صفحة الكاتب : مهدي الصافي

صراع الاقطاب في الحدائق الخلفية
مهدي الصافي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لم تكن روسيا العجوز النشط متخوفة جديا من سقوط دكتاتور ليبيا(الدكتاتور القذافي),بقدر تخوفها من انهيار الحلف الاستراتيجي المتبقي لها في منطقة الشرق الاوسط وحدود الاتحاد الاوربي(دول شرق اوربا او مايسمى اسيا الوسطى),والمتتبع للمشاكسات الاوربية -الامريكية في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق(جورجيا,اوكرانيا ,وبقية الجمهوريات السوفيتية السابقة),يجد ان هذه الدول جادة في حربها المباشرة ضد بقايا الاتحاد السوفيتي السابق
(روسيا حاليا),ولم تكن وجهتهم وتحالفهم المتين مع تركيا
(التي لديها صراعات وخلافات تاريخية مع روسيا منذ ازمة المضائق في العهد الامبراطوري العثماني السابق,اضافة الى اطماع عرقية في الكعكة السوفيتية المسروقة) وبعض دول الخليج في فتح جبهات جديدة لاستدراج الروس الى جبهات شبيهة بجبهة افغانستان, الا محاولة منهم في الانقضاض على هذا القطب المزعج لهم ولمصالحهم,وقد تم بالفعل استنساخ التجربة الجهادية الافغانية وتحويلها بالكامل للجبهة السورية,ولكن يبدوا  الى الان ان الامور تجري عكس الرغبات المرجوة من هذه الازمات,وكأن الرياح لم تأتي بما تشتهي به السفن الامبريالية,فقد هزمت تقريبا الجماعات التكفيرية في مصر(سقوط حكومة الاخوان واعتقال قادتهم وتجريمها كمنظمة ارهابية),وتسجيل نجاحات كبيرة في ميدان المعركة مع الارهاب(في جبهات العراق وسوريا ولبنان واليمن), وتطور القدرات القتالية الايرانية وكذلك للمقاومة اللبنانية,ولهذا عندما نجد ان بعض مراهقي السياسة في بلادنا وبقية البلاد العربية يستبشرون بقانون الارهاب السعودي الجديد,والذي اريد منه ان يسكت الاصوات المعارضة سلميا للنظام الملكي التقليدي الشائخ والمتهالكة اركانه,ومنع من تورط في الازمة السورية من السعوديين من العودة لبلادهم بعد الانتهاء من المهمة الموكلة الى الجماعات الارهابية هناك,نشعر بالاسى لما تخطط له القوى الاستكبارية, ومايفكر به المستهدفون من تلك المؤامرات, يتناسون هؤلاء ان الصراع الامبراطري للسيطرة على العالم وموارده الحيوية,لم ينتهي ولن ينتهي,فقد بدأ بالدخول في ساحات المعارك الحرجة,وهي الدول الحدودية مع روسيا,فالمعارضة الاوكرانية المعترضة على قرار الرئيس الاوكراني المخلوع(فيكتور يانوكوفيتش)بتأجيل مسألة الانظمام الى الاتحاد الاوربي,لاتعي انها تدخل في مهلكة استنزاف الموارد الوطنية,والسماح لاقتصاد الدول المهيمنة على الاتحاد من السيطرة على اسواقهم المحلية,ومن ثم ستتحول دولتهم الى يونان ثانية في غضون سنوات.
ان مصالح الدول المتضررة من الارهاب(سوريا, العراق,لبنان,ايران,اليمن,مصر,ليبيا)متعلقة بمصير الازمة الاوكرانية,اذ ان اي فشل روسي في تلك الازمة,يعني ان الامور ستصبح سيئة في تلك الدول,ولذلك مسألة التوجه العراقي والمصري الى سوق السلاح الروسي,وفتح قنوات عديدة من العلاقات المتبادلة بين الجانبين(الاقتصادية والثقافية والاكاديمية)سيعزز من قدرة هذه الدولة العنيدة في مواجهة عدونا المشترك(الامبريالية العالمية الحديثة),
فهذه الامبراطورية الصغيرة الكبيرة(روسيا) لديها تاريخ طويل من العلاقات التاريخية مع دول الشرق الاوسط ,وبقية دول العالم الاسلامي,وهي تعد من اكثر دول العالم التي لاتفرق بين العادات والتقاليد والاخلاق وبين الحياة المدنية العصرية,وهذه الامور مهمة للدول الاسلامية والعربية, الراغبة دوما في المحافظة على هويتها وخصوصياتها الدينية والثقافية,ترى هل سيكون معيبا لنا ان نقبل ان تكون دولنا حدائق خلفية لتلك الامبراطوريات المتحاربة من اجل الهيمنة العالمية,نقول اننا بالفعل من اضعف دول العالم  المكروهة والمستهدفة دائما,لماتملكه ارضنا من ثروات طبيعية تعد الشريان الحيوي للدول الصناعية الكبرى,وبعد ان ايقظ التكفيريون الفتنة الطائفية النائمة منذ عقود بين ابناء الوطن والبلد والمدينة الواحدة,اصبحنا نبحث عن ملاذ امن في احراش الاصطفافات الدولية المتصارعة خارج اسوار الحضارة والعقل.
ستبقى دموع ميخائيل كورباتشوف في بيته المنعزل تحكي اسرار قصة اخر لحظات الانهيار السوفيتي,وسيكون الرجل الروسي المتجدد بوتين هو من يوقف عجلة الاستسلام البطيئ المطلوبة من بلاده,
بعد ان اتضح للعالم ان النظام الرأسمالي الجشع بكل تفاصيله وتفرعاته سقط بقوة عند اول ازمة عقارات عادية,صاحبها ارتفاع في اسعار الوقود والطاقة والمواد الغذائية,وعندها سيتوقف التهديد الاستلابي الذي تمارسه الشركات الاحتكارية الرأسمالية الكبرى,
التي لاتهدد السيادة الوطنية للدول النامية او الناشئة والصغيرة فقط,بل تهدد مصير الشعوب وثقافاتها واخلاقياتها وتقاليدها وهوياتها الاجتماعية,ولن نجد للارهاب من نهاية الا بمزيد من اليقضة والحذر من تلك المكائد الخبيثة,والوقوف بحزم بوجه الطائفيون والانفصاليون الاغبياء,والاصطفاف الوطني المجرد من الانتماءات الضيقة الافق من اجل حماية اوطاننا من التفكك والانهيار والفوضى........

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مهدي الصافي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/03



كتابة تعليق لموضوع : صراع الاقطاب في الحدائق الخلفية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net