صفحة الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

إسلام معية الثقلين لا إسلام المصحف منسلخاً عن إسلام الحديث ح22
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم 

والصلاة والسلام على أشرف الخلائق محمد وآله الطيبين الاطهرين المنتجبين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا 

 

الحلقة : الثانية والعشرون

 

بقلم : سماحة آية الله المحقق الشيخ محمد السند "دام ظله الشريف"

الموضوع : إسلام معية الثقلين لا إسلام المصحف منسلخاً عن الحديث .

 

_______________________________________

 

العنوان: أيهما اقرب الى الاسرائيليات الفلسفة والعرفان أم حديث اهل البيت (ع) 2 ؟

 

ولنكمل في البدء نبذة اخرى من النقاط المقارنة بين عشعشة الاسرائيليات في الفلسفة والعرفان وبين نقاء الحديث منها . هذا مع ايماننا بضرورة اللغة والقراءة العقلية واللغة والقراءة الذوقية ، وانهما اللغتان والقرائتان المثيلتان للوحي، وان العقل والقلب هما التلميذان المقدمان والاكفئان للتعلم لدى مدرسة كلام الوحي .

 

إلا ان هناك بونا كبيرا بين اللغة والقراءة التصورية العقلية والذوقية لكلام الوحي وبين جعل المدار في البحث العقلي والذوقي العكوف طوال العمر على كلام البشر كالفلاسفة والعرفاء و إضفاء هالة من القدسية عليه .

 

7- البحوث في العلوم الطبيعية: فكم بنى الفلاسفة على بحوث العلوم الطبيعية والتجريبية المعاصرة لهم ورتبوا عدة من نظرياتهم عليها وجملة من استدلالاتهم على تفريعاتها ثم يفاجؤهم البحث العلمي في اجيال لاحقة بهدم كل اسس الفرضيات او النظريات التي بنوا عليها فينهار عرش البحوث في جرف هاوٍ.

 

وكذلك العرفاء فكم بنى مثلا ابن العربي في فتوحاته وغيره على نظرية بطليموس في الفلك بينمت تبددت اوهام هذه النظرية لاحقا .

 

وهكذا تجد العشرات من الامثلة والموارد والمواطن التي بنوا عليها ، مثلا : خالف العلامة الطباطبائي الفلاسفة في جنس الاجناس فلم يجعله الجسم بل الطاقة المادية بعد اكتشاف العلوم الطبيعية الحديثة ان الطاقة سابقة تكونا على الجسم . وماذهب اليه الطباطبائي وان كان يتضمن غفلة عن ضابطة ومصطلح الجسم في اللغة العقلية إلا انه مؤاخذته على من تقدمه في هذا المسألة التي تبتني عليها عشرات البحوث الاخرى مثال لتلك العشعشة.

 

ومثال آخر وليس بأخير ولا حصري به في مقابل العشرات مابنى عليه الملا صدرا والطباطبائي كذلك في البحث الفلسفي من ان ارتباط اصل الروح المجرد الحيواني من الانسان بالبدن بعد الاربعة اشهر وحملوا تفسير الآية القرآنية ثم أنشأناه خلقا آخر على هذا المعنى وكذلك تأولا عالم ونشأة الذر للانسان .

 

بينما اكتشف العلم الحديث ان تعلق الروح الحيواني بالمادة قبل ذلك بكثير بمادة الجينات الوراثية المجهرية منذ وجودها في ظهر آدم ابو البشر ،واما الانشاء الاخر بعد الاربعة اشهر فهو مراتب اعلى من درجات الروح الانساني .

 

وهذه الظاهرة ليست مختصة بالفلسفة البشرية القديمة بل ملحوظة بالفلسفات الحديثة الغربية ايضا لاسيما مع هذه الثورة المعلوماتية التي تتفجر باستمرار على مدار الساعات في العلوم الراهنة لدى البشر فانها تفضح زيوف الاراء الفلسفية بنحو سافر .

 

بينما نرى العكس على الدوام بين ما يتضمنه الحديث والروايات من امور حول مختلف العلوم والموضوعات الطبيعية والكونية فان الاكتشافات والمفاجئات العلمية تبرز اعجازات علمية مهولة لما تضمنته الاحاديث من حقائق طبيعية وكونية وتكوينية لم يستوعبها ولم يعيها البشر من قبل فانظر الى هاتين الظاهرتين المتعاكستين في الفلسفة والعرفان وعلى عكسها في متون و مضامين الحديث وتابع وارصد سلسلة المستجدات وقم بتدوين قائمة وملفات في ذلك ولن ينقضي عجبك حتى ستذهل من هول ما ستقف عليه من عظمة ماتضمنه الحديث من الوحي في ادق التفاصيل فضلا عن كبار المسائل والابواب ، فهو كالشمس المشرقة المتعاظمة في الصعود علوا .

 

بينما ينكشف قصور تصورات الفلاسفة والعرفاء وإخفاقاتهم التي لاتنتهي عند حد بتواصل مفاجئات اكتشافات العلوم الحديثة

 

8- التعصب للرأي والانغلاق تزمتا : فانها ظاهرة في البدأ لابليس اللعين فهو كما قال اميرالمؤمنين (ع) ابليس امام المتعصبين . وهذه الظاهرة مترسخة في طبيعة اليهود ولجاجهم وتعصبهم وعنصريتهم التي رصدها القرآن الكريم .

 

فتعال ... نلاحظ مقدار التعصب في جو البحث الفلسفي والعرفاني رغم رفع الفلاسفة والعرفاء شعار البحث الحر وان المدار هو الدليل والاستدلال والبرهان لا التقليد والتسالم .

 

إلا ان حقيقة الحال وواقع المسيرة الفلسفية والعرفانية تغاير هذا الشعار ولنذكر لذلك امثلة :

 

-منها : ابتعادهم عن تراث الانبياء (ع) والأديان واستبدادهم بآرائهم مع ان الانفتاح على الرأي الآخر وآراء الاخرين بغض النظر عن هويته مما يوسع للباحث افق الاحتمالات ويكثر لديه زوايا وابعاد الامور وينوع لديه وجوه الاشياء .

 

وهذا لايعني التسليم من دون دليل وبرهان بل يعني إثارة الاحتمال وتوليد تصورات مغفول عنها في ذهن الباحث لولا انفتاحه واطلاعه واستقراءه ﻵراء المدارس والاتجاهات المختلفة .

 

ومن ثم ورد في الحديث عن النبي (ص) واهل البيت (ع) ان اعلم الناس من علم باختلاف الناس واعقل الناس من جمع عقول الناس الى عقله ومن استبد برأيه هلك وغيرها من توصيات في القرآن والسنة على الانفتاح على اقوال وآراء الاخرين.

 

وهذا وان لم يكن بمعنى التسليم عمياويا بل التصفح والتنقيب والبحث والمقارنة .

 

إلا ان اصل الاطلاع عما يقوله الآخرون يوسع افق تصور الباحث ، بينما الملحوظ لدى جل وغالب الفلاسفة والعرفاء العزوف عن ميراث الانبياء والمرسلين والصدود عنه بل الاستهزاء به والاستنكاف عن التصفح فيه والتنقيب عن تصوراته مع انهم يسترقون كثير من نيرات ضيائه في عدة من المباحث إلا انه يسير مقارنة مع مافي الميراث السماوي من حقائق ومعارف مع ان اصل التصورات والإلمام بجميعها ومجموعها ضروري توفره لدى الباحث كي تتوافر لديه المعطيات و تعتدل لديه الموازنة بين كل الاحتمالات المتأتي إمكانها .

 

فكيف يتم السبر العقلي والاستقصاء الدقي البرهاني لكل محتملات الامكان الواقعي بدون الاحاطة الشمولية ؟

 

فهل يكون الحصر بدون ذلك حينئذ عقليا برهانيا ام هو تجزمي تقوقعي في شرنقة الأنوية و سجن الأنا الذاتي ؟.

 

ومن ذلك يظهر لك قيمة اية رواية مهما بلغ ضعفها من ناحية توثيق الصدور و مهما بلغ ضعف اعتبار الطريق فان المدار في البحث العقلي ليس على الصدور والطريق بل على المضمون للمتون والمفاد للمؤدى . فغريب ممن يدعي النهج العقلي ويتمسك في بحث المعارف بتمريض اعتبار الصدور و الطريق للحديث مما يكشف عن عجزه عن تحليل المضمون و عن دراسة المتون .

 

ثم من الغرائب ان الفلاسفة والعرفاء يعكفون طول عمرهم على كلام البشر من أمثالهم ولا ينفتحون على كلام منسوب للوحي السماوي .

 

وليس المقصود من ضرورة انفتاحهم على كلام الوحي هو إذعانهم بها من دون دلائل وبرهان بل المقصود هو تحريهم وتنقيبهم في الآفاق التي يبديها ويبرزها الكلام المنسوب للوحي .

 

بينما نرى ان الحديث يدعو القارئين له للإلمام بأقوال الآخرين والمقارنة والموازنة والتنقيب لتمييز الغث من السمين والانفتاح على الحكمة اينما وجدها وتوصيات عديدة للتحري .

 

-ومنها: عدم انفتاح الفلسفة والعرفان على العلوم الاخرى فان متابعة العلوم الاخرى في كل المجالات والمستجدات مما يوسع آفاق العقلية والذهنية البشرية ويأخذ بها الى مستويات مترقية .

 

بينما ابتعد الفلاسفة والعرفاء عن العلوم الكثيرة تحت ذريعة انها لاتشتمل على البرهان ولاعلى المشاهدات والمكاشفات العيانية وهذا حبسهم على دوائر ضيقة من المجهود العلمي ، وهذا بخلاف دعوة الحديث والروايات فانها داعية الى ازدياد الاطلاع على العلوم والى ازدياد درجات رقي العقل بقوة المعلومات كي يتسنى ويتمكن من وعي وفهم كلام الوحي الذي يتصفح كل اقسام المخلوقات وانواع الاشياء .

 

-ومنها : منعهم عن النقاش والنقد وإغلاق المسائلة في المسلمات الفلسفية والعرفانية وإضفاء هالة كبيرة على رموز الفلسفة والعرفان ولايخفى ان من وراء ذلك غلق لباب المراقبة العلمية والنقد البحثي وضخ قناعات مسلمية لا يفسح المجال للتأمل والتساؤل فيها ،بينما الوحي من خلال المصحف والحديث يوصي بمراقبة الانبياء والرسل والاوصياء فضلا عن غيرهم وهذه المراقبة لا للخلل والخطل في المعصومين (ع) بل لزيادة المعرفة بهم وبعلو حقايق مقاماتهم وليكون الاتباع عن معرفة وبصيرة لا عن عمياوية واندفاع غير مدروس.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/23



كتابة تعليق لموضوع : إسلام معية الثقلين لا إسلام المصحف منسلخاً عن إسلام الحديث ح22
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net