صفحة الكاتب : راسم المرواني

تحيةً أُخرى وأُخرى وأُخرى ... للسيّـد جَعفَـر الصَـدر
راسم المرواني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  واحدة من المآخذ على من يزعمون أنهم مهتمون بحق العراقيين في التظاهر أنهم (يستثمرون) مواقف الأشخاص (إعلامياً) بشكل (آني) ومرحلي ، ثم يضعونها على (رفوف الذكريات) ، أو في (أدراج) الآرشيف ، أو في زوايا (الديكور) بعد أن يمتصوا منها غايتهم .
فقد رأينا وسمعنا وقرأنا ما كتبته أقلام الكتاب المشجعين على التظاهرات في موقع كتابات وغيره ، لتشد على يد السيد جعفر الصدر إبان استقالته من مجلس النواب تضامناً مع أخوته العراقيين من المتظاهرين المطالبين بحقهم المشروع في التأسيس لدولة العدل وحكومة التكنوقراط .
ورغم يقيني بأن السيد جعفر الصدر قد اتخذ موقفه منطلقاً من أسس وطنية وإنسانية ، تدل على زهده بما يتشبث به الآخرون من زخرف السلطة وديباج العرش ، ولكن لا ينبغي الإغفال عن أنه قد انطلق في قراره من معطيات أخرى مضافة الى دراسته الأكاديمية وتجربته السياسية في ضل المتناقضات والأحداث والمآسي التي عاشها في زمن السلطة السابقة ، أهمها أنه لم يستطع التنصل عن موروث التربية (العالية) التي تلقاها رضاعاً بين أحضان والده المفكر الأستاذ السيد الشهيد (محمد باقر الصدر) الذي لا يختلف اثنان من العقلاء الشرفاء أنه فيلسوف العصر ومجدد المنهج الحوزوي .
وأيضاً فإن السيد جعفر الصدر قد انطلق في قراره من تراكمات التغذية الفكرية الرائعة التي رسخت في ذهنه أثناء تمتعه برعاية وحنو السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر الذي أرسى دعائم الثورة (داخل وخارج الحوزة العلمية) وأسس لمجتمع جديد يحمل فهوماً جديدة لحركة التأريخ والواقع .
لقد كنا نعي بأن دخول السيد جعفر الصدر الى العملية السياسية هو أشبه بدخول ابن أخيه (مقتدى الصدر) في المعترك السياسي ، والتي جائت عن قناعات وغايات (إنسانية ووطنية) لا تخلو من (مضض) وتضحية ، كل هذا من أجل محاولة وضع (قاطرة) الحراك السياسي على خطها (الحديدي) الذي يؤمن وصولها الى أعلى مستويات الأداء من جهة ، ومحاولة للوصول الى مصدر القرار المتمثل بالسلطة (التشريعية) البرلمانية من أجل تحييد القرارات والتشريعات الى مسارها الوطني والإنساني الصحيح ، والعمل على (فرملة) القرارات والحراكات السياسية التي من شأنها أن تضر بواقع ومستقبل العراق وشعبه .
وإذا كان البعض ممن شاركوا في العملية السياسية هم بحاجة الى سلطة الجاه والمال والشهرة ، وإذا كان بعضهم يسعى لنيل عضوية البرلمان من أجل إشباع رغباته الشخصية ، فإن السيد جعفر الصدر (هو) من سلك طريق التضحية بدخوله الى عضوية البرلمان ، ولئن كان البرلمان قد أضفى ملامح ومميزات (جديدة) على أعضائه فإن من المنصف القول بأن السيد جعفر الصدر (هو) من أضفى ملامح ومميزات جديدة على البرلمان وعضويته ، شاء البعض أم لم يشأ ، على الأقل لأن قبة البرلمان تحتوي على الغث والسمين والصريح واللصيق والوطني والعميل والفاعل والخامل والمحق والخاطئ ، بيد أن السيد جعفر الصدر ، ومثله السيد مقتدى الصدر ، هما وريثان لمؤسسة (دينية وطنية إنسانية) لم تجرؤ يد التشريح والتجريح والتلميح والتصريح بأن تتهمها بشئ مناف لرغبات الإنسانية في الوصول الى الخلاص ، ولم يجرؤ أحد على اتهام السيدين الشهيدين (محمد باقر الصدر ومحمد محمد صادق الصدر) بالخمول أو العمالة أو المهادنة مع الطواغيت ، ولم يتهمهما أحد بالتنصل عن دورهما التربوي والتعبوي في محاولة الدفع بالمجتمع نحو الحرية والبناء والتغيير .
لقد جاء قرار السيد جعفر الصدر بالإستقالة من عضوية البرلمان ليؤكد (من جديد) بأن السيد جعفر الصدر يعي معنى الحكمة (الصينية) التي تقول بأن (الثوار) حين يجلسون على (كراسي) الحكم فإنهم سينسون مبادئهم ، ولذا ، فقد غادر جعفر الصدر كرسي الحكم محافظاً على مبادئه الرائعة وشخصيته المستقلة ، وليؤكد (من جديد) بأن إرث الثورة لا يمكن أن يتلاشى في معترك الحياة وصراعاتها ، فقدم استقالته بشكل ينم عن رفض هذا الرجل لفكرة أن يصبح (بيدق) شطرنج يحركه الآخرون ، كما يدل على رفضه لأن يصبح أحد (تنابل) السلطة الذين وصل بعضهم الى مقاعد البرلمان بالحيلة أو (التمسح) أو الغيلة أو مسح (المداسات) والأحذية والبساطيل ، فقط ليعتاشوا من مرتبات البرلمان التي لا تخلو من كونها أموال (سحت) لا تفارقها (الريبة) .
إن من أشد ما يشجي الغيور هو أن يرى وسائل الإعلام وقد (صفقت) وطبلت وزمرت لإستقالة السيد جعفر الصدر في زمن فوران الدعوة لإسقاط الحكومة والتظاهر ضدها ، بيد أنها الآن لم تعد تذكر هذه الإستقالة ودورها التعبوي ، وكأن استقالة السيد جعفر الصدر واحتجاجه على أداء البرلمان كان (ومضة) من ومضات السياسة وانتهت ، بيد أن الحقيقة تقول بأن جرأة هذا الرجل ، وقوة قراره ، وتوقيته الصحيح ، تدل دلالة واضحة على أنه يجيد وضع نفسه في المكان المناسب في الوقت المناسب ، وبذا ، فهو يستحق منا المزيد من التحية والإكبار والمحبة ، وعليه منا نحييه دائماً على موقفه هذا ، وأن نقدم له الشكر كلما جلس البرلمانيون على مائدة (طبخ الوطن) لينهشوا من لحمه الطازج الطري ، وأن نشير إليه بأيدي التحية كلما (خرج) البرلمانيون بقرار (فاشل) من قراراتهم التي لا يفهم ماهيتها أغلبهم ، وعلينا أن نصفق له بحرارة كلما نعق ناعق أو نعقت ناعقة تحت قبة البرلمان بشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع .
تحية لآل الصدر بحجم تضحياتهم ، وبعمق رؤاهم ، وبسعة مواقفهم التي جعلتهم كالسمك في الموائد .... (مأكول ... مذموم) .

 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


راسم المرواني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/30



كتابة تعليق لموضوع : تحيةً أُخرى وأُخرى وأُخرى ... للسيّـد جَعفَـر الصَـدر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو الحسن من : العراق ، بعنوان : تحيه لجعفر الصدر في 2011/03/31 .

لا اعلم متى يكف راسم المرواني عن الهذيان والنفاق يحيي موقف جعفر الصدر لانسحابه من البرلمان لان السيد جعفر وجد ان البرلمان ليس المكان المناسب لخدمه الناس ناسيا ومتناسيا انه في مقاله سابقه يحث السيد جعفر على عدم الترشيح لرئاسه الوزراء كي لا يشتم السيد الصدر من جراء تولي نجله هذا المنصب لاكننا لم نجد ادانه واضحه للمرواني لاصحاب 40 مقعد بالبرلمان ونائب رئيس البلرلمان و8 وزراء كلهم من التيار الصدري بعد ان ضحك السيد القائد الضروره وهيئته السياسيه على ذقون جماهير التيار لانتخابهم بالمناسبه ان المرواني يكتب عاصمه العراق المحتله امريكيا ولم يكتب محتله ايرانيا لاسيما ان سماحه السيد القائد مقيم فيها صيفا وشتاء





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net