صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الفديرالية والديقراطية!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من المعروف في الدراسات الجامعية وحتى قبلها , أن الطالب إذا لم يواكب مواد الدرس فأنها تتراكم , ويجد نفسه لا يفهم ما يقوله المدرس في المحاضرات المتلاحقة , وهذه من الأسباب الرئيسية لتعثر التعليم ورسوب الطالب , وإصابته بإضطرابات نفسية وسلوكية وشعور أليم بالفشل والضعف والقصور.

 

فالعلة ليست في درجة ذكاء الطالب وعدم قدرته على التعلم والإستيعاب , وإنما لإنشغاله بأمور وموضوعات أبعدته عن القيام بواجباته المدرسية والجامعية كما ينبغي , لكي يكون قادرا على الإرتقاء بمعارفه إلى المستوى المطلوب للنجاح.

 

وهذا ينطبق على مجتمعاتنا التي رسبت في مدرسة الديمقراطية , وما عادت تفهم مفرداتها وتستوعب قوانينها ومعاييرها , وماهي حقيقتها السلوكية والتطبيقية , فما تعلم المجتمع مبادءها وأصولها في البيت والمدرسة والشارع , ولا عهد نظاما سياسيا يشير إليها من بعيد أو قريب. 

 

أي أن المجتمع مثل الذي لا يعرف القراءة والكتابة وعليه أن يدخل مدرسة محو الأمية لكي يتعلم ويعرف.

 

ومجتمعاتنا لم تدخل في مدارس محو الأمية الديمقراطية , وإنما وجدت نفسها بغتة تتحدث عن الديمقراطية , ومثلها كالأمي الذي وجد نفسه عليه أن يقرأ ويكتب فورا , وهو لم يكتب حرفا أو يقرأ كلمة في حياته.

 

وهذا مأزق حضاري خطير لم تنتبه إليه الثورات العربية , وحسبت أن الناس مثقفة وواعية ديمقراطيا , ولهذا أصبحت الديمقراطية ذات تعريفات مشوشة , ووفقا لقياسات الرغبات والغايات والتصورات الضيقة , والمندحرة في الصغائر والخنادق , والجحور المظلمة والزوايا الحادة الخانقة.

 

وفي حقيقة الأمر أن مجتمعاتنا تعيش أمية ديمقراطية مروعة , وتحاول أن تُظهر نفسها على أنها عارفة بها , وخبيرة بأصولها وثوابتها وقيمها وأخلاقها , ومثلها كالذي يطلق لحيته ويضع طرة على جبينه ويبدو بهياة العارف بالدين , وهو لا يفهم آية واحدة من القرآن الكريم , فيخدع الناس ونفسه ويجني على الدين وأهله.

 

وما أكثر المُدعين بالديمقراطية , وهم أجهل الناس بها , لكنهم يرفعون راياتها ويصولون ويجولون بإسمها , وما قدموا لمجتمعاتهم إلا الويلات والتداعيات , والفقر والفساد والحرمان من أبسط متطلبات الحياة.

 

ووفقا للجهل العارم , فأن الطرح السائد والمتواتر يتصف بذات المواصفات , ولا يتفق مع مبادئ وأساسيات الديمقراطية , التي عليها أن تعزز الحرية الواعية المسؤولة , والكرامة الإنسانية والوطنية والمصالح المشتركة , والوحدة الوطنية وتعزيز قدرات الإتحاد المتنوعة ,  وأن تكوّن نظام حياة جامع يؤهل المجتمع للتفاعل الإيجابي , وإطلاق القدرات النافعة المساهمة بالقوة والرفعة والغد الأفضل.

 

وعلى ما تقدم تترتب أوهام وأضاليل وتصورات قاصرة , تستند على تداعيات تفاعلات دائرة الأمية المفرغة , التي تلد ما لا يحصى من الرؤى والأفكار , المأسورة بآليات التواصل السلبي مع مفردات الواقع المحتدم بالويلات.

 

وهذا يعني أن أي قرار ينجبه رحم الإضطراب والتخبط سيمتلك درجة عالية من الخطأ , وربما يكون خطيئة شنيعة , ويندرج تحت ذلك , جميع الطروحات الناجمة عن الجهل الديمقراطي العاصف في أرجاء المجتمع , والذي جعل الديمقراطية مطية للتشرذم والإنقسام , والتشويش والتشويه , وميدانا للتفاعلات القاصرة المكللة بالخسران.

 

المنطق الفدرالي (المجهول) هو أحد المفردات التي تحتضنها خيمة الجهل الديمقراطي الوخيم , إضافة إلى هذيانات الأقاليم وتبعاتها وما أوجدته من إتجاهات صعبة.

فلنمحو أميتنا الديمقراطية أولا , قبل أن نتحدث عن مصطلحات أخرى , نحن أشد جهلا بها وغربة عنها!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/02/02



كتابة تعليق لموضوع : الفديرالية والديقراطية!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net