صفحة الكاتب : د . محمد سعيد التركي

سلسلة المعرفة الحلقة الثامنة والثلاثون النظام الاقتصادي في الإسلام الحلقة الخامسة
د . محمد سعيد التركي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

صفة الدولة الإسلامية(دولة الخلافة) مطلب المسلمين الأعظم

أفكار عامة وهامة

 

الاقتصاد والنظام الاقتصادي :

أؤكد على حقيقة أن النظام الاقتصادي لأي مبدأ شيء، وأن علم الاقتصاد بعمومه شيء آخر، وهو علم كغيره من العلوم أو الفنون التي بالإمكان استخدامها في إطار المبدأ الرأسمالي أو غيره، وبالإمكان استخدامه في الخير تحت مظلة نظام الإسلام، فالعبرة بالنظام وليس بعلم الاقتصاد، وعلى ذلك فإنه لا يوجد ما يسمونه بالاقتصاد الإسلامي أو الاقتصاد الرأسمالي .

التجارة المحلية والعالمية :

التجارة هي التجارة بعمومها، إلا أنها إذا خضعت لأحكام الإسلام تغيرت أحكامها وتعاملاتها وعلاقات الناس والدول بها، فأحكام الإسلام مخالفة أصلاً وفرعاً للتجارة القائمة اليوم محلياً وعالمياً، فالتجارة المحلية اليوم والدولية تقوم على وجهة النظر الرأسمالية وبأحكامها، ولا تقوم على أحكام الإسلام مطلقاً، وهي تصب في مصلحة الدول الكبرى المحتلة لبلدان المسلمين وبلدان العالم الثالث (كما يسمونها)، فمن ناحية سياسة التجارة الخارجية تفرض على هذه البلدان سياسات فيما يتعلق بالتجارة، مثل حرية المبادلات التجارية الزراعية منها والصناعية ) أي فرض المبادلات التجارية على الدول وفرض إزالة كل الحواجز التي تواجه الاستيراد)، أو تفرض سياسة الحماية التجارية (أي وضع القيود على الدول في صادراتها ووارداتها وجعلها تفرض رسوما جمركية عليها تتناسب مع هذه القيود(، أو تفرض عليهم سياسة الاقتصاد القومي )مما يعني وضع القيود على التبادلات الزراعية والصناعية للدولة مع الخارج)، كل هذه السياسات هي مخالفة لنظام الإسلام لما فيها من مخالفة لسيادة الدول وإرادتها وقوانين التجارة الداخلية والخارجية الإسلامية.

الشركات في النظام الاقتصادي الإسلامي والرأسمالي :

عملية اشتراك رؤوس الأموال والأشخاص في الأعمال التجارية عمل ضروري وهام لحياة الإنسان، وقد أقر الشرع الإسلامي هذا الفعل لبني الإنسان، وأشمل الفقه الإسلامي هذه الشركة (شركة العقود) في خمسة أنواع، وبين الشروط الواجب توفرها في هذه الشركات، وهي شركة العنان وشركة الأبدان وشركة المضاربة وشركة الوجوه وشركة المفاوضة، دون غيرها . 

وتعتمد هذه الشركات في الإسلام كلها على حضور المال والبدن، حضوراً مؤثراً إلى درجة امتناع حصولها إذا لم يتحقق حضور المال وصاحب المال بعينه في الشركة، وإلى حضور شركاء البدن بعينهم، وإلى حصول الإيجاب والقبول المباشر مشافهة أو كتابة للاتفاق على هذه الشركة، وإلى انتفاء هذه الشركة بموت الشريك البدن أو جنونه أو الحجر عليه، أو صاحب المال أو غيابه، وتعتمد هذه الشركة كذلك على تعيين العمل الذي حصلت في ظله الشركة، وأن يكون عملاً مباحاً غير محرم، وإلى جعل الشركاء أعضاء حاضرين وفاعلين في إدارة العمل الذي حصلت من أجله الشركة، حيث يكون لهم على وجه العموم حق التصرف في المال والأعمال التجارية ومباشرتها، وحق التصرف في رأس المال وفي إدارة العمل والمحاسبة عليه .

هذه هي الشركة في الإسلام وهي التي لم تعد سائدة في العالم الإسلامي، ولم يعد هناك من يحكم ويقاضي بها، وهي التي لا تجد من يعينها أو يعين على قيامها ويعمل على جعلها الأساس الذي تقوم عليه التعاملات المالية فيما يتعلق بالشركات، وإنما فُتحت الأبواب وشُرّعت للشركات الرأسمالية وجُعلت هي الأساس الذي تقوم عليه عقود الشركات، فكان على رأس هذه الشركات (المالية( الشركات المساهمة )التي عن طريقها اُستنفدت أموال الشعوب بغير حق من قبل سماسرة وتجار الأسهم الكبار)، وعلى رأس شركات الأشخاص الشركة التضامنية وشركات التوصية البسيطة، ومؤسسات مالية أخرى كشركات التأمين والجمعيات التعاونية، دون ذكر البنوك هنا فهي لها دستور خاص متعلق بالكيان الاقتصادي الرأسمالي كاملاً، ولذلك تسمى "النظام البنكي" ولا تسمى "البنك"، حين التحدث عن البنوك .  

هذه الشركات الرأسمالية كلها تخالف في أصلها وفرعها شروط الشركة في الإسلام وقواعده التي ذكرناها آنفاً، وهي في نظر الإسلام أصلاً كلها باطلة، وفرعها بالتالي كذلك باطلاً، رغماً عن ما تجده من علماء السوء في البلاد الإسلامية من إباحتها  والترويج والتبرير لوجودها . 

نظام النقد :

نظام النقد في الدولة الإسلامية (دولة الخلافة) هو الذهب والفضة، إنطلاقاً من الحكم الشرعي، وهكذا كان حتى تم سقوط الخلافة العثمانية في عام 1924 م، أي بعد الحرب العالمية الأولى، ثم بدأت الدول الاستعمارية بحرب بعضها البعض اقتصاديا عن طريق احتجاز الذهب والفضة عندهم واستصدار عملات ورقية مكانها لتتحكم بالسوق المالية الدولية وتهيمن عليها، حتى تحول نظام النقد العالمي من الذهب والفضة رسمياً منذ العام 1971م إلى العملة الورقية بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فك ارتباط الدولار بالذهب، بخلاف ما كان متفق عليه عالمياً في عام 1946م (مؤتمر بريتون وودز).

لقد كان معدني الذهب والفضة هما النقد المعتمد في كل العالم، وكانا موضع التعامل التجاري والتداول النقدي، فكان الذهب أو الفضة لا يحتبسان عند شعب ما أو دولة ما، وكان التجار لا يتخوفون على تجارتهم الخارجية وتوسعها من اختلاف سعر الصرف للعملات ومن عدم ثباتها، وكانت الدول لا تستطيع أن تتلاعب بمُقدّرات شعوبها كما تفعله اليوم وتستصدر عملات ورقية زائفة، ليس لها غطاء من الذهب، فتهلك الشعوب بهبوط سعر عملتها وارتفاع أسعار البضائع والخدمات، وكانت الدول لا تضطر لمراقبة حركة الذهب من وإلى دولها وتخاف التهريب لثروتها الذهبية، فهناك ذهب داخل وهناك غيره خارج بمقدار الحركة التجارية والنشاط الزراعي والصناعي المتبادل، وغير ذلك كثير.

لقد تمكنت الدول الاستعمارية بالهيمنة على الدول التي تسيطر عليها اقتصاديا، فأنشأوا لهذا الغرض ما يسمى بـ "البنك الدولي"، "وصندوق النقد الدولي"، وقاموا من خلالهما بإدارة أمور النقد في العالم بحيث تبقى الأمور كلها تصب في مصلحة نقد الدول الاستعمارية، والتأثير على اقتصاديات الدول الأخرى المستعمَرَة .

نكتفي بهذه الحلقات من السلسلة للحديث عن النظام الاقتصادي الإسلامي، وللاستزادة والتوسع مراجعة كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله.

قال الله تعالى في سورة النساء 27

وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا

قال الله تعالى في سورة الأنعام 116

وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ

 

قال الله تعالى في سورة الأعراف 157

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

 

http://dralturki.blogspot.com/2009/04/blog-post_6576.html


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد سعيد التركي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/16



كتابة تعليق لموضوع : سلسلة المعرفة الحلقة الثامنة والثلاثون النظام الاقتصادي في الإسلام الحلقة الخامسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net