صفحة الكاتب : كفاح محمود كريم

بين ملك الملوك والقائد الضرورة
كفاح محمود كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يحتار المرء بين نموذجين غريبين من الزعماء الذين حكموا وما زالوا يحكمون بلدان الشرق الأوسط منذ عشرات السنين وهم يرفعون شعارات ابعد ما تكون عما يفعلونه في حياتهم وفي تطبيقات حكمهم وما يحدث في نهاياتهم وهم يتساقطون كأوراق الخريف المصفرة الذابلة! 

 
ودعونا نقارن قليلا بين اثنين من هؤلاء الزعماء الذين اندسوا في غفلة من الزمن الى أعلى قمة الهرم في حكم البلاد، الأول عقيد ليبيا الذي حمل على كاهله القابا واسماءً مثيرة تارة ومضحكة تارة اخرى، وأكثرها إثارة ملك الملوك في افريقيا واسيا وهو يفترض ان يقود كما يقول عن نفسه جماهيرية عظمى هي الأحدث نظاما في الدنيا!؟ 
 
وفي المقابل وعلى أديم اعرق الحضارات يمنح الدكتاتور العراقي صدام حسين نفسه اسماءً والقابا اقل ما يقال عنها انها كانت محل تندر وسخرية جميع الناس بمن فيهم المقربين منه، وهي القائد الضرورة وبطل التحرير القومي ونعمة السماء على الأرض، حتى تجاوزت أسمائه وألقابه الأسماء الحسنى للخالق تعالى وظهرت في الأسواق مطبوعات ملونة تضم أسماء صدام حسين التي تجاوزت المائة!؟ 
 
رفع الاثنان شعارات قومية مثيرة جدا ولعل في مقدمة تلك الشعارات كانت الوحدة العربية التي تدحرج الاثنان معها تارة مع سوريا التي ابتلعت ما يقرب من نصف قيادة الدكتاتور وحزبه واتت تماما على ابسط أنواع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا حيث وضعت الى جانب اسرائيل في التعامل معها، والثاني في ليبيا طلق الأمة العربية ومن فيها من شعوب ورؤساء ليرتحل الى مجاهل افريقيا وما فيها من انسان وحيوان!؟ 
 
كان الاول وفي بلاد عُرفت بالدشداشة العربية او السروال الكردي وغطاءيهما العقال او غطاء الرأس الكردي المعروف، يخرج على شعبه بأزياء هوليودية مثيرة للضحك والسخرية، تارة بشفقة الكاوبوي وربطته وتارة اخرى بأزياء الأسبان او البرتغاليين القدماء، وحدث ولا حرج عن اولاده وخصوصا ابنه البكر!؟ 
 
اما الثاني ابن الخيمة والصحراء فقد احتارت شعوب الارض ودور التراث والازياء بما كان يرتدي من ملابس وأمتار طويلة من الأقمشة التي تتدلى من على كتفيه وهو يتصنع ويمثل دورا لا يليق برئيس دولة، بل بممثل كومبارس في حفلة تنكرية او مقطع تهريجي!؟ 
 
ومن جهة اخرى حينما يتناولان المايكروفون والشاشة فكأنهما توأمان فكريان في أطروحاتهما الخيالية والبائسة وشعاراتهما الرنانة والجوفاء التي دمرت شعبين لو كان غيرهما قد تولى أمرهما لكان حالهما اليوم غير ما نراه ونشهده، وبينما كان شعبيهما يتقهقر الى الوراء انغمس الرئيسان في نظريات وافكار لتطوير الاشتراكية والرأسمالية والسلوك الاجتماعي والاقتصادي وأشكال جديدة مفصلة على مزاجيهما للدول والأنظمة. 
 
فبينما أعلن صدام حسين ذات سنة انه فكر لثمان سنوات حتى اكتشف انه ليس هناك طبقة عمالية وبذلك ألغى وظيفة عامل وفراش وحارس وجابي ومراسل ورزام وحولهم جميعا الى موظفين حالهم حال أي موظف آخر في الدولة، كان الآخر على سواحل المتوسط الشمالية قد الغى كل مؤسسات الدولة وعناوينها واستبدلها باللجان الشعبية، وهي مجاميع من مؤيديه ومريديه الذين ينعمون بنعائمه ورضاه، وهذه اللجان لها فعل وصلاحيات مجلس قيادة الثورة في العراق!؟ 
 
الاثنان مهوسان بالقيادة وإنقاذ الأمم والشعوب فالأول القذافي بعد ان قرر ان الامة العربية لم تعد بمستوى طموحه وأفكاره ارتحل الى افريقيا بملياراته لكي يؤسس الاتحاد الافريقي ويكون إمبراطوره، وها نحن نشهد ماذا يفعل هذا الاتحاد الكارتوني في أيام القذافي العصيبة!؟ 
 
وفي بغداد جمع صدام حسين بعد توقف حربه مع ايران كل من مصر والاردن واليمن في محاولة تأسيس اتحاد عربي يواجه الاتحاد الخليجي ونصب نفسه ايضا امبراطورا عليه حتى بانت الأسباب الموجبة وانكشفت عورات النوايا فتخلت مصر عنه وتفكك الاتحاد!؟ 
 
أما حروبهما فحدث ولا حرج، الأول يريد أن يجتاح العالم ويؤسس جماهيرياته التي عرفت بأطول تعريف او اسم في العالم، فاندفع الى كل الاتجاهات من اوربا وتحديدا الجيش السري الايرلندي في المملكة المتحدة حتى عصابات المافيا في ايطاليا والمخدرات وتجار الأسلحة في امريكا اللاتينية الى حروبه مع تشاد وتورطه في حملات اسلمة افريقيا، التي امتصت معظم واردات البلاد وأبقت ليبيا على ما شاهدناه منذ اندلاع الثورة هناك ومشاهد مدنها وقراها البائسة وهي صاحبة اعلى تصديرات في البترول قياسا بعدد سكانها البالغ قرابة الخمسة ملايين!؟ 
 
والثاني نزع ملابسه المدنية وارتدى زيا عسكريا يحمل اعلى رتبة عسكرية وهي المهيب الركن وهو لم يخدم ساعة واحدة في الجيش بل ان كثير من التسريبات قالت انه كان هاربا او متخلفا عن الخدمة الإلزامية في حينها، وقد قاد حروبا داخلية وخارجية أتت على ما يقرب مليون قتيل ومعاق، وتدمير كلي للبنية التحتية والمشاريع الصناعية والزراعية في البلاد، مقابل ان يحصل هو على القاب بطل التحرير القومي، وبطل السلام والحرب، وقائد قادسية صدام وما الى ذلك من هذه التسميات!؟ 
 
القائمة تطول كثيرا لو استرسلنا في هذه المقارنة، ولكن الأكثر إثارة هو هذا التطابق الكبير في النهايات ايضا وفي سيناريوهات معالجة الثورة او الانتفاضة، فما يحصل الآن في ليبيا يذكرنا يوما بيوم بما كان يحصل هنا في العراق ابان انتفاضة شعبان والربيع 1991م، حينما انفرد الدكتاتور وعصاباته بالشعب بعد هزيمته في الكويت وما حصل من مجازر وإبادة جماعية للسكان!؟ 
 
ما يخشى فعلا أن يستمر هذا التطابق ويتم إمهال العقيد سنوات أخرى محاصرا في عاصمته ومقيدا بقيود البند السابع ومطلق اليدين على شعبه كما حصل هنا لأكثر من عشر سنوات عجاف!؟ 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كفاح محمود كريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/05



كتابة تعليق لموضوع : بين ملك الملوك والقائد الضرورة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net