صفحة الكاتب : محمد السمناوي

كربلاء والفتح الإسلامي
محمد السمناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الحديث عن الاراضي التي فتحت عنوة( 1 ), او بدفع الجزية , والتصالح عليها على يد خالد بن الوليد( 2 ), وفي اثناء حكومة الخليفة الاول ابو بكر بن ابي قحافة , من الناحية الزمانية عام 12 للهجرة , ومن الناحية المكانية هي العراق , وهذه الاراضي التي توجه لها انطلاقا من المدينة المنورة مرورا بالبصرة , تحديدا الابلة ( 3 ) , والحيرة والفلوجة , وكربلاء , والمدائن وانتهاء بعين التمر .
في هذه الفترة ذكر المؤرخون كالبلاذري في فتوح البلدان المتوفى 279 ه , والعلامة الدينوري المتوفى 282ه في الأخبار الطوال , والطبري المتوفى 310 ه , في تأريخه , وابن الأثير في كتابه الكامل في التأريخ المتوفى 630 ه ,والبداية والنهاية لابن كثير المتوفى 774ه , وابن خلدون في تأريخه المتوفى 808 ه كل هؤلاء ذكروا أحداث سنة 12, 13 فيما يخص العراق وفتحه عنوة , وفي بعضه على التصالح ودفع الجزية , وكربلاء لها ارتباط وثيق من الناحية الاقليمية بعين التمر , وأما فتح دمشق فقد وقع الخلاف فيها , كما ذهب الى ذلك الواقدي سنه 14 ه كما قال بن اسحاق ( 4) , وكما يذكر الواقدي ان وقعة اليرموك كانت سنه 15 ه , وقال اخرون ماروي عن سيف عمن روى عنه , انها كانت سنه ثلاث عشر ( 5 ).
فتح العراق عام 12 للهجرة حيث ان خالدا تلقى أوامر الخليفة بالتوجه نحو العراق , ويدخلها من ناحية الابلة , , وشرع ابو بكر في تجهيز السرايا وتحشيد الجيوش امتدادا لخالد , وقد اختلف في حركته نحو العراق ,والمحطات التي مر بها اثناء فتحه فقيل توجه من اليمامة الى العراق , وقيل رجع من اليمامة الى المدينة , ومن ثم الى العراق مارا بالبصرة والكوفة حتى الحيرة( 6 ), وقد ذكر المدائني بأسناده ان خالدا توجه الى العراق في المحرم سنه اثنتي عشرة وجعل طريقه البصرة( 7 ) .
بعد التتبع وجدنا ان فتح كربلاء عام 12 للهجرة الا ان الطبري ذكر فتحها عام 14 للهجرة والاصح الاول , لانها فتحت بعد الحيرة , ولكن حصل ارتداد ثاني بعد خروج قائد الجيش خالد بن الوليد حينما خرج متجها الى بلاد الشام لفتحها , وفي عام 14 هجرية رجع الجيش لها مرة ثانية , وتم اعادتها من جديد الى السلطة الاسلامية . 
من الواضح ان الاحداث التي جرت ماقبل الفتح لبعض قرى والمدن مثل الانبار والفلوجة وعين التمر لها علاقة بكربلاء , وقد مر الجيش الاسلامي من خلالها , بل وقد اقام فيها عدة ايام , كما ان الطبري( 8 ) ذكر ان هناك خلافا في طريق تحرك الجيش الذي يرأسه خالد بن الوليد اثناء دخوله للعراق , وفتحه , وهذا الخلاف نقله عن الواقدي , ولكن نحن نستنتج بان القدر المتيقن ان خالدا سار الى العراق من المدينة متجها الى الكوفة , حتى وصل الى الحيرة , وقد مر بالبصرة , وعندما وصله الى عدة قرى من ارض العراق القريبة من شاطئ الفرات نزولا في ارض كربلاء , وهنا لابأس ان نشير , وان نفصل بين القرى التي صالح أهلها , وبين من فتحت عنوة , وقتل أصحابها , وسفكت دمائهم على يد خالد بن الوليد .
أما التي صالح أهلها ودفعوا الجزية له هي (بانقيا وباروسما وأليس ) (9 ) , وان الذي صالحه عليها ابن صلوبا السوادي كان ذلك في سنه اثنتي عشر من الهجرة , وقبل الفتح لجميع قرى ارض السواد , وبعد ذلك اتجه خالد الى الحيرة , فخرج إليه أشرافهم مع قبيصة بن ياس بن حية الطائي , وكان أمّره عليها كسرى بعد النعمان بن المنذر , وصالحهم , ودفعوا الجزية , وبقوا على دينهم , وهذه اول جزية وقعت في ارض العراق , وكان مقدارها تسعين الف درهم ( 10). 
وفي تلك السنة اقبل خالد بن الوليد يسير فعرض له جابان صاحب أليس , فبعث اليه المثنى بن حارثة , فقاتله فهزمه , وقتل جل اصحابه الى جانب نهر قد اطلق عليه نهر الدم بسبب تلك الواقعة , وصالح أهل أليس , وأقبل حتى دنا من الحيرة , فخرجت اليه خيول ازاذ به صاحب خيل كسرى التي كانت على مسالح مابينه وبين العرب , فلقوهم بمجتمع الأنهار , فتوجه اليهم المثنى بن حارثة , فهزموهم( 11). .
وفي نفس السنه سلك خالد طريقه الى كربلاء عن طريق الفلوجة حتى نزل فيها , وعلى مسلحتها( 12 )عاصم بن عمرو , وعلى مقدمته خالد الاقرع بن حابس , وقد اقام فيها - كربلاء – اياما , وقد شكا اليه عبد الله بن وثيمة الذّبان , فقال له خالد: أصبر فأني أريد ان استفرغ المسالح التي أمر بها عياض فنسلكها , فتأمن جنود المسلمين .... وقال رجل من اشجع فيما حكى ابن وثيمة : 
لقد حبست في كربلاء مطيّتي وفي العين( 13 )حتى عاد غثا سمينها 
اذا زحلت من قبرك رجعت له لعمر أبيها انني لأهينها
ويمنعها من ماء كل شريعة رفاق من الذبان زرق عيونها (14 ).
المصادر والهوامش : 
1- والعنوة معناها قهرا بالسيف والذل .
2- لابد من الاشارة هنا الى رأي الشيعة الامامية , وموقفها من خالد بن الوليد قائد الفتح للعراق وكربلاء , وبكل صراحة نحن لا نعتقد بعدالة جميع الصحابة , اذ لم نجد دليل على عدالة جميع الصحابة , وعلى هذه القاعدة والنظرية نحن نجري على جميع الصحابة قواعد الجرح والتعديل فمن كان منهم على نهج النبي الخاتم صلى الله عليه واله وسلم وتابعا لسنته , وبقى عليها لحين وفاته فان العقلاء وكل شيعي يقدسه ويحترمه , ولكن الذي غيّر الحقائق وبدل الثوابت خلاف ذلك طبعا , وأما خالد بن الوليد فان الشيعة الامامية تتبرأ من افعاله المشينة التي يندى لها جبين الانسانية فمن ارد ان يراجع مخالفاته للنبي وللاسلام فليراجع صحيح البخاري باب بعث النبي خالد وباب رفع الايدي في الدعاء , ومسند احمد بن حنبل ج2 ,ص 150 , ومشكل الاثار ج4 , 254 , صحيح النسائي باب الرد على الحاكم اذا حكم بغير حق انظر فتح الباري ج8 ص 46 , تاريخ الطبري ج3 , 124 , واسد الغابة ج2 , ص 94 , وكنز العمال ج6 , 420 , ويجد هناك ايضا ان خالدا قد سب عمارا ومن سبه فقد سب الله تعالى انظر المستدرك على الصحيحين ج3 , ص 389 , ومشكل الاثار ج4 , 255 , ومسند احمد بن حنبل ج4 , 89 , ومسند الطيالسي ج5 , 185 , وكنز العمال ج1 , ص 242 . , وكذلك انظر الى قتله لمسلم وفجر وزنا بزوجته في ليلة مقتل هذا المسلم وهو مالك بن نويرة انظر الطبري ج2 ص 502 , والاصابة ج1 القسم الاول ص 414 , والطبقات الكبرى ج7 القسم الثاني , ص 120 وحتى عندما اسلم لم يقاتل عن تقوى وورع , وكل حروبه وفتوحاته كانت على المنهج الجاهلي والغرض الشخصي والشهواني , كما انه كان من المبغضين لعلي بن ابي طالب عليه السلام 
3- الابلة : مدينة كانت مرفأ السفن القادمة من الصين , وهي واقعة جنوب البصرة القديمة بمسافة خمسة عشر ميلا , وجنوب مدينة الخصيب بنحو ميلين . 
4- انظر الطبري ج2, ص395. 
5- المصدر السابق ج2 , ص 359. 
6 - البداية والنهاية ج5 , ص 325,
7- نفس المصدر السابق .
8- تأريخ الطبري ج2 , ص 307. 
9- هذه القرى الثلاث تقع في ارض العراق في ذلك العصر , فبانقيا : ناحية من نواحي الكوفة على شاطئ الفرات , وباروسما : من نواحي بغداد يقال لها : باروسما العليا , وباروسما السفلى , وأليس : موضع في أول أرض العراق من ناحية البادية , وقيل قرية من قرى الانبار . انظر معجم البلدان . 
10 - تأريخ الطبري ج2 , ص 307, دار الكتب العلمية بيروت لبنان ط4تاريخ النشر 2008م .
11 - تأريخ الطبري ج2 , ص 308, احداث سنه اثنتي عشرة من الهجرة النبوية , مطبعة دار الكتب العلمية بيروت لبنان ط4تاريخ النشر 2008م
12 - المسالح : جمع مسلحة , وهم القوم المسلحون , والمسلحة كذلك موضع السلاح انظر محيط المحيط ج1 , ص 978 , سلح .
13 - العين : اشارة الى بلدة عين التمر , واليوم هي قضاء تابعة من الناحية الادارية الى محافظة كربلاء المقدسة .
14- انظر الطبري ج2 ص 322

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد السمناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/19



كتابة تعليق لموضوع : كربلاء والفتح الإسلامي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net