي التكفيري أنها لا تجاهد لله مثل ما تدعي ، بل أنها تعمل لخدمة أمريكا والصهيونية .
من هذه المحطة بدأت أمريكا ومحورها بما فيهم السعودية التي جُنت بسبب إحباط الهجوم العسكري الأمريكي على سوريا ، للإنتقام من روسيا ، فحدثت تفجيرات إرهابية على مدار يومين متواليين في مدينة فولجوجراد جنوب روسيا ، وهددت بعض المنظمات الأرهابية بمهاجمة الألعاب الأولمبية الشتوية التي نظمت في روسيا هذا العام ( 2014 م ) ، لكن روسيا أخرست المهددين بعد تهديدها السري منبع الارهاب في العالم (السعودية) وجاء التهديد على لسان بوتين هذه المرة .
في هذه المرحلة تحركت الدوائر الأمريكية الصهيونية للأنتقام من روسيا من خلال أثارة الأضطرابات في أوكرانيا ومحاولة تغيير نظام الحكم فيها كونه متعاونا مع الحكومة الروسية ، وقد نجحوا في عزل رئيس جمهورية أوكرانيا ، فجاء الردّ الروسي صاعقا ، أسترجاع شبه جزيرة القرم بشكل سريع فاجأ المعسكر الآخر، أذ جاء الردّ الروسي مباغتا بحيث أذهل أمريكا وحلفاءها .
 ضمت أوكرانيا شبه جزيرة القرم بأمرالرئيس السوفيتي السابق (نيكيتاخروتشوف) الأوكراني الأصل عام (1954 م ) ،  وشبه جزيرة القرم  تحضى بالإهتمام الروسي لسببين : الأول هي جزء من روسيا أصلا ، وضُمت الى أوكرانيا عندما كانت أوكرانيا جزءا من الإتحاد السوفيتي السابق ، والسبب الآخر أن الأسطول البحري الروسي في البحر الأسود يستقر في شبه جزيرة القرم ، لهذين السببين شعرت روسيا بالقلق الشديد من ألإضطرابات في أوكرانيا ، والتي أُفتعلت بهدف الضغط على روسيا بسبب مواقفها من أحداث المنطقة .
 
 
الموقف الروسي من الأحداث في سوريا هو الأكثر أهتماما من الأصدقاء والأعداء ، الأعداء أزداد غيضهم ، والأصدقاء أزداد فرحهم ، أما الشعوب فقد تعاطفت مع الموقف الروسي كي تستعيد دورها قطبا ثانيا ، لأنه جاء في صالح الأستقرار في المنطقة ، ولكبح جماح أمريكا وإسرائيل .
 تتطلع الشعوب اليوم لتأخذ روسيا دورها قطبا دوليا يقف بوجه الإستهتار الأمريكي التي تريد فرض سياساتها على شعوب المنطقة بدعم من الدول التي تتبنى الفكر التكفيري في المنطقة ، كذلك تعوّل الشعوب أيضا على الموقف الروسي ليقف بوجه المد الأرهابي التكفيري الذي يريد تمزيق دول المنطقة خدمة لإسرائيل وأمريكا ، سيما وأن روسيا تمتلك خبرة طويلة في مقاومة أرهاب المنظمات التكفيرية منذ الغزو السوفيتي لأفغانسان .
لقد أنتجت أمريكا والسعودية منظمة القاعدة في أفغانستان عند الغزو السوفيتي لها ، ومنذ ذلك الحين بدأت القاعدة تفرّخ منظمات أرهابية أخرى ، وكل واحدة منها تحمل أسما أوعنوانا ، وبعضها مدعوم من السعودية أو قطر أو أي دولة أخرى تقع ضمن المحور الأمريكي الصهيوني ، وكلها ترضع من ثدي الحركة الوهابية التكفيرية ، وتتغذى من الفكر المنحرف الذي يحمله وعاظ السلاطين كالقرضاوي وأمثاله .
الأرهاب اليوم أصبح ظاهرة تهدد العالم ، أذن لابد من حراك دولي للقضاء عليه أو كبح جماحه على أقل تقدير ، والمستفيد الوحيد من الأرهاب أمريكا وأسرائيل وأعداء الأسلام الأصيل في العالم ، ولا يمكن القضاء على الأرهاب بقتل الأرهابيين فحسب بل لا بد من أستئصال الرحم الذي يولد منه الأرهاب ، ورحم الإرهاب اليوم هو النظام السعودي حيث الرعاية للفكر التكفيري ، والدعم المالي الكبير لنشره في العالم لينتج منظمات أرهابية دموية ترى القتل العشوائي وسفك دماء الأبرياء ونشر الدمار طريقا للوصول الى الجنة .
من أجل ألقضاء على هذا الفكر لا بد من أستئصال الغدة السرطانية التي تنتج هذا الفكر المنحرف الذي يعادي الانسان ويبيح قتله وهو النظام السعودي ، ولتحقيق ذلك لابد من حراك دولي للقيام بهذه المهمة الأنسانية التي تهم جميع الشعوب في العالم ، وأرى روسيا اليوم هي المؤهلة للقيام بهذا الدور بالتعاون مع الدول المتضررة من الأرهاب ، والتعاون مع الأمم المتحدة بعيدا عن التأثيرات الأمريكية والصهيونية  نرى من الضروري أن تأخذ روسيا دورها كدولة عظمى منافسة لأمريكا التي أنفردت بالعالم بعد سقوط الإتحاد السوفيتي .
شعوب العالم اليوم خاصة تلك التي تقع ضحية الأرهاب وضحية السياسية الأمريكية الطامعة ، تتطلع الى روسيا لتأخذ دورها قطبا عالميا يقف بوجه الطغيان الأمريكي الصهيوني ، وتأخذ دورها في أستئصال الرحم الملوث الذي يولد منه الإرهاب ، وهو النظام الوهابي السعودي ، ونحن أبناء الشعوب العربية والأسلامية ضحايا السياسة الأمريكية الجائرة نتطلع لهذا الدور الروسي الجديد بأمل كبير .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/04/17



كتابة تعليق لموضوع : الشعوب تتطلع الى دور روسيا الجديد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net