صفحة الكاتب : علي حسين الدهلكي

ثقافة المنهولات !!
علي حسين الدهلكي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 
من منا لا يعرف فوائد المطر ؟.
 ومن منا لا يتذكر كيف كانت تقام صلاة الاستسقاء لأجل هطول المطر؟.
 ومن منا يستطيع أن ينكر نعمة المطر في إدامة الحياة وتطوير البلدان؟
ولكن ما لم ننتبه إليه هو إن الأمطار جذبت اهتمام المواطن والسياسيين وأبعدتنا قليلا عن هموم السياسة وإرهاصاتها وتجاذباتها .
ولعل الأمطار وغزارتها قد أزالت الطين والأوساخ والحياء عن الكثير من الوجوه التي تاجرت بما سببته نتيجة سقوطها الغزير لغرض التسقيط السياسي والدعاية الانتخابية .
ولكننا لم نكن نتصور في يوم من الأيام أن تصل الوضاعة والدناءة ببعض السياسيين لإيذاء الشعب العراقي من اجل مصالحهم الحزبية الدنيئة أن يقوموا بالاعتداء على الخط الناقل لتصريف مياه الأمطار .
 حيث كشف مسؤول رفيع في أمانة بغداد عن القيام بعمل تخريبي تمثل برمي حجارة يصل وزنها من 120-150 كغم في بطن الخط الناقل لتصريف مياه الأمطار الأمر الذي أدى إلى انسداده وقيام الأمانة ببذل جهود كبيرة من اجل تفتيته وسط أجواء ممطرة وصعبة للغاية.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نصدق أي رواية تقول إن احد المواطنين رمى بذلك الحجر الكبير لأنه من المستحيل أن شخص واحد بحمل حجر بهذا الحجم ما لم يكن بمساعدة آلية ( رافعة ) أو بمساعدة عدة أشخاص وبتوصية من جهة معينة .
 
ثم هل يعقل أن يصل السقوط الأخلاقي إلى هذا المستوى من إلحاق الأذى بالمواطن؟ .
واني لاستغرب أن يتحول المطر إلى أداة للانتقام بدل أن يكون بشائر خير وبركة للوطن والمواطن .
وبالعودة إلى المطر وما سببه من فيضانات في بعض المناطق وأقول بعض المناطق الأمر الذي يدفعنا لتوجيه سؤال مهم وهو لماذا غرق هذا البعض من المناطق في حين لم يصل الفيضان إلى مناطق قريبة جدا منها إن لم اقل ملاصقة لها تماماً.
ولنأخذ مثلا واقعيا على ذلك.. لماذا غرقت منطقة الشعب ولم يغرق حي القاهرة الملاصق لها ؟
ولنأخذ الجواب من الواقع أيضا وسأتكلم عن المنطقة أو الزقاق الذي اسكن فيه .، فمنطقتنا الملاصقة لمنطقة الشعب لم تبالي بالإمطار مهما اشتدت غزارتها وتختفي آثار المطر بعد ساعة أو اقل حال انتهائها.
 ولم تصعد قطرة ماء واحدة أو تدخل بيوت المحلة رغم غزارة الأمطار وسط تعجب المناطق الملاصقة والمجاورة.
 ولمعرفة السبب فالجواب بسيط وهو إن أهل المنطقة أو الزقاق يملكون ثقافة المنهولات بشكل كبير.  
فنحن في الزقاق نهتم بالمنهولات التي أمام أبواب دورنا أكثر من اهتمامنا بغرف الضيوف الموجودة في منازلنا، ونولي تلك المنهولات اهتماما بالغا لأننا نعرف قيمتها وقت الشدة  .
 فقد اتفقنا مع بعض العاملين للقيام بتنظيفها بالشهر مرتين لقاء مبلغ 5 ألاف دينار شهريا من كل عائلة في الزقاق وهو مبلغ بسيط إذا ما قورن بحجم أهمية المنهول.
 
 وفعلا يأتي العمال لتنظيفها بصورة مستمرة ونقوم بوضع المشبكات على المنهولات لكي لا تقع فيها المواد الثقيلة وتسد المجاري، ولا يتجرأ أي فرد من أهل الزقاق برمي الدهون أو المواد الثقيلة في المنهولات لأنه يعرف حجم المصيبة والحرج الذي سيقع فيه أمام أهل الزقاق .
وقبل فترة سكن في زقاقنا جار جديد ويبدو انه لا يعرف طبيعة المحلة وأهلها بخصوص أهمية المنهولات لديهم فقام برمي أوساخ جلي (المرمر أو الكاشي ) في المنهولات الأمر الذي أدى إلى انسدادها فقامت الدنيا ولم تقعد عليه إلى أن قام باستئجار آلية تسمى ( صاروخية ) فتحت المنهولات وعلم حينها  إن ما ارتكبه كان خطأ جسيماً.
 وعند هطول الأمطار ومشاهدته لنظافة الزقاق وكيف تعمل المنهولات بصورة جيدة عبر عن شكره وتقديره لما فعله أهل الزقاق وأصبح أحسن المهتمين بها بعد أن استفاد من الدرس وهو يشاهد مناطق قريبة من مناطقنا تغرق بسبب انسداد المنهولات والمجاري نتيجة اللا مبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية .
 
ما أردنا قوله إن غرق بعض المناطق يتحمله أبنائها في بعض الأحيان فهم لا يعيرون أي أهمية لمنهولات المجاري في مناطقهم ، بل على العكس وجدنا البعض يتخذها حاوية نفايات ويرمون كل شيء فيها دون أي وازع من ضمير أو شعور بأهميتها في أوقات الشدة. 
وقد استغربت من قيام بعض المواطنين بالقيام بتظاهرات أمام أمانة بغداد دون أن يسألوا أنفسهم هل كانوا هم متعاونين مع أمانة بغداد وملتزمين بنظافة المنهولات والحفاظ عليها كما نفعل نحن.
 أم إنهم هم من جنوا بأفعالهم على أنفسهم ؟ أو إن من حرضهم على التظاهر كان لغايات سياسية  وانتخابية معروفة؟ .
نعم نحن نعترف بأن هنالك تقصير من وزارة البلديات بالدرجة الأساس والمحافظة وأمانة بغداد ، ولكن لكي نستطيع أن نحاسب هؤلاء علينا أن نقف أمام تساؤل مشروع وهو  هل التزم المواطن بالتعليمات التي أكدت أهمية الحفاظ على المنهولات،
 والتي كان يفترض أن يكون الحفاظ عليها بدافع وطني وأخلاقي قبل أن يكون بموجب تعليمات لأنه ليس من المنطق أن نحاسب الآخرين ونحن أول من يقوم بالأخطاء ويتقصدها .
وأنا هنا انصح أمانة بغداد والمحافظة والبلديات بضرورة إقامة ندوات وحملات توعية كبيرة للتأكيد على المحافظة وسلامة المنهولات لأهميتها القصوى في أزمة الأمطار وباقي الأزمات التي تكون المياه سبباً فيها، ولنسمها وبدون خجل
 ( ثقافة المنهولات) .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الدهلكي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/18



كتابة تعليق لموضوع : ثقافة المنهولات !!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net