صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

سُرّ مَنْ نَظرْ!!
د . صادق السامرائي
سرّ مَن نظر! 
بعينيك الواسعتين , وشفتيك الممتلئتين , ووجنتيك المتوردتين , وشعرك الطويل , الذي يسابق الدجى , ويحلم أن يطير , إلى حيث الأجيال , المحملة بالظلام الثقيل, وبكل ما فيك وما عليك
من أحلام وأوهام , وصدق وكذب , ودموع وحزن وفرح , وتنهدات شوق وألم , وما تريد أن تبثه نظراتك الحائرة , في فضاء بلا نجوم , ونهار بلا ضياء , وليل لا يريد أن يغادر محطات
السكون والنحيب!!
 
سرّ مَن نظر! 
هل من عقل يقول , ومن صوت جديد؟
 وهل ستوقظين أهل الكهف من سباتهم الأبدي , وتذكريهم بأننا في القرن الحادي والعشرين
وبأن الدنيا تغيرت , والأرض تبدلت , والأحوال تجددت ,  وما كان لن يكون , وأهل الكهف لا بد لهم من الخروج إلى المدينة , والتجوال في شوارعها , واستنشاق الهواء المعاصر , البعيد عن المفاسد السوداء , والتفاعلات النكراء , فهل لا يزالون في صومعة الرؤى البعيدة , ذات الوجوه المعبأة بالخطايا والمآسي والذنوب , وهم في أشد حالات الغيوب!!
 
سرّ مَن نظر! 
في الأفق البعيد , عقارب سوداء , وثعابين رقطاء , ووحوش متحفزة للإنقضاض على الحياة , 
وتحويلها إلى فرائس متمرغة بدمائها وجلودها , وعيونها المتجمدة أمام وحش بلا رحمة , 
تدفعه قوة هائجة ترفع رايات الفناء , وتحلم أن تحقق لها المجد القصير العمر على كراسي المتاهات المرعبة , في زمن يجعل الليل نهاره والنهار معصرة كبيرة  لأحيائه التي تتلعثم بالدقائق وتئن من الساعات , ولا يمكنها أن تخترق يوما واحدا من غير رقصات رعب , وأنفاس خوف وارتعاشات ذعر , وخفقات قلب لا يمكنه أن يستريح من ضاريات الإنتقام ,  وعفاريت السوء المحدقة بالبشر الذي يتنفس الهواء , ويملك يدين وقدمين تساعدانه على الحركة في الظلماء!
 
سرّ مَن نظر! 
وهل من بصر , ومن رشد قليل , وعقل يرى ما يدور لا ما يرى من سكرات الضنى والنفور. 
فالعالم يتحرك نحو البعيد , ويحشد طاقات وفيرة من أجل صياغات أرضية متوالدة , ذات فعل مؤثر في الوجود البشري القادم , الذي ستحمله على أكتافها الأجيال , وهي متلاحمة متدافعة نحو الأمام , الذي تحلم به ولا تعرف ماذا يكمن لها فيه , وما سيدور عليها وحولها من الأفاعيل والخطط المعقدة , ذات النظريات المتفوقة على العقل البشري , الذي تحول إلى ورقة بيضاء يمكن للإقتدار الفاعل في الوجود أن يكتب عليها ما يشاء ويسخرها إلى ما يشاء , وبهذا فقط تحولنا إلى مخلوقات بلا إرادة أو خيار, بل أصبحنا مخلوقات مدجنة وفقا لنظريات التبعية والخنوع , والانجرار إلى دروب الويلات المرسومة وفقا لخارطة المصادرة وتدمير المصير , وتحقيق الغايات السيئة في زمن أشد سوءا وقسوة!
 
سرّ مَن نظر! 
القلة لا تدري ماذا تريد , بل أنها تتساقط في شباك الرغبات , ومصائد الإندفاعات وستنتهي إلى كهوف العذابات , ويتحقق لها المصير المشؤوم , لأنها لا تفهم المعلوم ولا تتورع في سلوكها , بل أنها في نزق مجنون وتفاعل شديد مهزوم , تراه نصرا وهو لا يعرف إلا الخصوم , وهكذا ترى الأيام تتحرك بإتجاهات لا تفيد أحدا ولا ترضي راغبا.
فهل سيعرف الذي يريد أن يعرف , أم أن الجهل طبيب , والخوف بعيد , والجيوب معبأة بالذهب الجديد. 
والناس على بعضها تأسدت , وعلى غيرها تثعلبت , وتمرغت بذلها وعبوديتها , وأخذت تمشي على رؤوسها , بعد أن تاهت الأقدام وحسبت كل خطوة خنجر إنتقام في صدر الزمن المضام!
 
سرّ مَن نظر! 
وتتساءل الأيام عن جيلنا المقدام , وترفع الرايات وتعلن السلام , وكلنا سهام تبارك الآثام ,  وتشتهي الآلام وتحضن الظلام , لأننا في بحرنا الدوام أسماك جزر لا تنام.
نطارد عقولنا ونفتدي بدوننا ونركض كأننا أوهام. 
ما عندنا من وجع بل نملك الآثام , ونرتقي بجهدنا لساحة الأغنام.
يا عزمنا المسافر وجرحنا المثابر , ودمعنا الوفير وكلنا الضرير , وبعضنا المسافح الشرير. 
هل تنتهي المآسي وتسقط الكراسي , ويظهر الصحيح وينتهي الفحيح , ونجلس كأننا بأرضنا نعيش وكلنا لبعضنا عضيد. 
يا أمة لا تعرف ما يحصل بل تركض وعقلها السعير وكلها بكلها كسير , لا تملك في أرضها النصير , وتسأل بفعلها عن المصير!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/04



كتابة تعليق لموضوع : سُرّ مَنْ نَظرْ!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net