صفحة الكاتب : سعديه العبود

مواقع التواصل الاجتماعي هل سببت العزلة داخل الاسرة
سعديه العبود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 
قالت تحدثني       
يأخذني كل ليلة الى عالمه, أهرب معه من واقعي ,واعبر معه القارات والمحيطات ولا اشعر بصحبته بالملل او الكلل .انسى متاعبي واهلي ولا افكر في الفكاك منه ,يجعلني اطوف معه في عالمه المليء بالمفارقات ,حتى بت لا ارغب في الجلوس مع اسرتي .غادرت كتابي واصبح ثقيلا عندما اجبر على القراءة, أشعر بالملل عندما اجلس مع اهلي.وقتي مع الشبكة اثر على علاقتي مع اسرتي وهذا ما اشعل الحرب بيني وبين امي .هكذا تحدثت تصف استمتاعها بالمشاركة في شبكة التواصل الاجتماعي . 
قلت يوما لضيفتي منذ متى لم تزُري خالتك ؟ 
قالت منذ ليلة الميلاد .ولماذا وهي قريبة منك ؟
قالت ذهبنا ليلة الميلاد اليهم وكنا نحلم بسهرة عائلية نسترجع بها ذكرياتنا ,ونجعلها ليلة مميزة, خاصة وان الاحداث التي نمر بها ابعدت الفرح عنا ,فوجدنا انفسا عبئا عليهم فقد اتخذ كلا منهم ركنا يكتب ويتواصل ويرسل التهاني  الى جميع الموجودين معهم على مركز التواصل الاجتماعي ونحن اقاربهم لم يحفلوا بنا  .حتى الاطفال انشغلوا في لعب موجودة على الهواتف النقالة وال(أي باد) وحتى ابناي انشغلا  في البحث والتحدث في ال ايفون مستغلين فرصة وجود جهاز يؤمن التوصيل, وهذا  ما كان سببا بشعوري بالملل والعزلة وانا محاطة بهذا الكم من افراد العائلة .
حكاية اخرى كانت مع شقيقي المغترب حيث سالته ما بال ابناؤك الذين قدموا لزيارتنا مؤخرا  هل هم مجبرون على زيارتنا ؟قال لا انهم يحلمون بلقائكم ,ويفرحون بوجود اسرة تحتضنهم وتحبهم ولكن لم هذا السؤال ؟
قلت له طيلة اليوم احاول اكلمهم وأرى اجاباتهم مقتضبة ,ويحاولون ان ينهوا الحديث بسرعة واعينهم شاخصة على هواتفهم  النقالة ويتحرك اصبع الابهام بحركة مكوكية سريعة لم اقتنع بكونهم يستطيعون الكتابة بهذه السرعة بدون خطأ.
قال لا هكذا هي حياتنا لكل منا عالمه ولا نتحدث الا قليل ولكل منهم هاتف بمواصفات متقدمة مع جهاز حاسوب .هكذا هي المجتمعات الغربية استدرك قائلا , كي لا افسر ذلك بسوء .
هذا اليوم كان لي حديث مع زميل لي بالعمل يعتذر عن اغلاق حسابه في موقع التواصل الاجتماعي ولما سألته عن السبب ,قال :ذهبت برفقة اسرتي الى احد المطاعم كي ننعم برفقة لطيفة ونغير الاجواء ,كان الطعام طيبا وكان الجو رائعا انتبهت الى ابنائي بانشغالهم بالهواتف النقالة حيث وجدوا شبكة نت مفتوحة داخل المطعم وبذلك استغلوا الوقت مما افسد علي فرصة التمتع برفقتهم ,وهذا ما حدا بي لغلق شبكة النت والغاء كل حسابات التواصل للجميع .اتعلمين كم اشعرني ذلك بالمتعة ,لقد بدأنا ننعم بوجبة غذاء مشتركة ,وبتنا نتابع الافلام معا ونتحاور على مضمونها ,واتفقد دروسهم والتزاماتهم ولقد بدأت اعيد توازن الأسرة.
قال لي احدهم لقد كان مركز التواصل سببا في قطيعة مع اصدقائي ,لقد اعلنت خبر وفاة والدي على موقع التواصل الاجتماعي, لاختصر عملية التبليغ والاعلان. لقد كانت مواساة اصدقائي كلمة اعجبني وكأنني اعلن عن سفرة او صورة جميلة ,مع العلم انهم لم يحضروا مجلس العزاء واكتفوا بهذه الكلمة العابرة  وكانت مواقفهم سببا في تعرضي للحرج مع اقاربي.
حكايات ونوادر كثيرة تنشر  من المتذمرين فقد نشرت احداهن :(اذا وجدت دجاجة محروقة فأعلم بأن ربة البيت منشغلة بالفيس بوك).ومع ذلك تتواصل مع اصدقاء  أغلبهم مجهولين ,وقد تتقاطع معهم في كثير من الامور الجوهرية, ولكنها اصبحت لعبة ادمان اكثر مما تحقق الهدف المنشود .
كثيرا ما نترحم على ايام زمان وعلى علاقاتنا الطيبة مع الاقارب والجيران ,فقد كانت حياتنا بسيطة لا تتجاوز قراءة كتاب يكون مصدر للتواصل والتبادل وخلق حوار هادف مع من تختارهم ,بدون تدخل من لا ترحب بحواراتهم .كان اغلب الوقت يتم بالتواصل الحقيقي وجها لوجه ,ولم يكن لجهاز التلفاز تلك الاهمية فقد كانت الايام التي يكون فيها بث قليلة, خاصة المحافظات البعيدة عن العاصمة. وكانت (التعلولة )بين الاهل طبيعية فكل منا يجد قرينه .او نستمع الى حكايات وقصص تراثية متداولة نستمتع بها وكان على النساء الحاضرات  تهيئة حكاية لهذه الليلة ,حيث يبدأ الاتفاق مقدما (عليك كرصه لو كرصتين )أي ما عدد القصص التي سترويها الليلة .وكنا صغارا ننصت بهدوء حتى لا نقطع تواصل المتحدثة .ونعود نحلم او نتصور ما قد قيل ,وما اكثرها من قصص ربما كانت من حكايات  الف ليلة وليلة ,او كليلة ودمنة , وبعضها خرافي .الا انها لا تخلوا من حكمة او عبرة .اما الرجال فلهم مجالسهم, وكما يقول المثل المجالس مدارس .فكانت تخلق رجال لهم من المعرفة والالتزام والسلوك ما يضمن للمجتمع استقراره .
وحتى جهاز التلفاز كان يتيح للعائل التجمع والمشاركة والحوار وعندما انتشرت الفضائيات اصبح في كل غرفة جهاز, وأصبح كلا له خياراته وكانت بداية العزلة . 
فهل ان التطور سلب منا ما كان يحافظ على تواصلنا ومحبتنا ؟,وهل ندعو الى نبذ هذه المواقع التي هي بالأصل  هي مراكز للتجسس والتلصص وتوثيق ما يعكس تفكير ورغبات المشارك .وهل هي حققت التواصل فعلا؟ .اسئلة اطرحها ولكم الرأي والخيار .
8-9-2013

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سعديه العبود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/13



كتابة تعليق لموضوع : مواقع التواصل الاجتماعي هل سببت العزلة داخل الاسرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net