صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الشخصنة الديمقراطية!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نحن مجتمعات مشخصنة , بمعنى لا تعرف الإنتماء إلا للأشخاص , والتفاعل مع الصورة , والقوة المفروضة والمتحكمة بمصير البلاد والعباد.

وآليات تفكيرنا وديناميكيات نفوسنا , وكيفيات إدراكنا محكومة بهذه الثوابت , ومن الصعب تحويل إتجاهها إلى الراية والوطن.

والأمثلة كثيرة , والتداعيات خطيرة.

فعلى سبيل المثال , ما جرى في مصر من أحداث وتطورات , إرتبط بالشخص , وحوله إلى رمز لحالات لا تمت بصلة إليه , فأصبحت المطالبة بعودته لأنه يمثل كذا وكذا , وتنامت التفاعلات وتأججت , حتى حولته إلى حالة تستحق المواجهة وسفك الدماء , وتخريب البلاد.

ولو أن الآلية الفاعلة في السلوك غير شخصانية , لكان التصرف أكثر نضجا ومعاصرة ووعيا , ولقبل الناس بعزله , وقرروا الدخول في جولة جديدة من الإنتخابات , ليثبتوا مرة أخرى بأنهم الأحق بالفوز في الحكم , وتقرير التفاعلات القائمة.

لكن تأثير الشخصنة أدى إلى نتائج مأساوية وإضطرابات لا موجب لها ولا داعي.

إن الوعي الديمقراطي لا يمكنه أن يكون ناضجا وصحيحا إذا إرتبط بالشخص أو الحزب , وتناسى الوطن والراية. 

فالديمقراطية لا يعنيها الفرد والحزب , بقدر ما يتحقق في محتواها من إنجازات ذات قيمة وطنية وإنسانية وحضارية.

وما جرى في مجتمعاتنا يشير بوضوح إلى تأخر كبير في الثقافة الديمقراطية , والفهم السياسي المعقول لآلياتها.

فيتم إختصارها بشخص , أو حزب , أو فئة , وهذه إنحرافات  وليست تجسيدات لأي سلوك ديمقراطي.

ووفقا لآليات الشخصنة , فنحن نتخندق في الشخص وصورته , ونمنحه المواصفات الخيالية , التي لا يعرفها ولا تعرفه , لكن قوة الفنتازيا المتأججة فينا , تجعلنا نراه على غير ما هو عليه , بل كما نريد أن نراه ونتصوره وندعيه.

لقد لعبت الشخصنة دورها السلبي في أنظمتنا الحزبية والسياسية , وجعلتنا نتبع ولا نفكر , ونخضع ولا نناقش أو نقاوم ونتحدى , لأننا قد أذعنّا للشخص , وما تحقق من مؤثرات سلطوية حوله.

فتراثنا ومسيرتنا الطويلة عبر القرون , تشير إلى تأكيد سلطة الشخص فينا , وإنتمائنا إليه , وعدم قدرتنا للإنتماء إلى حالة أخرى.

كما يتحقق في الدول المتقدمة , التي يكون فيها الرئيس , مسؤولا تنفيذيا ولديه واجبات أن يؤديها بإتقان وإنضباط أخلاقي ومهني واضح , وإلا يتم محاسبته ومساءلته , وربما تغييره , فلا يمكن لرئيس أن يكون غير ذلك , ولا يمكن أن يُشخصَن , وترفع صورته في كل مكان , لأن ذلك يتعارض والأصول الديمقراطية.

وما دام الفرد يتحكم في أعماقنا , والصورة تتملكنا , فأن المسافة بيننا والديمقراطية شاسعة جدا!

فاستحضروا الوطن , ولا ترفعوا رايات الفتن , ولا تجعلوا الشخص وطن!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/02



كتابة تعليق لموضوع : الشخصنة الديمقراطية!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net