صفحة الكاتب : ا . د . حسين حامد

بعد خذلان الولايات المتحدة للنظام السعودي ... هل ستستمر وقاحته مع شعبنا ؟
ا . د . حسين حامد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

مواقف الكراهية والاستعداء وتصدير الارهاب واذكاء الفتنة الطائفية ضد شعبنا ومحاولات اسقاط النظام الجديد في العراق من قبل النظام السعودي ، تذكرنا باجواء ما نتصوره عن بدايات الدعوة الاسلامية وعنف مواقف قريش ضد الرسول الاكرم محمد صلوات الله عليه وعلى ال بيته الاطهار، ومقاومة قريش لدعوة الحق تلك التي كانت ستطيح بعروشهم وتساويهم مع ما ملكت ايمانهم من عبيدهم ، فكما كانت ردود افعال النظام السعودي ضد العراق الجديد في اهدافه لخير شعبنا وتحسين الحياة من خلال قوانين العدل والمساوات بين العراقيين ، كذلك كان حال ما تحمله اهداف الدعوة الاسلامية من قيم الخير والانعتاق من الجاهلية . 
فمواقف النظام السعودي مع شعبنا ونظامه الجديد ، في تصديره الارهاب والعنف ومواقف الكراهية وسفك المزيد من دماء شعبنا ومنذ 2003 ، لا تخفي احتفائها بسلوك خسيس شاذا وبما يجعل الانسان العراقي يتسائل بحيرة عن دوافع كل هذه الكراهية لتدمير شعب مسالم كشعبنا أو غيره من شعوب المنطقة ، من قبل نظام شبه اوتوقراطي ، يستقبل كل عام الملايين من المسلمين من انحاء المعمورة ليطوفوا في بيت الله العتيق ، ولكن ذلك يتم تحت رعاية هذا النظام الدامي والذي يقوم على الافترائات والدجل وازدواجية السلوك . 
أم ياترى ، أن المشكلة تكمن في طبيعة السلوك الهمجي العنصري الاعمى لملوك من البدوالرحل ، واصول طبيعتهم المجبولة على القتل والنهب والسلب والنفورمن عالم التحضر والتجديد ، حتى وان نصبوا من انفسهم ملوكا ؟  
فهذا النفورمن عالم التحضر والحداثة هو احد الازمات الكبرى المشخصة في ايديولوجية النظام السياسي السعودي والتي يحاول النظام من خلالها ان يعمي بصيرة شعبه وتجاهل ويطمس حقيقتها كمعتقد مشوب بالدين والتدين. فهذه الحقيقة المريرة التي يعيشها النظام السعودي تتلخص في أن الاكثرية الشيعية في العراق قد فازت بانتخابات برلمانية حرة أوصلتهم للحكم .  وان كان للنظام السعودي من سعي من اجل تغيير هذه المعادلة على الرغم من عدالتها في العالم ، كما واقتنعت بها المكونات العراقية من شيعة وسنة وكرد وطوائف واديان ومذاهب اخرى ، بدليل ان العراقيين وعلى الرغم من ظروف الارهاب ، خرجوا الى الشوارع وانتخبوا من لهم ايمان بهم . وعليه ، فان الطريق الوحيد لنجاح المسعى السعودي في تغيير هذا النجاح الديمقراطي ، يتلخص في ان على النظام السعودي ان يجرب ممارسة هذه الديمقراطية في بلده ، ويبدء بالايمان بهذا النهج الديمقراطي أولا، وأن يتخلى عن تصدير الارهاب للعراق ، وان يكف عن شراء ذمم بعض الاخساء من الكتل السياسية في العراق ، مع اننا واثقون ان ممارسة هذا المنطق المتحضر لا يروق للنظام السعودي، وأن اطلاق الحريات للشعب السعودي ، امرا مستحيلا ، لأن النظام لا محالة سيخسرملكه. 
من جانب اخر ، ان الازمة اللاأخلاقية للنظام السعودي تتعلق بعقيدته الدينية في انتمائه للمذهب الوهابي . ونحن ليس لدينا اعتراض على من ينتمي لاي مذهب كان، طالما ان هذا المذهب (وكما هو حال المذهب الوهابي) لا يعمد الى تكفير عقيدة المذهب الشيعي وتسميتهم بالروافض او الفرس المجوس، بسبب أن حقيقة المذهب الوهابي السلفي هي فكرة (وبغض النظر عن تشويهها لقيم الدين الاسلامي الحنيف )، قد انشأها رجل سعودي مغامر يدعى محمد عبد الوهاب ، في حين ان العقيدة الشيعية هي عقيدة ومذهب ال بيت النبوة. كما وان سلوك النظام السعودي الوهابي قد عبر عن نفسه كمذهب ارهابي من خلال تشجيع الارهاب بتأثير فتاوى علماء الوهابيين، ووجدنا ان الارهاب الذي تدعمه السعودية وقطر وتركيا ، منصبا على قتل الشيعة في العراق ومستغلا بعضا من ساسة الكتل الدنيئة بهدف اسقاط النظام الجديد واعادة الاقلية السنية للحكم ، وهو منطق متهور ، يلزم حكومة العراق ان ترفعه الى محكمة العدل الدولية للاحتكام وحسم حقيقة استمرار قتل الشعب العراقي . 
فألاحرى بالنظام السعودي ان يلتفت اولا وقبل كل شيئ الى معالجة معانات شعبه وما يعيشه من فقر وانتشارلظاهرة التسول وتعاطي المخدرات والكحول والشذوذ الجنسي ، وتوظيف ثرواته من اجل تحسين الاوضاع الحياتية لشعبه ومجتمعه ، بدلا من هدره لمليارات الدولارات لقتل الشعب العراقي والسوري واللبناني وغيرهم بسبب تشيع الاكثرية في هذه البلدان!!. 
ففي فضاء سياسي واجتماعي خانق ، لا يزال الشعب السعودي المغلوب على أمره ، يعيش اقصى حالات كبته النفسي والاجتماعي والسياسي، حيث يرى أمام عينيه كيف ان كل رسالة حضارية يتم شنقها وبلامبالات من قبل سلطة النظام القائم . فتحت سلطة السيف الذي استخدم لوأد تأريخ الشعب السعودي ونهوضه طنيا ، وفي  مجتمع تنعدم فيه اثارالهوية الوطنية ، حتى تصبح من اعظم أماني الانسان السعودي على الاقل ،انتهاء سلطة الجلاد الجاهز ابدا لقطع الاعناق المتطلعة نحو الديمقراطية والحريات، والمطالبة باحترام القيم الانسانية وتعدد الاديان والمذاهب ، وعدم رفض الاحتفاء بالتحضّر والحداثة ، وفرض متطلبات العصر من قوانين تمنح فرصا متساوية للجميع ، وتوفير الرعاية للانسان السعودي واسرته وتمنح ما يستحقه هذا الانسان من احترام وتأكيد لحرية اختياره . فبعد أن يتم توفير كل ذلك ، ربما يمكن للنظام السعودي ان يؤتمن على رعاية اعظم المقدسات الاسلامية في الوجود .   
ولكن هل يستطيع النظام السعودي والذي يطفو فوق فقاعات مستنقع مفعم بالفساد الاخلاقي والرذيلة ، لاهم له سوى التدخل في الشؤون الداخلية للعراقيين من خلال زرع الفتنة الطائفية بين ابناء الشعب الواحد ، ومحاولا تدثيرسوئته بغطاء الافتراء على الدين والمجاهرة في تشويه وتحريف قيم الاسلام السمحاء وبما يلائم استمرار طغيانه وامعانه في افساد الدين والسياسة والاخلاق في اعتناقه للمذهب الوهابي الارهابي الطائفي العنصري ومحاربته الاسلام ، يصبح كل املا من ذلك القبيل جهدا عصيا على التطبيق؟ 
اسباب ضغينة النظام السعودي ضد شعبنا: 
- يبقى مصير السنة في اي من الانظمة العربية ، وخصوصا في العراق ، الهاجس الاكبر للنظام السعودي . فحينما يصدر ارهابه الى العراق او سوريا ، انما يفعل ذلك بهدف الاطاحة بالنظامين الشيعيين واعادة الزمام بيد السنة .     
1- من بين أكبر اسباب كراهية النظام السعودي لشعبنا ، هي اعتقاده الراسخ ، أن الشيعة في العراق ، وكأكبر مكون اجتماعي يتولى ادارة الحكومة ، فانهم لا يشكلون هاجسا لخطر حقيقي على نظامه وبما يتعلق بقدرتهم على استنهاض الاقلية الشيعية في السعودية ودعمهم لمحق النظام الملكي القائم . وعليه ، فحينما يضع النظام السعودي امكاناته المادية والوجستية لتدمير الشيعة في العراق كما هو حاصل الان، نجده يبالغ في الاختيار، و"بحرية" وسائل هذا التدمير، منطلقا من تصوره ان اضعاف الحكومة الشيعية ، سيعين السنة في العراق من المبادرة في الاطاحة بالنظام لاعتقاد الحكام السعوديين ، ان السنة وحدهم من يستطيع قيادة وبناء العراق ووضع الحلول لمشاكل شعبه. ولهذا السبب نرى اندلاع التظاهرات في الانبار وغيرها والتي للسعودية ضلعا فيها ، تأتي لحثهم على استخدام كل الوسائل ، بما في ذلك العنف ، من اجل الاطاحة "بالنظام الشيعي" وبمساعدة عملاء النظام السعودي من كتل سياسية داخل العراق. 
- كما وان من مشاكل النظام السعودي مع العراق أيضا ، ان النظام لا يقيم وزنا ولا ينظر الى العراق نظرة الاحترام المفترضة لا قبل التغيير ولا بعده ، كتلك التي ينظرها مثلا الى بعض الدول العربية كمصر او سوريا او تونس قبل احداث الربيع العربي في تلك الدول، والسبب في ذلك ان السعودية تعتقد ان شيعة العراق كانوا ولا يزالون غير قادرين على فرض ارادتهم على من يحكمهم ، وهذا كان سببا كبيرا جدا في خنوعهم  السياسي والاجتماعي . فاستعبادهم من قبل صدام وكما يعتقد النظام السعودي ، لا تزال اثاره واضحة في استمرا راذلالهم ورضاهم بما لا يقبله اي شعب عربي اخر تحت نفس الظروف التي يمرون بها ، فما بالك اليوم وقد اصبح الشيعة حاكما للعراق ، ولكن مع ذلك ، لا يزالون غير قادرين على التدخل حتى لاصلاح القائد الشيعي الذي يبدوا انه غير مبال لمطالب حياتهم؟ وهم كذلك غير قادرون على التصافي فيما بينهم ككتل سياسية بسبب اللهاث وراء الجاه والثراء؟ فالنظام السعودي يعتقد وبشكل جازم، ان الشيعة لايستطيعون الاستمرار في هذا الحكم لولا تبعيتهم لايران؟!!! 
- ولكن على عكس ذلك ، فالنظام السعودي ، يخشى إيران ، ويعيش هاجس قيام ايران بتحريك الاضطرابات بين الشيعة في المنطقة الشرقية للمملكة ، وهو ربما احتمال وارد في منهج ايران السياسي ، وخصوصا كرد على تدخلات السعودية في شؤون ايران وبعد ان عانت كثيرا من خلق المشاكل بينها وبين المعارضة في خارج وداخل ايران ، ولكن في نفس الوقت ، نجد ان النظام السعودي غير قادر على المواجهة مع ايران..
- أن أشد ما يخشاه النظام السعودي هو شعارات ايران بتصدير الثورة منذ عام 1979 ، ومحاولاتها تقويض النظام الملكي السعودي . ولكن الاهم من كل ذلك وخصوصا الان ، وبعد ان عانى النظام السعودي اسوأ اندحار سياسي له عندما فازت ايران في معركة بسط نفوذها على الشرق الأوسط على حساب صداقة وموالات النظام السعودي للولايات المتحدة في قضية الاسلحة الكيمياوية في سوريا مؤخر، تزداد نقمة السعوديين على الشيعة. 
- أن أستأساد النظام السعودي وكراهيته للنظام الجديد في العراق من خلال ما توفره الولايات المتحدة من مظلة واقية لاستمرار حماية النظام من اجل استمرار المصالح المشتركة بين البلدين، ومن ثم غض النظر عن مواصلة استهتارالمملكة في جرائمها ضد العراق والعراقيين وحسب تصريحات الدبلوماسيين الامريكان أنفسهم ، كان أمرا من المفترض عدم السكوت عنه من قبل العراق ، ووجوب مواجهة الولايات المتحدة بتلك الامور. بل وكان ينبغي ان يقابل ذلك التدخل السعودي على الاقل بفضحه واثارة موضوع هذه الجرائم التي يرتكبها ضد شعبنا لدى المنظمة الدولية ، ثم العمل على قطع كل علاقة مع السعودية ، والتي لا يبالي نظامها الطفولي بالكيد ضد العراق حتى من خلال اضاعة فرص اشتراكه وفوزه الرياضي . 
وأخيرا، ان الصداقة التي امتدت طويلا بين السعودية والولايات المتحدة ، لم تعد كمصدر ثقة بينهما كما كانت دائما، وخصوصا بعد تفريط الولايات المتحدة مؤخرا بمصالح السعودية وتلك الصداقة . فخذلان الولايات المتحدة للنظام السعودي من خلال ما تم من تفاهماتها بين الولايات المتحدة مع ايران ، ألد أعداء المملكة، لم يعد يجعلها قادرة على الاطمئنا ن والرهان على ان الولايات المتحدة ستكون وفية لها كما كانت دائما . فالمصالح الاقتصادية والسياسية هي اللعبة الخؤون التي اسقطت اقرب حلفاء الولايات المتحدة من عروشهم وهوت بهم الى الحضيض . 
والان وقد توفرت فرصة تحييد الولايات المتحدة ، نعتقد ان الوقت قد حان لتتحرك حكومة السيد المالكي بما يلزم لاستغلال ظرف الهزيمة السياسية التي مني بها النظام السعودي والتي لوت عنق عنجهيته .      
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ا . د . حسين حامد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/14



كتابة تعليق لموضوع : بعد خذلان الولايات المتحدة للنظام السعودي ... هل ستستمر وقاحته مع شعبنا ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net