صفحة الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني

المثقف والحدث
رائد عبد الحسين السوداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بدءا وقبل الخوض في الكلام علينا أن نعرف ماذا نعني بالمثقف في هذا الموضوع تحديداً .هل نعني بالمثقف (القاريء أو ما يسمى اليوم المتلقي) فقط أم نعني به صاحب النتاجات الثقافية وفي كل المجالات ؟ فإذا كان الجواب إن الخطاب موجه للنوعين ،إذ إن للمتلقي دور لا يقل عن دور المنتج ،برز أمامنا سؤال آخر يقول هل تخاطب المثقف المنتمي أم اللامنتمي لو صح التعبير؟ والجواب بسؤال أيضاً ،هل يوجد من هو لا منتم سواء وضعناه في خانة المثقفين أم لا ،وهل نستطيع أن نقول ،يوجد من لا يتأثر بالعوامل المحيطة به لا من قريب ولا من بعيد وبالتالي يمكن القول إنه لا منتم ؟ والحقيقة إن الجواب على هذا التساؤل يكون على النحو التالي إن المثقف لا يستطيع أن يتجرد بالكامل من الخزين الثقافي للمجتمع المنتمي له حتى ولو خرج أو حاول أن يخرج منها ،وعلى سبيل المثال وجه إلي الأستاذ الكبير سلام كاظم فرج في باب مرايا فكرية لصحيفة المثقف السؤال التالي " الان حتى المثقف شمر ساعده ينافح عن طائفته. حتى ان شاعرا ماركسيا مثل سعدي يوسف. عز عليه تهميش طائفته فانبرى مهاجما مرجعيات الشيعة. هل ترى في ذلك نكوصا ام ارتقاء .. وهل ترى ان الخطاب الشيعي العالي النبرات صعد الخطاب السني؟ ام العكس هو الصحيح؟ وكيف يفسر الاستاذ رائد كمؤرخ إنزواء الخطاب الوطني البحت وتراجع مفردة عراق امام مفردة الطائفة والقومية .. حتى تقدمت العصبية الطائفية والقومية على العصبية لعراق مزدهر خدماتي؟؟" فكان الجواب كالآتي "- لا يوجد حدث سياسي ابن يومه ولا ظاهرة سواء اجتماعية أم سياسية بنت لحظتها ،بل هما بفعل التراكمات الزمنية والتي تبقى كامنة تحت السطح إلى أن تأتي اللحظة المناسبة لإظهارها وهذا ما حدث بعد الاحتلال الأمريكي،الذي جاء وإحدى حججه طائفية الحكم ،وعندما انقلب أو تحول الوضع أصبحت الطائفة الحاكمة والتي اكتسبت هذا الحق كما ترى هي بفعل عامل الزمن المتراكم من أيام الدولة العثمانية مرورا بتنصيب عبد الرحمن النقيب رجل الدين السني بهيئته المعروفة رئيسا لأول حكومة بعد الاحتلال البريطاني ،وصولا إلى حكم البعث وصدام حسين ،تشعر بأن حقا قد ضاع أو انتزع منها ،و لا فرق هنا بين علماني (سني) أو إسلامي (سني) ولو أشارت الوقائع بأن طائفية العلماني أشد من طائفية الإسلامي" وعلى هذا الأساس ذكرت في مكان سابق "ان الدين والثقافة مفهومان قد تداخلا فيما بينهما، فمن الصعب ان لم يكن من المستحيل ايجاد صيغة تفكك بها مفاهيم ثقافية لبلد ما وتجردها عن المفاهيم والموروثات الدينية، وبذلك تكون المؤثرات على الباحث والمفكر هي ثقافية ممزوجة بتعاليم دينية مهما حاول ان يتجرد عنها وقد اصبحت هذه المؤثرات محركات اساسية للسياسيين في الغرب على وجه الخصوص"ولا يستثنى من ذلك المثقف العربي أو العراقي في هذا التوصيف وعلى هذا الأساس ندخل بسؤال آخر عن المثقف العراقي وهو ما يعنينا وأعني هنا بالمثقف صاحب التوصيف أو صاحب النتاج وأقول هل أجمع المثقفون في العراق أو قل أغلب مثقفي العراق على توصيف الحكم الذي أسسته بريطانيا ،هل هو حكم وطني بان لنهضة أم مؤسس لأزمة ؟ والملك فيصل ماذا كان يعني لهم هل هو بان نهضة العراق كما يحلو للبعض أم مؤسس لحكم الاستبداد في العراق ،وماذا يعني المرحوم عبد المحسن السعدون للمثقف العراقي وهل إن انتحاره وإقامة تمثال له جب ما قبله أم يجب العودة إلى آثاره والحال نفسه ينطبق على الباقين من ساسة العهد الملكي ،وماذا يعني في نظره تضييق الخناق على الصوت المعارض لاسيما المعارض الحقيقي كالحزب الشيوعي ،وحزب جعفر أبو التمن ،وتزوير الانتخابات وغير ذلك من الممارسات ؟ وهل أجمع العراقيون على توصيف ما جرى في يوم 14/7/1958على الرغم من الاستقبال الشعبي للحدث وتفاعله معه لكننا نجد تفاوتا في التوصيف التاريخي والثقافي ،هل ما حدث ثورة أم انقلاب ،وإذا كانت ثورة ،أين دور الشعب في تنفيذها ؟ وإذا كانت انقلابا أين الأصابع الأجنبية فيها ؟ وبماذا وصف المثقف العراقي صعود نجم ونشاط حزب البعث بغلمانه وصبيانه وبعد ذلك استلامه السلطة بكل يسر وسهولة من قادة 14/7الذين يحملون الرتب العالية في الجيش وأصحاب الخبرة الطويلة في المعارك؟ وبماذا وصفت حفلات القتل بعد 8/2/1963هل وصفت بالتصفيات الكبيرة ؟ ولماذا لم يصفها المثقف والمؤرخ بالحرب الأهلية مثلا أو بداية لحرب أهلية على أقل تقدير ؟ وبماذا وصف استيلاء عبد السلام عارف على السلطة في 18/11/1963وطرد البعث وحل الحرس القومي وبسهولة أكبر مما حدث قبل تسعة أشهر ،هل كان نتاج التناحرات البعثية واستغلالها ،أم ردة كما يصفها البعث أم هناك عامل خارجي ؟ وأين نضع مقتل عبد السلام عارف هل نضعه ضمن الأقدار أم ضمن التهيؤ لاستلام البعث للسلطة مرة أخرى بعد أن يستلم شقيقه عبد الرحمن عارف السلطة خلفا له ؟ وهل فعلا إن عبد الرحمن عارف متساهلا إلى حد بعيد وإذا كان كذلك هل خلت المعتقلات من روادها ولاسيما من الشيوعيين ،وإذا كان كذلك لماذا حدثت معركة (الغموكة) في الهور من قبل (الكفاح المسلح) ؟ وأين نضع استلام البعث للسلطة في 17/7/1968هل نضعه ضمن المؤامرة وإذا كان كذلك أين نضع الاتفاقية مع الاتحاد السوفيتي وأين نضع العلاقة المتميزة مع كوبا وباقي الدول الاشتراكية ،وأين نضع الميثاق الوطني والموافقة عليه من قبل الأطراف الأخرى وكذلك الجبهة الوطنية ؟ وأين وكيف نصف حركة ناظم كزار هل نضعها في خانة التصحيح أم الصراع الداخلي وبماذا عللت عملية تخلي أحمد حسن البكر عن السلطة واستلام صدام حسين لها ومن ثم حفلة الدم الكبى برفاقه ؟ وأين نضع الحرب العراقية الإيرانية وتداعياتها على النسيج الاجتماعي الهش أصلاً؟ وكيف لنا أن نجد توصيفا لغزو الكويت وعاصفة الصحراء وتداعياتها وانتفاضة آذار(الشعبانية) وإرهاصات وتداعيات حصار دام 13عام ؟ وبعد كل هذا وذاك بماذا وصف ما جرى يوم 9/4/2003هل هو احتلال أم تحرير وهل القوات الأمريكية فعلا كانت صديقة كما وصفتها الآلة الإعلامية الموالية لها أم قوات غازية ؟ إن هذه الأسئلة التي أضعها اليوم لا يمكن انكارها كوقائع لكن القراءة المثقفة لها لو صح التعبير ،إن وجدت، اختلفت عليها ولم يكن هناك اجماع حول تسميتها مع أنها أحداث جسام لكن الانتماء الأيدلوجي وإن لم يظهر عند أكثر المثقفين منع من وحدة التوصيف .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد عبد الحسين السوداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/16



كتابة تعليق لموضوع : المثقف والحدث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net