صفحة الكاتب : محمد كاظم الجادري

بمناسبة استشهاد اية الله العظمى محمد باقر الصدر
محمد كاظم الجادري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 في مثل هذا اليوم الاسود والمشؤوم تمر علينا الذكرى الأليمة والفاجعة العظيمة لأعدام السيد المرجع والفيلسوف الشهيد اية الله العظمى محمد باقر الصدر وأخته العلوية العالمة الشهيدة بنت الهدى (آمنة حيدر الصدر) رضوان الله عليهما.
رجل كان أمة... ولد الشهيد المرجع السيد محمد باقر الصدر(قدس سره) في مدينة الكاظمين المقدسة في 25 ذي العقدة سنة 1353هجري الموافق 1933 ميلادي. ينتمي نسبه الشريف إلى الإمام السابع موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام). والده السيد حيدر الصدر (قدس سره) من نوابغ العلماء، ووالدته الفاضلة إبنة العلامة الكبير عبد الحسين آل ياسين (قدس سره). توفى والده وعمره (4) سنوات، فتولت والدته تربيته، وفي ريعان صباه تلقى العلوم الإسلامية على يد أخيه السيد إسماعيل الصدر. عندما أتم دراساته التمهيدية في الكاظمية المقدسة هاجر إلى النجف الأشرف عام 1945 لمواصلة دراساته العليا وكان عمره الشريف 13 سنة، ودرس على يد كبار مراجع التقليد ونال درجة الإجتهاد وهو دون العشرين من عمره. أوجد مدرسة إسلامية تتمتع بالشمولية والأصالة والعمق والحركة الحيوية والتجديد والعالمية
وفي عام 1957 أسس حزب الدعوة الإسلامية (حزب الشهداء والتضحية والفداء) بالتنسيق مع ثلة من العلماء الأعلام والمثقفين الرساليين لإيجاد الأداة الحركية القادرة على شد الأمة للإسلام وإقامة حكم الله في الأرض. كان المبادر الأول في تأسيس( جماعة العلماء ) وذلك في عام 1958م لنشر الوعي الإسلامي والسياسي في أوساط الحوزة العلمية
نبوغ وذكاء الشهيد الصدر... (قدس سره)، ليس من دأب الشهيد المرجع الصدر العبقري والفيلسوف أن تحوم أبحاثه العلمية حول سطوح البحث والدراسة بعيدة عن العمق، بل كان يغور إلى أعماقها حتى تبدو له خفاياها بحيث لا يترك مجالاً لأي باحث من أن يزيد عليه تحقيقاً، ولم يكن متردداً في ما يرتبه من نتائج أو ما يختار من حلول وآراء، وكان يمتلك قدرة فائقة على سبر غور الأبحاث والدراسات العلمية التي بحثها أو كتبها، وكان (رضوان الله عليه) حينما يقرأ أو يكتب أو يفكر ينقطع عن المحيط الذي يعيش فيه وينسجم مع الحالة التي هو فيها إنسجاماً بنحو لا يشعر بما حوله. ولقد نقل عن زوجته العلوية الصابرة أم جعفر تقول: "حينما يستغرق السيد الشهيد محمد باقر (قدس سره) في المطالعة أو التفكير ينسى كل شئ حتى طعامه فأراني مضطرة في آخر الأمر إلى قطع تأمله أو مطالعته فأقول له: لقد قرب وقت الظهر ولا شئ عندنا، عندها يقوم ليشتري بنفسه ما نحتاج إليه". ومن الطريف أنه كان يستغرق أحياناً في التفكير المستمر طوال اليوم والليل ولا ينقطع إلا عند النوم، ثم إنه عندما كان يستيقض يبدأ من نفس النقطة التي انتهى إليها عند النوم، وذلك ما يفسر قدرته الخارقة على إستيعاب جميع الأمور والأبحاث. هذه الحالة هي إحدى خصائص السيد الشهيد الصدر (قدس سره)، ولذلك فإن معظم من عاش وعاصر الشهيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) يعرف أن كل مؤلفاته كتبها مرة واحدة وبلا إعادة نظر فيها، فهو لا يعرف ما نسميه بـ (المسودة والمبيضة). وحتى أخطر كتبه وأدقها وأصعبها وهو كتاب (الأسس المنطقية للإستقراء) كتبه مرة
واحده
وهذا أمر يثير الدهشة فقد كانت سرعته في الكتابة عجيبة.. قلم يلتهم الصفحات فيملأها نوراً وعلماً وحكمةً. فجميع أبحاثه ودراساته (رضوان الله عليه) ترى فيها إضافة إلى الدقة والعمق مع السعة والشمول، منهجية رائعة في طريقة العرض. إن عظمة شخصية الشهيد الصدر(رضوان الله عليه) من خلال إنبهار رؤساء دول وحكومات أو شخصيات كبيرة بسبب العموق والعبقرية التي عرف بها من خلال كتاباته وتأليفاته التي تبهر العقول في عمقها وأصالتها، ومن مؤلفاته القيمة: "المدرسة الإسلامية" وهو حلقة الوصل بين "فلسفتنا" و "إقتصادنا". ألفه وعمره الشريف 26 سنة، وهو دراسة موضوعية لأهم الأسس الفلسفية. وكتاب إقتصادنا ألفه وعمره الشريف 27 سنة ويشتمل على جزئين في المادية التاريخية وقوانين الديالكتيك، ووضع الهيكل العام للإقتصاد الإسلامي
ومن مؤلفاته الأخرى: الأسس المنطقية للإستقراء - بحوث في شرح العروة الوثقى- دروس في علم الأصول - الفتاوي الواضحة - التفسير الموضوعي للقرآن الكريم - بحث حول الإمام المهدي (عج) - الإسلام يقود الحياة - فدك في التاريخ - الفكر في علم الأصول - البنك اللاربوي في الإسلام... وكتب أخرى قيمة. وأن بعض أثاره قد سرقها البعثيون الجلادون الجناة ومنها: كتاب قد ألفه في تحليل الفكر البشري حول فلسفة المعرفة، ومدونات قيمة أخرى.
إن كل من عاش وعاصر السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) يستطيع أن يدرك بسهولة أن التضحية حالة متجذرة في أعماق روحه الزكية بعد أن روى شجرة الإسلام بدمه الطاهر وسجل أبهى صور التضحية والفداء من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض، ومقارعة زمرة البعث العفن وعصابات الجريمة والقتل الجماعي في عراق المقدسات. وأذكر هنا بعض من بيانه الثالث حيث يقول:(وإني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الأمة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء، ومن أجل العربي والكردي على السواء، حين دافعت عن الرسالة التي توحدهم جميعاً وعن العقيدة التي تضمهم جميعاً، ولم أعش بفكري وكياني إلا للإسلام طريق الخلاص وهدف الجميع فأنا معك يا أخي وولدي السني بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي، أنا معكما بقدر ما أنتم مع الإسلام وبقدر ما تحملون من هذا المشعل العظيم لإنقاذ العراق من كابوس التسلط والذل والإضطهاد).
وكما ورده في أطراف البيان الثالث:(يا أخوتي يا أبنائي من أبناء الموصل والبصرة من أبناء بغداد وكربلاء والنجف من أبناء سامراء والكاظمية من أبناء العمارة والكوت والسلمانية من أبناء العراق في كل مكان، إني أعاهدكم بأني لكم جميعاً ومن أجلكم جميعاً وأنكم جميعاً هدفي في الحاضر والمستقبل، فلتتوحد كلمتكم ولتتلاحم صفوفكم تحت راية الإسلام ومن أجل إنقاذ العراق من كابوس هذه الفئة المتسلطة، وبناء عراق حر كريم تغمره عدالة الإسلام وتسوده كرامة الإنسان، ويشعر فيه المواطنون جميعاً على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم بأنهم أخوة يساهمون جميعاً في قيادة بلدهم وبناء وطنهم وتحقيق مثلهم الإسلامية العليا المستمدة من رسالتنا الإسلامية وفجر تاريخنا العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
إستشهد السيد محمد باقر الصدر(رضوان الله عليه) بشكل فجيع مع أخته العلوية الطاهرة (بنت الهدى)، بعد أن أمضى عشرة أشهر في الإقامة الجبرية، ثم تم إعتقاله في يوم 19جماد الأول 1400هجري الموافق 5/4/1980 ميلادي. وبعد ثلاثة أيام من الإعتقال والتعذيب الشديد تم إعدامه مع أخته العلوية الطاهرة بنت الهدى وكان عمره الشريف 47 سنة وفي مساء يوم 9/4/1980 ، وفي حدود الساعة التاسعة أو العاشرة مساء قطعت السلطة البعثية التيار الكهربائي عن مدينة النجف المقدسة وفي ظلام الليل الدامس تم دفنهما مضرجين بدماء الشهادة الطاهرة وعلامات التعذيب واضحة على الجسدين الشريفين في مقبرة وادي السلام المجاوره للمرقد الشريف للإمام علي (ع).
لقد جاهد السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) حتى نال وسام الشهادة الرفيع على نهج أجداده الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين). فسلام عليك يا أبا جعفر يوم ولدت وسلام عليك يوم استشهدت وسلام عليك يوم تبعث حياً وأسكنك الله في أعلى علين مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً... وإنا لله وإنا إليه راجعون... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم... وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون...
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كاظم الجادري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/04/09



كتابة تعليق لموضوع : بمناسبة استشهاد اية الله العظمى محمد باقر الصدر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net