صفحة الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني

تغييب الحقيقة وحقيقة التغييب
رائد عبد الحسين السوداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من الحالات التي ينفرد العراق ويتفرد بها في عالم أضحت المعلومة مهما عظمت أو صغرت معروفة لدى الجميع بفعل تطور تقنيات الاتصال وانتشار الفضائيات وغير ذلك من الأمور التواصلية هي قضية مرض الرئيس العراقي جلال الطالباني وعدم الإفصاح عن تطورات وضعه الصحي على الرغم من إن غيابه تعدى الستة أشهر أو السبعة ولا يعرف أيضا مكان وجوده وفي أي مستشفى ،وهذا الجهل يشمل كل مفاصل الحكومة العراقية ،بما فيهم رئيس الوزراء ،ورئيس مجلس النواب ،ونائب الرئيس ،وكذلك يشمل حكومة الإقليم برئاسته وأحزابه وقواه والأهم قادة حزب الطالباني نفسه ،الاتحاد الوطني الكردستاني ،فقد رفضت زوجة الطالباني (هيرو أحمد إبراهيم ) طلب كوسرت رسول والقيادي برهم صالح لزيارة المستفى التي يرقد فيها الرئيس وانحسرت المعلومات فقط بشخص محافظ كركوك الدكتور نجم الدين كريم ففضلا عن إنه طبيب ومحافظا لكركوك يعد من القياديين البارزين في حزب طالباني وهو شخص دخل في أزمات وتحديات مع الحكومة الاتحادية ورئيسها.أما كيف غيبت الحقيقة عن هذه القوى السياسية الحاكمة في العراق ومن المفترض إن حالة الرئيس الصحية في حالة المرض أو في حالة امتلاكه لصحته الكاملة يجب أن تكون من قضايا الأمن القومي لاسيما إن انتكاسته حدثت وهو يمارس مهامه في داخل البلاد ودخل مستشفى مدينة الطب ببغداد وأثناء رقوده في بغداد حضر فريق طبي إيراني وآخر ألماني وقد قرر الأطباء مع فريق الأطباء العراقي في مدينة الطب ضرورة نقله إلى ألمانيا،ومنذ وصوله إلى هناك انقطعت الأخبار عنه  إلا ما ينشره محافظ كركوك ،فياترى من فاوض واتصل بالجانب الألماني لترتيب إجراءات النقل ،ومن ينفق على رقود الرئيس ومرافقيه طيله هذه الأشهر ومادور السفارة هناك ،وإلى أية جهة تزود التقارير الطبية ،فإذا كان يعد رئيسا حاليا أو سابقا يجب أن تزود للحكومة العراقية ،فلماذا تهمل الحكومة هذا الشأن وتسمح بحصره بزوجته والطبيب المحافظ ؟ وأعتقد إن الإجابة تكون على النحو الآتي ؛ إن الأطراف جميعا لها استفادة من تغييب وغياب الحقيقة ،والمستفيد الأكبر رئيس الوزراء السيد نوري المالكي الذي يجد في وجود الرئيس الطالباني عقبة في طريق سياساته لما يمثله من ثقل دولي وعربي وعراقي ،ووجود نائب للرئيس يقوم مقام الرئيس (خضير الخزاعي) يتألف في دولة القانون تحت زعامة السيد المالكي نفسه أمر يسهل للمالكي الكثير من اتخاذ ما يريد من إجراءات تصب في مصلحته ولا يستطيع وليس في إمكانه الاعتراض على أي من قرارات السيد المالكي  .أما السيد مسعود البارزاني فإن السيد الطالباني يمثل له منافس كبير وتاريخي ليس له وحده بل لأسرته وقيادته ولطالما ما حدثت بين الجانبين معارك شرسة هدف كل جانب إلى إزاحة الآخر إلى أن أضطر كل منهما وبتدخل أمريكي في منتصف التسعينيات من القرن العشرين إلى تقاسم السلطة في منطقة كردستان لا بل إن السيد مسعود البارزاني طلب من صدام حسين في 31/8/1996إلى التدخل العسكري لإخراج الاتحاد الوطني وكما زعم إخراج الحرس الثوري الإيراني ،فالتعامل مع قيادات أقل من ثقل السيد الطالباني له فوائده للسيد البارزاني وفعلا إن غياب الرئيس كشخص وتغييب الحقيقة عن مصيره أثر تأثيرا كبيرا في نتائج انتخابات برلمان كردستان .أما السيد أسامة النجيفي الطامح جداً في تبوأ أعلى المناصب فيبدو إنه أيضا وجد فرصة في تهيئة نفسه لتسلم هذا المنصب في ظل عدم وجود شخصية قيادية كردية تملأ فراغ السيد الطالباني وفي ظل قراءة السيد النجيفي لطموحات السيد مسعود البارزاني المتمثلة في أن يكون بطلا قوميا كرديا يسعى كي يكون هو من يتسنم منصب الرئيس .وهناك زوجة الرئيس التي اغتنمت الفرصة كي تتوجه إليها الأنظار في فترة مرض زوجها الرئيس ولتزيد من قوة قبضتها التي تمسك بمفاتيح الدهاليز الخاصة بالحزب ،إذ إن مثل هذه الأحزاب وإن كانت اشتراكية وثورية لكنها بنفس الوقت أسرية – عائلية تتقلص من دهاليز إلى دهليز واحد تحيط به حلقة ضيقة جداً لاسيما إنها متيقنة حق اليقين إن السيد البارزاني قد يحسب خطوته ألف مرة قبل أن يفكر في تسنم منصب الرئيس العراقي ليس للخلافات السياسية فقط بل للخلاف والتنافس الثقافي واللغوي بين منطقة بادينان (منطقة بارزاني) ،ومنطقة سوران (منطقة جلال الطالباني) الذي أختير من قبل التحالف الكردستاني لاسيما السيد مسعود البارازاني ليس فقط لكفاءته بل في حقيقة أمره تأجيلا لأزمة أو انفجار أزمة في حالة وجود قيادتين مثل السيد مسعود والسيد الطالباني فمنح منصب الرئيس وفي حقيقته كان إبعاداً ،وكل الأطراف الكردية تعي ذلك ،وهناك قول إن السيد مسعود البارزاني لم يحسم الإجابة حول قبوله منصب الرئيس العراقي لحد الآن ،فكيف يتساوق الأمر مع القول السابق في عدم رغبته بالمنصب ؟ إن السيد مسعود البارازاني له من المشاكل في معقله الكثير تتعلق بتمديد ولايته كرئيس للإقليم بعد تصويت البرلمان بذلك وظهور معارضة متنامية لهذا القرار كما إن الشأن السوري له تداعيات سياسية وأمنية على الإقليم ينتظرها السيد رئيس الإقليم ،ففي حالة فقدانه لمتانة وتماسك سيطرته سيفكر في استلام المنصب .وبذلك نجد أن الجميع لهم مصلحة في تغييب الحقيقة عن صحة الرئيس.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد عبد الحسين السوداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/23



كتابة تعليق لموضوع : تغييب الحقيقة وحقيقة التغييب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net