صفحة الكاتب : اسعد عبدالله عبدعلي

اصحاب القرار المحلي وفن ادارة الازمة
اسعد عبدالله عبدعلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 منذ الايام الاولى للانسانية والازمات تلازم الانسان , لم تفارقه في اي عصر لانها نتيجة الاحتكاك الانساني , وتنتج الازمة نتيجة ظروف داخلية وخارجية في لحظة زمنية معينة .والدافع الاهم لكتابة هذه السطور هو بحر الازمات المتلاطم الذي لازم بلدنا منذ عام 2003 .
لذلك يجب ان ينصب الاهتمام في كيفية ادارة الازمة ضمن الاولويات القوى السياسية الفاعلة في المشهد العراقي .
فعلم ادارة الازمة اليوم هو من العلوم الانسانية المعاصرة التي تدرس في معاهد وجامعات العالم , لكن فقط هو يغيب عنا !
والازمة في اللغة هي الضيق والشدة . وعرفها المختصون بانها ظرف انتقالي يتسم بعدم التوازن ويمثل نقطة تحول في حياة الفرد او الجماعة او المنظمة او المجتمع , وغالبا ما ينتج تغيير كبير .ان الازمة كالبركان الذي يغير الواقع المحيط به , لذلك هنا يجب ان يلتفت اهل القرار بكيفية ادارة الازمات لتجنب  خسائر كبيرة .
انواع الازمات
ويمكن ان تصنف الازمات الى : اولا: ازمة سياسية :وهي التي تتعلق بمظاهر الصراع الدولي والنزاع بين الحكومات والاحزاب والكتل , وترتبط بعنصر تهديد المصالح والتنافس . ثانيا: الازمات العسكرية : وهي ناتجة عن صراع مسلح كصراع دولتين وخير مثال عن ههذا الحرب العراقية الايرانية , واجتياح العراق لارض الكويت . او صراع داخلي , وهو يخلق نوع من التوتر والاخطار التي تهدد المصالح . ثالثا: الازمات الاقتصادية: وهي التي تؤثر على قدرة الموسسات المالية في مواصلة عملها ونشاطها مما يؤثر بالمقابل على الجمهور والعملاء كالازمة العالمية التي ضربت الشركات العالمية والمصارف . وقد تحصل نتيجة قرار سياسي غير مدروس كما حصل في عام 1996 والهبوط المفاجئ للدولار مقابل الدينار مما تسبب بخسائر كبيرة للتجار . رابعا : الازمة الاجتماعية :وهو اختلال وعدم توازن في عناصر النظام الاجتماعي في ظل حالات التوتر والقلق والشعور بالعجز , وهذا ما حصل لنا ابان الاقتتال الطائفي في عام 2005 و 2006 .
 
اسباب ولادة الازمات
وهنا نطرح تساؤل مهم , ياترى ما سبب نشوء الازمات ؟كي يمكننا تعطيلها قبل ان تستفحل . والحقيقة ان اسباب الازمات متنوعة .فمنها اسباب طبيعية : مثل الزلازل والبراكين والفياضانات , وبعضها صناعي كتسرب اشعاعي كالذي حصل ايام الاتحاد السوفيتي عام 1985 .
ومنها اسباب اجتماعية: مثل الظلم الاجتماعي والتفرقة العنصرية او التوترات الطائفية والعرقية , او بسبب الجهل والتخلف , وكل هذه الاسباب متوفرة في المشهد العراقي بنسب معينة .
وهناك اسباب اقتصادية: منها الفقر والبطالة وانخفاض مستوى دخل الفرد وغلاء المعيشة , وعدم توزيع الثروات بشكل عادل . مما يعني ان دوافع الازمة متوفر في بلدان مع استمرار غياب الحل لهذه المشاكل .
ومنها اسباب سياسية : واهمها الصراع السياسي على السلطة والفشل في التداول السلمي للسلطة والصراع على مراكز القوى والنفوذ .بالاضافة لتاثير المتغيرات الدولية والاقليمية .  وهذا الامر حاضر وبشدة في المشهد العراقي . 
 
 
مراحل نشوء الازمات
ان المتتبع للازمات خصوصا اهل التخصص قد وجدوا ان دورة حياة الازمة تمر بخمس مراحل ثابتة . وهي: المرحلة الاولى : مرحلة ميلاد الازمة : حيث يبدا الشعور والاحساس بقدوم شيء ما في قادم الايام , وهذا الاحساس ينذرنا بالخطر القادم لكنه لا يحدد ماهيته او مدى تاثيره او ساعة الصفر ,وهنا يجب على اهل القرار عدم ترك الامر للصدفة وللامبالاة , بل يجب الاهتمام وجمع المعلومات الكافية مع التحليل والتوصيل والربط كي يمكننا قراءة المستقبل وكيفية مواجهته . اما خلاف ذلك فاننا سنجد انفسنا فجاءة وسط عاصفة هوجاءمن دون اي حماية .
المرحلة الثانية : مرحلة نموواتساع الازمة : حيث تنمو وتكبر وععندها نفتقد القدرة في السيطرة على الازمة , وقد تكون العوامل الدافعة بها للنمو هي عوامل خارجية ( كما يحصل عندنا ) وعوامل داخلية ( غرضها فقط اشاعة الفوضى ). وهذا ما حدث في كل ازماتنا . فلا توجد لنا اليات لتحجيم الازمات بل كل الظروف الموجودة تساعد في الانفجار مما يسهل الامر على صناع االازمات .
المرحلة الثالثة : قمة نضج الازمة : وهي اخطر مراحل الازمة , حيث تصل الازمة الى اقصى قوتها وعنفها مسببة خسائر فادحة بمن تقع قربة فهي كالاعصار المدمر وتصبح امر واقعا لا يمكن تغييره . ونتذكر جيدا بعد تفجيرات مرقد العسكريين كيف تم فقدان السيطرة على الشارع ومنع الاقتتال بل اصبح الامر خارج السيطرة بالكامل ,ولم تنفع كل محاولات التهدئة . ولم تخمد نار الازمة الا بعد اكثر من سنتين .
المرحلة الرابعة:  مرحلة انحسار الازمة : تنحسر الازمة مع الاعمال الداعية للتصدي  لها . وكلما كانت الجهود ككبيرة وصادقة ومنطقية امكن انحسار الازمة بوقت اقصر .  والبعض اذ يتعجب من طول عمر الازمة الطائفية في العراق خصوصا بعد تفجيرات مرقد العسكريين والسبب اننعدام الجهود الحقيقية والسليمة للحد من تاثير الازمة .
المرحلة الخامسة: مرحلة اختفاء الازمة : حيث تتلاشي وتختفي عن السطح ويختفي ذكرها الا مجرد ذكرى تاريخية ويمكن لنا ان نستفاد من درووسها , وهنا ننتبه الى انننا لازلنا في المرحلة الرابعة من االازمة الطائفية ولم نصل الى حد تلاشي  وانعدام الازمة .
 
اساليب مواجهة الازمات
مع تنوع الاساليب التي من خلالها نواجه الازمة لكنها تتفق جميعها في عملية الحد من الخسائر والتدهور ويجب ان تكون اطار العمل نابع من استراتيجة ادارة الازمة . وابرز الاساليب هي :
الاساليب التقليدية وتنقسم الى  : واحد: عبر انكار الازمة وتستخدمها السلطة المتسلطة والتي تتعتقد ان اصرارها على الانكار طريق للسيطرة على الموقف . وهذا يذكرنا بمواقف نظام صدام واساليبة المتسلطة بمواجهة الازمات عبر انكار وجودها  . اثنين: كبت الازمة من خلال استخدام العنف والقوة لتدمير العناصر الاولية للازمة .كالذي فعله النظام العفلقي في بغداد بعد هزيمته بحرب 1991 فلم يجد حلا الا العنف ضد الجماهير الساخطة. ثالثا: تقسيم الازمة وتفكيك مصادر قوة الازمة وهذا يحتاج لادارة متمكنة ذات خبرة مع كم من المعلومات المناسب قبل الشروع في التفكيك . رابعا:تدمير الازمة ذاتيا . وهذا الاسلوب يتم عن افتقارنا للمعلومات, ويكون العمل باستقطاب بعض قوى  الازمة بقصد  اشعال حالة من الصراع الداخلي لمكونات الازمة مما يؤدي الى تدميرها .
الاسلوب العلمي  لمواجهة الازمة : وهو الاسلوب الامثل كي نضمن السيطرة على الازمة وتتمثل بالاتي: اولا: القيام بدراسة الازمة وتحديد القوى المسببة للازمة وايجاد طرق الحل المضاد . ثانيا: التخطيط العلمي للتعامل مع الازمة لمعرفة المصالح الكامنة فيها والعوامل المساعدة على ايجاد الازمة ثم تحليل اسباب التوتر ونقاط الضعف والقوة , ثالثا: التدخل العقلاني لمعالجة الازمة كي يمكن ازالة اثارها وازالتها تماما ومحاولة اعادة الاوضاع الى ما قبل ولادة الازمة .   
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبدالله عبدعلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/03



كتابة تعليق لموضوع : اصحاب القرار المحلي وفن ادارة الازمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net