صفحة الكاتب : ا . د . حسين حامد

ألمالكي ... والانتخابات القادمة ... والاماني التي قد لا تتحقق...
ا . د . حسين حامد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في واحدة من حقب النضال البطولي للشعب السوفياتي في ترسيخ العقيدة الماركسية اللينينية في الاتحاد السوفياتي والعالم، وتسابق الرفاق في قيادة الحزب في اثبات التفاني من اجل العقيدة الوطنية وترسيخ المبادئ ، بقي الرفيق (بولكانيين) عضوا في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب لفترة طويلة جدا على الرغم من التبدلات والاحداث والوجوه والشخصيات السياسية في قيادات الحزب التي كانت تتغير وتتبدل باستمرار أوالتي كان يطاح بها ليحل غيرها وهو نهج طبيعي وصحي ، لكن الرفيق بولكانيين ظل في موقعه ذاك. وفي احد الايام سأله صحافي عن سبب بقائه الطويل في قمة القيادة ، فاجابه مبتسما :
- كنت حينما يتكلم الرفاق ...أصغي جيدا.... 
فيا لسلبيتك يا رفيق بولكانين ، ويا لضعفك وهوانك وعجزك عن المواجهات من اجل قضيتك التي هي، وبلا شك ، أقدس قضية يتحملها الوطنيون الذين يبحثون عن شرف الانتماء لاوطانهم من اجل بناء مجتمع الحريات والمساوات والتعددية.     
باعتقادنا ان القائد السياسي ومع ما يمتلكه من مواهب وقدرات ومؤهلات ذاتية ، يبقى امتلاكه للقدرة على قول (لا) لخصومه السياسيين والوقوف في وجوههم من اجل صالح بلده، من اعظم تلك الخصائص ، وخصوصا تحت ظروف كالتي كانت لها نتائج مدمرة على حياة شعبنا، ولكن استغلها خصوم السيد المالكي ففازوا بما يطمحون اليه على حساب بقائه في موقعه الحكومي.  فمسيرة العشرة سنين الماضية أثبتت ان هذه أل(لا) لم يتم استخدامها وكما يجب ، وبالشكل المطلوب وبما يتناسب مع متطلبات المرحلة من الحزم والجسارة للفوز بحقوق شعبنا مع من يريدون بالعراق شرا، فكانت أقل بكثير مما كان متوقعا من قائد سياسي كالمالكي، ودللت احداث الثماني سنوات ، ان هذه ال(لا) بقيت لا يتم استحظارها الا في رحاب المصلحة الشخصية وليس ضد التنازلات والتسويات .
والعشر سنوات الماضية كانت بحد ذاتها زمنا طويلا واكثر من كافية لمن يريد ان يقدم شيئا هاما ومتميزا من اجل شعبه ، ولكن السيد المالكي وللاسف لم يفعل ذلك الشيئ بشكل عام على الرغم من اعترافنا انه واجه مقاومة شديدة من قبل الكتل السياسية . ومع ذلك ايضا يبقى اعتقادنا راسخا ،أن الرجل كانت له ، ولا تزال ، نزعة على الاستئثار والبقاء في الحكم ، وهذا عكس ما كان خصومه يشيعونه عنه كدكتاتور ، فالدكتاتور قد لا يعرف ولا يحتفي سوى بكلمة (لا) . وشعبنا لا يعذره على ذلك ، لاننا ندرك ، انه لو كان قد استغل مواهبه في الوقوف بوجه خصومه السياسيين وبشكل جريئ ، مثلما استغل تلك المواهب في تبني جوانب السياسة الخارجية للعراق ، مع ما نعتقده من اهمية هذه السياسة ، أوأنه قد تعامل مع الواقع بما تمليه عليه مسؤولياته ازاء شعب يذبح كل يوم ، وبدون حسابات للربح والخسارة وانتقاء المنجزات التي يمكن أن تحتسب له على المستوى الشخصي ، أوفي اعتقاده ان بقائه كرئيس وزراء سيمكنه يوما من تعويض شعبنا بما منعه عنهم ، بسبب شعوره الخاطئ ان الشعب معه أو سيبقى معه مهما كانت مواقفه لا تتسم بالسلبية ضد خصومه ، أوقام بفضح الفساد والارهابيين في البرلمان وبادر منذ زمن (وكما يفعل الان) لشراء الاسلحة من العالم ومن مصادر للتسليح الفوري ( مصادر لايهمها سوى البيع ) لحماية شعبنا من الارهاب ، لما استطاع احد من هؤلاء الاخساء ان يزيحه عن موقعه أبدا. ولوجدنا أن شعبنا سينتفض من اجله ويحميه ويجعل منه قدوة فذة في خدمة العراق . 
فشعبنا لا ينسى كم كان يأمل أن يكون تركيز السيد رئيس الحكومة منصبا بشكل فعال على قضايا الخدمات وحقوق الشعب ومشاكل الفقراء ، مثل تركيزه على مشاكل العرب والذين كانوا الى وقت قريب من اقذر واحقر من وقف ضد النظام الجديد وبدون استثناء ، وكانوا وراء كل ما يعيشه شعبنا اليوم من مشاكل مستعصية. أما اعتقاد السيد رئيس الحكومة في تركيزه على السياسة الخارجية ، كنوع من البدايات الضرورية نحو علاقات جديدة مع البلدان العربية ، لاستدرار تعاطفهم مع العراق، هو الاخركان  اعتقادا خاطئا دفع ثمنه شعبنا ايضا. فالتركيز الاساسي والرئيسي يجب ان يكون من اجل شعبنا وخصوصا تحت ظروف الارهاب والفساد وتشتت قوى الشعب وضياع امالهم في حياة كريمة . كما وينسى المالكي أيضا، ان المقبور صدام كان قد وهب للعرب ، وعلى حساب حياة شعبنا وكرامته ، مالم يهبه حاتم الطائي من قبله ، ولكن ، ومع ذلك لم يستطع احد من هؤلاء الرؤساء العرب ان ينطق حتى بكلمة للترحم عليه. 
فعندما كنا سابقا نكتب في دعم السيد المالكي ، كان اعتقادنا اننا نحاول المساهمة للفت انتباه رجل وطني ونزيه نحو امور في غاية الاهمية ، كان بامكانه تلافيها، من بينها مثلا، انتفاء الحكمة في سكوته الطويل المضجرعما يجري من فساد وتحديات للحكومة وما يتقوله الشعب عن تفكك اواصر الحكومة المنتخبة . وعن عدم مبادرته لمنح حقوق شعبنا والتي كان بالامكان تحقيقها وبدون الانتظار حتى تخرج الجماهير تطالب بها مما يخلق ازمات سياسية وزيادة في تعطيل الحياة. كذلك كان تستر السيد المالكي على اسماء الارهابيين من نواب البرلمان قد أخل كثيرا بمصداقيته وتم تفسيرها كنوع من انتظاره لفرصة لتبادل التسويات مع من كانوا قد اثبتوا لا أخلاقياتهم في هذا المنحى مع شعبنا من خلال عنصريتهم . 
وكانت كتاباتنا أيضا تهدف الى لفت انتباه السيد رئيس الوزراء من اجل استغلال عائدات النفط في شراء أجهزة ووسائل امنية من اجل حماية شعبنا. لكن المشكلة الرئيسية مع الرجل ، وكما يبدوا ، انه لا يثق بأحد ممن يعملون معه حتى مستشاريه. فكانت تلك المشاكل أحد اسباب فشله السياسي من خلال اثارة النقمة ضد نفسه من قبل شعب يعيش تحت ارهاب رعب الموت في اي لحظة، ويرى ان قواتنا العسكرية البطل لا تزال تحتاج جدا الى توفر مثل تلك الاسلحة الحديثة ، مع تضحياتها البطولية التي لا تزال تقدمها بكرم عظيم سوية مع ما يقدمه شعبنا من ذلك الكرم ايضا. ذلك لان المالكي كان قد جاء بكل هؤلاء ممن حوله ( المستشارين ونائب رئيس الوزراء البعثي) ، و لكن أزمة الثقة معهم لم تنتهي ، وظلت كما هي ان لم تكن قد تفاقمت. وبقيت قضية عدم إئتمانهم في توقيع عقود الشراء وبما يمكن ان يحمي به شعبنا والاجهزة الامنية ، بقيت مشكلة كبيرة على حساب ما يمكن ان يصبح تسابقا مع الزمن لوقف النزيف العراقي. حيث اثبت بعض مستشاريه لاحقا ، ومن خلال صفقة الاسلحة الروسية ما كان يخشاه المالكي من هؤلاء، ولكن ألم يكن بامكان السيد رئيس الحكومة المبادرة في تغييرهم ، وهو يعلم جيدا ، أن عراقنا لا يزال فيه الكثير جدا من الشرفاء الوطنيين ؟!        
كما وكان أيضا من بين المشاكل التي خلقها السيد رئيس الحكومة لنفسه ،  أنه في الوقت الذي يدرك فيه جيدا مقدارحساسية شعبنا من مبادرات الرؤساء العراقيين او العرب في محاولاتهم جعل ابنائهم يتصدروا المشهد السياسي من اجل اعدادهم كوارثين لعروشهم ، كصدام مع قصي وحسني مبارك مع ولده جمال وحافظ اسد لولده بشاروالقذافي لسيف الاسلام ، وكان يدرك أيضا مقدار سخط ونقمة شعبنا على هؤلاء الرؤساء وعلى أولادهم نتيجة استهتارهم ولا اخلاقياتهم التي كانت بلا حدود رغم انف تلك الشعوب ، نجد أن المالكي نفسه يحاول فعل الشيئ نفسه ؟؟؟!!، يحاول في جعل ولده السيد "احمد" ربما ليتصدر المشهد السياسي للمستقبل من بعده، من خلال تعيينه كمديرعام في ديوان هيئة رئاسة الوزراء ، او محاولة اضفاء على ولده نوعا من البطولة ، جاعلا من هذا الشاب ضحية لتندر العراقيين عليهما معا. فضلا ، من أن محاولة كهذه ، من شأنها ان تعطي الانطباع ان السيد المالكي لن يتخلى عن رئاسة الوزراء (ويريد يكتبها ملك صرف) ، وهي من النوايا المرفوضة حتى وان كانت مجرد امنية لاي احد يتمناها. فدستور النظام الديمقراطي لا يسمح في ذلك ويؤكد على مبدأ التداول السلمي للسلطة .   
وباعتقادنا أن الاربع سنوات القادمة ، غير ممكنة لجعل شعبنا قادر على تحمل وزراستمرار الارهاب والموت اليومي والتسويات المذلة ، من خلال افتراضنا ، ان الكثيرين من شعبنا لا يمتلكون التفاؤل الكافي ولا الثقة الكافية فيما ينتظرهم من النتائج القادمة للانتخابات.  بل وغير مستعدون لاستمرار تلقي تدميرا اكثر لحياة لم يفهموا حتى حلاوة معانيها بعد وبما لحق بشعبنا الى الان. فاعداء المالكي كثر ، والارهاب لا يزال قادرا على الحاق الموت بشعبنا اين ما تواجد ومتى ما شاء، فضلا من أن الكثير من حقوق شعبنا لا تزال مضيعة وان استحقاقات تلك الحقوق لا تزال تخضع لعوامل سياسية وحتى للعلاقات الشخصية وهذا يتنافى  مع مبادئ الدستور والاخلاق السياسية. كما ولا يزال الكثير من أطفالنا الايتام يجوسون الطرقات ويشحذون وينامون جياعا في العراء، وتستغلهم المافيات العراقية استغلالا بشعا في بيعهم كما تباع المواشي في علوة المدينة ، ناهيك عن أحوال الارامل والمعاقين وجرحى الحروب والتفجيرات ، وجيوش الفقراء تبحث لنفسها عن مأوى أمن وترنوا لمن يستطيع ان ينقذها من حياة مزرية .ولو كان السيد المالكي يمتلك بعضا من المعجزات لما ظلت تسيطر على ذهنه تلك ال (لا) اللعينة ، ولاصطرعت معها تلك المعجزات حتى الموت وربما لانتصرت عليها منذ زمن بعيد. 
والانكى من كل ذلك ، ان السيد المالكي لا يتقبل النصح ويتحسس جدا من الانتقاد، وهذا جانبا يسجل على مزايا ضعفه مضافا الى عدم قدرته على المواجهة مع خصومه السياسيين وخصوصا الاكراد الذي يعتبرهم شعبنا المشكلة الرئيسية التي كان المالكي نفسه سببا في استإسادهم على شعبنا وبهذه الصلافة والوقاحة . ولو اننا قدر لنا أن نسأل السيد المالكي عن عدد المرات التي زار بها ، وبصفته كرئيس الحكومة ، لملاجئ الايتام او معاهد المعوقين او لمستشفات يرقد فيها جرحى الارهاب أومن يواجهه في مقارنة بسيطة مع المرات التي زار بها مضايف العشائر العراقية او المرات التي زاروه هم فيها ، لادركنا مقدار ما يمتلكه الرجل ، من رغبة دعائية حول نفسه. 
كما وأن الموقف العدواني الذي تتهئ له الكتل الشيعية في التحالف الوطني (التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي وغيرهم ممن قاموا بحد سكاكينهم منذ الان) وهيأوها ضد ترشيح المالكي لنفسه لولاية ثالثة، علما لا احد يستطيع التنبأ بمستقبل هذه الكتل نفسها. 
والجزء الثاني من المقال ان شاء الله تعالى، سيتناول من نعتقدهم خير من يستطيع تكملة مسيرة المالكي في الترشيح لرئاسة الوزراء في الانتخابات القريبة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ا . د . حسين حامد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/31



كتابة تعليق لموضوع : ألمالكي ... والانتخابات القادمة ... والاماني التي قد لا تتحقق...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net