صفحة الكاتب : نعيم ياسين

زينب ترفع راية الثورة الحسينية
نعيم ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

     مما تفردت به ثورة الامام الحسين (ع) تلك المساحة الواسعة التي استاثرت بها المراة في خضم الاحداث , وكان هذا الدور مما اراده الامام وصمم على تنفيذه يوم اصر على اصطحاب اسرته من النساء وفي مقدمتهن العقيلة زينب من اجل ان تاخذ الثورة صدى اكبر في اذن التاريخ ومساحة اوسع في مناكب الارض , وليس لهذا الدور غير زينب لما انفردت به من خصائص , فهي من بنات النبي (ص) احتضنها وغمرها بانفاسه المقدسة , وهي ابنة امير المؤمنين وفاطمة , الابوين اللذين اذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا , وهي اخت الحسنين الامامين قاما او قعدا , وبهذه الاجواء الاسرية نمت وترعرعت الخصال الفريدة لعقيلة الطالبيين بمستوى لم يتوفر لاية امراة في تاريخ الاسلام سوى لامها الزهراء (ع) , فراى الامام الحسين ان ثورته ولتاخذ امتدادها في الزمان والمكان لابد لها ان تضم زينبا الى طليعتها القيادية , وهذا مالم يدركه ناصحو الحسين مثل ابن عباس وغيره بطلبهم من الحسين ان لايصطحب اسرته ان هو عازم على الخروج الى العراق . 

     لم يحدثنا تاريخ الثورة الحسينية بان زينبا كلمت احدا من المعسكر المعادي او خطبت في انصار الحسين مادام الامام لم يستشهد بعد , بل كانت ترقب وتسمع ما يقوم به ابو عبد الله وهو امامها المعصوم , لكنها تشير عليه وتحاوره في بعض الاحيان وهو يسمع لها لانه يعرف من هي زينب وما مقامها في بيت النبوة ومن تلك المشاورات بينه وبين اخته , قضية امتحان اخلاص اصحابه له , وقضية كيفية قيادة الثورة بعد استشهاده , وطمأنينته لها بانهم لن يصابوا بمكروه اكبر وافجع من يوم العاشر , فكل ما كان يدور بين الامام القائد واخته هو التخطيط لادامة الثورة , وليس ما بالغ به بعض خطباء المنبر كثيرا من انه نواح وبكاء وجزع وقنوط , وكأن الحسين اصطحب زينبا بكل ثقلها لكي يكون دورها هذا الجزع المفرط كما صوروه والذي ينسيها رسالتها ودورها . 

    لقد بدات الصفحة الزينبية من ثورة الامام الحسين (ع) منذ زوال يوم العاشر من المحرم اذ سقط الامام السبط شهيدا على صعيد كربلاء فانبرت العقيلة الى جمع عيال الحسين اطفالا ونساء , تسكن من روعهم , وتشغل الفراغ الذي تركه الحسين ابا رحيما لهذه الاسرة المقدسة وقائدا للثورة حتى انها دعت السجاد (ع) الى التماسك والصبر قائلة له : ان الله سيقيض اناسا اخذ ميثاقهم يقيمون لابيك علما يبقى على كرور الليالي والايام , وفي هذا الساعات المثقله بالهموم توجهت في جنح الليل الى الجسد الصريع ذرفت شيئا من دمعها بعيدا عن عيون الشامتين ورفعته قليلا الى السماء وهي تقول : اللهم تقبل منا هذا القربان . واصلت زينب ثورتها فدخل الركب الحسيني الكوفة وهنا انفجرت العقيلة بركانا من الرفض تعنف اهل الكوفة وتنذرهم بايام سود ومصير اسود وكانها ليست المراة التي لم تخطب بجملة واحدة في ظل وجود الامام الحسين (ع) , استقبلت اهل الكوفة : 

" يا اهل الكوفة يا اهل الختل والغدر , الا فلا رقأت العبرة ولا هدات الزفرة , هل فيكم الا الصلف , فابكوا فانكم احرى بالبكاء فقد بليتم بعارها وشنارها , ويلكم اتدرون اي كبد لرسول الله فريتم , واي عهد نكئتم , واي كريمة له ابرزتم , واي حرمة له هتكتم , واي دم له سفكتم ... " هكذا ربطت زينب كل ما جرى في كربلاء بانه جريمة وقعت بحق رسول الله نفسه , وان المتخاذلين عن نصرة الحسين لن يمحوا عارهم مال قليل نالوه على خذلانهم الحسين , وتمضي العقيلة لتضع مستقبل الكوفة امام اهلها فتواصل خطبتها : " فلا يستخفنكم المهل , فانه عز وجل لا يحقره البدار ولا يخشى عليه فوت الثار , كلا ان ربك لبالمرصاد " , وتحققت رؤية زينب فقد ابتليت الكوفة بانواع الشرور على يد ولاة طغاة من امثال الحجاج وابن الزبير . 

      وتواجه الثائرة اخت سيد الثوار عبيد الله بن زياد في مجلسه في القصر بعد ان خاطبها قائلا : " الحمد لله الذي قتلكم وفضحكم واكذب احدوثتكم " فيرى ابن زياد ان القتل شماتة ونقمة , ويرى في نهضة الحسين واهدافه بدعة في الدين , فردته زينب بكل شجاعة لتطرح مباديء الحسين في قصر الحاكم نفسه : 

" الحمد لله الذي اكرمنا بنبيه محمد وطهرنا من الرجس تطهيرا , انما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا " وحاول ابن زياد ان يداري هزيمته امام البطلة الثائرة فقال : " كيف رايت صنع الله باخيك ؟ " قالت :" كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم , فانظر لمن يكون الفلج , هبلتك امك يا ابن مرجانة " . هذه هي صفحة الكوفة من الثورة الحسينية بقيادة زينب (ع) تلتها صفحتا الشام والمدينة , وبهذه القيادة النسوية توسع مسرح الثورة وميدانها ليتجاوز كربلاء , فيضم الى جانب كربلاء الكوفة والشام والمدينة وهو ما خطط له الامام الحسين (ع) , وهو ما لم يدركه الناصحون له بعدم اصطحاب عائلته , وقد اعرضت عن تناول صفحة الشام والمدينة خشية الاطالة لكن لابد من الاشارة الى ان الحسين (ع) رفع - كما هو الاسلام - من شأن المراة فحملها المسؤولية بعد ان اعدها اعدادا حقيقيا لدورها فاخرجها من ظل نظرة المجتمع لها بانها العنصر الضعيف الذي تلزم مداراته , او انها خلقت للاستمتاع بجمالها وانوثتها ورقة حديثها , اخرجها الى حيث وضعها القران الكريم في موقعها الصحيح الموازي للرجل والمكافيء له بقوله تعالى " والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات .... " . 

ولله در الباحثة الدكتورة بنت الشاطيء وهي تقيم الدور الزينبي في كتابها  ( السيدة زينب ) اذ تقول : " اجل هي زينب التي جعلت من مصرع اخيها الشهيد ماساة خالدة وصيرت من يوم مقتله ماتما سنويا للاحزان والالام , وكذلك كانت زينب عقيلة بني هاشم في تاريخ الاسلام وتاريخ الانسانية , بطلة استطاعت ان تثأر لاخيها الشهيد العظيم , وان تسلط معاول الهدم على دولة بني امية , وان تغير مجرى التاريخ " . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نعيم ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/15



كتابة تعليق لموضوع : زينب ترفع راية الثورة الحسينية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net