صفحة الكاتب : د . يوسف السعيدي

نفاق السياسيين...وصراع الاحزاب
د . يوسف السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ترك السادة زعماء الأحزاب السياسية بالعراق قضايا الوطن والمواطنين بعيدا عن أجنداتهم السياسية ومشاريعهم الآنية والمستقبلية ، وتهافتوا في سباق مذموم على من يظفر بصفة الحامل للمشروع (الوطني)... في صورة تشكل أبشع مراحل الحضيض الحزبي في عراقنا الجريح... ، وتؤكد على صبيانية المشهد السياسي وميوعته بهذا البلد ، وعدم قدرته على الرقي بنفسه عن خانة التفاهات والترهات ، وعجزه على الاستجابة لتطلعات المواطن المغلوب على أمره ، واستحالة التزامه بآليات الديمقراطية أو انضباطه لقواعدها القيمة وشروطها النبيلة . 

فمن اليمين وما ملكت يمينه إلى اليسار بجميع نقاطه وحروفه ، ومن الأغلبية المهادنة إلى المعارضة المساكنة ، ومن كل لون سياسي معترف بقانونيته عند ( مراكز صنع القرار).. ، الكل يدعي وصلا بليلى ، وليلى لا تقر لهم بذاكا ، والكل يسعى في جهد جهيد لامتلاك صفة تَبَث بالواضح الملموس أنها لاتسمن ولا تغني من جوع ، وفي المقابل لا تسمع أي صدى لتنافس قد يساهم ولو بشكل من الأشكال في التقرب أوالاقتراب من شعب مكلوم آمن بالديمقراطية كحل لخروج وطنه من أزمات ليلها كنهارها لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد ، فجاءته التقارير من كل فج تبعده عن حيز التقدم لترجع به إلى سنوات قيل أنها انجلت مع أول ليلة من ليالي العهد الجديـد …

الكل إذن يخوض حربا بلا هوادة من أجل نعت ينعت به ، حرب لا أخلاق تتخللها ، ولا خصالا حميدة تضبطها ، ولا معايير تحترم في صولاتها وجولاتها ، وعورات الوطن تستنهض همم كل مواطن شريف ليسترها فلا تجد بين الجنود والمحاربين الجدد من يملك أو يكتسب الهمة العالية ليقدم مشروعا متكامل الأطراف والجوانب يكون كافيا لعملية الستر ، بل ولا تجد في هؤلاء المحاربين من يذكر نفسه أو غيره بأن هذا الوطن أمسى غريب الشكل ينفرد بغرابته عن باقي بلدان الكرة الأرضية ، فهو وطن حكومته صورية ومعارضته شكلية ، وصناديق اقتراعاته عبثية منعدمة التأثير ، وقضاؤه بالطائفيه والمحسوبية أحكامه تنطق ، وتعليمه على مواثيق غريبه لا تتوافق وبيئته التكوينية يقوم ويستوي ، وصحته معلولة تبحث عن أدوية لعلل شتى ، وعمرانه يصبح صعيد جرزا بعد كل زخة مطرية أو هزة أرضية خفيفة . وأيضا لن تجد مع هؤلاء المحاربين ولا بينهم من ينبههم في ساحة المعركة بوضعية هذا الشعب الذي تاه بين أرجاء الوطن في حيرة تعلوها المرارة ، تعترضه خيبات الأمل حيثما ولى وجهه ، وتمتهن كرامته فلا يجد من يذود عنها ، وتبخس حقوقه ولا يلفي من يردها إليه ، وتكسر عظامه إذا انتفض في وجه الظلم ولا من ينصره أو ينتصر له ، ويصرخ بأعلى صوته ولا من يوصل صوته إلى فوق ، ويرجع البصر ويرخي السمع طولا وعرضا فلا يرى ولا يسمع إلا تسويفا يجر تماطلا تقمص من الحرباء سياسة تلون أضحت برنامجا عاما يؤثث لمشهد سياسي وحزبي ، ليتساءل في غصة : " إلى من ترفع الشكوى ؟؟؟ " .

هذا هو الوطن الذي لم يلتفت إليه المحاربون والجنود الجدد ، وطن انتهك فيه عرض الديموقراطية ، وتعطلت فيه أدوات التغيير فعشعش فيه اليأس والبؤس والإحباط والحرمان ، ، واستبد به الظلام الدامس ، وضاقت على مواطنيه السبل والحيل ، فأدخل رغما عنه إلى ردهة الطواريء مثخنا بجروح خطيرة وإصابات متنوعة . 

إن مثل هكذا وطن يستدعي من زعماء الأحزاب إن كانوا حقا ديموقراطيين كما يدعون أن يشمروا على سواعدهم ليكونوا هم لا سواهم الأطباء والمنقذين له ، ولن يتأتى هذا الأمر بطبيعة الحال إلا بامتلاكهم لسلطة فعلية حقيقية يمارسونها على أرض الواقع عبر مؤسسات دستورية تفسح لهم ولغيرهم المجال لبناء دولة ديمقراطية تفرض احترامها على غيرها ، وتسمح لأبنائها بأخذ زمام المبادرة للسير نحو الازدهار والتقدم .

هذا هو التحدي المطلوب اليوم من الأحزاب الوطنيه المخلصه... ، و هذا هو الأمل المرجو من الكل ، أما التنافس حول لفت الإنتباه أو الظفر بصفة من الصفات الفانية فلن يزيد طين الأحزاب إلا بلة ، ولن يصنع إلا ديمقراطية بلا ديمقراطيين ، ولن ينتج إلا زعماء يحاكون نمورا ورقية ، ولن يجعل من الوطن الغفور الرحيم سوى وطن مغفور مرحوم قضى نحبه في ردهة طواريء... عجزت أيادي الإنقاذ عن إبعاد الموت عنها ....لك الله يا عراق


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . يوسف السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/28



كتابة تعليق لموضوع : نفاق السياسيين...وصراع الاحزاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net