صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

ماندلا وما عندنا؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


هل يحق لأبناء الدول التي تمتلك كل شيئ ولا تأتي بشيئ , أن يكتبوا عن زعيم وطني إنساني كالمناضل (نلسن ماندلا) الذي قدم إنموذجا وأدى دورا , ستتواصل على هديه الأجيال في بلاده , التي تحررت من نظامها العنصري , وأسست بفضله نظامها الديمقراطي بوقت قياسي لم يسبقها إليه أحد.

يبدو أننا لسنا بالمستوى الفكري والثقافي والنفسي والروحي والوطني والحضاري , الذي يؤهلنا أن نكتب عن الإنسان الذي غادر عالمنا عن عمر يناهز الخامسة والتسعين , وأعلن نبأ وفاته رئيس جمهورية بلاده , وشارك في نعيه جميع قادة الدنيا ورؤساء منظماتها وتجمعاتها من أجل السلام والحرية.

نحن لسنا بذلك المستوى , لأننا لا نمتلك مَن يمثل نسبة ضئيلة من خصال الزعيم (ماندلا) , ولا مَن يستطيع أن يقدم النموذج الوطني الكفيل بسعادة أبناء الشعب.

نحن مجتمعات يتيمة مقهورة , تعيش في ملاجئ الأيتام المعاصرة , التي تؤهلها القوى التي ترعاها وفقا لما تقتضيه مصالحها.

ومَن يدعي بأننا مجتمعات حرة وذات إرادة , فأنه مصاب بالهذيان!!

المجتمعات الحرة الإرادة بحاجة إلى قادة مؤهلين للحرية بفكرهم وروحهم وسلوكهم , ليقدموا النموذج ويؤكدوا الدور, وهذا مفقود في مجتمعاتنا.

فالزعيم (ماندلا) تحدى , وأمضى أكثر من ربع قرن في السجون , لكنه إنتصر بمبادئه وأخلاقه الإنسانية الرفيعة , التي أهلته للتحول إلى قوة روحية وطاقة حضارية , أذعن لإرادتها الذين كانوا يضطهدونه ويسومنه وشعبه أقسى الشدائد والويلات.

وعندما خرج منتصرا من سجنه , وتسنم قيادة بلاده , لم يتصرف كإنسان عادي , وبرغم ضغط الذين من حوله , أعلن أنه يريد بناء وطن وإطلاق طاقات شعب , فما إنتقم أو عادى أو ظلم مَن ظلمه , وإنما سار في طريق الوحدة والمحبة والأخوة الوطنية , وطهّر العقول والنفوس والقلوب من أوذان الأحقاد والكراهية والمشاعر السلبية!

فعل ذلك في غضون أربعة سنوات , وعندما تيقن بأن القطار الوطني يمضي على سكة المحبة والألفة والعمل المشترك , ترجل عن القيادة وأعطى الراية للشعب الذي عليه أن يختار غيره, وبرغم المطالب الشعبية , لكنه أصر على أن يكون غيره هو الرئيس , وكان من الممكن أن يكون رئيسا للبلاد إلى الأبد.

فكانت دولة جنوب أفريقيا , ذات قيمة معاصرة ودور مؤثر في حياة الشعوب , وقد حققت إنجازات حضارية كبيرة في أقل من عقدين , بتضافر أبناء البلاد أجمعين.

تلك هي أخلاق قادة المجتمعات التي تريد أن تبني أوطانها , وتنطلق في مسيرة الحياة بعزة وكرامة وكبرياء , وبأخلاقيات ومُثل متوهجة في دروب الأيام.

فلماذا لا نمتلك إنسانا واحدا فقط يعلمنا الأخلاق الوطنية والحضارية , ونحن نجلس على تراث أغنى من تراث البشرية جمعاء؟

ألا تساءل المدّعون بالقيادة والسياسة؟!

فالمجتمعات من صنع قادتها , وأنّى يكون القادة تكون المجتمعات , لأنها مرآة سلوكهم لا غير؟!!

 
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/07



كتابة تعليق لموضوع : ماندلا وما عندنا؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net