صفحة الكاتب : محمد الحسن

نيسان..ربيع وخريف!
محمد الحسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عرف لا يناقض الدستور في العراق الجديد؛ للمكونات سطوة, وجميعها تشترك في إدارة الدولة..منصب رئاسة الحكومة يخضع لشرطين: الكتلة الأكبر ومن أتفق عليه الآخرين. قوة السلطة اليوم مختزلة في حزب الدعوة, فبعد التأسيس وإشكالياته المتعددة, جاء السيد المالكي بخطابٍ جديد يحاكي تراث الماضي الذي لم يزل تأثيره ماضياً على العراقيين, ففاز بولايته الثانية, أي إنه خرج عن النص في عراق ما بعد التغيير!

الولاية الثالثة هدف, والوصول إليها غير مضمون, لهذا فإن الرغبة العارمة التي تتملك (دولة القانون) هي تأجيل الإنتخابات, ويشترك معها في تلك الرغبة الكثير من المتنفذين اليوم, "فوزراة باليدِ خير من عشرة في نيسان"..الرغبة وحدها لا تعمل, لذا فالإنتخابات ستجري في موعدها إن لم يحدث طارئ مفتعل.

 تغيّرت الخارطة الملحية في الإنتخابات المحلية, وستتغير وطنياً, والخطوط الرئيسية للخارطة السياسية الوطنية ترسم بإقلام شيعية, فيما تلونها وتخرجها القوى الأخرى (كردية, سنية) عبر تحالفات منتجة لبرلمان وحكومة مثلة للجميع. لا جديد في نوع الكتل السياسية, فالقوى الرئيسية الثلاث, هي (القانون, والأحرار, والمواطن).

دولة القانون هي الكتلة الأكبر شيعياً, ووطنيا بعد تشظيات القائمة العراقية, بيد إنها ليست الكتلة الأقدر, إذ لا قدرة على إمرار القوانين أو إسناد الحكومة دون تفاهمات مع الآخرين, لغياب (نصف+واحد). السنوات الثمانية المنصرمة, تمثل العمود الفقري الزمني لمرحلة التغيير, وهي محتكرة بيد (حزب الدعوة), كلها مرت عجاف لا خير فيها ولا أمل إلا بمزيدٍ من الدمار, ستدخل الإنتخابات المقبلة بجعبة فارغة, وسيرتكز مشروعها على الخطاب التحريضي الأصطفافي, الذي يحاكي التاريخ دون تقديم الحلول الناجعة للخروج من "عنق الزجاجة"..مؤشرات الإنتخابات المحلية السابقة, تؤشر على خلل كبير وتراجع خطير ومضطرد في شعبية (رئيس الوزراء), قوام الكتلة ورأس مالها هو (الحضور الكاريزمي والخطاب المثير لدولة الرئيس) أي تراجع يعني شمول جميع من أنضوى فيها. الحسابات والأرقام تؤكد عدم قناعة أكثر من نصف مليون ناخب من جمهور دولة القانون, ولعل الإنهيارات الأمنية والخدمية الأخيرة, وحديث الزعيم عن نجله وعمليات (البواسير والمبايض), ستؤدي لمضاعة أعداد الناكثين لبيعة الزعيم!..إنسحابات أعضاء في القائمة (حسين الأسدي, جواد البزوني, عزت الشابندر, وآخرين) تزيد منحنى هبوط الكتلة, أي نقص عددي عن حاجز (89) مقعداً يعد نزولاً وأفولاً لطبقة سياسة تتعرض للإنقراض, وما صمودها إلا نتيجة لأمتيازات الحكم..المؤكد عدم ثبات تلك المقاعد, وهذا ما يفسر السعي لتأجيل الإنتخابات ورحلة البحث عن الولاية الثالثة. 

كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري بقيادة السيد مقتدى الصدر, ستكون أفضل حالاً من سابقتها, لكنها لن تحصل على ذات العدد من المقاعد النيابية لأسباب عديدة, أهمها: طبيعة القانون الجديد, ودخولهم بقائمة مفردة..وهذه تجرنا للحديث عن أصل الحجم البرلماني الحالي للصدريين, إذ إنّ التوزيع الذكي للمقاعد ضمن الأئتلاف الوطني هو الذي أتاح لهم الحصول على ذلك العدد بأصوات آخرين, وبما إن القاعدة الشعبية لتيار الصدر ثابتة؛ فلن تقوى كتلة الأحرار على الوصول لعتبة الأربعين, ولعلها تعرضت لأنسحابات, أضافة إلى رفض الشارع الشيعي لخطاب السيد مقتدى الصدر.

كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى, تعد أكبر الخاسرين في إنتخابات 2010, وليس لها سوى (16) مقعد لا تنسجم مع الأصوات التي حصلت عليها آنذاك..عمار الحكيم أستثمر الغياب عن السلطة ومشاغلها في تقييم أداء كيانه السياسي, ولعله الزعيم الوحيد الذي قال: "أخطنا, ولدينا شجاعة الأعتراف", الأنفتاح على شرائح كبيرة يمثل نقلة نوعية في سلوك كيان سياسي له تاريخ عريق كمجلس الحكيم. المنهجية التي تعامل بها مع الأزمات والأحداث, جعلته مصداقاً ل"بيضة القبان" فلا سحب ثقة دون الحكيم, ولا وثوق بغيابه عن أي إتفاق. الجماهير العراقية والفعاليات الثقافية تتحدث وتبحث عن بدائل جديدة وخطاب مؤسساتي, يعمل على النهوض بالواقع.إن التجديد حدث في المجلس الأعلى عمودياً وأفقياً, ويبدو إن (جناح الأمل) التابع لعمار الحكيم,  يعد ذراع مهم أستطاع أن يبسط نفوذه بسرعة فاقت التصورات, فحصاد (13) مقعد في مجالس المحافظات, علامة على ذلك النفوذ, ودليل نجاح رهان الحكيم على الشباب كطاقة معطلة بإمكانها قيادة التغيير. الخطاب المشروعي, أو البحث عن أدوات نجاح إكتمال الدولة, مضمّنة في خطاب رئيس المجلس الأعلى, وهذا يتضح من المعالجات والمقاربات التي يصوغها للملمة شتات الساحة العراقية, سياسياً, وإقتصادياً, وأمنياً, وإجتماعياً..الحكيم يتحدث بروح العصر, وبنظرة ثاقبة, فضلاً عن غيابه من ساحة التراشقات الإعلامية وبعده عن حروب التسقيط المتبادل, فوفر لنفسه حماية من سهام الطعن والتسقيط.

بدأت الحملات الدعائية مبكراً, وقد تطول, وستُستخدم بها شتى الوسائل, وهذا الحملات غير المدروسة ستؤثر كثيراً على حضور روادها..سيسلم منها الذي يمارسون التعريف بمشاريعهم فقط..الحكيم أدركها, وسيكون له الحضور الأكبر, وستوصف كتلته من بين العشرات بالصاعدة, وهذا يوفر له فرض ما يريد "الكتلة العابرة" أو "شراكة الأغلبية"..لن يجد الصدر إستحقاقات 2010, لا برلمانياً ولا حكومياً..وسيغير المالكي خطابه, وقد يحثُّ الخطى صوب الحكيم, وهذه المرة لن يجد سهولته المعتادة..!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/13



كتابة تعليق لموضوع : نيسان..ربيع وخريف!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net