صفحة الكاتب : الشيخ راضي حبيب

وحدة المرجعية الدينية وتنوع الأدوار
الشيخ راضي حبيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في بادئ ذي بدء أقول : أن الحديث حول المرجعية الشيعية حديث ذو شجون يبكي العيون ويدمي القلوب ، فكما أنها تحظى بالأولوية العظمى والأهمية البالغة في المجتمع الاسلامي كونها تحل مقام نظام الولاية في عصر الحضور والغيبة ، فكذلك في المقابل عليها من الخطورة بمثل ما لها من الأهمية عند الناس .
جاء في الحديث النبوي ما رواه الثقة الكليني في الكافي : " فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ، ولم ينظروا "ويوجد حديث يوازي معنى هذا الحديث عن طريق أهل السنة أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين عن ابي ذر ان رسول الله (ص) قال: «ان مثل اهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك».  فلذلك تتميز الطائفة الشيعية – انطلاقاً من هذا الحديث - عن الطائفة السنية بوجود مرجعية ذات صلة مباشرة بالمعصوم ع من خلال وجود النواب الأربعة في عصر الغيبة الصغرى ، وصلة غير مباشرة من خلال وجود الفقيه الجامع للشرائط والقائم بشؤون المرجعية في عصر الغيبة الكبرى ، كما أوصى الامام (ع) بالرجوع إليه  في حديثه : " وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم"  وهذه المرجعية ذات حياة معاصرة وتتمتع بالاستقلالية ، ومعتمدة علمياً ،ومعرفياً، وخبروياً ، وشعبياً ، والذي تملك القرار أمام تلك الفتاوى المتناقضة في نفسها ، وتارة مع أصول وأسس التشريع الاسلامي ، التي تصدر عن علماء وشيوخ البلاط، ولا أريد أن أفصّل في هذا الامر أكثر من هذا ، حيث ان هذه الوريقات لا تسع المقام التفصيلي فألمحت بإيجاز غير مخل .
 
تسلسل المرجعية من النيابة الخاصة إلى النيابة العامة:
أريد أن أتسلسل تأريخياً في حديثي هذا حول دور المرجعية ووحدتها من حيثية تنوع مؤسّساتها .
لقد تسلسلت مرجعية النيابة العامة من بعد عصر الغيبة الصغرى ومباشرة من بعد انتهاء عهد النيابة الخاصة التي اختصت بالتعيين من قِبل الامام (ع) بنواب أربعة هم عثمان بن سعيد ، ومحمد بن عثمان ، والحسين بن روح، وعلي بن محمد السمري رضوان الله عليهم أجمعين.
فكانت هذه النيابة الخاصة في عصر الغيبة الصغرى كمَسيرة تمهيدية للاتصال بالنيابة العامة في عصر الغيبة الكبرى .
سأذكر بصورة لامحة جدا قائمة سلسلة أسماء الفقهاء الذين تناوبوا بالتصدي لشؤون المرجعية بعد عصر الغيبة الكبرى مباشرة في عام 329هـ، وطيلة الحقب الزمنية إلى يومنا هذا، مع العلم بأن هناك بعض الفقهاء لم نورد أسماءهم ، إذ لم يكونوا يعرفون بالمرجعية وإنما كانوا يؤدون أدوار أخرى  :
- بدأت المرجعية بأحد دعائم الفقه والفكر الشيعي وأول مراجعهم الفقيه ابن قوْلوَيْه أبو القاسم جعفر بن محمد واستمرت مرجعيته من عام 328 – 368 هـ .
-الشيخ الصدوق العالم الكبير والنحرير ، آلت إليه زعامة المرجعية بين عام 368- 381 هـ .
-الشيخ المفيد العالم الكبير والفقيه الفذ ، سطع نجمه بين عام 371- 413 هـ .
-السيد المرتضى الملقب بعلم الهدى ، فاق أقرانه في العلوم الاسلامية ، وأصبح مرجعا للتقليد من عام 413 – 436هـ .
-الشيخ الطوسي فقيه مجدد عرف بشيخ الطائفة وسطع نجم مرجعيته وأعلميته بين عامي 436-460هـ .
-أبوصلاح الحلبي من كبار علماء الامامية كانت فترة مرجعيته ما بين عام 460 – 463 هـ .
-ابن البراج الفقيه الكبير والعالم الجليل القاضي عبدالعزيز بن البراج تولى زمام المرجعية بين عام 463 – 481 هـ .
-المفيد الثاني ابن الشيخ الطوسي لقب بالمفيد الثاني واشتهر كأعظم فقهاء الشيعة بين عامي 481 - 520 هـ .
-ابن زهرة حمزة بن علي الفقيه العالم والاصولي الكبير تولى زعامة المرجعية بين عامي 520- 585 هـ .
- ابن ادريس الفقيه الشاب والمجدد لعلم الاصول اصبح مرجعا بين عامي 585-598 هـ .
- السيد شمس الدين فخار الموسوي أحد كبار مراجع وفقهاء الشيعة تولى المرجعية بين عامي 598- 630 هـ .
-المحقق الحلي والفقيه الاصولي الكبير آلت إليه المرجعية بين عامي 630 - 676 هـ .
- يحيى بن سعيد الفقيه الكبير تصدى لزعامة المرجعية بين عامي 676-690 هـ .
- العلامة الحلي جمال الدين بن مطهر تصدى لزعامة المرجعية بين عامي 690 – 726 هـ .
- آية الله السيد عميد الدين الحسيني الفقيه الاصولي آلت إليه المرجعية بين عامي 726- 754هـ .
- فخر المحققين أبوطالب محمد ابن العلامة الحلي الفقيه الكبير تصدى لزعامة المرجعية بين عامي 754- 771هـ .
-الشهيد الاول محمد بن جمال الدين العاملي الفقيه والعالم الكبير آلت إليه المرجعية بين عامي 771 – 786هـ .
- المقداد السيوري الحلي الفقيه الكبير كان مرجع للشيعة بين عامي 786- 826 هـ .
- المحقق الثاني الكركي الفقيه الكبير تولى المرجعية بين عامي 926-940 هـ .
- الشهيد الثاني زين الدين علي العاملي فقيه عصره تولى المرجعية بين عامي 940-966 هـ .
- العلامة الشيخ حسين عبدالصمد والد الشيخ البهائي أحد كبار فقهاء الشيعة برزت مرجعيته بين عامي 966-984 هـ .
- المقدس الاردبيلي الفقيه الكبير والعالم  الرباني المحقق تصدى لزعامة المرجعية بين عامي 984- 993 هـ .
- السيد محمد العاملي الفقيه الكبير صاحب مدارك الاحكام آلت إليه المرجعية بين عامي 993- 1009 هـ .
- العلامة الملا عبدالله الشوشتري استاذ الشيخ البهائي آلت إليه المرجعية بين عامي 1009- 1011 هـ .
- الشيخ البهائي علامة عصره ونابغة زمانه آلت إليه المرجعية بين عامي 1011 – 1031 هـ .
- المجلسي الاول المولى محمد تقي العالم الكبير آلت إليه المرجعية بين عامي 1031- 1070 هـ .
- العلامة الطبرسي المولى محمد صالح السروي العالم الرباني تصدى للمرجعية بين عامي 1070- 1086 هـ .
- الخونساري المحقق الجليل حسين الخونساري تولى المرجعية بين عامي 1086- 1097هـ .
- العلامة المجلسي المولى محمد باقر صاحب البحار ويحظى بمنزلة علمية رفيعة بين الفقهاء تولى المرجعية بين عامي 1097- 1110 هـ .
- السيد عبدالله الجزائري جامع المعقول والمنقول كوكبا في الفقه تصدى للمرجعية بين عامي 1110- 1173 هـ .
- الوحيد البهبهاني الفقيه الاصولي ومجدد القرن الثالث عشر تولى المرجعية بين عامي 1173- 1205 هـ .
- كاشف الغطاء والسيد مهدي بحر العلوم الفقيه العارف الرباني تصدى الاستاذ الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء للمرجعية بين عامي 1205- 1228 هـ ، وصاحب الكرامات السيد مهدي بحر العلوم .
- الشيخ موسى كاشف الغطاء الفقيه الجليل امتدت مرجعية في العراق من عام 1228- 1241 هـ .
- الشيخ علي كاشف الغطاء الفقيه الكبير، ازدهرت مرجعيته بين عامي 1241- 1254 هـ .
- صاحب الجواهر الشيخ محمد حسن النجفي الفقيه الاصولي الكبير تولى المرجعية بين عامي 1254- 1266 هـ .
- الشيخ الاعظم مرتضى الانصاري آلت إليه المرجعية في الحقبة الواقعة بين عامي 1266- 1281 هـ .
- الميرزا المجدد محمد حسن الشيرازي تولى المرجعية بين عامي 1281- 1312 هـ .
- الآخوند الخرساني والسيد كاظم اليزدي والميرزا محمد تقي الشيرازي آلت إليهم المرجعية في الحقبة الممتدة بين عامي 1312- 1338هـ ، وهم من كبار الفقهاء والاصوليين .
- آية الله أبوالحسن الاصفهاني وآية الله النائيني وآية الله عبدالكريم الحائري تعلقت المرجعية بهؤلاء أساطين الفقه والاصول بين عامي 1338-1365 هـ .
- آية الله البروجردي وآية الله الشاهرودي وآية الله الحكيم بدأت مرجعية هؤلاء الاساطين في عام 1365 واستمرت الى عام 1394 هـ .
- الامام الخميني والامام الخوئي أساطين وأساتذة الفقه ومجددي الاصول انتقلت إليهما مهام المرجعية في عام 1394هـ واستمرت حتى عام 1412 هـ .
- الامام السيستاني والامام الخمنائي من كبار فقهاء الامامية بدأت مرجعيتهما في عام 1412هـ  وهي قائمة إلى يومنا هذا .
 
 
أدوار مؤسسات المرجعية التكاملية : 
المؤسسة المرجعية لها عدة أدوار ووظائف تلازم وحدة الهدف الذي  ينعكس عنه كمالها ، من هنا نجد ان للمرجعية عدة مؤسسات متنوعة ، حيث أنها تكمل بعضها بعض ، ووظائف كلية وأساسية ومن أهمها : 
1-      المؤسسة السياسية ( القيادية ) .
2-      المؤسسة التشريعية ( الفقهية).
3-      المؤسسة الدفاعية ( حفظ بيضة الاسلام ) .
4-      المؤسسة القضائية ( تصدير الأحكام ) .
5-      المؤسسة التنفيذية ( نفوذ الأحكام ).
6-      المؤسسة الاقتصادية ( الميزانية ) .
7-      المؤسسة الثقافية ( التبليغ ) .
8-      المؤسسة الاجتماعية ( بناء وتنمية العلاقات الإنسانية ) .
ضرورة رجوع التعدد إلى جامع توحيدي : 
لابد لهذه المؤسسات المتعددة  من جامع يوحد هدفها ، ووحدة الهدفية لا تتحقق إلاّ بوجود الجامع ، ويتمثل بالمؤسسة السياسية والقيادية .
وعلى هذا الأساس تعددت مجالات عمل الأئمّة الطاهرين(عليهم السلام) جميعاً بسبب اختلاف ظروفهم من حيث نوع الحكم الطاغوتي القائم ومن حيث درجة ثقافة الأمّة ومدى وعيها وإيمانها ومعرفتها بالأئمّة(عليهم السلام) ومدى انقيادها للحكّام المنحرفين ومن حيث نوع الظروف المحيطة بالكيان الإسلامي والدولة الإسلامية ومن حيث درجة التزام الحكّام بالإسلام ومن حيث نوع الأدوات التي كان يستخدمها الحكّام لدعم حكمهم وإحكام سيطرتهم .
كان للأئمّة المعصومين(عليهم السلام) نشاط مستمر تجاه الحكم القائم والزعامات المنحرفة وقد تمثّل في إيقاف الحاكم عن المزيد من الانحراف، بالتوجيه الكلامي تارة، أو بالثورة المسلّحة ضد الحاكم حينما كان يشكّل انحرافه خطراً ماحقاً ـ كثورة الإمام الحسين(عليه السلام) ضد يزيد بن معاوية  ـ وإن كلّفهم ذلك حياتهم وقد عملوا للحدّ من انحراف الحكام عن  طريق إيجاد المعارضة المستمرة .
ولكن  كان هذا التعدد والمتنوع منطلق من حيث مبدأ وحدة الهدف ، ولابد من ارتباط وانصباب هذه المؤسسات باختلاف وظائفها في مؤسسة القيادة السياسية للمرجعية .
 
المرجعية تعدد أدوار ووحدة هدف : 
يؤكد الشهيد الصدر الأول رضوان الله عليه على هذه الحقيقة في قوله : ( وفي عقيدتي، إنّ وجود دور مشترك مارسه الأئمة جميعاً، ليس مجرد افتراض نبحث عن مبرراته التاريخية، وإنما هو ما تفرضه العقيدة نفسها وفكرة الإمامة بالذات، لأنّ الإمامة واحدة في الجميع بمسؤولياتها وشروطها، فيجب أن تنعكس انعكاساً واحداً في شروط الأئمة عليهم السّلام وأدوارهم مهما اختلفت أدوارها الطارئة بسبب الظروف والملابسات، ويجب أن يشكل الأئمة بمجموعهم وحدة مترابطة الأجزاء، ليواصل كل جزء من تلك الوحدة الدّور للجزء الآخر ويكمله ). 
إننا نلاحظ في نص كلام الشّهيد الصّدرإنه يفسر دور الإمام في ضوء المشروع التجديدي الّذي قام به من أجل تأكيد الأصالة الإسلامية ودفع الأمّة بالإتجاه الصّحيح الّذي يريده الإسلام. 
وقد كان لمنهج الأئمة عليهم السّلام في التجديد أثره الأكبر في ظهور الحركات والمشاريع التجديدية في الحياة الإسلامية على يد علماء مدرستهم الإسلامية الأصيلة كلمّا دعت الحاجة إلى ذلك، مستهدين بمنهجهم الرائد في هذا الإتجاه.
ولنأتي إلى بيان دور المؤسسات الثمان سابقة الذكر وسأكتفي ببيان بعض الجهات على نحو الايجاز:
المؤسسة السياسية ( القيادية ) : 
تعتبر الجهة السياسية للمرجعية المركز الجامع ، حيث تعتبر هي المحرك والمنظور الشمولي الذي من خلاله  ينظم ويدبر الشؤون الحياتية للمكلف ، فهي إذن بمثابة العقل المدبر الذي تفتقر إليه بقية الاعضاء في حركتها النظامية ، وتتجسد في طبيعة العلاقة بين المرجع الذي يمثل هذه المؤسسة الرئيسية والأم ، وبين بقية المؤسسات المرجعية التي تمثل آلية المرجعية في اتساع موقعها الولائي والقيادي . 
المؤسسة التشريعية ( الفقهية ) : 
تعتني هذه المؤسسة بانتاج الأحكام الفقهية على أساس البحث العلمي وما تثبته النصوص الشرعية، وهي بمثابة العقل بالقوة ، ولا يمكنها الخروج إلى حيّز التحقق الوجودي ،  ولا تكون بمثابة العقل بالفعل ، ولا تحصل على كمالها إلا إذا تعانقت وذابت في الجهة السياسية  والقيادية للمرجعية ، التي من شأنها أن تصيّر الاحكام الفقهية إلى حيث جهتها الصحيحة والايجابية ، كحكم الجهاد أو الدفاع أو المصالحة  وغيرها من الأحكام العامة  التي بها يبقى الاسلام محفوظاً .
المؤسسة الدفاعية ( حفظ بيضة الاسلام ) :
أريد أن أقف على هذا العنوان ومنه أختم كلمتي في هذه المقالة ، ولا أريد التعرض للجانب النظري لهذا العنوان ، وانما أريد أن أتناوله من الجانب العملي ، والحديث في هذا الجانب حديث ذو شجون يبكي القلب ويدمي العيون، حيث طالما قدمت المرجعية أبنائها وعلمائها وفقهائها على مشرف المذبح الالهي ، حيث يمثل الامتداد الحسيني الجهادي في وجه الطاغي ، كم وكيف سوف أحصي تلك الاسماء النورانية التي سقطت في بحر الشهادة الكبرى ، هناك اسماء واسماء تتفاضل على بعضها بعض في العطاء اللامتناهي في سبيل تحرير الانسان من عبودية الشيطان .
 سوف ألمح في هذا الصدد إلى أحد الشخصيات الجهادية وفي هذا الكم الهائل من قوافل الشهداء أتقدم بسيرة شهيد المحراب المجاهد التقي النقي صاحب النفس الزكية ابن المرجعية السيد محمد باقر الحكيم الذي تربى في حضن المرجعية .
وعلى الصعيد السياسي ، فقد دخل منذ البداية في دائرة الاهتمام بايجاد التنظيم السياسي الاسلامي الذي يكفل ايجاد القدرة على التحرك السياسي المدروس في أوساط الشعب العراقي .
وقد شارك في اتخاذ قرار تأسيس التنظيم الاسلامي سنة 1958م ، الذي شارك فيه آخرين من العلماء الكبار أمثال: آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس الله سره الشريف) .
وكان سماحته قد مارس في حياة والده الامام الحكيم دوراً مشهوداً في دعم واسناد الحركة الاسلامية بكل فصائلها ، وقد اتصف السيد الحكيم في نشاطه السياسي بالاقدام والشجاعة والجرأة والتدبير .
منذ اللحظات الاولى التي تمكن فيها سماحته بالخروج من العراق في تموز عام 1980 بسبب كثرة الاعتقالات والاغتيالات التي حصلت من قبل النظام الصدامي الجائر لتصفية عائلة الحكيم ، وبتوجيه من الامام الخوئي قدس الله سره ، توجه إلى الجمهورية الاسلامية في إيران ، بعد بدء العدوان الصدامي على ايران بأيام قليلة وأقام ضيفاً على الامام الخميني( قدس سره)، فخصص له منزلاً مجاوراً لمقره( قدس سره)، واولاه عناية كبيرة واهتماماً ملحوظاً ومتميزاً. لتنظيم المواجهة ضد نظام صدام الفاسد، وتعبئة كل الطاقات العراقية الموجودة داخل العراق وخارجه من اجل دفعها لتحمل مسؤولياتها في مواجهة هذا النظام الفاسد .
وبعد مخاضات كبيرة  ، أسفر النشاط المتواصل والجهود الكبيرة للشهيد السيد الحكيم عن انبثاق ( المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق ) في أواخر عام 1982م ـ 1402هـ ، وانتخب سماحته ناطقاً رسمياً له ، حيث أوكلت له مهمة ادارة الحركة الجهادية للمجلس على الصعيد الميداني والاعلامي فكان عصارة وخلاصة جهود مرجعيتي الامام الخميني والامام الخوئي قدس الله سريهما الشريفين .
وما ان علمت الجماهير العراقية المجاهدة الموجودة في ايران بقدومه حتى تحركت نحوه في وفود شعبية وعلمية كبيرة، ومن حينها اعلن المواجهة الشاملة ضد نظام صدام المجرم، فكان أول شخصية عراقية علمائية معروفة تعلن في تصديها لمواجهة نظام صدام عن اسمها بصراحة عبر الصحف والاذاعات وصلاة الجمعة في طهران.
كان الهاجس الدائم لسماحة الشهيد السيد الحكيم هو تحقيق السُبل الكفيلة بانقاذ الشعب العراقي من ظلم نظام صدام.. وكان هذا الهاجس واضحاً كل الوضوح في تفكير وحركة سماحته، فهو لم يغفل لحظة واحدة في بيان المأساة التي يعانيها هذا الشعب في ظل نظام صدام، وكان يرفع صوته ويبرق برسائله ومذكراته الى الامم المتحدة وأمينها العام، وملوك ورؤساء البلاد العربية والاسلامية في كل مناسبة، يطالبهم فيها باتخاذ التدابير اللازمة برفع الظلم عن الشعب العراقي. وعلى هذا الصعيد، فقد قدم أبعد حدود الدعم لتأسيس المركز الوثائقي لحقوق الانسان في العراق، وهو مركز يعتني بجمع الوثائق عن انتهاكات نظام صدام لحقوق الانسان في العراق والاستفادة منها في فضح النظام في اوساط المجتمع الدولي.
وبعد فراق مرير لموطنه النجف الاشرف كانت له عودة مباركة لها أصداء واسعة في وسائل الإعلام المختلفة على مستوى المنطقة والعالم:( عاد آية الله باقر الحكيم، زعيم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية  بعد 23 عاما قضاها في الجمهورية الاسلامية بايران، وسط توقعات بأنه سيكون له دور بارز في مستقبل البلاد. لدرجة دفعت و اشنطن لتخشى ان تُكرر عودة الحكيم السيناريو الذي حدث في ايران عام 1979 حينما عاد الامام الخميني.
وفي يوم الفاجعة 29 / آب 2003م ـ  1 رجب 1424 هـ ، صُدِّم العالم الاسلامي بانطفاء نور من الانوار المحمدية الاصيلة، ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)، فبعد انتهائه من صلاة الجمعة وخروجه من الصحن الحيدري الشريف تعرض موكب سماحته لعملية تفجير قام بها القتلة بواسطة سيارة مفخخة أدت الى استشهاده وتناثرت أشلاء جسده الطاهر، ظناً منهم، ان المسيرة الحسينية ستنكفئ وتتهاوى،بل ان أشلائه ذابت في العشق الإلهي ، ولكنهم غفلوا او تناسوا ان الشهيد الحكيم حي في ضمائر وقلوب المؤمنين المخلصين، وان دمه الطاهر سيكون شعلة وضاءة يقتبس منها الأحرار طريقهم إلى الحرية الحقيقية الحسينية .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ راضي حبيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/20



كتابة تعليق لموضوع : وحدة المرجعية الدينية وتنوع الأدوار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net