صفحة الكاتب : ابواحمد الكعبي

فكروا أن تصبحوا كحبيب، لتفوزوا بالدنيا والآخرة
ابواحمد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 
ان اعداء الامم ونهضتها يعمدون الى استنفار كل امكانياتهم ويشحذون كل اسلحتهم لتحطيمها واعاقة انطلاقتها نحو التحرر , وان من بين ما يعمدون الى ضربه تمهيدا لتحطيم ارادة الامة هم العلماء المخلصون العاملون , والشخصيات الوطنية التي تقود النضال الديني بروح متوثبة وعقلية نيرة ومباديء ثابتة .
من هنا علينا أن نفهم معنى الأتباع الحقيقي لخط الشهاده
يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قده) في بحثه الموسوم (خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء) مانصه : ( وضع الله سبحانه إلى جانب خط الخلافة ـ خلافة الإنسان على الأرض ـ خط الشهادة الذي يمثل التدخل الرباني من أجل صيانة الإنسان الخليفة من الإنحراف وتوجيهه نحو أهداف الخلافة الرشيدة ، فالله تعالى يعلم ما توسوس به نفس الإنسان ، وما تزخر به من إمكاناتٍ ومشاعر ، وما يتأثر به من مغرياتٍ وشهوات ، وما يصاب به من ألوان الضعف والإنحلال ، وإذا تركَ الإنسان ليمارس دوره في الخلافة بدون توجيه وهدى كان خلقه عبثاً ومجرد تكريس للنزوات والشهوات وألوان الإستغلال ، وما لم يحصل تدخل رباني لهداية الإنسان الخليفة في مسيره فإنه سوف يخسر كل الأهداف الكبيرة التي رُسمت له في بداية الطريق. وهذا التدخل الرباني هو خط الشهادة ، وقد صنّفَ القرآن الكريم الشهداء إلى ثلاثة أصناف فقال :
(( إنّا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ))
والأصناف الثلاثة على ضوء هذه الآية هم النبيون والربانيون والأحبار. والأحبار هم علماء الشريعة ، والربانيون هم درجة وسطى بين النبي والعالم وهي درجة الإمام.
ومن هنا أمكن القول بأن خط الشهادة يتمثل :

أولاً: في الأنبياء.
ثانياً: في الأئمة الذين يُعتبرون إمتداداً ربانياً للنبي في هذا الخط.
ثالثاً: في المرجعية التي تعتبر أمتداداً رشيداً للنبي والإمام في خط الشهادة)
من هنا أقول لجميع الأخوه علينا أن نحسن الأختيار وأن نعرف الأتباع الحقيقي
هذان نموذجان مهمان؛ أحدهما لحسن التدبير والاختيار، والآخر لخلافه. فلينتبه المؤمنون السائرون في درب الحسين (عليه الصلاة والسلام) إليهما، وليردّاه على واقعهم ليشخّصوا ما هم بصدده في هذه الحياة الفانية.
النموذج الأول: رجلٌ اسمه حبيب بن مظاهر، ترك عائلته وحيدة معزولة، وذهب والتحق بركب أبي عبد الله (صلوات الله عليه) حتى استشهد معه وأصبح مِن خير مَن أنجبته الأرض، بعد الأئمة والأنبياء والأولياء، أي من المجموعة ذات الثلاثة وسبعين رجلا الذين يقول فيهم صادق آل محمد عليه الصلاة والسلام:".. بأبي أنتم وأمي"!
النموذج الثاني: رجلٌ اسمه الطرماح بن حكم، لقِيَ الحسين (سلام الله عليه) في طريقه إلى كربلاء، وأراد أن يلتحق به لكنه استذكر عائلته، فعاهد الإمام على أن يعود لنصرته حالما ينتهي من توديع أهله وترتيب بعض شؤون معيشتهم من مِيَرة وما أشبه. ولمّا أن قام بذلك؛ توجّه إلى كربلاء، وبينما هو في الطريق وإذا به يسمع بالخبر المفجع:"قُتِل سيد الشهداء الحسين بن علي وسُبِيَت نساؤه"!!
فكيف كان شعور الطرماح حينها؟ لقد أحسّ بالندم وقفل راجعا إلى حيث مسكنه خائبا حزينا، لأنه لم يحظَ بشرف الاستشهاد بين يدي سيد شباب أهل الجنة.
أما حبيب؛ فإنه حََظِي بهذا الشرف الذي ما بعده شرف دون الطرماح، لأنه لم يفكّر بشأن معيشة عائلته بل لم يكترث، وأوكل أمرها إلى الله جل وعلا، ولم يؤخر نفسه عن اللحاق بالركب بدعوى الاكتراء والتجهيز.
انظروا ودققوا؛ لقد كان كلٌ من الرجلين مستعدا للتضحية والفداء، ونصرة سيد الشهداء عليه السلام، إلا أن أحدهما كان حسن التدبير والتصرف، فقدّر تقديرا حكيما، واختار أن ينزع نفسه من كل ما يربطه بهذه الدنيا، بما في ذلك عائلته، لكي ينال ذلك الفوز العظيم. أما الآخر فإنه أساء الاختيار وأخطأ التدبير الجيد فأوقع نفسه في الندم والحسرة وخسِر الركوب في سفينة النجاة"الأوسع والأسرع"، إذ كان بإمكانه اللحاق منذ البداية، وترك عائلته تتقبل الأمر الواقع فتسيّر شؤون معيشتها بنفسها منذ البداية، فأي فرق بين أن تبقى بلاه منذ اليوم الأول وبين أن تكون كذلك في اليوم الخامس عشر مثلا؟! فما دام الرجل مصمما على الشهادة فأي معنى للتأخير؟! سيما وأن تبرير هذا التأخير حسب ما قال الرجل - وهو صادق - لم يكن إلا توديع الأهل وتموينهم بشيء من الطعام والشراب!
إنها لحظة من الزمن فارقت بين رجلين، أحدهما وصل إلى أعلى المراتب وهو شافع يشفع للآخرين، والآخر بقي في مرتبته بين صعود ونزول إلى أن تُوِّفي وهو مشفوع يطلب الشفاعة من الآخرين!
لحظةٌ اختار فيها رجلٌ أن يضحي الآن لا في الغد، ليبقى اسمه متلألئا برّاقا على مرَ الأزمان، يمجّده الناس، ويلثمون ضريحه، ويتوسلون إلى الله تعالى به، ثم يفديه الإمام الصادق (عليه السلام) بأمه وأبيه - تعبيرا عن عظمته وعلوّ شأنه - ويغدو من الثلة المجاهدة التي تسيّدت الخلائق!
ولحظةٌ اختار فيها رجلٌ أن يضحي في الغد، إذ كان مقتنعا بهذه الخطوة، بيد أن بعض شؤون ما يربطه وعائلتَه بالدنيا صعبت عليه، فآثر أن يؤجل مشروع الفداء والتضحية والاستشهاد إلى أيام قلائل، كانت كافية لأن يخسر الفرصة الذهبية السانحة، ولأن يطويه النسيان! فلا أحد يعرف من يكون الطرماح بن حكم، ولكن الكل يعرف من يكون حبيب، ومن يكون زهير، ومن يكون برير، ومن يكون هاني، ومن يكون جون، ومن يكون الحر، ومن يكون عابس..
فيا أيها الشيعة! يا مَن تصرخون وتنادون أنصار أبي عبد الله الحسين (عليه الصلاة والسلام) قائلين: "يا ليتنا كنا معكم فنفوز معكم فوزا عظيما"! إن هؤلاء الأنصار عافوا دنياهم وضحّوا بكل ما يملكون، واختاروا القرار الصعب في الزمن الأصعب، دون تأخير ولا تعطيل ولا مراجعة للنفس، فإن التضحية لا تتطلب مراجعة، لأنها تضحية!
ألا فاعلموا أن التضحية في دنياكم هذه وعصركم هذا؛ أصبحت نادرة قليلة، لا أحد يقوى عليها إلا من امتحن الله قلبه بالإيمان، وكان مخلصا صادقا في ولائه لأئمته وسادته أن المعرفه أن المعرفه الحقيقة لأهل البيت لاتتم ألا من خلال الأتباع الحقيقي للمرجعية الدينيه.
أيها الشيعة! أبها الموالون قبل أن تندموا ننصحكم: ضحّوا بكل ما تملكون من أجل المرجعيه لأنها تنتظر منكم مساهمة فعالة ترقى إلى درجة التضحية والبذل العظيم من أجل إيصال صوتها وقضيتها إلى شعوب العالم. مساهمة لا تتوقف فقط عند حدود الممكن والمعهود والتقليدي. مساهمة تصنع إعجازا يجعل أمما تدخل في خط المرجعية أفواجا باسم المرجعيه، فليفكر كل واحد في مصداق لذلك.
قبل أن تندموا كما ندم الطرماح.. فكروا أن تصبحوا كحبيب، لتفوزوا بالدنيا والآخرة. ولا تتريثوا فإن الوقت يمضي، وبعدها لن تنفع الحسرة!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابواحمد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/13



كتابة تعليق لموضوع : فكروا أن تصبحوا كحبيب، لتفوزوا بالدنيا والآخرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net