صفحة الكاتب : حيدر الفلوجي

الانتخابات الحرة والنزيهة لا توجد إلّا في بطون الكتب
حيدر الفلوجي

بسم الله الرحمن الرحيم

  ان تجربة الانتخابات العراقية التيدثت بعيد سقوط طاغية العراق في عام 2006م، قد لاقت اهتماماً كبيراً وواسعاً من قبل الجماهير التي كانت متعطشةً لحكومة تمثلها لتحقق لها طموحها وتطلعاتها.
حيث عاشت الجماهير العراقية في ظل الطاغية المجرم لفترة من الزمن تجاوزت الثلاثة عقود، ولم تجني تلك الجماهير من تلك العقود سوى الويلات والآهات، والسجون والمعتقلات، والحروب والسجالات، وغيرها... ثم عاشت الجماهير بعد سقوط النظام البائد وهي تنظر بروح الأمل للتجربة الديمقراطية الجديدة في عراق النهرين، او في العراق الجديد عراق الديمقراطية.
وفي تصوري ان الديمقراطية المستوردة من الخارج وهي التي دخلت الى العراق بمشروعٍ أمريكي غربي لا يُراد منها إلّا تمزيق العراق وتشتيت ابنائه وتقتيلهم بواسطة أو بأُخرى، والمشهد الذي نراه اليوم في العراق الجديد وما نراه في كل يوم ما هو إلّا دليل على ذلك، وهو كالتالي: (تفجيرات يومية، تفخيخ السيارات وغيرها، القتل على الهوية في بعض المناطق، عبوات ناسفة، اغتيالات بالمسدسات كاتمة الصوت، عصابات اجرامية، حكومة تغض النظر عن المجرمين والسرّاق بدواعي حزبية، أو بدواعي اخرى، منها هو ان بعض المسؤولين السيئين هم من الذين تابوا من جرائمهم القديمة( ومن الطبيعي ان التوبة من دون عقوبة يُعد لهم تكريم، لأؤلئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء) ، فيكف يكون البعثي السابق والذي كان مجرماً في زمن حكم البعثيين، وإذا بنا نجده مسؤولاً أمنيّاً في العراق الجديد؟ وما هي النتائج التي تتلقاها الجماهير من مسؤول مجرم ؟ 
ولا ادري بأي حق يُعيّن المجرمون والقتلة ليكونوا ذوا سلطة على رقاب الجماهير التي انتفضت  ضد الظلم ايام حكم الطاغية،  وبأيّ عذرٍ شرعي وأخلاقي وقانوني تتم عملية استرجاع المجرمين الى مناصبهم القديمة ؟ ومن المسؤول عن إراقة الدماء التي تُراق يومياً؟
ان ذلك كله يعد من الخروقات الأمنية التي يدفع ثمنها شعبنا المسكين، وذلك من خلال تصديه لتلك المفخخات من خلال تناثر اشلائه في كل يوم ناهيك عن حالات السرقة والفساد الإداري وغير الاداري.
اما موضوع الانتخابات الحرة، فهي ألعوبة اخرى قد انطلت على أبناء شعبنا المسكين، حيث اننا وجدنا العملية الانتخابية نفسها فيها اشكال وذلك لأسباب كثيرة منها انها قد تخللها التزوير، ومحاربة الكتل فيما بينها يعطي دلالات مبهمة، واتهام بعضها للبعض الاخر هو خير دليل على فشل أُولئك النواب، وألّا  ما معنى تغيّب النواب في الاجتماعات التي تنعقد اذا كان القرار الذي يُراد ان يُصَوّت عليه يعود بمنفعة للشعب والجماهير؟ وما معنى اكتمال ذلك النصاب (اي عدد الاعضاء) اذا كانت القرارات التي تتخذ ويُصَوّت عليها تعود بالنفع الى المصالح الشخصية للكتل والنواب ؟.
وما معنى تأخير ميزانية البلد الذي تتوقف عليها حياة الملايين من الجماهير؟
ان الخلل في العملية الانتخابية هي كثيرة منها:
 1-اذا حصل زعيم او اي نائب من الكتلة على أصوات كثيرة تفيض عن حاجته لنيل مقعد برلماني، فهو يحق له ان يعطي المتبقي من أصواته للشخص الذي لم يحصل على أصوات كافية لكي يكون نائباً، وهذا يعني ان النائب الجديد وهو النائب الذي عيّنه رئيس كتلته من خلال إعطائه لمجموعة من الأصوات ليكون اما نائباً ممثلاً عن الشعب في البرلمان، واما ان يكون ذا منصب مهم في الدولة وهو يٌسلّط على رقاب الجماهير، ثم تعود الحالة القديمة من جديد. فالمعيّن هو أصلاً لا يُمثل الشعب لأنّ الشعب لم يختاره. والسؤال هو : كيف تتم عملية تنصيب ممثلاً  للشعب  بالوقت الذي نجد فيه ان الشعب قال كلمته وهي عدم انتخاب س من الناس، ثم بعد فترة تتفاجىء الجماهير بوجود س من الناس مسؤولاً كبيراً. ....
2- اذا لم يصوّت الناخبون بنسبة اقل من نصف عددهم، فإن الانتخابات تُعَدُّ باطلة، لأنه سيُصار حكم الأقلية على الأكثرية، وأظن انّ ذلك حدث في الانتخابات الماضية، والمشكلة التي تعاني منها الجماهير هي عدم امتلاكها القدرة على تقصي الحقائق من صحة نتائج الانتخابات من جهة، ومن نسبة المصوتين بالقياس الى أعدادهم من جهة اخرى.
3- هنالك نوّاباً يفرضون على مجلس النواب من دون ان تجري عليهم قواعد الانتخابات ويكون هؤلاء في مجلس النواب ممثلين للشعب من دون ان ينتخبهم احد بدواعي فرضتها القوانين اللاشرعية، فكيف يكون ممثل الشعب وهو غير معروف عند الشعب ولم ينتخبه احد؟
4- ان قواعد الديمقراطية التي جاء بها الغرب الى بلد مسلم مثل العراق لم تُعد هي الأمل في الحكم، وسوف لن تكون حركة تغييرية ولا تصحيحية مالم تتغير تلك القوانين من جذورها .
 5- جرى الحديث وانتشر عند أبناء الشعب العراقي اليوم، ما مفاده هو : ان أقصر الطرق التي تؤدي بالإنسان لبلوغ الثروة، هو الفوز في الانتخابات التشريعية في مجلس النواب، ولذلك اننا نجد الكثيرين من الناس يتكالبون على ترشيح أنفسهم بغية الحصول على تلك الثروة، وهي التي يحصلون عليها بأقصر الطرق وأسهلها بواسطة فوزهم بالانتخابات.
6- لو قمنا بعملية مقارنة بين المرشح الاوروبي والمرشح العراقي من حيث عرض كل مرشح لبرنامجه الانتخابي، لوجدنا ان هناك فارقاً شاسعاً بينهما، فالمرشح الغربي يحمل برنامجه الانتخابي على عاتقه موضحاً لأبناء شعبه كل تفاصيل حملته الانتخابية ومشروعه الانتخابي، وهذا مالا نجده عند المرشح العراقي، والذي لا نجد عند الكثير منهم ايَّ مشروع لديه في حملته الانتخابية، سوى انه يحمل عنواناً وهو عبارة عن :( اسم المرشح، رقمه، الكتلة التي ينتمي اليها) ، ماهو مشروعه ؟ وما هو مخططه اذا فاز؟ وما هي وعوده المخطوطة تجاه ناخبيه؟ ، وربما يكون مشروعه قد اختزل بعنوان الكتلة التي ينتمي اليها من ناحية ، ومن ناحية اخرى فإنه يكتسب دعمه من قبل عشيرته وعلاقاته الاجتماعية وثقته ومشروعيته من خلال العلاقات ، وربما يذهب بعضهم لتحقيق فوزه بالانتخابات بطرق ليست بمشروعة، عن طريق بذل المال والرشوة لتحصيل اكبر عدد من الأصوات للوصول الى مجلس النواب، وهذه الطريقة هي من اكثر الطرق التي استخدمت في الانتخابات الماضية، ما يعني ان الذي وصل الى مجلس النواب بتلك الطريقة فإنه لا يُعد ممثلاً للشعب  لا شرعاً ولا قانوناً ولا اخلاقاً ولا تربيةً، وبالتالي فان مجلس النواب الذي غالبيته وصل بتلك الطرق فإنه لا يمثل إلّا نفسه، وان الذي يجري اليوم في العراق من مآزق ما هي إلّا نتيجة طبيعية للطرق التي وصل اليها النواب السابقون، ومعنى ذلك ان الديمقراطية الحقيقية التي لا يشوبها خلل ولا خطأ انها لا توجد إلا في بطون الكتب وعند منَظريها ولا يوجد شيء اسمه انتخابات حرة حتى في تلك البلاد التي تدّعي انها بلاد ديموقراطية، وأقول كلمتي التي اشتققتها من احد العراقيين الطيبين وهو يستهزئون بكلمة الديمقراطية انه قال: ان هذه الكلمة لها مدلولها الخاص بالعراق تعني:(دم قراطية) إشارة الى الدماء الي جرت وما زالت تجري بسبب ذلك المشروع الذي يحمل ذلك العنوان= دم + قراطية، وهي على وزن ( دماء+ عراقية) .
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الفلوجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/04/06



كتابة تعليق لموضوع : الانتخابات الحرة والنزيهة لا توجد إلّا في بطون الكتب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 5)


• (1) - كتب : حيدر الفلوجي ، في 2017/04/06 .

الذي دمّر العراق هو صاحبكم ، والذي جلب الاجنبي الى العراق هو صاحبكم ، والذي أعطى شرعية للعالم باحتلال بلدي هو صاحبكم ، واقصد المجرم الذي نتحدث عنه ، وان الغرب لم ياتي للعراق الا بعدما احتل صاحبكم للدولة الجارة ( الكويت) وشنه حرباً ضروساً ضد ايران استمرت 8 سنين، والقائمة طويلة ، وكلمة اخيرة : ان الذي أتى بحثالات الشيعة وحثالات الاكراد وحثالات السنة هو نفسه صاحبكم ، وما يُرى في العراق اليوم هو خاضع لنفس المسلسل للمشروع الغربي ولكن بوجوه مختلفة وأدوار متلونة .،،،
ايران ليس لها دخل في تقسيم العراق كما تظن انت ، با على العكس من ذلك فإنها حمت العراق ولازالت والأمثلة كثيرة ....

• (2) - كتب : رامى العدوان ، في 2017/03/31 .

المجرم الذى تتحدثون عنه وحد وحمى العراق المحكوم من قبل كلاب ايران الشيعه

• (3) - كتب : حيدر الفلوجي ، في 2014/06/04 .

احسنت مولاي ابو منتظر

• (4) - كتب : ابو منتظر الخالصي ، في 2014/06/04 .

الامام الحسين صوت العدالة الانسانية وماذكره السيد حيدر الفلوجي هو واحده من ملايين ولااقول من الاف الحكايات التي تحدثت عن الامام الحسين عليه السلام وهذه كرامة من الله للامام المظلوم الذي ضحى بنفسه الشريفة وضحى باولاده وعياله في سبيل رفعة الانسانية المعذبة الف تحية لميلاد الكبرياء والعظمه وصوت المضطهدين في الارض تبقى سيدي رمزا شامخا والى الابد وشكرا لك اخي وللموقع على هذه الكتابات وهدية في يوم الميلاد العظيم

• (5) - كتب : ابو منتظر الخالصي ، في 2014/06/04 .

الامام الحسين صوت العدالة الانسانية وماذكره السيد حيدر الفلوجي هو واحده من ملايين ولااقول من الاف الحكايات التي تحدثت عن الامام الحسين عليه السلام وهذه كرامة من الله للامام المظلوم الذي ضحى بنفسه الشريفة وضحى باولاده وعياله في سبيل رفعة الانسانية المعذبة الف تحية لميلاد الكبرياء والعظمه وصوت المضطهدين في الارض تبقى سيدي رمزا شامخا والى الابد وشكرا لك اخي وللموقع على هذه الكتابات وهدية في يوم الميلاد العظيم




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net