صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

صلوا أرحامكم وأكرموا أصولكم...
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كلنا من آدم وأدم من تراب
وان محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه هم من البدو .

 بسم الله الرحمن الرحيم
(وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) البقرة / 83 .
أمرت الشريعة المقدسة بصلة الأرحام والتزاور معهم.. هذا هو نص السؤال الموجه وفيه رد الجواب!.. وجوابه علميا صريح: أن لا يوقع من جراء هذا التزاور في المعاصي والغفلة؛ لأن حق ذي القربى كما ينظر إليه الإسلام إلى نوع الإنسان، نظرة علمية وأخلاقية سليمة.. فهو يرى الجميع أفرادا متساوين في النوع، وهم أخوة في البشرية.. وحثهم للتزاور وخاطبهم على أصل المزاورة في الله، وأن يكون الشيطان بعيدا عن تزاورهم، لذا خاطبهم بقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ}.. الأعراف 27 فهو صريح بالتعامل بين المتحابين في الله، كما يتعامل الأخوة الأشقاء بحب ومودة.. والمجتمع البشري يتكون من أفراد وأسر وقبائل وأقوام، تربطهم رابطة: القرابة والرحم من: الأبوة، والبنوة، والعمومة، والخؤولة، والعشيرة، وصلة الرحم، والقرابة المتكونة من العلاقة السببية (الزواج) والعلاقة النسبية.. والحفاظ على روابط القربى، يساهم في حل مشاكل المجتمع الاقتصادية والأمنية، وإشاعة روح الحب والتعاون والتقرب إلى الله تعالى، غير أن التربية الإسلامية تحذر من عصبية الجاهلية، ومن أن تتحول القرابة إلى علاقة بديلة عن علاقة الدين والتقوى.. لنقرأ صلة الرحم والاهتمام بالقرابة: في كتاب الله، ولنشخص حقوق القرابة، كما ثبتها الوحي الإلهي ودعا إليها: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا}.. البقرة 83، وكذلك في سورة النساء 1، وفي سورة الأنفال 75، وفي سورة الرعد الآية 23-24.. وبعد أن تعرفت لهذه المجموعة من الآيات، التي اهتمت ودعت إلى صلة الرحم والإحسان إلى ذوي القربى.. فهي تؤكد أن الميثاق قد أخذ على فريق من الناس، والخطاب للجميع لعبادة الله والإحسان إلى الوالدين وذي قربى. والقرآن يقرن صلة الرحم، والإحسان إليهم بالقول والعمل، تقرنها بعبادة الله.. وبذل كل آداء الإحسان.. وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب التي يسأل عنها الإنسان، ويعاقب عليها وقال تعالى في سورة النساء 1 {وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ}.. نقل الشيخ الطبرسي تفسير هذه الآية عن ابن عباس والإمام محمد الباقر -رضوان الله عليهم جميعا- بقوله: واتقوا الأرحام أن تقطعوها.. عن ابن عباس وقتادة ومجاهد الضحاك والربيع، وهو المروي عن أبي جعفر (ع) فعلى هذا يكون منصوبا عطفا على اسم الله تعالى، وهذا يدل على وجوب صلة الرحم، ويؤيده ما رواه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: قال الله تعالى: أنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها اسما من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته.. وفي أمثال هذا الخبر كثرة.. وصلة الرحم قد تكون بقبول النسب، وقد تكون بالأنفاق على ذي الرحم وما يجري مجراه. وروى الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين (كرمالله وجهه وعليه سلام الله)  قال: إن أحدكم ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار، فأيما رجل منكم غضب على ذي رحمه فليمسه.. فإن الرحم إذا مستها الرحم استقرت، وأنها معلقة بالعرش، تقول وتنادي: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني.. وفسر الإمام الصادق (ع) الآية نفسها: هي أرحام الناس، إن الله -عزوجل- أمر بصلتها وعظمها، ألا ترى أنه جعلها منه.. فهذه الآيات أكدت وجوب الإحسان إلى ذوي القربى، ووجوب صلة الرحم، وحرمة قطعها، وإن أولى الأرحام بعضهم ببعض في كتاب الله. وأولى بالعفو والتسامح عند صدور الخطأ والإساءة منهم، وأبرز حقوق ذوي القربى وصلتهم كما أثبتها القرآن والسنة هي: 1- الحقوق المالية. 2- الصلة بالسلام والزيارة والتفقد. 3- العفو عن المسيئ والمبادرة إلى الإصلاح. ويتحدث الإمام جعفر الصادق (ع) عن مكارم الأخلاق فيقول: ثلاثة من مكارم الدنيا والآخرة، أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطك، وتحلم إذا جهل عليك. وإن هذه مدرسة المعلم الأول خير الثقلين محمد -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه- وعلينا أن نهتم بتعاليم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونكرم صلة الرحم، وندعم تربية الأنثى وإكرامها.. وخصوصا ونحن في نهاية شهر ذي الحجة، وأيام الغدير. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).. الحجرات 13 وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).. النساء1 وقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).. الروم 21 وقال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف).. النساء 19 وقال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).. البقرة227 والقرآن واضح وصريح، وعلى المثابر القراءة والمطالعة، ليعرف الأكثر من القرآن.. وعندما يتحدث القرآن عن المرأة والرجل والإنسان، إنما يتحدث عن الجنس البشري الواحد.. وإن الرجل والمرأة هما نوعان في هذا الجنس، يقومان على أساس التكامل ونظام الزوجية العام في عالم الطبيعة والحياة الذي شخصه بقوله تعالى في الذاريات49 :( ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون). وهو في هذه الآيات يؤكد هذه الحقيقة العلمية الكبرى، وهي وحدة الجنس البشري بقوله تعالى: (خلقناكم من نفس واحدة). (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا). (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء) (خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) ثم يتحدث عن طبيعة العلاقة الإنسانية، وبين الرجل والمرأة، فيوضح أنها علاقة تبتني على أساس الاستقرار والود والرحمة والمعروف، والتساوي في احترام الحقوق والواجبات المتعلقة بهما. وورد ذلك البيان في قوله تعالى: (لتسكنوا إليها). (وجعل بينكم مودة ورحمة). (وعاشروهن بالمعروف). (لهن مثل الذي عليهن بالمعروف). ومما ينبغي إيضاحه في مجال التربية والإعداد النسوية، هو ما أثبته العلم، وما يحسه كل إنسان من فوارق تختلف فيها المرأة والرجل.. فالمرأة تختلف في تركيبها النفسي والعضوي ووظيفتها الحياتية كأنثى تلد وترضع وتحمل غريزة الأمومة والميل الأنثوي، لذا فإن تربية الأنثى وإعدادها ينبغي أن يتلاءم وتركيبها النفسي والجسدي ووظيفتها في الحياة. وتأسيا على ذلك، فإن هناك تربية مشتركة بين الجنسين، وهناك نمطا تربويا خاصا بكل واحد منهما يتلاءم وأوضاعه النوعية.. لذ نجد الدراسات العلمية تهتم بالفوارق بين الجنسين، كأسس لوضع المنهج التربوي ودراسة السلوك بشقية السوي والعدواني.. وهذه الفوارق التربوية لاتقوم على أساس النيل من إنسانية أحدهما، أو تستهدف إضعافها، بل تستهدف إعداد الطبيعة الإنسانية ضمن النوع والانتماء النوعي لتنسجم التربية والإعداد مع الطبيعة وقوانينها.. وقد أكدت الدراسات العلمية التي أجراها العلماء المختصون في شؤون النفس والطب والاجتماع، أن هناك فوارق نوعية بين الرجل والمرأة، تؤثر في سلوك كل منهما على امتداد مراحل الحياة. ومن هنا كانت التربية العلمية الناجحة، هي التربية التي تراعي الفوارق النوعية بين الجنسين، وتعد كل منهما وفق طبيعته النفسية والعضوية.. وقد اهتمت التربية الإسلامية بالعناية بالأنثى، والتأكيد على الاهتمام بها بشكل يقوم على أساس المساواة في الحب والتعامل لإشعارها بإنسانيتها وبتساويها مع الرجل في الإنسانية. وروي عن أبي هريرة (رض) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ): "ما من بيت فيه البنات إلا نزلت كل يوم عليه اثنتا عشرة بركة ورحمة من السماء، ولا ينقطع زيارة الملائكة من ذلك البيت، يكتبون لأبيهم كل يوم وليلة عبادة سنة". وعن حذيفة بن اليمان، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ): "خير أولادكم البنات". وورد عن الإمام الصادق (ع): (البنات حسنات، والبنون نعمة.. فإنما يثاب على الحسنات، ويسأل عن النعمة).. وروى حمزة بن حمران بإسناده "أنه أتى رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) وعنده رجل فأخبره بمولود له، فتغير لون الرجل، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه-: ما لك؟.. قال: خير، قال: قل!.. قال: خرجت والمرأة تمخض، فأخبرت أنها ولدت جارية، فقال له خير الثقلين (صلى الله عليه وآله وسلم ): الأرض تقلها، والسماء تظلها، والله يرزقها، وهي ريحانة تشمها.. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) أبا بنات. وقال رسول الله عليه سلام الله: "من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، وجبت له الجنة.. قيل: يا رسول الله واثنتين؟.. قال: واثنتين، قيل: يا رسول الله وواحدة؟.. قال: وواحدة".. وهكذا تحث التربية الإسلامية على حب البنت وإكرامها، لتمتلئ نفسها بهذا الإحساس، وليشعر أخوها الذكر في البيت بهذه المساواة، وليستوحها من أجواء التربية البيتية، ولتنشأ الأنثى في ظل أجواء نفسية وتربوية تعدها لمستقبل الحياة الاجتماعية، والتعامل مع الآخرين بوحي من تلك القيم. وهنا ألفت نظرك أيها القارئ العزيز إلى موقف القرآن الكريم أعلاه.. إن التساوي في الإنسانية لاتعني التساوي في جميع الجهات، وفي القدرات والغرائز والنفسيات، حتى يتجلى الجنسان، جنسا واحدا لايختلفان إلا شكليا .  ( ورجاءِ إلى كل من يقرأ هذه المقالة يقرأ سورة المباركة الفاتحة تسبقها الصلوات على رسول الله صلى الله عليه وآله والسلام على أصحابه).ويداً بيد لتآخي وزرع الصفاء بين مجتمعاتنا كما كنا في صدر الإسلام أمة واحدة ونعيد مجنا كما أن اليوم أوربا طوقة المسيحية بطوب الاتحاد الأوربي وكونوا عباد الله أخوة نريد إسلام واحد لا سنية ولا شيعية بل صفاً واحد وجعلناكم أمة واحدة والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين والعاقبة للمتقين ولنعم عقبى الدار.
المحب المربي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/23



كتابة تعليق لموضوع : صلوا أرحامكم وأكرموا أصولكم...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net