صفحة الكاتب : حمزة علي البدري

نفوسٌ للبيع في سوق الهرج ..!!
حمزة علي البدري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن مجتمعنا طافح ومليء بنماذج متنوعة , وبنوعيات متناقضة , وان من منسوب الرداءة في تصاعد متزايد , فالمصلحة والنفعية الذاتية وحب الأنا والأثرة والتفاني في الحصول على الدينار والدولار وباخس الطرق الملتوية والقذرة وتزايد المطامح والمطامع الشريرة أضحت سمة واضحة في المجتمع , فالصداقات والعلاقات القائمة تفتقر إلى المصداقية ,  ومبنية على النفعية والمصلحية , وقد ساد الرياء المفضوح , والنفاق السمج واخذ البعض يردد بسماجة ( ولا تتدين بغير الرياء وغير النفاق فلا تعبد ) فقد أضحى هذا الشعار القذر تلتزمه الكثرة الكاثرة من عبيد المال , هذا الشيطان الذي خلق زوابع وعواصف مشحونة بالأنانية والتكالب والتغالب والانتفاع الباطل , والايقاع القاتل .. كعشق الدولار والدينار والتفاني بالحصول عليه وباخس الوسائل وأقذر الطرق ,  أضحى في رأس جدول أعمال المتهالكين واللاهثين وراء المال الحرام .. إن الأغلبية الغالبة في المجتمع وعلى أعلى المستويات أضحت المادة عندهم هي المنى والأسمى من كل الاعتبارات الأخرى , وان دهاقنة التصيد للمال المختصب يرددون بوقاحة

 للمال    رائحة     أذا   ما شمها                          انف الحريص على حذائك يرتمي
  فدع    الخطابة والكتابة والنهى                          إن    المغفل    للمعارف    ينتمي
وأعصر دماغك في ابتكار طريقة                           فيها   يهون عليك  صيد الدرهم

هكذا أصبح طموح المتهالكين على المال وهكذا أضحى المال القياس والمقياس للناس , وقد صدق من قال :
أرى الناس قد مال إلى من عنده مال                           ومن لا عنده مال فعنه الناس قد مال

فلهذا نجد أن رموزا وأرقاما ضخمة ومناصبا رفيعة قد تساقطت في مستنقع الطمع لأنها لا ولم تقتنع بما عندها ولا تتورع عن الانغماس في مستنقع الرشوة والتزوير والعمالة من اجل تخمة جيوبهم , فهذه العناصر الموغلة في التعلق بالمغريات وبيع الضمائر في سوق النخاسين وامتهان أردأ الموبقات وأخس الصفات في سبيل الاكتناز الذي لا تحده حدود ولا تقف أمامه سدود متناسين غضب وحساب الله في الدنيا والآخرة ومتجاهلين احتقار واستهجان المجتمع بهم ,  فهذه الزمر المقيتة والشراذم الضالة عندها المال أعلى وأغلى واعز من الدين والشرف والمروءة , وأصبحوا في شغل شاغل عن قضايا الوطن المركزية , وعن طلبات المواطنين الأساسية .. فالوطن يئن تحت كوابيس الواقع المتخم بالرزايا والمنايا ,  والمجتمع غارق بطوفان هائل من التناقضات الحادة والصراعات الجادة والتوقعات الضارة والمزايدات المستعرة والشكوك الملتهبة والطعون المتبادلة بين السياسيين لأغراض لا تمت للوطن وازناته بصلة ,  بل تعكس التناحر على مصالحهم ومآربهم الخاصة التي فهمها الغبي والعبقري والأصيل والدخيل ,  وان مما يزيد الطين بله والقلب علة وعلاوة على مزعجات السياسيين وأوجاع السياسة وزيادة على ترادف الأزمات والاحباطات نجد أن ظواهرا مدانة  وسلوكيات شاذة وممارسات منحرفة قد تزايدت وطغت واستشرت بصورة ملفة للنظر ,  ألا وهي استغلال الدين المحمدي الحنيف استغلالا بشعا لدرجة شوهت جوهره ورسالته , وقد خرق المغرضون تعاليم الدين المقدسة , وانتهكوا حرمته السامية المتسامية , وتبرقعوا وتدثروا بجلبابه المقدس ومسخوا قدسيته الخالدة المخلدة , ونصبوا من أنفسهم حماة ورعاة لتغطية أفعالهم البعيدة كل البعد عن مضامينه المشرقة وأهدافه الربانية السمحاء ,  التي تضخ عبير النقاء والاخاء والوفاء وتؤكد على اسمى معاني الإيثار والصدق والولاء .
فالدين ياسادتي هذا المنقذ والمخلص والذي حملته الرسل والأنبياء والأئمة المعصومين والعلماء الربانين لم يستغلوه لمآربهم الذاتية , ولم يتخذوا منه غطاء لتغطية الفضائح والمفاسد والقبائح والمصالح ,  إنما اتخذوه غاية ووسيلة وصيانة وحصانة من كل الشوائب والأدران .. فلماذا هذا الالتصاق بالدين زورا وبهتانا وتعلمون جيدا أن هذا التنزيل الرباني يمج ويرفض ويحاسب ويعاقب كل الأدعياء والمنافقين والدجالين والمستغلين وكل الذين يسترون عيوبهم القبيحة وعوراتهم المفضوحة .. فالدين يا من تتمشدقون باسمة ارفع وأعلى من ادعاءاتكم الكاذبة وممارساتكم المطعونة والملعونة من الله ومن كل المؤمنين والمتدينين النجباء الاصلاء الشرفاء ,  الذين يلتزمون بالدين عبادة صادقة وممارسة نقية وسلوكا نظيفا ومنطقا سليما وترفعا عن كل الدنايا والخطايا والموبقات فغاية الدين خلق مجتمع راق متجذر بواحة الأخلاق العالية وملتزم بعروة الإيمان السامية ومؤدي ومحقق لكل الفروض والأفكار والالتزامات الدينية والتي هي خشبة الخلاص من التردي والتخبط في متاهات الضياع الأخلاقي والتردي السياسي والانحراف الاجتماعي .
إن معظم السياسيين المغرضين يوظفون الدين الحنيف لغاياتهم ومراميهم الدنيوية متناسين ومتجاهلين عقوبة الله والضمير والمجتمع والتاريخ  .
إن الحاكم الإسلامي والمتدين الحقيقي الذي يخشى الله هو الذي يحكم بما انزل الله في كتابه الكريم وبعدة آيات , ومن لا يحكم بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون وفي آية أخرى المنافقون وأخرى الكافرون , فالحاكم الإسلامي المتدين في دولة عربية مسلمة عليه مسؤولية مضاعفة وحتمية بالتقيد بتعاليم الله  المبثوثة في كتابة المقدس ألا وهو ( القران المجيد ) .. ومن يعاكس ويشاكس ويعاند ويركب رأس النزو والحماقة والغباء فان مقره جهنم وبئس المصير ولله در الشاعر المرحوم  المخلد الجواهري عندما قال :
تحكم باسم الدين كل مذمم 
ومرتكب حفة به الشبهات وما الدين ألا آلة يشهرونها
   إلى غرض يقضونه أو أداة وان كل منا يحمل دينا ومعتقدا مقتنعا به , وان المهم ليس حمل الدين بل تأدية واجباته وطقوسه بصدق وأمانة ,  والدين كل الناس تعرف حملة والفرق كل الفرق عند أدائه ,  فيجب أن نؤدي الدين بالصيغة التي أوجبها الباري ونعبده سبحانه وتعالى كما يريد هو لا كما نريد نحن .. وننأى عن البهتان والخذلان وعن اللف والدوران ونربا بانفسنا عن مهادنة الظلم وقوى الظلام ومسايرة الاقزام  , وان لا نغرق بالأكاذيب والأوهام ,  والدين لله ولكل الأنام  , وليس لعائلة أو حزب أو دولة أو طائفة أو مذهب .... والخزي والعار والنار لكل رواد الإجرام .
إن هذه النفوس النتنة التي تستخدم آلة الدين للدنيا , والضمائر الأسنة والشخوص الغاطسة في وحل الرداءة والأنانية والموبقات لو أنها عرضت للبيع في سوق الهرج فهل يشتريها احد ولو بحفنة رماد .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حمزة علي البدري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/05



كتابة تعليق لموضوع : نفوسٌ للبيع في سوق الهرج ..!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net