صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

محنة جلجامش!!
د . صادق السامرائي

 

إنحنى جلجامش على ضفة النهر , وأخذ يقرأ قصائد الأمواج , المكتوبة على جسد دجلة الزاهي الجميل , الذي عشقه وراح يتعبد بحضرته , ويعلن أن الحياة بالمياه تكون!
وأنها تجري , من شمال الشعور إلى جنوبه , من علياء الروح إلى وديانها , ومن قمم المحبة إلى قيعانها , وأنها تبقى تدور , مثلما الأرض بكلها , تنفتل على بعضها , لتصنع طاقات التحول والتواصل والعصور!
وغاص جلجامش في رمال الشاطئ الدافئ الحنون , واندس في جسد الأرض بكل قوته  , وراح يستشعر طعم الحياة , في جسم التراب المعبأ بالمياه والمحبة والحنان , ودام يغوص حتى وصل إلى قلب الأرض!
فرآه!
فإذا هو نار تمور!
فعاد إلى ضفة الشاطئ , وقد علت وجهه علامات إستغراب , ودهشة اضطراب , فاستلقى على حافة المياه , والأمواج تضرب جسمه , تريد أن تخرجه من غيبوبة الوعي الأكبر , وتدفعه إلى دورة الحياة , 
لكنه دام في تخشبه , وتفاعله مع الرمال والمياه والأمواج , التي أخذت تكتب على جسده ما تريد
والرجل في أعلى درجات  الغطيط.......!
يحلم بالوعيد!
ولا يفهم كيف أن النار تحمل ماءا , و تنجب أحياءا , و تطعم بشرا , وتأكل الأشياء , وتبقى في الكون تقيد؟!!
جلجامش يحلم!!
والنار في اضطرام , والموج في احتدام , والشمس في خصام , والنور في انهزام!!
فاستشعر لسعات عقارب الزمهرير , واستيقظ من غيبوبته , ورمى ببصره , إلى العالم البعيد
فتراءت الأمواج أمامه , كأنها البهتان والسراب , وأن الحياة ليست كما يرى , بل أنها كما لا يرى , وتتوطن البعيد!!
حاول جلجامش أن ينهض , لكن ساقيه في غاية الضعف , وتحسس في صدره , وجيب قلب عنيف , ومن حوله تتداعى الأشياء , كأنها أعاصير تتهاوى , فوقه بكل ثقلها , وتعلن أنه لا يمكنه أن يخطو لقريب!!
وحاول مرة أخرى أن ينهض , واستنجد بالأمواج والرمال , وبالأجساد الثاوية تحت التراب , وبالشمس الغائبة في صندوق الظلام , وبأجداده الآلهة , وبكل طاقات الصيرورة والنماء!!
وبغتة يتحول إلى أزيز , من قوة الشد الروحي بالرمال والمياه , و يُرمى كأنه السهم السريع , الخارق المتوثب إلى هدف بعيد , بل أنه الصاروخ , بلغة العصر الجديد!!
ينطلق بقوة خارقة , ويندس في الرمال , وطاف جسد الأرض , وسافر في عروقها , وصار ينظر البعيد ...البعيد , ويرى الذي لا يراه العديد!!
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/22



كتابة تعليق لموضوع : محنة جلجامش!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net