صفحة الكاتب : ا . د . حسين حامد

ما لم يذكره السيد المالكي عن اخطبوط عصابات \"المافيا\" العراقية ...
ا . د . حسين حامد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في كلمته الاسبوعية يوم الاربعاء في الاسبوع الماضي، اعترف السيد المالكي بأن \"العراق يحتاج لخبرة وتخطيط دولي وإقليمي للقضاء على الأرهاب\"، وهو اعتراف وإن جاء متأخرا جدا عن حقيقة ما للارهاب من سيطرة وما لاخطبوط عصابات \"المافيا\" العراقية من تمترس في عمق الحياة والواقع العراقي، فان هذه الحقيقة يعرفها الكثير من العراقيين، وإن لم يصرح بها السيد رئيس الوزراء . 
والارهاب وكما هو معروف ، يتطلب عناصر أساسية للبقاء على قيد الحياة من بينها الدعم الشعبي، والمال، والأسلحة، والملاذ آلامن لنشاطات التخطيط. وفي العراق، يعتبر المال العنصر الأكثر أهمية ملموسة ، واهميته تنحصر من أجل شراء الأسلحة، والذخائر والمستلزمات، ودفع مرتبات الارهابيين لتنفيذ الهجمات على شعبنا. ولولا حواضن الارهاب في بعض المناطق السنية في بغداد والمناطق الغربية من العراق، فلربما كان الامر مختلفا جدا. 
 
والارهابيون في العراق يلجؤون إلى أساليب الجريمة المنظمة (ألمافيا) لتقويض سلطة القانون كممارسة عمليات السطو على البنوك، وتوفير الحماية للاثرياء والخطف للحصول على فدية، والابتزاز. والإرهاب الدولي هو الممول للارهاب المحلي ، وهناك تقارير تفيد بأن تنظيم القاعدة الارهابي آخذ في التحول في أولوية تمويله من ألعراق بعد ان كان أفغانستان الممول الرئيسي له. كما وان عدم الاستقرار الطويل في العراق لا يزال السبب الاول في موت النهضة المأمولة وكذلك اعاقة مجئ الاستثمارات الأجنبية، مما كان له تأثير كبير جدا على التنمية الاقتصادية. وإذا لم تتم السيطرة على العنف، فسوف تستمر معاناة شعبنا بما يلاقيه يوميا من التفجيرات والمفخخات والتي تقضي على الفرص الاقتصادية، وتنشر اليأس والفقر والتمرد. 
 
متى بدأت المافيا العراقية عملها في العراق؟ 
، جيمس دينسيلو، الكاتب في صحيفة الشرق الأوسط الجيوسياسية وقضايا الامن ،James Denselow وفي مقاله بعنوان (المافيا العراقية) ، استعرض ظروف الفوضى السياسية في بداية الاحتلال ، والتي كانت قد شكلت سعيا \"محدودا\" لبعض العصابات والمتمردين في قيامهم باعمال ضد القانون من اجل الحصول على بضعة دولارات يوميا . لكن الكاتب يوضح أن الظهور القوي للمافيا العراقية ، لم يكن مع مجيئ الاحتلال في 2003 كما يتصور البعض، بل كان قد بدأ في اعقاب حرب الكويت 1990 - 1991، وفقدان صدام جزءا من السيادة العراقية من خلال اقامة منطقة حظر الطيران وفرض العقوبات الاقتصادية ثم محاولة صدام للسيطرة على الاوضاع في العراق من خلال نقل السلطة الى عائلته والمقربين منه والعشائر والاسر الموالية له ، الامر الذي شجع تقنين السلع من خلال المحسوبية والفساد الهائل في برنامج النفط مقابل الغذاء، وخلق ممارسات الكسب غير المشروع ، ثم لتصبح الحياة اكثر عنفا ودموية بعد الغزو في 2003. واليوم قد تطور الحال الى تواجد نشاطات كبرى لمؤسسات الجريمة المنظمة في العراق والتي تعتبر السبب الرئيسي في ايقاف عجلة التنمية .
ففي عام 2002 قام صدام بتفريغ السجون العراقية من النزلاء للتحضير للغزو الامريكي الذي تم بعد سنة ، ولكن الاحداث اللاحقة التي تبعت الغزو ، لم يكن فيها إسقاط تمثال صدام سوى ليمثل رمزا بسيطا للمقارنة بالنهب الشامل والفوضى التي اجتاحت البلاد . 
كما وأن قيام سلطة الائتلاف المؤقتة ببعض الخطوات الرعناء والتي شمل قسم منها تفكيك قوات الامن العراقية ومن بينها الآلاف من حرس الحدود ، لتحيل العراق الى بلد مفتوح على مصراعيه ، فضلا الى خلق فوضى مزرية نتيجة تحويله إلى سوق حرة فورية بعد إلغاء التعريفات التجارية ، ناهيك عن عمليات التهريب التي كانت قد ازدهرت اساسا في ظل العقوبات الاقتصادية ، لكنها تفشت بلا حدود هي ألاخرى بعد الاحتلال. 
ويضيف جيمس دينسيلو ، أن من أسوأ عواقب الغزو \"أن العراق أصبح نقطة عبور في تدفق الحشيش والهيروين من إيران و أفغانستان (أكبر منتج في العالم لخشخاش الأفيون) إلى دول الخليج و أوروبا .
وقد ازدادت وتيرة ارتفاع المكافآت المالية في تورطهم في هذه التجارة نتيجة البطالة والفقر الشامل في العراق . فوفقا لتقرير المخدرات العالمي التابع للأمم المتحدة 2008، فأن كيلو من الهيروين يباع في أفغانستان ب 3،000 دولار و في إيران ب3،200 دولار . وعند وصوله الى سوريا يمكن أن يصبح سعر الكيلوغرام 17،000 دولار، و 21،000 دولار في الأردن . وفي أوروبا يكون متوسط تكلفة كيلو من الهيروين 35،000 دولار.\"
وفي عام 2005 ، أوضح السيد حميد قدسي ، رئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات التابعة للأمم المتحدة ، أنه \" لا يمكن الحصول على السلام والأمن والتنمية بدون وجود حقيقي لمكافحة المخدرات \" . 
ومجموعات المافيا العراقية تعمل إلى حد كبير تحت الرادار، ذلك لأن المستويات الرهيبة من العنف ما قبل التحسن الاقتصادي كانت اساسا تهيمن على البلاد .
ووفقا للسيد علي الموسوي ، رئيس منظمة غير حكومية محلية تعني بإبقاء الأطفال على قيد الحياة ، كانت هناك زيادة 23٪ في تعاطي المخدرات بين الأطفال والشباب وحدهم عام 2007. 
وعلى الرغم من أن المؤسسات الأمنية العراقية قد تحسنت تحسنا كبيرا منذ إعادة وإنشاء ترتيبها في محاربة الجماعات الإرهابية ، لكن إضفاء الطابع المؤسساتي للعصابات يعني أن المافيا العراقية كانت قادرة بانتظام على رشوة أو تجاوز موظفي الجمارك والأمن. وفي أحد برامج قناة الجزيرة قبل فترة ، تم طرح سؤال \"هل خسرت الحكومة العراقية الحرب على المخدرات ؟ \" ، فادعى الدكتور عبد الرحمن حامد ، وهو طبيب بيطري من محافظة المثنى ، أن مهربي المخدرات يقومون بقطع وفتح سنامات الإبل كمخبأ لتهريب المخدرات.! 
والمخدرات ليست هي المصدر الوحيد لتمويل الارهاب ، فهناك العديد من عمليات السطو على البنوك في جميع أنحاء العراق . وفي واحدة من أكثر الجرائم التي اصبحت معروفة ، حيث قام أعضاء من \"الحرس الرئاسي العراقي\" والمسؤولة عن حماية كبار المسؤولين في 28 تموز الاسبق، باقتحام مصرف الرافدين الحكومي وسرقوا حوالي 4.8 مليون من الدولارات والدنانير العراقية.
وبالإضافة إلى ذلك ، فمنذ عام 2003 تم استهداف الطبقات الوسطى والعليا على وجه الخصوص في الخطف و الابتزاز ، مما اضطر الملايين من العراقيين للفرار من البلاد . ويمكن ان يجد العراقي صورا لأقارب المختطفين في كل مكان في بغداد . ونتيجة لفساد معظم قوات الامن والتي لها تأثير ضئيل جدا على مثل هذه الجرائم ، تجري عمليات دفع الفدية عن الأطفال الى ما يصل الى 000،100$ .
كما ويجد الأطفال أنفسهم ضحايا للسمسرة والبغاء . فقد ذكرت مجلة تايمز في وقت سابق أن الاطفال باعمار11 - إلى 12 عاما كان يتم بيعهم لممارسة الدعارة بمبالغ تصل إلى 30،000 دولار. ونقل مقالا عن ناشط في مجال حقوق الإنسان والذي شهد بنفسه \" على بيع وشراء الفتيات في العراق ، ووصفها انها كانت كتجارة بيع وشراء الماشية ... وأضاف ، أنه شاهد أيضا أمهات يساومن مع وكلاء السمسرة على اسعار بناتهن \" .
وكشفت التحقيقات الحكومية العراقية أن 60 ٪ إلى 70 ٪ من النشاط إلاجرامي تقوم به الجماعات الارهابية السابقة أومن قبل عصابات تابعة لهم ، وهذا ما يفسرولو بشكل جزئي وحشية تلك الجرائم . 
فحتى الآن ، عندما تواجه حكومة ضعيفة ، تجد نفسها غارقة في الكسب غير المشروع والفساد ، ووقوف الساسة الفاسدين ضدها ، فمن السهل أن نرى كيف أن الجماعات الإجرامية قادرة على الازدهار.
وفرض الطابع المؤسساتي على الجريمة المنظمة في العراق لا يزال يمثل واقعا من الحياة اليومية في البلاد ، ويشكل التحدي الرئيسي لحكومة تحاول ساسة المافيات العراقية على ابقائها ضعيفة وهي تكافح بمرارة لفرض سيادة القانون.
والحقيقة، أن عصابات المافيا العراقية ، كانت وراء أسباب الفساد الاداري والسرقات الكبرى التي قام بها بعض الساسة العراقيين الذين تبوؤا وزارات ومراكز حساسة في الحكومة العراقية وأوهموها من خلال التوقيع على عقود وهمية مع شركات لا وجود لها ،ثم فرارهم خارج العراق، أمثال وزير الدفاع الاسبق حازم الشعلان ووزير الكهرباء أيهم السامرائي في حكومة السيد اياد علاوي ، و السوداني وزير التجارة السابق ، فضلا عن السرقات الاسبوعية المنتظمة ولمليارات الدولارات من البنك المركزي العراقي ، والتي ما كان لكل ذلك ان يتم بنجاح ويسر لولا تبني المافيا العراقية لها ولانجاح ونقل تلك الاموال الى الخارج .
وختاما ، نتمنى مخلصين للسيد رئيس الوزراء ، الاستاذ المالكي ، النجاح في مهمته الكبيرة في تشرين اول الحالي في زيارته الى الولايات المتحدة من اجل تحشيد مصادر الدفاع عن شعبنا الحزين وعراقنا الغالي لاعادة امجاد الحياة لانساننا العراقي ودحرهذه المافيا العراقية ، باذن الله تعالى. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ا . د . حسين حامد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/09



كتابة تعليق لموضوع : ما لم يذكره السيد المالكي عن اخطبوط عصابات \"المافيا\" العراقية ...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net