صفحة الكاتب : راهن ابو عراق

إلى: كارلوس ليسكانو


ثمّة حقيبة
ثمّة امرأةٌ تحملُ حقيبة
نهرٌ، يجرّ لهاث المدينة صوب صدرها الموصد على نحيبه، وينحرُ البكاءَ المُتخثّر على ضفّتي عينيها
هل أنتَ حيّ تماماً/ تقول
وتجسّ بأصابع لهفتها حجراً بارداً، يشبه طفلاً في حقيبة
عالمٌ
عائمٌ
ولا جسرَ يعبره الغرقى، إلى موتٍ أقلّ إغراء بالحياة
هل أنتَ حيّ تماماً/ تقول
وتتحسّس قاع النّهر، برمل الأمل
عائمٌ
عالمٌ، نوافذهُ مشرعة على الخدر المُبجّل
تدندَن الشّوارع لحنَ البُؤس. تتثاءب الجدران، وتمتعض الأرصفة من نشاز الخطوة المُتعبة
من وطأةٍ عاريةِ الكعب، تثيرُ نعاس الغبار

ثمّة حقيبة
ثمّة وجهٌ يهوي من حقيبة
والأرض منشغلةٌ بسقوطها الباهر، عن رصد الشُّهب المنكوبةِ المطرودةِ من سدُم الأبدية
تلمعُ
تذوي
تضيع، ويضيعُ في ظلامها الظلام
يختلط الشكلُ في انشطاره، وتتنافرُ الأشلاء
هل أنتَ. أنتَ/ تقول
وتلقي شِباك فجيعتها، لضمّ حُطام الوجه المُتمرّغ بألف جهةٍ ومجرّة
تجهشُ
وتتّكئ على رُعب الرّيبةِ من أقطاب مُكدّسة، تتنافر في حقيبة
هل أنتَ. أنتَ؟

السّماءُ على أُهبة الضّجر
والعابرونَ يتبادلونَ فُكاهة المواسم. ليؤنسوا وحشة الطريق، يسمّونَ مزاجَ الموتِ فصولاً ويتراجمونَ بالأسماء ليهشّموا فراغ الكون منهم
أرعنُ
الطريقُ ، يعرفُ فخاخ النهاية منذُ الزمن صياد جائع، ولا يبوح إلا بالبداية، وما تيسر من حيلٍ تؤجّل الضّجر بكوميديا الرّمم
تتهافتُ على المسرح، رممٌ تتناوب الأدوار ذاتها، والأسماء ذاتها، والوجوه ذاتها
رممٌ
أمامكَ
رممٌ
ورائكَ
رممٌ
تنتظرُ أن تحملها إلى رممٍ
رممٌ
على كتفك
رممٌ
بينك وبينك
رممٌ.. أنتَ
فانقذ داخلكَ المُتداعي، وحده الحيّ في هذا الكون
هل أنتَ. أنتَ؟
هذي الظّلال
المعجونةِ بعتمة الحديد وعفونة الدّهاليز، وعَرَق الخوف والخرس، وبلاهةِ الحرس
ظلالك؟
أم طريقك الأرعَن، إليك
فادخل به
أدخل، بهذا الدّاخل فيك

نهرٌ
يجرُّ لهاث المُدن المُرّ، صوب صدرها الموصد. يخلعُ ضفّتين من شجر وعشب
ويصطفي الرّماد الصّلد غابةً لنشيد الطير الآلي، ولغروب كهربائيّ يواسي شهوة العشاق، وسماسرة الوقت.
نهرٌ، دلّلته الأضواء المبحوحة، واعتقلته الصّور
الآن لن يعرفَ في أيّ صورة جفّ، وفي أيّ صورة ما زال حيّاً
الآن لن يعرفَ. هذا المتساقط.. وجهٌ أم صور

مُختلفٌ عنّي. فيّ
مُنقلبٌ منّي. عليّ

اغرقُ في صمتٍ لهبيّ اللون
يشعُّ.. لا يشعّ
يلمعُ ككلّ ما ليسَ ذهباً. ذهبَ خلف احتمال الكلام، ورجعَ يُضيء المعنى بصدى نزقا
حائرٌ في مصير الكون الحائر
كأنّه هو
كأنني أنا
كأنّنا المارقُ أبدا، بينَ اللّون ولونه

همتُ مُنطرحاً على الطّرقات، سائبٌ توجّسي في الأزقّة. يَعجزني الحرفُ، كأنني المنثور من عقدِ اللّغة
لنوارسِ الهوامش أيضاً، حصّة مني
تنالُني، إذا ما أتقنتِ الغطسَ في زجاج الآن
الآن، وقد كبّلتني الجهاتُ واستَعصَتني المناقير
ارفعُني مائدةً لكلماتٍ تجوعني
وأعلنُ هدنة التّجانس:
كلّ اثنين. أنا
وأنا . كلّ اثنين
تجمعُني الحقيبةُ، ويفرّقنا السّقوط

ما من مانع، يمنعنا منّي

قبل أن يُخيطَ الدّمُ مكيدتهُ المألوفة بين ضفّتي جُرح
وقبلَ الجُرح، وقبلَ شفرةِ الخلق
كان الطريقُ
أرعنُ، يعرفُ فنون النّهاية منذُ الزّمن نصلٌ أعمى
فادخُل به
أدخل بهذا الدّاخل فيك
أيّها المنسيّ، في السؤال المنسيّ
في السّقوط المُتأرجح بعانة الغيب
في قافيةِ النّهر، وقافلته
كلّما رآكَ مُدجّجاً بالجفاف، أودى بكَ الظّن إلى الدرك الأجمل من جحيمه
الباذخ مرة أخرى
ومرّة أخرى
تُنجيكَ شهوة المُلِمّات
مرّة أخرى
قذفتكَ المكائدُ إلى انشطاركَ
نصفين
كليهما.. أنتَ

ثمّة حقيبة
ثمّة أرعنُ يعرفُ، أن امرأة ستحملُ حقيبة
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


راهن ابو عراق
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/04/12



كتابة تعليق لموضوع : جِــناس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net