صفحة الكاتب : محمد السمناوي

دراسة أخلاقية في القصاع (1) المعنوية
محمد السمناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إبتدأ جون في خدمة أبي ذر الغفاري (رضوان الله عليه) وفي تلك الفترة كان يأخذ الدروس والمناهج في المعرفة الإلهية من خزان العلم الإلهي .
ورد في زيارة الجامعة الكبيرة (وخزان العلم) (2) .
قال تعالى :
((وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)) (3) .
إن أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة و السلام) يملكون الكتب السماوية ، وكل الأسرار والعلوم الإلهية مخزونة في صدورهم (صلوات الله عليهم اجمعين) وهم الراسخون في العلم الإلهي .
والعاملون بالمعارف الحقة والفضائل الأخلاقية المعنوية.
وقد ورد أيضا ً في الزيارة الجامعة الكبيرة :
((أتاكم الله ما لم يؤتَ أحدا ً من العالمين)) (4).
 
جون تـَعَّـلم في هذه البيوت المقدسة والمباركة ، تـَعـَّـلم كل خير ٍ وصلاح ، تعلم القرآن والأخلاق والمعرفة الإلهية في مدرسة الإمامة والولاية والتي بدورها تـُخـَرج كل من تـَتـَـلمذ بها بأخلاق الأولياء والصلحاء وكل سائر نحو طريق الكمال والرفعة.
كان جون في رعاية الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) وكان هذا العبد الأسود يعيش في بيتٍ كانت فيه تلك الأنفاس الطاهرة للسيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) .
جون عاش وترعرع في بيت ٍ يغبطه الآن العلماء وأصحاب المعرفة ، بل حتى الأولياء ، يتمنون أن يكونوا خداما ً في تلك البيوت المقدسة في ذلك البيت الذي كان يهبط فيه الأمين جبرائيل (عليه السلام) .
ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة : (( ومهبط الوحي)) (5). تلك الدار التي ملأت العالم والكون نورا ً وضياءا ً ، أخذ جون يتأثر بهذه الأجواء الملكوتية النورانية.
إن الفرد إذا عاش في بيت ٍ حديثهُ القرآن الكريم ، والعلم والأخلاق والتعلق والتعامل مع الآخرة بجد والتمتع في العمق في الدعاء والعبادة ، ماذا سيكون بعد أعوام ، فهل يا ترى يبقى على حاله ؟
قطعا ً سوف يحصل على مقامات سامية بتلك الأجواء الإيمانية .
إن تلك المعيشة حتما ً سوف تبلور سلوكهُ وأخلاقهُ إلى سلوك نوراني إلى عالم الملكوت.
فمن تلك الأجواء كان جون يرى الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) عندما كانا يقفان للصلاة بين يدي الله تعالى وكان يرى دموعهم تجري على خدودهم في أثناء قراءة القرآن والمناجاة والابتهال إلى الله تعالى في جوف الليل .
عندما تكررت هذه المشاهد أمام عينه ِ تأثر بها تأثرا ً شديدا ً ، فكانت تلك المشاهد منهاجا ً في حياته فكانت هي فلسفة القصاع التي كان يأكلها ويلحسها بحسب تعبيره ، وبرزت أكثر عندما أخذ الأذن من الإمام الحسين (عليه السلام) وقال كلمته المشهورة :
((يا بن رسول الله في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم والله ..)) (6).
 
وعندما سقط صريعا ً على أرض الطف ، توجه الامام الحسين (عليه السلام) إليه بذلك الحنان الكبير والرحمة الإلهية التي تجلت في كيان الامام الحسين (عليه السلام) وجلس عند مصرعه ، وأخذ رأسه المخضب بالدماء وقال :
((اللهم بيض وجهه وطيب ريحه واحشره مع الأبرار ، وعرف بينه وبين محمد وآلهِ)) (7).
نال هذه العناية الحسينية بسبب الفهم لحركات وسكنات وأفعال وأقوال الامام الحسين (عليه السلام) بذلك الفهم العميق للولاية ، والخلافة الإلهية ، والذوبان الكامل في المسؤولية تجاه ما يحمله من عقيدة ومكارم ٍ أخلاقية تربى بها عند سيد الشهداء (عليه السلام) .
جون لم يتعلق بالامام لحسين (عليه السلام) تعلقا ً عاطفيا ً مجردا ً عن الوعي والفهم ، بل كان نموذجا ً رائعا ً في التلمذة الفكرية الأخلاقية في المدرسة الحسينية فكان يتغذى ويُطعم من هذه الأغذية المعنوية التي لا تـُشبع ولا تنفد ، فيا لها من قصاع مقدسة.
ويوجد الكثير من هؤلاء الذين يحملون الشجاعة الأخلاقية ، الذين أظهروا الاستفادة في رحلتهم مع الإمام الحسين (عليه السلام) حيث انتصروا على أنفسهم وقاموا بتطهيرها من الأوساخ المادية .
 
وإن هذه المحاولة والأسطر لا تسع لكل مواقف هؤلاء الذين ترعرعوا في أحضان آل محمد (صلوات الله عليهم) ، ألا وهي الحب والولاء لهم )عليهم السلام)
فلقد كان جون مثالا ً في البطولة والإيمان العميق بالله تعالى والأخلاق والتفاني والإيثار والتضحية والإنسانية الرفيعة.
 
 
 
المصادر :
1- القصاع جمع قصعة وهي إناء الطعام.
2- من لايحضره الفقيه ج2: 610,تهذيب الاحكام ج6: 96
3- آل عمران : 7
4- من لا يحضره الفقيه ج2: 615تهذيب الاحكام ج6: 100
5- -مثير الاحزان ابن نما الحلي ص48 
6- مثير الأحزان ابن نما الحلي ص48.
7- مقتل الخوارزمي ص237

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد السمناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/05



كتابة تعليق لموضوع : دراسة أخلاقية في القصاع (1) المعنوية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net