صفحة الكاتب : عباس ساجت الغزي

كلمة وتعارف وطرفة
عباس ساجت الغزي
 قصص قصيرة
                                       
                                         ( قدسية الكلمة )
أفنى عمرة بالبحث عن قاتل أبيه .. عشرون عاما من البحث وتأنيب الضمير وكلام الناس ونظراتهم التي لأترحم ..كان ياسر مصرا على المضي بالبحث إلى أخر يوم من حياته وكانت عزيمته تتجدد كلما سمع خبر ومعلومة جديدة عن قاتل أبيه ..
كان يعد الساعات والأيام لتلك اللحظة التي يلقى بها غريمه لينفذ ما عليه من واجب ديني وعرفي ( عشائري ) ويريح ضميره ويتخلص من هّم السنين ..
وفي احد الأيام كان ياسر في زيارة مقام احد الأولياء الصالحين وقد وقف عند الضريح  وهو يناشد الله من خلاله ..
اللهم قد أتعبني البحث وطال بي الانتظار ووضعني الناس في موضع الشك في قدرتي والتقصير ..و قولك الحق ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ..كان ممسك بقوة بشباك الضريح وكأنه يريد انتزاع الإجابة ألان ..كان يقف بقربه رجل يسترق السمع لأنه قريب جدا ويمسك بشباك الضريح  التفت الرجل وبادره بالسؤال : أراك مهموما يا أخي .. ما قصتك ؟ لعلي استطيع أن أقدم لك المساعدة ..
أجابه ياسر:  قصتي طويلة فقد قتل أبي منذ زمن وأنا ابحث عن القاتل للقصاص منه  .. 
الرجل  : وكيف قتل أبيك ؟ 
ياسر : لا اعرف تفاصيل كاملة .. قبل عشرين عاما  ذهب والدي في رحلة مع أصدقاء له وأصابه احدهم  بطلق ناري ومات في اللحظة وماتت معه الحقيقة  ..
وأنا ابحث عن القاتل منذ ذلك الوقت ... وفقدت أمي بعد سنة من الحادث لشدة بكائها على فراق أبي .. وأخذت عهدا على نفسي أن لا ارتاح حتى أجده واقتص منه  .
الرجل : تعرف شئ عن قاتل أبيك اسمه أو شكله ؟
ياسر  : اعرف أن اسمه  محمود وكان يعمل في بيع المفروشات  مع أبي في السوق لكن لا أتذكر شكله ..
الرجل : إن دللتك على قاتل أبيك تبختني  ( تعطيني الأمان وهي بمثابة قسم ) وصمت .
شعر ياسر بانتعاش وفرح  لسماع هذه الكلمة  وأحس بأن الإجابة لدعائه قد تحققت بسرعة ..
ياسر : انته مبخوت  فقط دلني عليه ...
الرجل : أنا من قتل أبيك .. لكن ... 
وقف ياسر متحيرا مصدوما وهو يمسك شباك الضريح ويضرب رأسه بقوة بالشباك .. لماذا .. لماذا .. ألان ...
                                     
                                      تعارف في زمن المحن
 
أبو سعد رجل كبير في السن ترك أثر السنين بصمته في انحناء عاموده الفقري و نظاراته  ذات الإطار الأسود التقليدي والعدسات  تحاكي معانات ضعف بصره  لكن رغم ذلك كان صلبا ذا عزيمة يأبى أن يتفضل عليه احد و يفضل أن يقطع المسافة الطويلة بين منزله ودائرة التقاعد لوحده حتى يستلم راتبه التقاعدي كل ثلاثة أشهر ..
كان يتابع موعد تسليم الراتب وأخبار الزيادة والسلف من أصدقاءه في رابطة الانحناءات الذين تعاهدوا على أن يبقوا بقرب بعضهم حتى يتساقطوا كأوراق الشجر اليابس في فصل الخريف ..
كان أبا سعد  صاحب طرفة ويضيف إلى تجمع الرابطة نكهة خاصة  وكان أكثر المسنين نشاطا وحيوية  وكان له الكثير من الأصدقاء الشباب في  المنطقة لحلاوة لسانه وسرعة بديهيته ..
جاء موعد استلام الراتب كان يهيئ نفسه قبل ليلة يحضر ملابسه ويتفقد مستمسكا ته من هوية التقاعد والجنسية والبطاقة التموينية رغم أن استلام الراتب يتطلب هوية التقاعد فقط  لكنه يتحسب لكل تساؤل يطرأ من موظف يريد تأخيره لليوم التالي لسوء مزاج أو لشدة ازدحام المتقاعدين ..
وبعد عناء وزيادة بانحناء  نتيجة الوقوف بالطابور لساعات طويلة  وصل إلى شباك توزيع الرواتب وأخبرته الموظفة بان يتأكد من حساب مبلغ راتبه قبل مغادرة الشباك لأنها بعد ذلك غير مسئوله عن النقص  .
اخبر الموظفة بان راتبه كاملا أربع مائة وخمسون ألف دينار تأكد مرارا من فئات العملة وتفحصها من التمزق أو التزوير ، جمع المبلغ .. قبله ومرره على جبينه وحمد الله وشكره ثم وضع المبلغ في محفظته المحكمة التي  تزيد من ثقته بحفظ ماله كونها صنعت من الجلد الطبيعي القوي ..
توجه نحو الباص الذي يقف في المحطة قرب دائرة التقاعد وكان في الباص نفر قليل نظر يمين وشمالا يتفقد الكراسي الفارغة ويعد الدقائق ، مد يده إلى جيبه ليخرج المحفظة ويتفقد ما فيها  اخرج نقوده وبدأ يعدها من جديد ليقضي الوقت حتى يتحرك الباص .
وفجأة سلم عليه شاب بحرارة الاشتياق .. عمي كيف حالك .. كيف حال الأولاد والعائلة  .وجلس في الكرسي الفارغ عن جنبه  ..كيف الصحة والعافية .. شنو ما عرفتني .. مسح أبا سعد نظارته بقطعة قماش كانت في جيبه .. وقال لا والله ابني لم أتعرف عليك ؟ اخبرني من تكون ؟ قال الشاب معقول عمي ما عرفتني صدك بين عليك الكبر ..فكر وهسه تتذكر ..
فكر أبا سعد حتى شعر بدوار في رأسه .. وقال : لا والله عمي لم أعرفك اخبرني من تكون ؟ كانت السيارة تسير ووصلت في منتصف الطريق إلى مركز المدينة  . هنا صاح الشاب محطة نازل توقفت السيارة .. وقف الشاب .. قال أبا سعد : لكن لم تخبرني من تكون ؟ أجابه الشاب : بعدين راح تعرفني  ونزل من السيارة .
قبل أن ينزل أبا سعد في محطته مد يده إلى جيبه ليتأكد من محفظته بحث لكنه لم يجدها صاح بصوت عالي عرفته .. عرفته .. انه  ألحرامي 
 
                                  الغضب يفقد التركيز
صادق شاب نشط يدير شؤون أسرته بعد وفاة والده وكونه الابن الأكبر كانت مسؤوليته كبيره في أدارة الأسرة وتوفير كل احتياجاتها لكن لم يكن يتعبه شئ في كل ذاك أكثر من أخيه الأصغر رضا الذي كان منغوليا يعاني من تخلف عقلي ...
كان يقول أن تعب العمل وإدارة الأسرة بكفة  ومتابعة رضا بكفة أخرى لأنه كثير الحركة لا يثبت بمكان إضافة إلى تصرفاته الغير عقلانية .. كان يوبخه دائما ويأمره بالبقاء في البيت وعدم الخروج إلى الشارع ، لكن رضا كان لا يبالي بكلام أخيه لأنه لا يفهم ما يدورمن حوله ..
وذات يوم عاد صادق من العمل متعبا حيث كان يستقل الباص للوصول مسافة قريبة من البيت وحين نزل من الباص وكان الوقت يميل إلى الغروب وجد أخيه يلعب قريب من الشارع  ثار غضبه  وأسرع إليه يوبخه الم أخبرك بان لا تذهب بعيدا عن البيت ، ماذا تفعل هنا ؟ تعال معي لكنه رفض التحرك معه  ، سحبه بقوة وهو يمتنع عن التحرك بدا ينهال عليه ضربا حتى أوصله إلى باب الدار وحين فتح الباب ليدخله إلى البيت  تعجب !!! فقد كان رضا جالس في البيت يأكل الطعام نظر إلى الأخر وإذا به منغولي أخر وليس أخيه  ..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس ساجت الغزي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/12



كتابة تعليق لموضوع : كلمة وتعارف وطرفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net