صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

مدوّنات الحياطين!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


ربما لا يصيب الذين يتحدثون عن غياب التعبير عن الرأي في مجتمعاتنا , إذا أغفلوا ما كتبته الأجيال على الحيطان من العبارات والكلمات والأفكار والرسومات , ولهذا أطلق الكارهون لهذا السلوك , لأنه يهددهم مقولة "الحياطين دفاتر الشياطين"!

والحائط ومنذ العصور القديمة منبر للرأي ومرآة لما يعتمل في أعماق الناس , فيسطرونه على الجدار أو الحائط تحت جنح الظلام.

وفي مدينتنا كانت "مدرسة سامراء الأبتدائية الأولى" ذات حائط طويل أبيض اللون , وعليه كنا نقرأ عند الصباح كلمات وعبارات جديدة مكتوبة في الليل , وأول مرة قرأنا "فلسطين" على حائطها ,  وكانت مكتوبة بحجم كبير , فنحسبها "فلس + طين", وما كنا في طفولتنا ندري بأنها قضية سترافقنا طول العمر!

ولا يزال الناس إلى يومنا هذا يكتبون على الحيطان , وبعض المجتمعات تتفوق على غيرها بهذا السلوك , وكأن الإنسان فيها لديه وسوسة بالحيطان , فلا تجد حائطا في مدنها بلا كتابة أو رسم!

وبرغم وسائل الإتصال المعاصرة , لكن الحائط لا يزال المنبر المؤثر على أفكار الناس , وقد تم إستخدامه في مراكز المدن ليكون موقعا إعلانيا , يتقاضى مالكيه أموالا مقابل تأجير مساحة محددة منه للإعلانات الضوئية واللونية.

ويبدو أن البشر ينجذب إلى المكتوب على الحائط , أو لديه رغبة لهذا السلوك , فلا يخلو حائط في الأماكن العامة إلا ووجدتَ عليه كتابة أو رسم.

ويزداد نشاط الكتابة على الحائط في فترة المراهقة والشباب , مما يشير إلى طاقة الأفكار المتجددة والرغبات المكبوتة , التي لا تجد منفذا للتعبير عنها إلا بخطها فوق الحيطان , ليطلع عليها أبناء ذلك المجتمع.

وأصبح من الواضح أن على قادة المجتمعات قراءة مدونات الحيطان , لأنها تعبّر عن المعاناة الحقيقية والمواقف المؤثرة في التفاعلات اليومية.

وفي المجتمعات المقهورة , لا يوجد ميدان للتعبير عن الرأي والحاجات والمعاناة , ولهذا إزدحمت الحيطان بالكتابات بأنواعها , وخصوصا المناهضة للأوضاع السياسية القائمة.

ومن الأصوب أن يكون في كل مدينة وناحية وقرية , حائط  حرّ , يسّطر الناس عليه آراءهم وتطلعاتهم وحاجاتهم , فيكون منفذا حضاريا ديمقراطيا وتربويا , لترسيخ مبادئ الحرية والحقوق الإنسانية!!

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/24



كتابة تعليق لموضوع : مدوّنات الحياطين!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net