صفحة الكاتب : خالد محمد الجنابي

غرائب وعجائب وزارة التعليم العالي العراقية
خالد محمد الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 غرائب وعجائب وزارة التعليم العالي العراقية كثيرة ، منها المناهج القديمة التي أكل عليها الدهر وشرب ومنها ماتم تركه في بقية دول العالم في ما يخص المناهج العلمية ، والتي ساهمت بشكل كبير في تدَني المستوى العلمي الخاص بالتعليم الجامعي للدراسات ألأولية والعليا ، علاوة على افتقار عدد كبير من الجامعات العراقية الى المختبرات التي تتناسب مع التطور الكبير الذي يشهده العالم حاليا ، ولاتزال وزارة التعليم العالي تقف مكتوفة ألأيدي أزاء تلك الامور ، ليس هذا فقط بل انها طلًت علينا بتعليمات غاية في الغرابة تلك التعليمات وردت ضمن كتاب رسمي صادر من وزارة التعليم العالي / الدائرة القانونية والادارية / قسم الموارد البشرية ، الى كافة الجامعات العراقية ، الكتاب يحمل الرقم 249 بتاريخ 3 / 1 / 2011 ، وموضوعه تعيين ألأوائل ، طبعا تم التبليغ عن مضمونه حاليا ، وادرج ادناه نص الكتاب كي يتسنى للجميع الاطلاع عليه وبيان رأيهم فيه ، نص الكتاب هو :

تحية طيبة

الحاقا باعمامنا المرقم 27677 في 30/9/2010 حصلت الموافقة على ترشيح الخريجين ألأوائل التسلسل الثاني على الكلية والاقسام العلمية بدلا عن التسلسل الاول في حال عدم تعيين الخريج الاول لالتحاقه بالدراسات العليا وعدم شمولهم بالاعلان عن الدرجات الوظيفية الشاغرة في الصحف المحلية بحسب الحاجة الى خدماتهم وترفع الاسماء الى هذه الوزارة بموجب محاضر مصادق عليها من قبل جامعتكم ، لأتخاذ اللازم واعلامنا ، مع التقدير .

اعلاه هو نص الكتاب ، علما انه تم اعطاء نسخة منه الى عدة جهات منها :

مكتب معالي الوزير / اشارة الى هامش معاليه في 30/11/2010 ، مع التقدير

مكتب السيد المدير العام / اشارة الى هامش سيادته في 28/12/2010 ، مع التقدير

نعود ألان الى مضمون الكتاب ، نجد انه تم استثناء الخريج ألأول في حال التحاقه بالدراسات العليا ، أي أنه تم حرمانه من التعيين ، ولانعلم لماذا لايتم تعيينه في حال تقديمه طلبا لغرض تأجيل ألألتحاق بالدراسات العليا ؟ أو تعيينه ومنحه اجازة دراسية لحين اكماله الدراسات العليا تكريما له كونه ألأول على قسمه ، علاوة على ذلك فأنه وحسب ماجاء بكتاب الوزراة هو عدم شمول الطالب الاول بالاعلان عن الدرجات الوظيفية الشاغرة في الصحف المحلية ، هل هذا نوع من العقاب للخريج ألأول ؟ أم أنه انذار لكل من يرغب في اكمال الدراسات العليا بعد تفوقه عند نيل درجة البكالوريوس ؟ هل يعقل هكذا كلام ؟ هل يوجد نظام في العالم يحرم الخريج ألأول من التعيين ؟ هل هكذا يكون تقييم المتفوقين ؟ كافة دول العالم المتحضر والمتخلف تتسابق للتعاقد مع الخريج الاول خصوصا في مايتعلق بالاقسام العلمية ، لكن في عراق المعجزات يتم حرمانه من التعيين ، وهذا الحال يعاني منه الكثير من طلبتنا ألأعزاء الذين وجودوا انفسهم بين ليلة وضحاها يمتهنون بيع السكائر على الارصفة أو العمل في الورش ألأهلية بعد أن تم غلق الابواب بوجههم ، وفي مايخص الطالبات المتفوقات فلن يجدن سوى المطبخ وغسيل الملابس بانتظارهن بعد سنوات طويلة ومريرة من التعب والجهد في مقاعد الدراسة من اجل التفوق في ظروف استثنائية وغاية في الصعوبة بكل تفاصيلها .

نعود الان الى التواريخ المثبتة في الكتاب :

أولا / تاريخ الكتاب هو 3 /1 / 2011 ، الكتاب يشير الى تعميم بتاريخ 30 /9/2010 ، أي أن هناك فترة طويلة جدا بين تاريخ الكتاب والتعميم ، وكم من شخص يكون قد استفاد خلسة من تلك الفترة الفاصلة بين التاريخين اعلاه ؟ في ظل مانعيشه من معاناة تتعلق بالفساد الاداري والمالي المستشري في كافة مفاصل الدولة ، علما أن الجميع ينادي لمحاربة الفساد والمفسدين ، فمن هو الفاسد ؟ اذا كان الجميع يريد القضاء على الفساد ؟ نسخة الكتاب المعطاة الى مكتب الوزير وكما مثبت تشير الى هامش معاليه بتاريخ 30/11/2010 ، والنسخة المعطاة الى مكتب السيد المدير العام تشير الى هامش سيادته بتاريخ 28/12/2010 ، أي توجد فترة 28 يوما بين التاريخين اعلاه ، اذا كان الكتاب في نفس الوزارة يحتاج الى 28 يوما لغرض الانتقال من مكتب الوزير الى مكتب المدير العام ؟ فكم من الوقت سيحتاج لغرض الوصول الى الجامعات وهي حتما خارج بناية الوزارة ؟ طبعا لو كان مكتب الوزير في العراق ومكتب المدير العام في نيوزلندا التي هي ابعد مكان عن العراق ايضا لايحتاج الكتاب الى تلك الفترة لغرض الوصول ولربما لايستغرق وصوله اكثر من 28 ساعة مع احتساب فارق التوقتت بين الدولتين ، هنا يتبادر سؤال ، أين أمضى ذلك الكتاب تلك الفترة ؟ وكم هو عدد المستفيدين منه ؟ قبل ان يصل الى عباد الله المستضعفين ، وقبل أن يعلم به الاشخاص الذين هم أحق الناس في الشمول بالتعيين ، ومن الجدير بالذكر ان عدد الاضابير الخاصة بطلبات التعيين الموجودة في مكتب المواطنين في وزارة التعليم العالي  لاتعد ولاتحصى ، وهي بلا شك ستأخذ طريقها لاحقا الى أقرب مزبلة ، علما أن المزابل كثيرة جدا ولايحتاج من يقصدها الى بذل جهد ووقت بسبب كثرتها وانتشارها في كل مكان ، سابقا كان يطلق على بغداد مدينة الف ليلة وليلة ، ألآن بغداد مدينة ألف مزبلة ومزبلة ، ولربما أكثر من ذلك العدد ، مَنْ سينصف الخريجين ألأوائل اذا كانت وزارة التعليم العالي قد تخلًت عنهم ؟ مَنْ سيأخذ بيد المتفوقين كي يكونوا نموذجا يقتدي به باقي الطلبة ؟ مَنْ سيفتح الباب امام الخريجين الاوائل في البكالوريوس والماجستير ؟ متى ستحتضن اصحاب الكفاءات العلمية الشابة ياعراق ؟ متى يصبح العلم دافعا للفخر والاعتزاز ؟ بعد أن راح الطلبة الاوائل يلعنوا شهاداتهم كونها لن تسمن عن جوع أو تغني عن خوف ، هل ستدخل الفرحة ذات يوم الى قلوب اولياء أمور الطلبة ؟ عندما يشاهدون أن ثمرة جهدهم لن تضيع سدى بعد مشاهدتهم لاولادهم يشغلون مواقع تليق بهم في دوائر الدولة ، طبعا هذا هو ضربا من المستحيل ، وان مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب لاتتحقق في العراق لو انطبقت على ألأرض سبعٌ طباق ! لذا وصيتي لأبنائي الخريجين أن يتعلموا بعض المهن الحرفية أو التجارية أو الصناعية كي يتخذوا منها مهنة لهم بعد التفوق في الدراسة لأن واقع الحال يقول هكذا ، ولايلوح في ألأفق مايشير الى عكس ذلك ، وبالنسبة للمتفوقات أقول لكل منهن ابشري فأن غسل الصحون والملابس وتنظيف المنزل سيكون بأنتظارك بعد التفوق وعليك أن تنالي أعلى الشهادات بذلك ، أسفي على المتفوقات اللواتي يقبعن خلف الجدران يتنهدن بحسرات ألألم على سنوات الدراسة والتفوق التي لن تشفع لهن كي يأخذن الاستحقاق المناسب الذي يليق بالمتفوقة ! تلك هي الغرائب والعجائب التي اتحفتنا بها وزارة التعليم العالي التي بلا شك ستجد طريقها ذات يوم الى موسوعة غينتس للارقام القياسية في مايتعلق بغرائبها وعجائبها الفريدة من نوعها وغير المسبوقة مطلقا والتي تحتاج الى من يمنحها براءة الاختراع على تلك الغرائب .

أخيرا أقول ماهو مصير الطلبة ألأوائل في البكالوريوس ممن اكملوا الدراسات العليا مباشرة ونالوا الماجستير بتقدير جيد جدا ؟ ولازالوا يتنقلون بين الدوائر الحكومية المختلفة بحثا عن فرصة عمل حتى لو كانت لاتتناسب مع اختصاصاتهم ، لكن دون جدوى حيث يسمعون عبارة لاتوجد تعيينات أو لاتوجد تخصيصات مالية في كافة الدوائر التي يقومون بمراجعتها ، مامصير هؤلاء ؟ والى مَنْ يذهبون بعدما ضاقت بهم السبل ؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد محمد الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/30



كتابة تعليق لموضوع : غرائب وعجائب وزارة التعليم العالي العراقية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net