صفحة الكاتب : عبد الصاحب الناصر

المركز، النفط و الاقليم
عبد الصاحب الناصر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


 المركز، النفط و الاقليم، ولن يكون المراقب الوطني المخلص مجحفا لو اضاف النقطة الأهم  )الحلم البرزاني) الذي يتحاشى الكلام عنها كثير من العراقيين .
كتبت عنها في مقالتي السابقة (تقسيم العراق، ام تقسيم السعودية؟). الحلم، و ان كان مشتركا لكل الاخوة الكرد إلا انه يتشعب فقسم منه يبتعد به  الى متاهات تضر كل العراق و طبعا بضمنهم الكرد كونهم عراقيين الى يوم الاستقلال (ككلمة مؤدبة)، و لن اقول يوم الانفصال، أي يبتعد الى  ابعد نقطة في متاهات هذا الحلم. لنتكلم عن حلم الاخوة الكرد بالاستقلال وهذه نقطة او حلم او مطلب لن يتمكن احد انكاره. لكن السؤال الي يلح على كل العراقيين هو، كيف سيكون هذا الاستقلال؟
كردستان العراق لو استقل سيكون محاطا بأربع دول، ثلاث منها ستقف بكل ما تملك من قوة ضده و هم غير مغرمين باستقلال الكرد في العراق خوفا من توسع الحلم ووصولهم إلى الشعوب الكردية في هذه الدول، الا العراق لكونه اثبت معرفة عميقة في احلام الاخوة الكرد خلال التعايش لقرون. إلا ان كلا البلدين كردستان العراق و العراق سيبقون مشتركين في نقاط اكثر من تلك التي ادت الى الانفصال. ان الشعب الكردي عموما  متوزعون في اكثر مدن العراق و إن كانت الاكثرية في الاقليم (وهذه النقطة تحتاج الى احصاء سكاني عام و هذا الاحصاء سيحتاج الى تعمق في رغبات او مطالب هؤلاء ) من سيختارمنهم  بين البقاء ضمن العراق الاعظم، ام سيرجحون الانتماء الى الاقليم نهائيا؟ و ماذا سيكون مصير من يقرر البقاء ضمن العراق الاعظم؟ هذا السؤال الذي يجب ان يجيب عنه السيد مسعود البرزاني (وحده ) لأنه القائد الذي يدعو بهذا الاتجاه، و سيتحمل هو وحده مسؤولية الخطآ او الصواب.

فمن مراقبتنا لتصرفات الاستاذ مسعود البرزاني يبدو ان الحلم يطغى على تفكيره العقلاني عندما لا  يطرح علينا (او يشاركنا بما يفكر فيه) في الحلول العملية و الانسانية التي ستمس الشعب الكردي الذي يعيش في المدن الاخرى. لو اعتمدنا الاحصاءات الرسمية للدلالة الجدلية فقط سنعتمد ان الكرد في العراق يكونون ما بين 13% إلى 15% من الشعب العراقي. و لو فرضنا كذلك ان مجموع الشعب العراقي يكونون ٣٢ مليون انسان .إذاً هناك  ٤،٨ مليون كردي عراقي . كم منهم يسكنون خارج الاقليم في المدن العراقية؟ تقول الاحصائيات الدولية المعتمدة ان عددهم اكثر من مليون و نصف و بالأخص في بغداد ، اي ٣٢% من الكرد يسكنون  المدن العراقية الاخرى وهذا عدد لا يستهان به ولا يمكن إهماله عند النقاش،  و لا يجوز التسامح به اذا كان الهدف او الحلم هو حق تقرير المصير للشعوب . هذا اذا تناسينا مؤقتا الاخوة الكرد في الاقليم الذين لا يرون في الاستقال  كالاخوة الكرد الفيلية  و كذلك الشعوب و القوميات التي تسكن الاقليم و ليسوا اكراد و لا يحبذون الاستقلال.
لم ذكر كل هذه الارقام و الاحصائيات؟ اتصور و هذا اعتقادي المتواضع ان اهم اهداف السيد مسعود و عائلته هو استقلال المناطق التي ضمن مناطق نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني على العموم و بالخصوص المناطق التي تحت نفوذ العائلة البرزانية  اي في امارة برزان ، الحلم . ( مثاله الاعظم  امارة   تحكمها العائلة، كإمارة دبي) ضمن الامارات العربية المتحدة. و علاقته السيد مسعود بتركيا احسن مثال على من يقف بعيدا عن تطلعات كل الشعب الكردي. اي ان  احلام كل الشعب الكردي  بالاستقلال تأتي بالدرجة الاخيرة من هموم السيد مسعود (ربما يصعب اثبات ذلك ضمن الاعلام الباهت الموجه .) و السبب بسيط جدا، مثلا لو استقلت كردستان، من سيضمن ان تستمر العائلة البرزانية بحكم كردستان و نحن نعرف عن تطور الافكار السياسية و الديمقراطية للشعب  الكردي  جراء شبه استقلالهم منذ سنة 1991 و جراء هجرة الكثير منهم و الاستيطان في الدول الغربية، و حجم الاحزاب التي تعارض سياسة السيد مسعود الداخلية.
يركز السادة الذين يعملون (كمستشارين) سياسيين خارجيين  عند السيد البرزاني على مبدأين في خط سياسته
 ١- فرض الامر الواقع  
٢- سياسة ما يقال لها في الغرب ، اقطع و اهرب   Cut and run  
وهذه سياسة من لا يعير للشعوب او للتاريخ او للامم أي اهمية . و هذه هي سياسة اسرائيل منذ الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، و اترك لكم كل مساحات  الخيال. صرح امس من على قناة العراقية عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي السيد حيدر العبادي، ان اموال ما يصدر من النفط  او يهرب (لا تدخل حتى في ميزانية الاقليم) ! ونعرف من يملك النفط في الدول الخليجية، الامراء و الملوك. يربط الاقليم الانبوب الخاص بهم و الذي انشاء حديثا بالانبوب الرئيسي العراقي  الموصل الى جيهان و لكن ربط بعد العدادات  العراقية و عندما انتبهت وزارة النفط و حذرت من ذلك اطفأت كاميرات المراقبة عند مرافق تحميل و تصدير النفط العراقي في ميناء جيهان. و يتصور البعض ان الاقليم قد انشأ انبوب منفرد و خاص به  يوصل الى المواني التركية  مباشرة و هذا غير صحيح و إنما انشأ انبوباً يوصل الى الانبوب الرئيسي العراقي الى جيهان و لكن ربط بعد العدادات و هذه سياسة (فرض الامر الواقع) بالكمال و التمام لكنه اليوم على شكل صلافة عنيفة . صوّر  للاستاذ مسعود ان بإمكانهم مساعدته لإنشاء إمارة مثل إمارة  دبي كمركز مالي تجاري عالمي. لكن امارة دبي انشئت و طورت و بنيت  من قبل الدول الغربية كمدينة مالية جديدة بدلاً من مدينة هونك كونغ التي عادت الى الصين سنة ١٩٩٧. في سنة ٧٤ عندما بوشر ببناء مدينة دبي كمركز تجاري مالي عالمي، لم يكون الغرب  يتوقع ان الصين ستبقي علي هونك كونغ مدينة مالية عالمية مفتوحة لذلك بنية دبي . لا تنشيء كل يوم و في كل مكان مدينة مالية عالمية  جديدة ، لاحظ امارة قطر و محاولاتها المضنية لتزاحم دبي و لم تصل بعد الى نصف امكانية واهمية مدينة دبي، و لا تتطابق الاحلام عادة .
كثير من الاخوة الكرد يؤيدون السيد مسعود في قضية الاستقلال او الانفصال و لكن ليس كإمارة تحكمها عائلة البرزانية  الزيبارية. ربما يسأل سائل لماذا امارة البرزاني فقط و ليس الاقليم  كله. و هذا سؤال واقعي الا انه لا يوصل الى عمق الحلم. فمن يضمن للاستاذ مسعود و اولاده و عشيرته انهم سينجحون في اي انتخابات بعد الانفصال و الى متى يبقى على التل ؟ لكن السيد مسعود سيكون قد ضمن ولاء و اطمئنان منطقته و عشيرته و عائلته و بالاخص بعد الانشقاق الذي حصل للاتحاد الوطني الكردستاني (الطالبانيين)،
اعتقد و ارجو ان اكون على خطأ ان كل المشاكل التي يخلقها او يضعها السيد مسعود امام الحكومة المركزية العراقية هي سياسة دفع العراقيون ليطالبوا هم بالانفصال عن الاقليم ، ليخرجها له (مستشاريه الاجانب) بعد ذلك على انه (  هم العرب ) من طالب و اجبرهم على الانفصال و سيقع العالم كالعراقيين امام الامر الواقع و سيعبّر الانفصال اسهل مما لو كان هو من طالب به . سيستعمل الموضوع او الانفصال على انها قضية تقرير مصير و ستشارك كل منظمات المجتمع المدني الدولية في هذا الاخراج بضمنهم منظمات حقوق الانسان. هذا بالاضافة الى استمرار سياسة اقطع و اهرب، الى يوم الاستقلال .
يبقى على الشعب الكردي وحده ان يعي هذه اللعبة و يقيّمها و يحسب لها الف حساب، لأنها تهم شعب ليس موزع بين اربعة دول فقط  وانما شعب سيكون موزع في اكثر المحافظات العراقية بالإضافة الى محافظات الاقليم الثلاث .
ماذا سيكون مصير الشعب الكردي بعد الانفصال؟ و هل سيشترك هؤلاء بالاستفتاء لو اجرى؟ ام سيتركز على سكان الاقليم فقط. إذاً  سيكون  هذا استفتاء ناقص ولا يمثل كل الكرد في العراق .
و اعتقد كذلك و ارجو ان اكون على خطأ ان مشروع السيد مسعود وضع كجزء من المخطط  العام السعودي لتمزيق العراق مثل تمزيق سورية و لبنان و ليبيا.
الحالة الثانية ( الاهم و المؤمل عليها) فلو استقلت امارة برزان سيسعد هذا الحل تركيا لتفتت قضية استقلال الشعب الكردي عموما و ستكون هي المخرج والمدخل الوحيد  لهذه الامارة  لأنها ستكون تحت سيطرتها و رحمتها و كرمها، و لا حاجة لمشاكل الحدود مع العراق او ايران حين تخلق حدود جديدة بين البرزانيين و الطالبانيين الذين سيكونون  منطقة الحياد (buffer zone ) بين الاثنين، راجع حرب سنة 1996 بين الحزبين .


و ان من يدفع السيد مسعود بهذا الاتجاه (المجابهة) هم تجار و وسطاء تصدير و بيع النفط والانتهازيين و الموالين مدفوعي الثمن مسبقا و الاعلام المأجور و اخص منهم السيد فخري كريم  صاحب المدى. لاحظ رجاء  التصريحات الاخيرة، تصريح السيدة اشواق الجاف اليوم على القناة العراقية. اذا لم يتم الاتفاق اليوم بين الطرفين المجتمعين و لكوننا لا نثق بالمحكمة الاتحادية سنلتجئ الى (المحكمة الدولية) اي انها تعتبره  خلاف بين بلدين و هذا هو جوهر (التفكير الانفصالي). فاذا لم  يكن هذا تصعيد يدفع الى التقسيم فما هو اذا ؟ ثم لاحظ الهدوء النسبي في قضية المطالبة بكركوك (لأنها خارج نطاق واهتمام امارة برزان)، واجمع  بعض ما يلي:
علاقات دبلوماسية دولية  واسعة مع الاقليم  خارج نطاق الدبلوماسية العراقية. صرح احد النواب الكرد اليوم الى ضابط عراقي كبير كانوا يتكلمون عن الارهاب في المنطقة الغربية قائلاً: "أن هذه ليست حربنا". و كلمة مخلصة للاخوة الكرد، لم يكن نضالكم كل هذا الوقت من اجل تأسيس امارة برزانية،  ولم يكن نضالكم من اجل تشتيت العراق و انتم من اخلص ابنائه … اليس كذلك؟

عبد الصاحب الناصر
لندن في 19/01/2014
الحرب الكردية الكردية ومسعود البارزاني يطالب الرئيس صدام حمايته من جلال الطالباني من خان من؟؟‎ - YouTub
http://www.youtube.com/watch?v=8YPEXywzrXU

إيهاب هورامي - فقراء كردستان يقاضون جلال الطالباني و مسعود البارزاني
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=180159


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الصاحب الناصر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/21



كتابة تعليق لموضوع : المركز، النفط و الاقليم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net