صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

السعودية تجند يهوديا ليضع عبوة ناسفة في تجمع لليهود !
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  عنوان فنتازي يخفي بين فضاءات الحروف مقاربة ، نترك للقارئ الكريم أكتشاف ما وراء هذه المقاربة ! علما أن من يعوّل على الملوك والحكام والامراء العرب بأن ضمائرهم ستستيقظ في يوم من الأيام ، فهذا امر ميؤوس منه !

لا يخفى على القارئ العزيزأن بعض الحكام العرب ممن يدينون بالأسلام التكفيري  يصورون لأتباعهم أن طريق الدخول الى الجنة يكون مضمونا من خلال قتل الاخرين الذين لا يوافقونهم آرائهم وافكارهم ، ويوجبون قتل المسلمين المختلفين قبل غيرهم من الديانات الاخرى .

 من المعلوم أن جهاد الانتحار من أبداعات وأبتكارات المذهب الوهابي ، وبما أن هذا المذهب متصالح مع اليهود بل مدعوم منهم ، لذا عندما أقدم بعض الفلسطنيين بتفجير أنفسهم على المدنيين الاسرائليين في سنوات سابقة ، جاء رد الفعل من أتباع المذهب الوهابي فوريا ، أذ صدرت الفتاوي التي لا تجيز قتل المدنيين الاسرائليين ، وحرموا الموت بهذه الطريقة لأنه يستهدف مدنيين ، الاستنكار الوهابي لهذا الانتحار أمر جيد  وحسنا فعل شيوخ الوهابية عندما حرموا قتل المدنيين  ، لكن ألا يفترض تحريم قتل المدنيين من غير الاسرائليين ايضا ، الا يفترض بهم أستنكار القتل العشوائي بغض النظر عن الدين او المذهب او العرق او أي عنوان آخر، لماذا لا يحرّم شيوخ المذهب الوهابي قتل أي أنسان مدني بغض النظر عن الهوية ؟

الوهابيون حرّموا قتل الاسرائليين ! وأوجبوا قتل المسلمين الاخرين من أبناء جلدتهم  بل أعتبروه طريقا مضمونا لدخول الجنة ! ونحن نكتب هذه السطور، سمعنا بأخبار الهوس الامريكي لتنفيذ ضربة عسكرية ضد سوريا ، بحجة أستخدام الغازات السامة  وقد لعبت السعودية دورا قذرا في هذه اللعبة المفبركة ، باتجاه الدفع لتنفيذ الضربة  بعد أن تعهدت دفع تكاليف الضربة الى امريكا ، التي قدرت بعشرات المليارات من الدولارات ، هذا الموقف السعودي الذي يدفع بأتجاه ضرب سوريا ، تجدد على لسان  وزير خارجيتها من غير خجل أو حياء في مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة في 1/ 9 / 2013 م ، ومثله الموقف القطري ، وبقية الحكومات العربية التي تدور في الفلك الامريكي ، كلها تدفع بأتجاه العدوان على سوريا خدمة لاسرائيل.

 من باب جلد الذات لقسوة الألم نسأل سؤالا غير واقعي ، قبل السؤال ، نوضح للقارئ المحترم صورة ربما هي خافية او غير واضحة على البعض ، ثم نعرّج الى السؤال غير الواقعي .

 محور الشر في منطقتنا ( السعودية ، قطر ، تركيا ) الذين يتبنون الفكر السلفي المتخلف المشوِّه لصورة الاسلام الناصعة ، هذا المحور هو المسؤول عن تغذية الانتحاريين فكريا ، وأقناعهم أن الدخول الى الجنة يكون من خلال قتل أكبر عدد من المسلمين الاخرين ، والمعني بالمسلمين الاخرين ، المسلمون من غيرالوهابيين ، من السنة اوالشيعة فكل مسلم لا يوافقهم أفكارهم التكفيرية ، فهو كافر مشرك أن كان شيعيا ، ومرتد أن كان سنيا ، وهذا ما نشاهده على أرض الواقع ، أذ القتل الارهابي لا يميز بين سني وشيعي ، رغم أن الفتاوى التكفيرية تركز على الشيعة فقط ، لكن الواقع على الارض يقتلون المختلف من أي لون كان ، وهذا ما نشاهده اليوم في العراق وسوريا واليمن ومصر وتونس وليبيا ولبنان وغيرها من الدول ، وهذا القتل الجهادي يسري في كل أرض يختلف فيها الاخرون مع هؤلاء التكفيريين ، أن محور الشر الذي يدعم الارهابيين في العراق ، ويعبئهم فكريا ، ويدعمهم لوجستيا هو نفسه الذي يدعمهم في أي بلد آخر  . 

  تشكلت مدارس ذات مظاهر ثقافية ، او جمعيات خيرية على مستوى العالم العربي والاسلامي مدعومة من السعودية او قطر ، لكن مهمة هذه التشكيلات التعبئة الفكرية التكفيرية ، وتجنيد الانتحاريين ، وازداد عدد هذه التشكيلات بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان وتشكيل منظمة القاعدة الارهابية ، أن الارهاب الذي ينفذه هؤلاء ، سواء كان أنتحارا او بوسائل أخرى يخدم جهة واحدة فقط ، هو المحور الامريكي الصهيوني ، المسيّر من حركة الماسونية العالمية ، ألمعطيات تؤشر أنه لا عداء بين محور الشر في المنطقة ، وبين  أمريكا والصهيونية ، بل العكس هو الصحيح ، أن هذه الدول تخدم من الناحية العملية هاتين الدولتين العدوانيتين  ( امريكا واسرائيل )  لأن مهمة الارهاب التكفيري قتل المسلمين الذين يرفضون فكرهم ، وخلق الفتن والفوضى والتمزيق في صفوفهم ، أما اسرائيل فهي بعيدة عن هذه التخرصات وهذا الارهاب ، لأن شيوخ التكفير أوجبوا قتال المسلمين الشيعة لأنهم مشركون ، قبل قتال اليهود أصحاب الكتاب .

 من خلال المعطيات التي يفرزها الواقع ، لا نلمس عداء بين دول محور الشر في المنطقة وبين اسرائيل ، أذ لا يمكن أن يخطر على البال أن تقوم السعودية او قطر او تركيا ودول حليفة لهم في المنطقة ، بأي خطوة عدائية بأتجاه أسرائيل ، بل تقوم هذه الحكومات بتمهيد الطريق للاعتراف باسرائيل والتعايش معها ، وتقاوم أي نشاط آخر لا يصب في هذا الاتجاه ، وجميع الارهاصات التي نراها في المنطقة هي نتيجة صراع منهجين ، المنهج الذي يسعى للتعايش مع أسرائيل ، والمنهج الاخر المضاد وهو منهج المقاومة ، والارهاب الذي نراه بهذا الاتساع ، الغاية والغرض منه القضاء على تيار المقاومة المعارض لمنهج الاستسلام .

 بعد عرض هذا الواقع المؤلم ، يأتي الان دور السؤال الافتراضي : 

هل تستطيع ( السعودية أو قطر ) بدولاراتهما النفطية الكبيرة ، ويعاونهما الركن الثالث في الشر( تركيا ) ، أن يوظفوا أو يشتروا يهوديا واحدا فقط  ليكون أنتحاريا ويفجر نفسه في حشد يهودي ؟  لنبسط السؤال ونقول هل تستطيع السعودية اوقطر بملياراتهما التي يتآمرون فيها على العرب  والمسلمين ، أقناع او شراء يهودي واحد فقط  ليضع عبوة ناسفة في تجمع يهودي ؟

 والجواب معروف من الناحية الواقعية لأسباب موضوعية ، وقبل الحديث عن هذه الاسباب الموضوعية ، لابد وأن نبين موقفنا من الارهاب الذي يستهدف المدنيين بشكل عام ، وهو أدانة القتل العشوائي من أي طرف كان ، وادانة قتل أي أنسان مدني بغض النظر عن دينه او مذهبه او لونه او جنسه او جنسيته ، بل يجب احترام الانسان لأنسانيته مع احترام فكره وخصوصياته ، ذكرنا أن السؤال افتراضي وغير واقعي للاسباب الموضوعية الاتية : 

1 - أن السعودية او قطر من الناحية العملية هما في خدمة امريكا واسرائيل وتنفذان  ما يصدر لهما من تعليمات ، أذن لا يمكن للسعودية او قطر ان تنفذا هذه الفرضية من الناحية العملية ، بل على العكس  يؤديان خدمة كبيرة لاسرائيل من خلال خلق منظمات ارهابية تكفيرية تقتل المسلمين الاخرين ، وتخلق الفتن والنزاعات في صفوفهم ، والواقع يقول لولا الخدمة الكبيرة التي تؤديها الانظمة العربية لامريكا واسرائيل لما بقيت هذه الانظمة على قيد الحياة لغاية هذا اليوم .

2 – السبب الموضوعي الاخر ، أنه لا يوجد رجال دين يهود يثقفون بأتجاه أقناع أليهود الآخرين للقيام بأعمال أنتحارية كوسيلة لقتل اعداء اليهود طلبا للجنة ، اذن لا يؤمن اليهودي بأن دخوله الجنة يكون من خلال تفجير نفسه ليقتل أكبر عدد من الاعداء ، في حين التثقيف الاسلامي التكفيري يرسخ في ذهن المنتحر أن دخوله الجنة مضمون اذا قتل المسلم الاخر، لأنه مشرك وكافر أو مرتد ، علما أن التثقيف التكفيري الان لا يسمح بقتل اليهودي لأنه من أصحاب الكتاب ، بل يشجع ويدفع باتجاه قتل المسلم الاخر المختلف ، وهذا عامل موضوعي اخر يجعل السؤال الافتراضي المطروح غير واقعي .

3 - وهناك سبب آخر يجعل من السؤال غير واقعي ايضا ، وهو ان اليهود لا يندفعون لتحقيق اهدافهم بشكل مباشر ، بل دائما ما يوظفون غيرهم بوسائل متعددة فكرية او مالية او مصلحية او بالتهديد واحيانا جنسية ، فيعمل غيرهم لخدمة اهدافهم  وهذا ما نلاحظه اليوم كيف تدافع امريكا والغرب عن اسرائيل ، وكيف يدافع دعاة الاسلام التكفيري عن اسرائيل عمليا ، لهذه الاسباب وغيرها من الاسباب ، يجعل فرضية ان تقوم السعودية او قطر او تركيا بتجنيد يهودي واحد لعمل ارهابي مقدس او مدنس محض خيال  . 

بعد هذا العرض ، وبيان الواقع الذي يعيش فيه الفكر التكفيري ، هل نتوقع في يوم من الايام ، من أمراء وملوك ورؤساء الدول التي تتبنى الفكر السلفي التكفيري ، ان تتحرك ضمائرهم ، ويعدّلوا من مواقفهم لصالح تطلعات شعوبهم ، ويقفوا مع قضايا هذه الشعوب المظلومة ، بما في ذلك الوقوف مع صف المقاومة ، الجواب الطبيعي هو : لا نتوقع ذلك . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/03



كتابة تعليق لموضوع : السعودية تجند يهوديا ليضع عبوة ناسفة في تجمع لليهود !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net