صفحة الكاتب : قيس المهندس

أبو ذر العصر !.
قيس المهندس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بين الفينة والأخرى، يطل علينا احد الساسة، بمصيبة اقل ما يمكن ان يقال عنها، انها مصيبة عظمى وطامة كبرى ، يُرزأ بها الشعب العراقي عامة والموالين خاصة!. فذلك السياسي لم يسرق شيئاً في العلن، والله تعالى اعلم بما في السرائر، لكنه أصيب بمرض ما، فسافر الى بلاد أخرى للعلاج على نفقة الدولة – أموال الشعب العراقي – وكانت تكلفة علاجه اكثر بخمسين ضعفاً مما لو عولج في داخل العراق، كما لم يكن مرضه شديداً، لكنه كان في مكان حساس، لا اخفي عليكم، قد سئمت الاضمار! .. انا اتحدث عن (بواسير العطية)!..

لقد فضح العطية نفسه، ومرغ كرامته بالوحل، وتلطخت سمعته السياسية، حتى اصبح مورد ذمٍ، واستهزاءٍ، ولعنٍ للعامة وحتى لخطباء المنابر!..

والى هذا المقام، لم نصل بعد الى الطامة الكبرى والرزية العظمى، التي تكلمنا عنها في بدء حديثنا، فكل ما مر يخص العطية ذاته، وان كانت هنالك جنحة، فهي من اختصاص السلطات القضائية، ولسنا هنا في معرض حوكمة العطية.

ما يثير حفيظتنا، ويهز مشاعرنا، ويقض مضاجعنا، ويستخف بعذاباتنا، وينكأ جراحنا التي لم تندمل منذ رحل علي ابن ابي طالب وابو ذرٍ، واضرابهم من الفحول؛ ان العطية يكنى (ابا ذر)!..

عادة ما تطلق الكنى والتشبيهات والمجازات، و تسمية الأولاد، على كنى وأسماء اهل البيت عليهم السلام وصحبهم المنتجبين، اعتزازا بتلك الرموز وتبركا بهم، وتأسياً بمسيرتهم.

ففي احد الأيام، لم يجد أبو ذر الغفاري ما يسد رمق عياله من الطعام، فخرج من منزله مغتما وبدى ذلك على تقاسيم وجهه، وفي الطريق لاقاه علي ابن ابي طالب (ع) وكان عليٌ عائداً من عند رسول الله (ص) مقترضاً منه دينارا! - عندما كان ابو ذر يجوع، فعلي (ع) ليس افضل حال منه! - لما رأى أبي ذر سأله عن سبب اغتمامه، وعلم بحاله فأعطاه الدينار!..

عندما جاع أبو ذر لم يسرق من الأموال العامة، ولم تكن له شأنية مادية، رغم شأنيته المعنوية بقربه من علي ابن ابي طالب (ع) وصحبته لرسول الله (ص)!. وحتى علي (ع) ابن عم زعيم الامة والقائد السياسي الأول بعد رسول الله (ص) لم يراعي المكانة السياسية، ولم يعتني بالامكانية المادية والتي من شأنها ان تؤهله للنجاح السياسي، ولم يراعي التمظهر بمظاهر الكبر والزهو، التي الفناها في قادتنا الساسيين اليوم!. كانت ثياب عليٍّ الهِدمْ، ووسادته التراب!.

اين الثرى من الثريا، وأين أبو ذر الغفاري كفيل اليتامى من العطية وأمثاله!..

بالأمس نُفي ابا ذر الى الربذة، وترك لنا اريج روحه الطاهرة، تربت على اكتاف فقراءنا الذين انهك متونهم الجوع والعوز، وتمسح على رؤوس اليتامى ولوعات الثكالى، وتقبّلُ أيادي قلوبنا، فتغمرنا عطفاً ورأفةً وتحننا.

يريد ( أبو ذر العصر) وامثاله أن يسرقوا منا كل شيء، حتى كسرة خبز عليٍّ التي ما فتأت تواسي جياعنا، وملحه الذي ما زال يلهمنا صبراً وايماناً وثباتا!.

أبو ذر العصر، ومختار العصر!... ولولا بقية خشية من الناس، وخشيتهم من انهيار كيانهم وتبدد احلامهم، لقدموا لنا: محمد العصر وعلي العصر!.. ولكن هيهات ان تمتد أحلامهم الى المعصومين عليهم السلام!.

في عهد النظام السابق، تحديداً في الجيل الأخير من ازلام البعث، كنا حينما نذكر أسماء رموزنا ؛ محمد باقر الصدر، ومحمد باقر الحكيم، كان اؤلئك البعثيون يطأطئون رؤوسهم خجلاً وذلا، فأولئك الرجال قهروا كبار ازلام البعث واذلوا صغارهم!.

ماذا نقول لهم اليوم؟! وعن ماذا نتحدث؟! وبأي صورة نقدمكم اليهم؟! وكيف نبرر أفعالكم؟!.. ان كان (أبو ذر العصر) يقوم بأفعالٍ ازدريناها بالأمس عندما صدرت من داهيتهم ( ابن العاص)، في مبارزته لعلي ابن ابي طالب(ع)!..

فسلامٌ على علي ابن ابي طالب، وعلى ابي ذر الغفاري، وعلى ثيابهم المرقعة، وكسرات خبزهم اليابسة، وعلى ملحهم وترابهم..

والختامُ دموعٌ وأسى ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


قيس المهندس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/25



كتابة تعليق لموضوع : أبو ذر العصر !.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net