صفحة الكاتب : خالد محمد الجنابي

نظرية التحليل النفسي
خالد محمد الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  مقدّمة

 يعتبر الإرشاد النفسي من الموضوعات التربوية الحيوية و التي تمس جوهر العملية التربوية، من خلال وضع اليد على المعيقات النفسية و الإجتماعية و التي تعيق تحصيل الطالب الأكاديمي و تخريجه من المدرسة بشكل يعود بالفائدة على أسرته و مجتمعه و هناك نظريات كثيرة تناولت جانب الإنسان النفسي و من بين هذه النظريات نظرية التحليل النفسي Psychoanalysis theory    و التي وضع العالم النمساوي سيجماند فرويد قواعدها الأساسية .الأرضية العائلية لفرويد هي العامل الأساسي لفهم نظريته ، فقد ولد في النمسا لعائلة مكونة من ثلاثة أولاد و خمس بنات ، و كان والده أباً متسلطاً ، عاشت عائلته في شقة ضيقة ، و بسبب إرثه اليهودي عانت عائلته بسبب ظاهرة اللاسامية التي كانت منشرة في أورويا في تلك الفترة ، اهتم والده في تعليمه و قد تخرح من كلية الطب و عمل محاضراً في جامعة فيينا . و قد ركّز فرويد في جزء كبير من حياته من أجل تطوير نطريته في التحليل النفسي . 
كانت المرحلة الأكثر إبداعاً تلك التي عانى قيها من اضطرابات نفسية عندما كان في بداية الأربعينات من عمره حيث عانى من اضطرابات جسدية نفسية Psychosomatic 
Disorders بسبب الخوف من الموت ، في تلك الفترة كان منغمساً في مهمة صعبة و هي تحليل الذات ، و بتفسير أحلامه اكتشف القوى المحركة في تطور الشخصية ، ففي البداية اختبر ذكريات طفولته ليدرك العداء الذي شعر به تجاه والده المتسلط ، كما استدعى المشاعر الجنسية لوالدته الجذابة و الجميلة ؛ ليشكل نظريته الجديدة إكلينيكياً .
و بطرح نظرية التحليل النفسي وضع فرويد نفسه في خانة المبدعين ، فقد أبدع باكتشاف تقنيات جدبدة لفهم السلوك الإنساني ، و قد أنتجت جهوده النظرية الأكثر شمولاً للشخصية و للعلاج عن طريق التحليل النفسي . و في خريف عام 1886 استقر به الأمر في فيينا كطبيب أخصائي في الأمراض النفسية ، و قد استخدم في ذلك الوقت العلاج الكهربائي و التنويم المغناطيسي ، و في عام 1891 ظهرت أول بحوث فرويد عن الشلل الدماغي ، و شاركه في ذلك العالم أوسكار و قد تأثر فرويد بعلم الطبيعة و الديناميات ، و بفضل مجهوداته فقد اكتشف أنّه من الممكن تطبيق الديناميات .           
الفصل الاول / التحليل النفسي
استمرت رؤى فرويد  بالتأثير على التطبيقات المعاصرة في العلاج النفسي ، و لا زالت الكثير من مفاهيمه الأساسية تشكل الأساس الذي بنيت عليه الكثير من النظريات ، كما أن الكثيرمن نظريات الإرشاد و العلاج النفسي و التي سنتطرق إليها في المخاضرات القادمة تأثرت بآراء نظرية التحليل النفسي  وكما يلي : 
1- فلسفة التحليل النفسي:  
إن نظام فرويد في العلاج النفسي هو نموذج لـ تطور الشخصية و فلسفة الطبيعة البشرية ، و منهج للعلاج النفسي ، فقد أعطى فرويد التحليل النفسي أفقاً جديداً للعلاج النفسي . سلّط فرويد الضوء على العوامل النفسية المحركة PsychodynamicFactors و التي تحفِّز السلوك ، كما أنّه أيضاً ركّز على دور اللاشعور ، و طور أول إجراءات في العلاج النفسي من أجل فهم و تعديل التركيبة الأساسية لشخصية الفرد . إن نظرية فرويد ( التحليل النفسي تنظر إلى الإنسان على أنّه "شهواني و عدواني و مع ذلك فهذه النظرية هامة جداً لأي عملية إرشاد نفسي ، و التي تتضمن إجراءات من عملية التحليل النفسي مثل التداعي الحر و التنفس الإنفعالي .
يوضح فرويد أنّ التحليل النفسي هو إجراء قائم بذاته و مستقل بنوعه يقوم على أساس التسليم بنظرية العقل الباطن و التي تفترض تقسيم الحياة العقلية إلى الشعور و اللاشعور . 
إنّ تفكيرنا الظاهر و تصرفاتنا الشعورية ما هي إلاّ نتيجة للعمليات اللاشعورية و التي تحدث في العقل الباطن ، و تكون مستقلة عن إرادتنا ، و يمكن التدليل على وجوده بظواهر التنويم المغناطيسي و الأحلام ، و يمكن أن يعرّف التحليل النفسي بأنّه : " فن دراسة العقل الباطن ، و التي تقوم على أسلوب فني خاص يسمى أسلوب التداعي الحر لسبر غور أعماق اللاشعور و كشف ما يحتويه من غرائز و ميول فطرية أو نزعات أو شهوات مكبوته يجهلها الفرد و لكنّها ذات أثر فعّال في حياته الشعورية". (1) 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  (1) محمد سعيد  /  عبدالفتاح  / الاختبارات والمقاييس النفسيه المستخدمه في 
الارشاد والعلاج النفسي       ص 42-43
2- المفاهيم الأساسية في نظرية التحليل النفسي : 
يمكن تلخيص المبادئ الأساسية التالية في التحليل النفسي:"
1-  منهج التحليل النفسي : يقوم على أساس استعادة حقيقية للأحداث القديمة عند الفرد ، و ذلك لإخراج ما في اللاشعور إلى الشعور .
2- الغريزة الجنسية : تلعب دوراً بالغ الأهمية في نشأة الشخصية و بنائها و كذلك لها دور بالنسبة للأمراض النفسيّة و العقليّة .
3-  السنوات الخمس الأولى من عمر الإنسان: فهذه السنوات الأولى لها دور هام في بناء الشخصية سواء كانت تتجه نحو أن تكوت شخصية سويّة ، أو تتجه نحو المرض النفسي .
4-  توجد حياة نفسيّة : و هي اللاشعور ، و ما قبل الشعور ، و منطقة الشعور ، و بالنسبة للاشعور فيتم الكشف عنه من خلال الأحلام و زلاّت اللِّسان .
5-  نمو الإنسان يمر بمراحل خمسة و هي : الفمِّية ثم الشرجِّيه ثم القضيبيّة ثم الكمون و أخيراً التناسلية ، ويمكن تفسير شخصية الإنسان الراشد تبعاً للمرحلة النفسيّة التي حدث فيها "تثبيت" .
6-  مكوّنات الشخصية هي : الأنا و الهو و الأنا الأعلى ، و يتوقف مدى تحقيق الصحة النفسية على كفاءة الوظيفة التوفيقية للأنا .
7-  يعتمد التحليل النفسي كطريقة للعلاج على التداعي الحر من قبل المريض و تفسير الأحلام من قبل المعالج و كذلك تنفيس الاضطرابالذي يهييء تعبيراً أو مصرفاً للإنفعال المكبوت .
8-  الأمراض العصابية: ترجع إلى الرغباب بأنواعها و التي تمّ كبيتها ، و العلل و الرغبات التي يجب أن يُبْحَثْ عنها في الماضي 
9-  يعتمد التحليل النفسي على عملية التحويل: عند المريض سواء كانت إيجابية أم سلبية و يقوم المعالج بتفسير هذا التحويل ." (1) 
(3) منظور الطبيعة الإنسانية 
إنّ وجهة نظر فرويد في الطبيعة الإنسانية هي أنّ الإنسان غير مخيّر Deterministic ، ثمّ أنّه أيضاً ليس خيّراً أو شريراً ، و إنّ السلوك الإنساني محكوم بقوى و دوافع لا شعورية و بيولوجية و غريزية جنسية خلال السنوات الأولى من حياة الإنسان . كما اعتبر فرويد الغرائز "الدوافع البيولوجية" أمور أساسية في نظريته ، و قد عرّف الغرائزInstincts بأنّها: "عبارة عن قوة يُفْتَرضْ وجودها وجودها وراء جميع التوترات و حاجات الإنسان ، و تهدف الغرائز إلى القضاء على التوتر ، ثمّ إنّها هي التي تحقق الإشباع و تخدم البقاء للإنسان و العنصر البشري" (2) .    
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) محمد سعيد  /  عبدالفتاح  / المصدر السابق   ص45       
 (2) محمد سعيد  /  عبدالفتاح  / المصدر السابق   ص45      
إن فلسفة فرويد عن الغرائز تعكس توجهه البيولوجي ، و الغرائز عبارة عن تركيب رمزي غير مشاهد، أو قوة يُفْتَرَضْ وجودها وراء التوترات المتأصِّلة في حاجات الكائن العضوي الحي ، و تمثِّل مطالب الجسم من الحياة النفسية . 
الطاقة النفسية لا تختلف عن الطاقة البدنية و كل منهما يمكن تحويله إلى الآخر ، فالغرائز تنطوي على طاقة نفسية تعبِّرعن انتقال و تحوّل في الطاقة البدنية إلى طاقة نفسية ، و الغرائز تثير السلوك و توجهه ، و هدف السلوك هو إشباع الحاجات ، و الهدف الذي يحقق إشباع الحاجات مرتبط بالغرائز ، و الحاجات تسبب التوتر، و السلوك موجّه نحو تخفيف التوتر، و التوتر أمر غير لذيذ و تخففه أمر لذيذ ، و هذا التصور للحاجات هو مبدأ اللذة و هو محاولة إبقاء التوتر في أقل درجاته.يمكن القول بأن الغريزة محافظة لأنّ هدفها العودة بالشخص إلى الحالة السابقة و تحقيق الإشباع ، و يُقال بأنّها متقلِّصة متكرِّرة لأنّها تعاود الفرد باستمرار ، و يوجد لكل غريزة مصدر يمدّها بالطاقة الضرورية و هي حالة من التوتر (التهيُّج) داخل الجسم ، فالغريزة لها موضوع و هو ما تتجه إليه لتحقيق الإشباع أو توصل إليه. و لها هدف و هو القضاء على التوتر بتحقيق الإشباع والوصول إلى اللذة ، فمثلاً موضوع غريزة الجوع هو تناول الطعام ، و موضوع الغريزة الجنسية هو الجماع .ان الحاجات البدنية (الدوافع) هي المصادر الرئيسية للطاقة الغريزية فمثلاً الحالة المادّية للجوع تنشِّط غريزة الجوع و ذلك بتزويدها بالطاقة و من ثمّ توجَّه هذه الطاقة الغريزية العمليات النفسِّية الخاصة بالإدراك و التذكر ، فيقوم الإنسان بالبحث عن الطعام ، و يحاول أن يتذكر مكانه ، و من ثمّ فإنّه يخطط من أجل الحصول عليه.   
قسّم فرويد الغرائز إلى مجموعتين رئيسيتين و هما (1):  
1-  مجموعة إيروس Eros : و معناها الحب أو إثارة المشاعر الجنسية أو غريزة الحياة ، و التي تهدف إلى حفظ الذات و تحقيق البقاء و حب الحياة و الزواج و حب الأولاد و الحب الجنسي و طاقة هذه الغريزة تسمى الليبيدو LIBIDO ، الذي استتخدمه فرويد في البداية ليشير إلى الطاقة الجنسية ، فقد اعتقد أن الطاقة أو الدافعية الإنسانية هي الجنس و أنّ الأفراد مدفوعين للحصول على المتعة ، و لكنه عدّل هذا المفهوم ليشمل الطقاة القادمة من كل غرائز الحياة ، فكل هذه الغرائز تخدم هدف البقاء للفرد و و للجنس البشري ، و هي موجهة فطرياً نحو النمو و التطور و الإبداع . 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) محمد سعيد  /  عبدالفتاح  / المصدر السابق   ص46 _ 47
 و بالتالي فإن الليبيدو هو مصدر الدافعية و الذي يتضمن كل أنواع الطاقة بما فيها الطاقة الجنسية ، تجدر الإشارة إلى أنّ فرويد كل سلوكات المتعة في مفهوم غرائز الحياة ، و تتلخص رؤيته في أنّ هدف الحياة الأقوى هو الحصول على اللذة و تجنب الألم .
2-  مجموعة ثاناتوس Thanatos  : و معناها غريزة الموت ، و تهدف هذه الغريزة إلى معارضة مجموعة الحياة ، و تدفع هذه الغريزة إلى التدمير و العدوان و الحرب ، وتوجه كل ما هو حيّ إلى حالتة الماضية غير العضوية. و يقرر فرويد بأنّ الإنسان من خلال تصرفاته اللاشعورية يظهر أمنية لا شعورية للموت و إيذاء نفسه و الآخرين ، و من وجهة النظر الفرويدية فإن دوافع العدوان و الجنس عبارة عن محددات قوية جداً للإجابة على السؤال الجدلي لماذا يتصرف الإنسان هكذا أو بتلك الطريقة.  
4 - السلوك الإنساني في ضوء هاتين المجموعتين من الغرائز: (1) أشار فرويد إلى أن السلوك الإنساني يحدث نتيجة لنوعين من المؤثرات و هما:
1- الحوادث الظرفية البيئية .
2 ـ الدوافع الغريزية. و الدوافع الغريزية هي أسباب للعديد من تصرفاتنا و مسلكياتنا ، و حالة عدم الاتزان  (التوتر) يمكن التخلص منها بإحدى الطرق التالية:
أ ـ   الطريقة الأولية : و تعتمد على مبدأ الاتزان الجسماني ؛ و ذلك من خلال البحث عن اللذة و تحقيق الإشباع الفوري.
ب ـ   الطريقة الثانوية: يتم من خلالها خفض التوتر بالطرق العقلانية ، أي أنّ هذه الطريقة تتضمن تحكم الإنسان بالأنشطة و السلوك من خلال الاعتماد على مبدأ الواقع 
 
و لا تعتبر جميع الاستجابات وسائل مباشرة لخفض التوتر فبعض الاستجابات تزيد من 
التوتر كالإستجابات الحسيّة . و يتضح ممّا سبق بأنّ الغرائز هي مصدر الطاقة في 
السلوك ، و الغرائز هي التي تنظم دينامبات الشخصية .
إذاً فالسلوك الإنساني يشكِّل مزيجاً من الغريزتين الحياة و الموت ، و هناك صراعاً 
بين دوافع الحياة أي غريزة الحياة ، و دوافع الموت أي غريزة الموت ، و يقرّر فرويد 
بأنّه ليس قدراً على الإنسان أن يكون ضحيّة للعدوان أو الدمار الذاتي ،  ففي كتاب 
الحضارة و إحباطاتها عام 1930 يعطي فرويد بأن الانطباع بأنّ التحدي الأكبر الذي 
يواجه الجنس البشري هو كيفة التحكم و ضبط دوافع العدوان ، فعدم الراحة والقلق الذي 
يعاني منه البشر يرتبط حسب رأي فرويد بعرفة الناس بأنّ العنصر البشري يمكن أن يزول 
.
يعتبر فرويد بأنّ الصراع بين غريزتي الحياة و الموت هو صراع بين الحب و الكراهية ، 
فعندما تأتي الكراهية مشحونة بالغضب تكون عندها دوافع العدوان قويّة ، و غالباً 
تعمل الغريزتان معاً كما هو الحال في عملية الأكل التي تحافظ على الحياة ، فتتضمن 
عملية الأكل أشكالاً عدوانية مثل المضغ والعض ، كما هو الحال عند الجنود الذين 
يعبرون عن عدوانيتهم من خلال القتال ، أمّا الألعاب الرياضية فتمثِّل حلول و مخارج 
أكثر قبولاً للعدوان الجسدي ممثّلةً بأشكال تعبيرية ،
 و غالباً ما تعبرعنها دوافع الليبيدو و العدوان بدون وعي من الفرد . و يؤكّد 
فرويدعلى أنّ السلوك الإنساني هو عبارة عن مريج متوافق أو متعارض من الغريزتين 
المتضادتين الحياة و والموت ، و أي خلل فيهما يؤدي إلى ضطراب في الشخصية.
 
(5) تركيبة الشخصية 
 
تبعاً لرؤية التحليل النفسي تتكون الشخصية من ثلاثة أنظمة و هي الهو ID ، و الأنا 
Ego ، و الأنا الأعلى Superego ، و هي عبارة عن عمليات نفسية يجب أن لا نفكر بها 
كأجهزة تعمل منفصلة عن بعضها البعض . فالهو يمثّل العنصر البيولوجي ، و الأنا 
العنصر النفسي ، الأنا الأعلى العنصر الأخلاقي الإجتماعي . ومن وجهة نظر فرويد يمثل 
الناس أنظمة طاقة حيث تتكون عناصر الشخصية من الطرق التي توزّع بها الطاقة إلى الهو 
و الأنا و الأنا الأعلى .
أ-الهو ID يقابل اللاشعور:  هو النظام الأساسي في الشخصية ، و عند الولادة فالإنسان 
هو عبارة عن "هو"At birth a person is all id و الإدّ أو الهوّ هو عبارة عن النظام 
الأساسي للطاقة النفسية و مستودع للغرائز ، ينقصه التنظيم و يتميز بالعمى ، و هو 
ملّح و متطلب ، و لأنّ الإدّ مُثارْ دائماً و يسعى للإثارة فهو لا يستطيع تحمل 
التوتر ، فيعمل على تصريفه و العودة بالعضوية  Homeostatic إلى حالة من التوازن . 
فالإدّ يحكمه مبدأ اللذّة الذي يهدف إلى التقليل من الألم و إزالته و التخلص من 
التوتر و الحصول على المتعة ، و الهوّ أو الإدّ غير منطقي و غير أخلاقي يحرّكه 
اعتبار واحد هو إشباع الحاجات الغريزية بما يتماشى مع مبدأ المتعة و اللذّة . و هنا 
تجدر الإشارة إلى أن الإدّ هو الجانب المدلّل في الشخصية ، فهى لا يفكّر بل يتمنى 
ويتصرف ، فهو بعيد عن الوعي و تتم معظم نشاطاته في اللاشعور والتي لها تأثير قوي 
جداً على الفرد من حيث لا يدري .
 
 
ب- الأنا Ego  و الذي يقابل الشعور : للأنا أو (الإيغو) اتصال مباشر مع العالم 
الخارجي فهو الجزء التنفيذي الذي الذي يتحكّم و ينظم و يسيطر على الشخصية ، و 
كالإشارة الضوئية فهو يتوسط بين الغرائز و البيئة المحيطة  ، فهو يتحكم بالشعور و 
يمارس الرقابة ، تتحكم به المبادئ الواقعية ، فهو يقوم بالتفكير المنطقي و الواقعي 
، و يعمل الإيغو على إعداد خطط العمل من إشباع الحاجات . و الآن ما هي علاقة الأنا 
بالهوّ ؟ فالأنا هو مستودع الذكاء و الواقعية ، يفحص و يسيطر على الدوافع (النبضات 
) العمياء Blind Impulses للهوّ ، بينما الهوّ يعرف فقط الواقعية الذاتية 
(الغرائزية) المجردة ، و الأنا يميِّز بين الصور العقلية و الأشياء في العالم 
الخارجي .
ج-الأنا الأعلى Superego  :يمثِّل السلطة القضائية بالنسبة للشخصية و يتضمنشيفرة 
الشخص الأخلاقية ، فهو عبارة عن نظام يصدر الحكم حول ما إذا كان التصرف جيداً أو 
سيئاً ، أي أنّه يمثّل الجانب المثالي لا الجانب الواقعي ، و لا يسعى إلى اللذّة و 
المتعة بقدر سعيه إلى الكمال ، كما أنّه يمثل القيم الأخلاقية التقليدية ، و 
مثاليات المجتمع الإنساني كما نُقِلَتْ إليه من والدية في طفولته المبكرة من خلال 
المكافآت و العقوبات . إنّ وظيفة الأنا الأعلى الأساسية هي كبح اندفاعات الهوّ 
خاصةً الجنسية منها و العدوانية، و إقناع الأنا بأن يستبدل أهدافه الواقعية بأخر 
مثالية أخلاقية و السعي دوماً نحو الكمال.
 
 
(6) الشعور و اللاشعور
تعتبر إسهامات فرويد في مفاهيمه حول اللاشعور و مستويات الشعور التي تشكل الأساس 
لفهم السلوك و مشكلات الشخصية من أعظم ما توصل إليه. 
 
 
أولا - الشعور: هو منطقة الوعي الكامل و الاتصال بالعالم الداخلي و الخارجي ، فيرى 
فرويد أن الشعور عبارة عن شريحة صغيرة جداً من العقل البشري ، و أنّ الجزء الأكبر 
منه يوجد تحت سطح الوعي ، فهو يمثل الجزء الأعلى لقمة ا لجبل الجليدي داخل محيط من 
الماء ، و بمعنى آخر هو منطقة الوعي ا لكامل و الاتصال بالعالم الخارجي و الجزء 
السطحي من الجهازالتنفسي ، فالوعي الشعوري جزء صغير جداً من حياة الفرد العقلية ، 
فالفرد يشعر بالبرد و الدفئ و يعي وجود المكتب و الحاسوب.
 
ثانيا- ما قبل الشعور : و يتضمن ما قبل الشعور ذكريات الأحداث و التجارب التي يمكن 
تذكرها بجهد قليل مثل امتحان سابق تقدّم به الفرد ، فما قبل الشعور يكوّن جسراً من 
العقل المدرك الواعي ، أي أنّه يحتوي على ما هو كامن أي أنّه لا يكون في الشعور و 
لكنّه متاح و يسهل استدعاؤه إلى الشعور مثل الذكريات.
ثالثا-اللاشعور : يكوّن هذا الأخير معظم الجهاز النفسي ، و هو يحتوي على ما كامن و 
غير متاح ، فيراه فرويد على أنّه وعاء يشتمل على الذكريات المهدِّدة للعقل الواعي و 
يخزّن فيه كل الخبرات و الدوافع و الغرائز التي لا نستطيع الوصول إليها و يجب أن 
تدفع و تطرد بعيداً مثل المشاعر الجنسية و العدوانية نحو أحد الوالدين و آلام 
الطفولة المنسية و الإساءات و الحاجات و الدوافع التي يكون الأفراد غير واعيين لها 
، فاللاشعور لا يمكن دراسته و فهمه إلاّ من خلال: 
 
أ·الأحلام و هي تمثيل رمزي للحاجات اللاشعورية المكبوته و الأمنيات و الصراعات و 
التناقضات ، ويتم من خلال تفسير الأحلام التي تتضمن خيالات تمثل حاجات و رغبات و 
صراعات لا شعورية عديدة .
ب·زلاّت اللسان و النسيان و هي أمثلة تعبر عن اللاشعور ، و من الأمثلة على ذلك 
نسيان إسم شخص مألوف لديك ، أو عندما ينادي شخص ما زوجته بإسم صديقة سابقة له ، فإن 
الإسم الذي نطقه يمثل نوع من الرغبات و الصراعات .
ج·إيماءات و اقتراحات ما بعد التنويم المغناطيسي و المواد المشتقة من استخدام أسلوب 
التداعي الحر ، و الأساليب الإسقاطية في الشخصية و المحتويات الرمزية للأعراض 
الذهنية ، و لقد اعتبر فرويد أن الضحك و النكات هي تعبيرات عن صراعات و أماني و 
رغيات تمّ تصنيعها .
قد يكرر المرضى أنماط مدمرة من السلوك تمثل حاجات لا شعورية و صراعات داخلية ، 
فمفهوم اللاشعور عند فرويد ليس تجريدياً نظرياً بل يمكن تطبيقه لكي يكون حقيقياً ، 
غير أنّ إحضار المادة اللاشعورية كانت و لا زالت المهمة الصعبة بالنسبة لفرويد و 
لجميع المحلّلين النفسيين و تحتاج لعمل جاد و جهد كبير.
إنّ فهم دور اللاشعور يعتبر جزءاً أساسياً من عمل المرشد و المعالج النفسي ، لأن 
اللاشعور يؤثر بقوة في سلوك المسترشد ، فالعمليات اللاشعورية هي الأساس في أعراض 
القلق و الاضطرابات النفسية ؛ لذلك يعتبر الكشف عن معاني و أسباب هذه الأعراض و 
كذلك الكشف عن المادة المكبوته هدف العلاج التحليلي.
 
(7) القلق 
يمثّل القلق أحد المفاهيم الأساسية في النظرية التحليلية ، و يعرّف القلق على أنّه 
حالة من التوتر تدفعنا إلى عمل شئ ما ، تتطور هذه الحالة من خلال صراع بين الهو و 
الأنا و الأنا الأعلى في محاولة كل منهم السيطرة على الطاقة النفسية لدى الفرد ، 
فوظيفة القلق هو دق ناقوس الخطر و التحذير من الخطر الحتمي .
و للقلق أنواع متعددة منها :
أولا ـ القلق الواقعي Reality  : هو الخوف من الخطر القادم من العالم الخارجي و 
يتناسب مع درجة التهديد الحقيقي للشخص .
ثانيا ـ القلق العصابي Neurotic : و ينتج عن الخوف من فقدان السيطرة على الغرائز و 
الدوافع (الغرائز) ؛ فتسبب للشخص شيئاً يمكن أن يعاقب عليه  
ثالثا ـ القلق الأخلاقي Moral  : و هو الخوف القادم من ضمير ا لشخص ، و يكون عند 
الأشخاص الذين يطورون ضمائر قوية حية ، فيشعر هؤلاء الأشخاص بالذنب عندما يعلمون 
شيئاً ما يناقض المعايير الأخلاقية.
 يُثار القلق العصابي و الأخلاقي عن طريق التهديدات لميزان القوى عند الشخص ، حيث 
يبعث هذان النوعان من القلق إشارة إلى الأنا تفيد بأنّه إذا لم يأخذ الأنا خطوات 
ضرورية فإن الخطر سيزداد إلى درجة رمي الأنا خارج حلبة الصراع ، و عندها لا يستطيع 
الأناالتحكم بالقلق عن طريق وسائل عقلانية مباشرة فإنّه يلجأإلى الكبت كإحدى 
الوسائل غيرالشعوريةأي مايطلق عليه بالحيل الدفاعية الذي سوف ننافشهافي الصفحات 
القادمة .
 
(8) الإضطراب النفسي(1)
إن الإضطرابات النفسية ترجع إلى الكبت اللاشعوري و الصراع بين دوافع الهو و متطلبات 
الأنا الأعلى ودفاعات الأنا ممّا يطوِّر حالة من القلق ، و عندما لا يستطبع الأنا 
التحكم بالقلق عن طريق وسائل عقلانية ، فيلجأ مباشرة إلى استخدام الوسائل الدفاعية.
 
إضطرابات الشخصية :
 
أ ـ الصراع : لا بدّ أن تنسجم و تتناغم مكوِّنات الشخصية ( الهوّ و الأنا و الأنا 
الأعلى ) ؛ و ذلك لتحقيق التوازن و الاستقرار ، فإذا ما ظهر دافع في الهوّ يتدخل 
الأنا و الذي يخضع لبدأ الواقع ، فيرى فيما إذا بإمكانه تحقيق هذه الدافع ، بحيث لا 
يتعارض مع الظروف الخارجية ، و إلاّ فأنّ هذا الدافع سوف يُكْبتْ و يُمْنَعْ ، و 
هنا يكون الأنا الأعلى متيقظاً إن وجد شئ يتناقض مع الاتجاهات و القيم .
 
اولا- الصراع بين الأنا و الهو: يوجّه الأنا هذا الصراع فإذا كان قوّياً  فإنّ 
الأنسان يعمل بشكل سليم ، أمّا إذا كان الأنا ضعيفاً أما الهو عندها لن يستطيع أن 
يتحكم بنزوات الهو المتدفقة، و هنا ينشأ القلق و الصراع .
 
ثانيا- الصراع بين الأنا و الأنا الأعلى :أحياناً يحاول الأنا الأعلى تعطيل مبدأ 
اللذة و مبدأ الدافع، و يسمح الأنا للهو بإشباع الغريزة بطريقة تعتبرها الأنا 
مقبولة . و لكن قد لا يرضي الأنا الأعلى عن طريقة الإشباع ؛ فيُعاقب الأنا من خلال 
جعله يشعر بالإثم ، و في هذه الحالة تسيطر على الفرد مشاعر احتقار و لوم الذات.
يمكن للأنا أن تخضع للانا الأعلى فتصبح معطلة غير قادرة على القيام بوظيفتها ؛ و 
بذلك تقع فريسة للصراع و القلق و عرضة لظهور الأعراض المرضية و استخدام الحيل 
الدفاعية . أمّا بالنسبة للفرد الذي يسيطر عليه الهو فهو على الأغلب يميل ليكون 
انفعالياً ، والفرد الذي يسيطر عليه الأنا الأعلى فسيكون مبالغاً بالتمسك بالأخلاق 
، أمّا الأنا فهي التي تحول بين الفرد و التطرف في الاتجاهين. 
 
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
(1) محمد سعيد / عبد الفتاح / المصدر السابق / ص 52-54
 
ب ـ الدينامكية و السلوك: إذا سيطر الهو على الأنا و الأنا الأعلى فإن السلوك سوف 
يتسِّم باللاسوِّية ، و السلوك اللاسويّ كما يراه منهج التحليل النفسي هو السلوك 
الناتج عن المشاعر المكبوتة من مرحلة الطفولة ، و هو ناجم عن التضارب بين مختلف 
دوافع الشخص و رغباته و بين الفرص التي تتاح للفرد لإشباع دوافعه.
العصاب : ويتكون نتيجة للدوافع و النزعات المتصارعة في الشخصية ، و القلق هو 
لب العصاب، و الكبت هو الميكانيزم الأساسي للعصاب.
 
ج ـ الذهان: بحسب فرويد يعتبر صورة خطيرة للإضطراب السلوكي ، وتظهر فيه تغييرات 
مرضية في إدراك الواقع و السيطرة على الذات.
 
(9) ميكانيزمات الدفاع 
تساعد ميكانيزمات الدفاع الإنسان على التكيّف مع القلق و تمنع الأنا من أن يغمره 
القلق ، فالذات تلجأ إلى الوسائل الدفاعية المختلفة أمام موقف يواجهها و يهددها ، 
فتواجه بهذه الوسائل مصادر القلق ، و تبدأ الوسائل الدفاعية بالنمو مع كفاح الطفل 
ضد رغباته الجنسية خلال الخمس سنوات الأولى من عمره ، و تعمل هذه الوسائل على إنكار 
الحقيقة و تزييفها أو تشويهها ، و هي تعمل على مستوى لاشعوري وقد تستمر في تعطيل 
السلوك الحقيقي أو الواقعي فترة طويلة بعد انتهاء الجاجة إليها. 
 
إنّ الإنسان يستخدم وسائله الدفاعية من أجل التكيّف ، و التي تكون طبيعية و يمكن أن 
يكون لها قيمة تكيفية ، و يعتمد استخدامها على على مستوى الشخص النمائي و على درجة 
القلق لديه، و يكون لدينا مشكلة عندما تصبح الوسائل الدفاعية تمثل حالة من التطرف و 
شكلاً من الإنحراف و الإضطراب ، و يستخدمها الأسوياء و غير الأسوياء ، فهذه الوسائل 
لا تشكل في حد ذاتها سلوكاً مرضياً أو عصابياً.
 
و من أهم ميكانيزمات الدفاع ما يلي:
 
1.الكف Inhibition  : و هو إيقاف مفاجئ لفعالية نفسية بناء على خطر مفاجئ أو نشاط 
كابح لنشاط آخر مثل الخوف و الغضب و القلق.
2.الكبت Repression : يعتبر من أهم الوسائل الدفاعية و هو الأساس في الاضطرابات 
النفسية و خاصة القلق، و يعمل الكبت على إبعاد المواد المهدّدة و المؤلمة و الأفكار 
و المشاعر المؤذية من الشعور ، و يؤكّد فرويد بأن الكبت إزاحة لا إرادية لشيء ما 
يهدد الشعور ، كما أنّه افترض أنّ الأحداث الحياتية المؤلمة في السنوات الخمس 
الأولى قد أُبْعِدَتْ من الشعور إلاّ أنّها مؤثر قوي في سلوك اللاحق ، و للكبت 
نوعان: الأول يتمثّل في جعل الخبرة لا شعورية ، أي دفع المادة الموجودة فيما قبل 
الشعور و التي لا يمكن قبولها في الشعور إلى اللاشعور . أمّا النوع الثاني من الكبت 
فهو المادة الغير مقبولة أصلاً فيما قبل الشعور أن تبقى حبيسة في اللاشعور. 
فالخبرات المكبوتة تسعى للتعبير عن نفسها من خلال الأحلام و زلاّت اللسان ، و يحدث 
الكبت مبكراً في سن السادسة ، و عندما يحدث فإنّه على الأغلب يصعب التخلص منه. 
 
3.الإنكار Denial  : يلعب الإنكار كوسيلة دفاعية دور الكبت ، إلاّ أنّ هذه الوسيلة 
تعمل على مستوى ما قبل الشعور و مستوى الشعور، فإنكار الواقع هو أسهل أنماط السلوك 
الدفاعي ، و يفسّر فرويد الإنكار على أنّه تشويه للحقيقة عندما يدرك الشخص أنّ هناك 
أمراً مؤلماً ، يمنع استخدام هذه الوسيلة الإصابة بالقلق ؛ و ذلك بأن يتجاهل الشخص 
وجود قلق مهدّد واقعي. 
4.الإسقاط Projection : هو عبارة عن طريق أخرى لخداع الذات ، يتضمن إسقاط رغبات و 
دوافع الفرد غير المقبولة على الآخرين ، فالإسقاط هو إلقاء اللوم على الآخرين فيما 
يتصل بأخطاء نرتكبها نحن، فالطالب يلقي اللوم على المعلّم بسبب فشله في الإمتحان، و 
بعبارة أخرى فالإسقاط هو أن ينسب الفرد حوافزه و أفكاره إلى الآخرين.
5.التكوين العكسي Reaction Formation : يتصرف الإنسان هنا على النقيض تماماً 
للرغبات أو الأمنيات غير المقبوله و المرعبة لديه ، فالناس هنا لا يواجهون القلق 
الذي ينتج عن رغباتهم المرعبة بل يتصرفون على نقيض ذلك ، فقد يدّعي الفرد الحب و هو 
يخفي وراءه الكراهية ، أو أن تكون لطيفاً جداً مع الناس لتخفي مشاعرك السلبية 
اتجاههم ، و بعبارة أخرى هو استبدال للدوافع المثيرة للقلق بنقيضها تماماً.
6.    الإزاحة Displacement : هو أن يحوّل الفرد دوافعه و اندفاعاته من الموضوع 
الذي يسبب له القلق و التهديد إلى موضوع آمن غير مثير للقلق ، فمثلاً الرجل الذي 
يقمعه مديره في العمل ، يذهب إلى البيت و يفرغ عدوانيته على أطفاله و زوجته.
7.التبرير Rationalization  : هو شرح لفشل أو خسارة بحيث يتم تبرير سلوكيات معينه ، 
و يسهّل قبول الضربات الموحّه للذات أي الأنا المصابة المجروحة ، فهو نوع من الكذب 
للدفاع عن النفس ، فمثلاً عندما يتقدم شخص لوظيفة معيّنه و لا يحصل عليها ، فإنّه 
يقوم بتقديم شروحات منطقية لعدم حصوله على الوظيفة ، و يحاول إقناع نفسه بأنّه لا 
يريد أن يحصل على الوظيفة ، أي عقلنة السلوك و تفسيره و ربطه بأسباب تبدو معقولة و 
مقبولة. 
 
8.التسامي Sublimation : هو التحويل الطاقة سواء كانت جنسية أو عدوانية إلى قنوات 
أخرى تكون أكثر قبولاً من الناحية الإجتماعية كالرياضة و الرسم ، فدوافع دافينتشي 
لرسم مادوناس كان لإعلاء علاقة دافئة مع أمه التي انفصل عنها في سن مبكرة.
9.النكوص Regression  : هي أن يعود الفرد إلى سلوكيات سابقة تعلّمها في الماضي 
لمواجهة الضغوطات النفسية و التكيف مع القلق ، فمثلاً يلجأ طلبة الدراسات العليا 
إلى سلوكيات لا تناسب أعمارهم إذ شعروا بالخوف من برامج دراستهم.
10.التشرب أو الإبتلاع Introjections   : و المقصود بها أخذ و تشرب قيم و معايير 
الآخرين و هذه قد تكون إيجابية أو سلبية.
11.التقمص Identification  : هو جزء من العملية النمائية و التي يتعلم عن طريقها 
الأطفال السلوكيات الجنسية ، و يمكن أن تكون كذلك آلية دفاع أولية، فالتقمص يعزّز 
قيمة الذات و يحمي الشخص من الإحساس بالفشل يتضمن التقمص تجمع خصائص شخص آخر في 
داخل الذات.
12.التعويض Compensation : تتشكل هذه الآلية من تغطية ضعف مدرك أو بتطوير صفات 
إيجابية لتعويض نقاط الضعف ، فالأشخاص الذين يشعرون بالدونية وعدم القدرة العقلية 
يمكن أن يوجّهوا جزءاً كبيراً من طاقاتهم لبناء أجسامهم ، و الأشخاص الذين تنقصهم 
الكفاءات الإجتماعية المناسبه يمكن أن يطوروا الشعور بالوحدة و العزلة، كما يمكن 
لهم أن يطوّروا قدرات عقلية ، و يمكن أن تكون لهذه الآلية قيمة تكيّفية مباشرة و 
يمكن أن تشكّل محاولة جيدة للشخص أن يقول: لا تشاهدوا جوانب ضعفي ، بل شاهدوا 
كفاءاتي الأخرى.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الثاني / مراحل النمو        ( تطور الشخصية )
1- المرحلة الفمية(السنة الأولى) The Oral Stage : تبدأ منذ الولادة و تنتهي بنهاية 
السنة الأولى ، إنّ مصّ الرضيع لصدر أمه أي الرضاعة يجعله يشبع حاجته للطعام و 
المتعة ، و قد يأخذ المص شكل مص أصابع اليدين أو القدمين ، و بما أنّ الفم و  
الشفاه هي مناطق حسّاسة و مثيرة ، فإنّ مص الثدي ينتج عنه مشاعر سارة جداً مرتبطة 
بالمتعة و الإثارة و الحيوية لدى الرضيع . و هناك نشاطان مهمان في هذه المرحلة و 
هما: 
 
أ - السلوك الفمي الإسهامي Oral-Incorporative Behavior : يدور هذا السلوك حول 
الإثارة الحسّية الممتعة للفم حيث أن طاقة الليبيدو تتركّز في الفم أولاً ، ثمّ مع 
النضج لأعضاء أخرى في  الجسم ، فتصبح الأعضاء الناضجة هي نقاط الإشباع الرئيسية . 
فالأشخاص الذين لديهم حاجات فمّيه مبالغ فيها مثل مضغ العلكة و الأكل الزائد عن 
الحاجة و التدخين قد طوّروا تثبيت فمي Oral Fixation ، كما أنّ حرمان الطفل من 
الإشباع الفمي الضروري يمكن أن يقود إلى مشاكل لاحقة عندما يصبح بالغاً. 
 
ب-السلوك الفمي العدواني Oral – Aggressive behavior : يبدأ بظهور الأسنان حيث يصبح 
سلوك العض هو النشاط الرئيسي ، إنّ خصائص البالغين الذين طوّروا تثبيت فمي عدواني 
يؤدي إلى سمات مثل السخرية و العدائية و العدوانية و النميمة و إصدار تعليقات جارحة 
بحق الآخرين  ، و الاستغلال و السلوك الجدلي و الهزلي و الشخصية السادية لها صلة في 
مرحلة النمو الفمي العدواني. 
 
إنّ أهم مشاكل الشخصية التي تتطور فيما بعد تتضمن ما يلي: 
1·عدم الثقة بالنفس
2·الخوف من الاتصال
3·رفض العاطفة و الحنان 
4·الخوف من الحب و الثقة بالآخرين
5·القيمة  المتدنية بالذات 
6·العزلة و الإنسحاب
7·عدم القدرة علىبناء علاقات قوية جداً مع الآخرين. 
2- المرحلة الشرجية(1-3 سنوات) Anal Stage : يرى فرويد بأنّ المنطقة  الشرجية تصبح 
العنصر الأهم في تكوين الشحصية حيث تيدأ من بداية السنة الثانية و تمتد مع بداية 
السنة الثالثة و على الطفل اتقان المهمات التالية خلال هذه المرحلة و هي :  
 
1·تعلّم الاستقلال.
2·الإحساس بالقدرة الشخصية.
3·تعلّم كيفية إدراك المشاعر السلبية و التعامل معها.
4·مواجهة متطلبات الوالدين.تمثِّل هذه المرحلة أول تجربة للطفل في التعامل مع 
والديه بشكل جدّي مع بداية السنة الثانية أو خلالها ، حيث يبدأ الأهل على تدريب 
الطفل على ضبط عمليات الإخراج ، فوسائل التدريب و مشاعر و  اتجاهات الوالدين و ردود 
أفعالهم اتجاه أطفالهم لها آثار كبيرة جداً و بعيدة المدى في تكوين سمات شخصية 
لاحقة مثل السلوكات القهرية Compulsive Obsession   يؤكّد فرويد أهمية المرحلة 
الشرجية بقوله:" دع الأطفال في هذه المرحلة من تجربة الأشياء بأنفسهم ، و دعهم 
يقترفون الأخطاء ، و دعهم يشعرون بأنّهم محبوبين و مقبولين بالرغم من ارتكابهم 
للأخطا ء.  
3 ـ المرحلة القضيبية(3-6) سنوات The Phalic Stage: إنّ النشاط الجنسي يصبح أكثر 
شدّة ، و تصبح منطقة الأعضاء  الجنسية هي أساس النشاط ؛ فيستمتع الطفل باللعب 
بأعضاء جسمه المختلفة ، و يعتقد فرويد بأنّ الصراع الرئيسي هنا يدور حول الرغبات 
الجنسية اللاشعورية المحرّمة التي يطوّرها الطفل نحو الأب و الأم ، فهذه المشاعر 
تُكْبَتْ لأنّها مهددة بطبيعتها ، و لكن لها دور أساسي في التكيف و التطور الجنسي 
اللاحق ، يبدأ الضمير بالتطور في هذه المرحلة ، فالأطفال يتعلمون المعايير 
الأخلاقية بالتلقين الجامد و الغير واقعي لها من قبل الوالدين ، فمن وجهة نظر 
المدرسة التحليلية تصبح السيطرة للأنا الأعلى ، فيشعر الأطفال بالذنب بسبب دوافعهم 
، و قد يحملون الشعور بالذنب خلال مرحلة البلوغ ، ممّا يؤدي إلى تطور إعاقة شخصية 
في الاستمتاع بالقرب من الآخرين و بناء علاقات حميمة معهم ، إنّ هذا التلقين 
الوالدي السلبي يقود إلى ما أسماه فرويد بتكوين الضمير الطفلي Infantile Conscience 
  و هو عبارة عن خوف شديد و ليس ضمير حقيقي ، كما له آثاراً جانبية كالجمود و غياب 
المرونه و صراعات عنيفة و شعور بالذنب و الندم و استنكار للذات و لعنها . و يشير 
فرويد إلى تزامن الشعور بالحب و القرب نحو الأم من قبل الطفل الذكر و نحو الأب من 
قبل الطفلة الأنثى ، إنّ الأطفال يجرّبون مشاعر و رغبات جنسية و صراعات يتم كبتها 
من خلال مرحلتين أساسيتين : 
 
  أولا  ـ  المرحلة القضيبية للذكر و عقدة أوديب Odipus Complex  : إنّ الطفل الذكر 
في هذه المرحلة يتشوق لأمه و يشعر بالابتعاد و الكره لوالده الذي سيعاقبة بسبب 
مشاعره الجنسية المحرمة تجاه أمه ، في هذه العقدة تصبح الأم موضوع حب  الولد و 
يتشوق جنسياً لها من خلال سلوكاته و تخيلاته ، ففي خلال ما سوف تصبح الأم موضوع 
الحب بالنسبة لابنها و بهذا تكون عملية الكبت قد بدأت ، و هذا الكبت يمنع الطفل من 
الإدراك الواعي الشعوري لمشاعره اتجاه والدته ممّا يؤدي به إلى تطوير مشاعر مخاوف 
متعلقة بالقضيب و صفها فرويد بقلق الإخصاء Castration Anxiety  أي خوف الطفل من 
الأب بأن يقوم بقطع قضيبه بسبب مشاعره اتجاه أمه ، فيرغم على إطاعة والده لتجنب 
الإخصاء ، و دور المرشد هنا يكمن في حل عقدة أوديب بجعل الطفل يحوّل مشاعره الجنسية 
اتجاه والدته بأشكال مقبولة من الحنان و العاطفة.    ثانياـ المرحلة القضيبية 
للأنثى و عقدة إليكترا Electra Complex: إن موضوع الحب لدى البنت هنا هو أمّها ، 
ولكن هذا الحب ينتقل إلى الأب خلال هذه المرحلة ، إن البنت تطور مشاعر سلبية تجاه 
الأم ، و عندما تكتشف غياب وجود القضيب لديها فتشعر بحالة الحسد القضيبي Penis Envy 
، و في هذه العقدة يصبح لدى البنت رغبة حقيقية في منافسة أمها حب والدها ، و عندما 
تدرك أيضاً بأنّها لا تستطيع أن تحل محل أمها أو تنافسها، فإنّها أيضاً تبدأ بكبت 
المشاعر ، باستخدام وسيلة الدفاع التقمص ، فتأخذ من سمات الأم و تقلّد سلوكياتها. 
إنّ السماح للطفل بإشباع ميوله الجنسية أو حرمانه منها يقوده إلى تثبيت في هذه 
المرحلة ، و للمرحلة القضيبية مضامين إرشادية هامة للمرشد الذي يتعامل مع البالغين 
 
 أ  ـ أن يدرك و يتعرف على أهمية التجارب الأولية في حياة البالغين (3-6) سنوات   
  ب ـ  مساعدة  المسترشد حتى يصبح واعياً لخبرات الطفولة المبكرة عن طريق التخيل.
ت‌  ـ عندما يعيش البالغين هذه الخبرات مرة ثانية ، يشعرون بالأحاسيس المدفونه 
السابقة ، و يصبحون قادرين على خلق نهايات جديدة للمتاعب التي جربوها في طفولتهم 
          
د ـأن يشعر و يدرك المشترشد أن  اتجاهاته و سلوكاته الحالية شكِّلت في الماضي و هنا 
أيضاً على المسترشد أن حياته الحالية ضحية بقائها في الماضي.
 4 ـ المرحلة الرابعة الكمونية (6-12) سنة 
أ ـ أبنية الشخصية الأساسية (الهو ،و الأنا و الأنا الأعلى) قد تأسست  تقريباً .
  ب ـ بعد اجتياز الفرد لمشاكل المرحلة القضيبية و الضغوطات المجتمعة من المرحلتين 
الفمية و الشرجية يبدأ بالاستمتاع بفترة من الراحة النفسية والهدوء. 
 
ج   _ تبدأ التنشئة الإجتماعية خارج الأسرة و العلاقات الخارجية مع الآخرين و تستمر 
حتى بداية البلوغ.
د_   يتسامي الفرد و يتوجه بدافعه الجنسي إلى الأنشطة المدرسية و تطوير الهوايات و 
الألعاب الرياضية و الصداقات من نفس الجنس .
لم ينظر فرويد إلى هذه الفترة من الكمون و كأنّها خالية من النشاط الجنسي ،  و 
إنّما تصور أنّ هناك عملية وضع ستارة جزئية للدوافع الجنسية الطفولية ، ولم يستبعد 
الظهر الجزئي لهذه الطاقة الهائلة و يقول: " إنّ حركة هذه الدوافع الطفولية لا 
تتوقف خلال فترة الكمون هذه و إن كانت طاقتها تتحول كلياً أو جزئياً من استعمالاتها 
الجنسية و تتوجه إلى نواح أخرى ، و قد افترض فرويد أن هذا التحويل يأخذ اتجاهين 
إثنين وهما: الرد  المعاكس  Reaction Formationكالإشمئزاز و الشعور بالعار ، و 
التسامي Sublimationو به تتحول الطاقة الجنسية جزئياً نحو القضايا الجمالية ، و 
الأفكار الأخلاقية ، و من وجهة نظر فرويد فإنّ هاتين العمليتين تكونان جوهر مرحلة 
الكمون .
 5 _المرحلة التناسلية 13-18 سنة The Genital Stage : يرى فرويد بأنّ الفرد يصل إلى 
هذه المرحلة مع بعض الصراعات ؛ بسبب التصادم بين الرغبات الغريزية و القيود 
الإجتماعية ، و يثبت بعض الأفراد عند المراحل الفمية و الشرجية و القضيبية و لن 
يكون هناك نضج إذا ما بقي هؤلاء الأفراد مثبتين في إحدى هذه المراحل و تتميز هذه 
المرحلة بما يلي: 
 
اولا   ـ يتحرك الشباب نحو المرحلة الجنسية من جديد ، إلاّ إذا كان هناك تثبيت في 
إحدى المراحل ا لسابقة ، و تعود معاني عقدتي أوديب و أليكترا للحياة مرة أخرى بعد 
السكون السابق في مرحلة الكمون .
    ثانيا ـ يطور المراهق اهتمامات غرامية و جنسية نحو الجنس الآخر و التجريب 
الجنسي  و ممارسة بعض مسؤوليات الكبار.بعد انتهاء مرحلة المراهقة يكوّن المراهق 
علاقات حميمة مع الآخرين و يتحرر من سلطة الوالدين ، و يطوّر من اهتماماته بالآخرين 
.يعتقد فرويد أن أهداف الشباب في نهاية هذه المرحلة أن يصبحوا بالغين ناضجين ، و 
يتضح ذلك من خلال قدرتهم على أن يحبوا و يعملوا ، و من وجهة نظره فإنّ الرضا و 
الإشباع الناتج عن الحب و العمل مهم في حياة الإنسان و هو الأكثر أولوية و ديمومة . 
 
الفصل الثالث / النظرية التحليلية و دورها في الإرشاد
قبل الدخول في هذا الموضوع لا بدّ أن نشير إلى أنّ هناك هدفان أساسيان للعلاج 
التحليلي و هما: "جعل اللاشعور شعور و تقوية الأنا من أجل جعل بناء سلوك على أسس 
أكثر واقعية و الابتعاد قدر الإمكان عن الشهوات و الإندفاعية و الغرائز   
  .فالعلاج التحليلي الناجح يحدث تعديل هام في بناء شخصية الفرد حيث يتم التركيز 
على استعمال طرق تحليلية لإحضار المواد اللاشعورية و العمل من خلالها ، و خلال هذ 
العملية يتم إعادة تركيب خبرات الطفولة و فهمها و مناقشتها و تفسيرها و تحليلها ، 
حيث تركز هذه المادة على فهم واضح للماضي و قلب النقاط الهامة فيه حتى يستطيع تطوير 
مستوى جيد من الفهم الذاتي لما حدث ، و بالتالي إحداث تغيير ضروري في بناء الشخصية 
. (1)       الهدف الرئيسي لطريقة العلاح بالتحليل النفسي هو أن تحضر إلى الشعور 
تلك الدوافغ المكبوتة المسببة للقلق أي دوافع الهو و التي لم يتمكن الأنا من 
معالجتها بنجاح ، و خلال عملية التحليل النفسي يعطي المسترشد الفرصة لمواجهة تلك 
المواقف التي لم يستطع معالجتها بنجاح من قبل ، إذ يخلق المحلل النفسي موقفاً 
خالياً من التهديدات و الأخطار، و عليه فإنّ خطوات التحليل النفسي فهي تختلف من 
حالة إلى أخرى فقد تكون عدة أشهر أو بضعة سنين ، و يفضل أن تكون فترات العلاج 
متقاربة بحيث لا تقل عن ثلاث جلسات أسبوعياً و أن لا تقل مدة الجلسة الواحدة عن 
ساعة واحدة من الزمن ، و من أبرز خطوات العلاج التحليلي: 
 
1 ـ خلق أجواء و علاقات علاجية تتميز بالثقة بين المرشد و المسترشد.            
2 ـ التنفيس الإنفعالي Gets These Feelings off This Chest  ، فإخراج الإنفعالات من 
مخاوف و ذنوب يؤدي إن نقصان التوتر و الصراع المرتبط به ، و يقوم المحلل بهذه 
المهمة من خلال طرحه للأسئلة و التفسير و التداعي الحر.
3 ـ عملية الاستبصار و يُقْصَدْ بها استبصار المريض بعدم ملائمة أفكاره أو نقص فهمه 
لبعض الأمور و كذلك تفسيراته لها و عدم فهمه السابق لمشاكله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد سعيد / عبد الفتاح / المصدر السابق / ص 67 ـ 68
 
(1) العلاقة بين المعالج و المسترشد 
يرى فرويد بأنّ العلاقة بين المرشد و المسترشد هي عبارة عن علاقة ثنائية ، تتميز 
بثقة المسترشد بالمرشد و التعاون معه ، فيعبر عن مشاعره الإيجابية و السلبية في 
عمليات التحويل نحو المعالج ، و قد يكون العكس، إنّ المسترشد يحوِّل دفاعاته و 
خبراته  السابقة على المحلل ، فيساعده على فهمها و تقديم المساعدة للمسترشد ليفهم 
أسبابها فتنتقل فتنتقل ممّا هو لا شعوري إلى شعوري ، فالمحلّل هو عبارة عن شاشة 
يعكس المسترشد عليها ما لديه من دفاعات ، و يؤكّد فرويد على  أهمية الاحترام و 
التقبل غير المشروط و التعاطف في علاقة المحلل بمسترشده و يعتبرها جزءاً هاماً في 
العملية العلاجية.
يرى فرويد بأنّ فهم العلاقة بين المعالج و المسترشد لا يتم إلاّ من خلال فهم عملية 
التحويل Transferenceو التي تمثّل محور  النظرية التحليلية و التي تتضمن :
 1 . تحويل من المسترشد باتجاه المرشد Transference.
2 .التحويل المضاد Countertransference . 
 
1 ـ تحويل من المسترشد باتجاه المرشد Transference :
إنّ عملية التحويل تمثّل تغيير لا شعوري باتجاه المحلل من قبل المسترشد و تحمل معها 
مشاعر و تخيلات 
 
الآخرين سواء كانت إيجابية أو سلبية ، فهذه العملية عبارة عن إعادة تحويل ردود 
أفعال من قبل المسترشد لأشخاص مهمين في حياته ، و يسمح التحويل للمسترشد بنقل 
الأعمال غير المنتهيه و المكبوتة و إسقاطها في شخص  المحلل .تتضمن عملية العلاج 
إعادة إحياء و بناء الماضي ، فعندما يتقدّم العلاج تبدأ مشاعر المسترشد الطفولية 
تطفو على السطح قادمة من أعماق اللاشعور (نكوص  المسترشد الإنفعالي) ، فتظهر 
المشاعر السابقة نتيجة لصراعات ماضية كالمشاعر المرتبطة بالحب و الكره ، بالثقة و 
عدم  الثقة، و يظهر التحويل عندما يبدأ المسترشد يسترجع من سنواته السابقة خبرات و 
صراعات لها علاقة علاقات بالحب و الجنس و القلق و العدائية و الإحساس بالظلم ، فيتم 
إحضار هذه المشاعر فتطفو على السطح و إعادة تجريبها و إلصاقها بالمحلل ؛ فيرى 
المسترشد في المحلل رمزاً للسلطة التي تعاقب .
2 ـ التحويل المضاد Countertransference : 
يرى فرويد أنّ فكرة عدم وجود حرية كاملة من الماضي و تأثيراتها على الشخص لها 
مضامين مهمة جداً لأولئك المحللين الذين يهتمون بمساعدة المسترشد على حل الصراعات 
الماضية في حياتهم، و التحويل المضاد هو عبارة عن ردود أفعال غير عقلانية يوجهها 
المعالج نحو المسترشد ، فقد يرى فيه صورة الأب أو الأم أو الحبيب ، بمعنى أنّها 
صراعات داخلية غير شعورية و لا منتهية ، فالعلاقة الإرشادية القوية في التحليل 
النفسي تميل أحياناً إلى إشعال صراعات لا شعورية داخل المحلل نفسه.
يتلخص دور المعالج في التحويل  المضاد بأن يطور مستوى معين من الموضوعية و عدم 
التصرف بطريقة لا عقلانية أو ذاتية أمام غضب المسترشدين أو حبهم أو إعجابهم أو 
كرههم أو نقدهم.
3 ـ الأساليب العلاجية في النظرية التحليلية: 
هناك سبعة أساليب علاجية نجملها فيما يلي:
1 ـ المحافظة على الإطار التحليلي Maintaining the analytic framework: تركِّز 
النظرية التحليلية على الحفاظ على إطار تحليلي خاص بها من أجل تحقيق الأهداف 
العلاجية ، و يشير مصطلح المحافظة هنا إلى العوامل و الأساليب الإجرائية التي يتقيد 
بها المحلل ، و منها المحافظة على درجة معينة من الغموض لديه ، و انتنظام و ثبات 
الاجتماعات ، و البدء في  الجلسات العلاجية في وقت محدد و إنهائها في الوقت المحدد 
مسبقاًِ .
2 ـ التنويم المغناطيسي Hypnosis  : إنّ التنويم المغناطيسي طريقة من أجل تمكين 
المسترشد من  الاسترخاء ليقول ما عنده بشكل حر من تداعيات و أفكار ، و قد استخدمه 
فرويد في بداية طريقته العلاجية غير أنّه استبدله بالتداعي الحر.
3ـ التداعي الحر Free Association: يلعب التداعي دوراً أساسياً في الحفاظ على 
الإطار التحليلي ، فهو عبارة عن إخراج الرغبات المكبوته من أفكار و مشاعر و تخيلات 
و صراعات و الأفكار اللاشعورية خلال الجلسات الإرشادية من اللاشعور إلى الشعور ، أي 
أن يقول المسترشد كل ما لديه من دون أن يستخدم أي وسيلة من وسائل الدفاع ، و دور 
المرشد أو المعالج التحليلي: تحديد المواد المكبوتة ، فهم الأحداث و الصعوبات التي 
مرّ بها المسترشد ، التوقف عن التداعي الحر و محاولات المسترشد عدم إكمال جمل أو 
ذكريات أو أحداث تمثل مواد مثيرة لقلقه فهي مواد مهمة في التحليل، الاستماع إلى 
التداعي الحر الظاهر و إلى المعاني الخفية فيه .
4 ـ التفسير Interpretation: عو عبارة عن عملية تغذية راجعة يقدّمها المرشد 
للمسترشد ، فهي عملية تدريجية بطيئة هدفها تحقيق الاستبصار Insight  الذي يأتي به 
التفسير للمقاومة و التحويل.
5 ـ تحليل الأحلام Dream Analysis: يرى فرويد بأن الأحلام هي طريق موصل إلى 
اللاشعور و من خلالها يعبر عن عن الرغبات و المواد و الحاجات و المخاوف اللاشعورية 
، فلكل شخص دوافع غير مقبولة بعبر عنها من خلال أقنعة أو أشكال رمزية بدلاً من 
التعبير المباشر، فالأحلام وسيلة فعّالة و واقعية للتعبير عن المواد غير المقبولة. 
و يرى فرويد أو لكل حلم مستويين : المحتوى الكامن Latent Content  و المحتوى الظاهر 
Manifest ، فالمحتوى الكامن فيحتوي على المواد المخفية الرمزية و الرغبات و الدوافع 
و المخاوف و الأمنيات اللاشعورية ، و لأن محتوى هذا المستوى مؤلماً لأنّه يحتوي على 
الإندفاعات العدوانية و الجنسية ، فإنّها تنتقل و تتحول إلى مستوى مقبول هو  
المستوى الظاهري و الذي هو الحلم كما يبدو للحالم ، فالعملية التي ينتقل بها الحلم 
من المستوى الكامن إلى المستوى الظاهر تسمى بعمل الحلم Dream Work، و وظيفة المرشد 
هنا هو كشف المعاني المقنعة الموجودة في الحلم عن طريق دراسة الرموز التي تظهر في 
المستوى الظاهر عن طريق التداعي الحر ، كأن يسأل المرشد المسترشد أن يتكلم عن 
عنصراً من عناصر المستوى الظاهر لحلمه من أجل أن يكشف المعاني الكامنة للحلم. 
 
6 ـ تحليل المقاومة Analysis of Resistance  : تعتبر المقاومة مفهوم هام في التحليل 
النفسي ، و تعرّف على أنّها أي شيء يعمل ضد تقدّم العلاج و تمنع المسترشد من إنتاج 
المواد اللاشعورية ، أي امتناع أو تردد المسترشد في إحضار المواد اللاشعورية 
المكبوته إلى سطح الوعي أو الشعور ، و بالتالي إبقاء الوضع على ما هو عليه .
7 ـ تحليل و تفسير التحويل Analysis and Interpretation Transference: تظهر عملية 
التحويل في العملية العلاجية في  النقطة التي تؤثر فيها العلاقات السابقة المبكرة 
في حياة المسترشد على سلوكياته الحالية في العلاقة الإرشادية، بحيث يسلك  المسترشد 
مع مرشده كما يسلك مع شخص هام في حياته السابقة ، فعملية التحويل تزوّد المسترشد 
بفرصة نادرة من أجل تجريب مشاعر لم يعتد عليها ، فيتمكن المسترشد من التعبير عن 
مشاعر و معتقدات مكبوتة في اللاشعور(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
  (1) زهران / حامد عبد السلام / التوجبه و الإرشاد المدرسي / 591 ص
 
 
            خاتمة 
 
مما تقدم ذكره يمكن ان يمكن أن نجمل محدّدات النظرية التحليلية بالنقاط التالية:(1)
1_ إنّ إمكانية تطبيق النظرية التحليلية في المدارس و العيادات صعبة بسبب عامل 
الوقت و التكلفة.
2_ تهتم النظرية التحليلية بالمرضى أكثر من الأسوياء و  هي أفضل من الإرشاد إن كانت 
الحالة تتطلب علاجاً نفسياً .
3_بالغ فرويد في تأكيده على العوامل البيولوجية في النمو الإنساني ، و تأكيده 
المطلق على النمو الجنسي بشكل كبير.
4_معظم المضطربين نفسياً يعانون من ضعف في قوة الأنا ، فوجود أنا قوية ضروري في  
التعامل مع قضايا التحويل المرضية.
أما الانتقادات الكبرى للمنهج التحليلي فكانت من خلال:
1_المنظور السلوكي Behavioral Perspective: يرى السلوكيون بأنّ التحليل النفسي 
عبارة عن نظرية ذاتية تفتقر إلى العلم ، و إنّ مفاهيم التحليل النفسي للاشعور و 
الدوافع عبارة عن عمليات عقلية لا ترتبط بسلوك ملاحظ يمكن قياسه بشكل موضوعي يمكن 
أن تصادق الأنا و تقره ، علاوة على عدم وجود فائدة علمية من التحليل النفسي.
2_المنظور الوجودي Existential Perspective: يرى الوجوديون بأنّ التحليل النفسي 
عملي و نظري و لكنّه غير علمي و غير موضوعي ، فالقيود التي وضعها فرويد على الناس و 
تكبيلهم بالغرائز جعلهم عبيداً لها .
3_المنظور الموقفي Contextual Perspective: تركّز النظرية التحليلية على الصراعات 
النفسية و تهمل العوامل الموقفية و البيئية و أثرها في الاضطرابات النفسية.
4_المنظور التكاملي Integrated Perspective: يرى التكامليون أن النظرية التحليلية 
لها إطار نظري غني و لكنها لغاية الآن غير مستخدمة و ليس لها فائدة بما يتعلق 
بنتائجها العلاجية مقارنة بأي نوع آخر من العلاج.
 
 
            المصادر 
 
1 . أبن عربي / نظرية التحليل النفسي /  بيروت / 1992
2 . زهران / حامد عبد السلام / التوجبه و الإرشاد المدرسي / القاهرة / 1985
3 . محمد سعيد  /  عبدالفتاح  / الاختبارات والمقاييس النفسيه المستخدمه في الارشاد 
والعلاج النفسي / القاهرة /1984      
 
4 . محمد سعيد  /  عبدالفتاح  /تطوير الادارة المدرسية والقيادة الادارية / القاهرة 
/ 1982
5 . محمد سعيد  /  عبدالفتاح  / الإرشاد النفسي و التربوي بين النظرية و التطبيق / 
القاهرة / 1985
 
 
      

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد محمد الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/21



كتابة تعليق لموضوع : نظرية التحليل النفسي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net