المرأة والعمل ..... بين النظرة القاصرة ومهمة بناء الحياة
مي الحساني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المرأة هو ذلك الشريك اللطيف الذي خلقه الله ليكون أنيس وزوج وأم وأخت وابنة للرجل، تتحمل معه أعباء الحياة ويكمل بعضهما البعض، إلا أن الرجل وفي بعض الأوقات لا يستسيغ هذا الشريك وينظر له في المرتبة الثانية مبرراً ذلك لأسباب إجتماعية وعرفيّة وقّبَلية والفرق بين الجنسين، وكما هو معلوم فالمجتمع يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية بمناصرته وتثبيت كل نظرياته وفرضياته ومبرهناته بأنه الأول ثم المرأة في الدرجة الثانية التي تبث له الحنان فقط ! .
و يمكننا أن نقول أن \" العمل حاجة واستعداد \" في داخل المرأة وأنه يرتبط بجوهر الحياة نفسها .. فالحياة لا تستقيم بدون العمل بالنسبة لها والمجتمع على حد سواء .
وهنا سنتحدث عن عمل المرأة والإيجابيات بالنسبة لعملها هو ان تحقق ذاتها وشخصيتها ووجودها من خلاله تحس بالإنتاج والإنجاز والأهمية .
كما أن العمل يعطي صاحبه الاستقلال المادي ، ويساهم في تنمية قدراتها الشخصية التي عانت من ضمورها اثناء تواجدها في البيت والانقطاع عن عالمها الخارجي واغتنائها من النواحي العملية والفكرية والاجتماعية وان القيام بالعمل يشعر المرأة بالرضا والسرور والنجاح وفي ذلك مكافأة هامة بعد سنين الدراسة التي بذلت فيها اقصى الجهود وتدعيم لقيمتها وثقتها بنفسها من النواحي النفسية .
ومما لا شك فيه أن العمل يجعل المرأة أكثر قوة وأكثر قيمة في مختلف النواحي الواقعية والمعنوية , والمرأة لا تبقى ذلك الكائن الضعيف ذا القدرات المحدودة والذي لاحول له ولاقوة تحت رحمه الرجل .
وفي بلادنا لا تزال القيم الاجتماعية المرتبطة بعمل المرأة غير ايجابية عموماً .. وفي ذلك تناقض كبير مع الواقع حيث أن المرأة قد انخرطت فعلياً في ميادين العمل المتنوعة والضرورية ، ولكن القيم الغالبة لا تزال تثمن عمل المرأة داخل البيت فقط ويمكن لهذه الضغوط الاجتماعية أن تلعب دوراً سلبياً في الصحة النفسية لها وبذل الجهود في اقناع الاطراف المعارضة لعملها .
كما أن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمشكلات الحياتية اليومية التي تواجه مجتمعاتنا قد ساهمت في زيادة المتطلبات الاستهلاكية وفي زيادة النفقات والضرورات المادية التي تواجه الأسرة وسد حاجاتها الخاصة ، إضافة إلى ضرورات التنمية والتحديث .. وكل ذلك يؤدي إلى الاهتمام المتزايد بعمل المرأة المنتج خارج المنزل .
ولا بد من تعديل القيم السلبية المرتبطة بعمل المرأة وتأكيد أهميته وجوانبه الايجابية وعدم إطلاق التعميمات الخاطئة أو السطحية حول عمل المرأة ، مما يساهم في تخفيف الضغوط والتناقضات التي تواجهها المرأة في عملها .
ومن الملاحظات العملية عدم تشجيع المرأة للعمل مما يجعل بعض منهن يفقدن حماسهن ونشاطهن وجديتهن ويجعل انتاجها هشاً وضعيفاً فهي تتراجع بسهولة أمام الضغوط والعقبات والإحباطات ولا تستطيع أن تتحمل درجات عادية من التوتر القلق والتوتر .
ومن صور ظلم مجتمعاتنا للمرأة وابتزازها حيث يتصرف الزوج أو الأب أو الأخ براتب المرأة ويهضمها حقوقها المتنوعة .. مما يمكن أن ينشأ عنه أشكال من القلق والاكتئاب .
وأخيراً .. لابد من دراسة مشكلات المرأة بالتفصيل وتطوير الخبرات والممارسات العملية الإيجابية وترسيخ التقاليد المفيدة والمناسبة لعمل المرأة وما يرتبط به من مختلف الجوانب النفسية والاجتماعية ولابد للمرأة من النقد الذاتي والتعلم من أخطائها ، وتطوير نفسها واكتسابها للمهارات اللازمة ، ولابد لها من تنظيم وقتها ، وإعطاء كل ذي حق حقه ولايتوجب التقصير بحق بيتها واطفالها ولاتجعل من العمل شماعة تعلق عليها التقصير الحاصل .