صفحة الكاتب : ماجد عبد الحميد الكعبي

اللغات مهددة بالانقراض أكثر من الطيور !!
ماجد عبد الحميد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هناك حوالي (6000) لغة حية في العالم , نصفها في الاقل مهدد بالانقراض ، هذا ما توصل اليه البروفسور ستيف سوثرلاند ( Steve Sutherland) من جامعة انجليا الشرقية عندما أكد  بقوله: (( في الـ 500 سنة الماضية انقرضت او عدت من اللغات الميتة 4.5% من اللغات مقارنة مع نسبة 1.3% من الطيور )) وهذه الدراسة اعتمدت على مقياس الاستعمال اليومي للغات ، فوجود اللغة الحقيقي ليس في المعاجم ولكن الوجود الحقيقي لها في الاستعمال اليومي للناس ، وهناك حوالي 417 لغة في العالم مهددة بالانقراض لان مستعمليها قلة من الناس , فبعض اللغات مثل الباسكية واللاتينية والاغريقية التي كان عمرها اكثر من الفي سنة ، الان مهددة بالاختفاء اسرع من غيرها  ...
     ومن بين اللغات المهددة بالخطر-  وا اسفاه  – اللغة العربية ، حسب مصادر في الأمم المتحدة ، اذ هناك دعوات لاسقاط اللغة العربية من جدول اللغات الحية ، لان مواطنيها انفسهم لا يتكلمون بها ، واذا كانوا – الان - يكتبون بهذه اللغة مدوناتهم الورقية ، فان الوقت لن يطول لتختفي هذه اللغة من على صفحات الانترنت ، لان المحادثة ( الجات) وغرف النقاش ( البالتوك )  والمستطيل الحواري ! (الماسنجر) وما شابه ، دائما تكون باللهجة العامية وبين المثقفين أنفسهم . 
      ان المواقع الالكترونية اليومية ولاسيما  العربية منها اشبه ما تكون بالمناطق القبلية التي عرفت في الجزيرة ايام الجاهلية ، هذه لغة عقيل وتلك لغة هذيل وثالثة لغة بلحارث وهلم جرا ، فالمواقع السعودية تتحدث باللهجة المحلية والمصرية كذلك والعراقيون يتحاورون بلهجتهم وهكذا مع الدول الاخرى ، فكل قبيلة تتحدث بلهجتها ، ولم ينفع الانترنت في الاسهام بتقدم اللغة العربية بل زاد من انحسارها بين اللغات في العالم  ، واذا كانت لهجة قريش قديما هي اللهجة السائدة فان اللهجة المحلية الشامية الان هي السائدة على لغة الميديا ، واكثر الناس يتحدثون بها ، لدرجة ان متعلمي العربية من اللغات الاخرى يذهبون الى الشام كي تكون لهم ممارسات والفه يومية مع اللغة ، وهم مصرون ، على ان هذه اللهجة هي العربية السائدة ،وعلى سبيل المثال لا الحصر ، توفد بعض الجامعات البريطانية والاسبانية طلبتها الى سوريا ، لتعلم اللهجة الشامية و الجامعات الفرنسية  الى لبنان او مصر ، فانتقلت عدوى اللهجات الى اوربا والعالم ، نحن ندرس طلابنا شرح ابن عقيل في النحو وهم يدرسون طلابهم مهارات لغوية لهجية ، فالطلبة الاجانب الان يتحدثون اللغة العربية الميسرة افضل من طلبتنا الذين يدرسون اللغة العربية الفصحى في الجامعات وفي حياتهم اليومية يتحدثون باللهجة المحلية ، لذلك نشاهد اليوم كيف تتقلص مساحة المتحدثين بالعربية الفصحى المعاصرة ، فكيف يكون الامر مع لغة النحو القديمة ، لا شك في انها ستصبح مثل اللغة اللاتينية والاغريقية في يوم قريب .
  يضاف الى ذلك سرعة تطور بعض اللغات وهيمنتها على الميديا بمختلف انواعها بوصفها لغات تكنولوجية مثل الانكليزية التي استطاع الانكليز تسويقها بوصفها لغة موحدة للعالم  والصينية التي يتحدث بها اكثر من مليار انسان ..
  وعلى الرغم من هيمنة الانكليزية على مناطق شاسعة من العالم فضلا عن هيمنتها على وسائل التكنولوجيا والاتصال والمال والاقتصاد وغيرها  الا ان الانكليز انفسهم اليوم يخشون من انقراض لغتهم وانحسارها بسبب ما يحصل بين جيل الشباب في استعمال لغة ثانية تحتاج الى ترجمة لكي يعرفها الاباء والمعلمون في المدارس ،وهذه اللغة عبارة عن مختصرات ورموز وعبارات مشفرة يتداولها الفتيان والصبايا ! فيما بينهم ، هذا الامر يحصل في اللغة الانكليزية التي عرفت اسلوب الاختصار والترميز ( Acronyms and abbreviation ) ، لكن احدى المدرسات في اسكتلندا تفاجأت حينما  قرأت الواجب البيتي لاحدى الطالبات ولم تفهم النص الاتي : ( My summer hols wr CWOT.we used 2go2NY2Cmy bro. ILNY ,its agr8ple. ) والترجمة الانكليزية له : ( My summer holydays were a complete waste of time .Before, we used to go to New York to see my brother .I love New York .It's a great place ) .
     ان المحافظين والمدرسين واولياء امور الطلبة يخشون من ان الاجيال القادمة لن تفهم هذه اللغة ، الامر الذي سيؤدي الى دمار اللغة الانكليزية ، لان هذه الكتابة لا تراعي قواعد الإملاء والنطق وقواعد النحو ولا علامات الترقيم ، والشئ الغريب حقا ، ان علماء اللغة المعاصرين يرون عكس ذلك تماما ، فاللغوي المعروف ديفد كرستل ( David Crystal ) يدعو المتخوفين الى الاطمئنان وعليهم ان يشعروا بالارتياح ، فالنتائج ستكون عكس ما يتصورون تماما ، لان لغة التواصل في الانترنت ستطور شكلا جديدا من اللغة الابداعية والتي ستوفر لمستعمليها دوافع قوية لتعلم المهارات في القراءة والكتابة , وقد وافقه  لغوي اخر من جامعة ستانفورد هو جيفري نونبري ( Geffery Nunbery  ) عندما اكد : ان الناس سيتعلمون بصورة افضل بوساطة (الكتابة بالكتابة) كما ادعى : ان الكتابة المباشرة في المحادثة على النت ستمنح الشباب والصغار على السواء فرصة لم تكن معروفة سابقا ، ويعتقد: ان اليافعين من الصبيان الذي يستعملون الهواتف النقالة والانترنت في كتابة الرسائل سيتمتعون بقدرة على الكتابة أفضل من آبائهم ومن اي جيل على مدى التاريخ .
   ان اللغويين يجادلون ويصرون على ان الرسائل الالكترونية يجب ان تكون وسيلة من وسائل التواصل  ولا يحكم عليها بالمقارنة مع قواعد اللغة الفصحى في الكتابة ، فهي وسيلة جديدة تمتلك  سمات الكلام واللغة الانكليزية ، ولكنها اكثر شيوعا من طرق الكتابة القديمة ، لان المتعلم لا يعاني من عقدة  قواعد النحو اثناء الحديث او الكتابة .
  وهكذا يرى كثير من علماء اللغة بمختلف توجهاتهم التطبيقية او النفسية ، ان الفتيان والصبيان واليافعين يجب ان يتركوا لممارسة هذا اللون الكتابي الجديد لانه في النهاية سيؤدي بهم الى طريق أفضل لتعلم اللغة الانكليزية وقواعدها !! 
   وليسمع أنصار النحو العربي الافتراضي القديم هذه الآراء ، لعل ، وليت  ،وعسى ، ان تعطى الفرصة لا جيالنا الشابة من التعبير عن معاناتها الشديدة في تعلم قواعد النحو المدرسية المعقدة التي جعلتهم – مضطرين – الى استعمال  العامية واللهجات المحلية في احاديثم وكتاباتهم عبر الانترنت ..
 
 يقول احد الدارسين (Ani Rauhihi ) : ( اذا نشأت ولم تتكلم لغتك , فانك لا تعرف من أنت ؟.) 
    هذه ليست دعوة الى استعمال العامية ولكنها دعوة للحث على تيسير قواعد النحو و اللغة لتكون اكثر استعمالا في حياة الناس اليومية ، لان اللغة تموت ، مثلها مثل البشر ، ولا يحسب المرء ان وجودها في المعاجم هو حفظ لحياتها بل العكس هو الصحيح ، فكلما ازدادت المعاجم حجما تضخم المرض واستفحل ، فاللغة اللاتينية موجودة الان في المعاجم ، ولكن من ؟ من الناس يتحدث بها .  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد عبد الحميد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/24



كتابة تعليق لموضوع : اللغات مهددة بالانقراض أكثر من الطيور !!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net