صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تاملات في القران الكريم ح140 سورة يونس الشريفة
حيدر الحد راوي

بسم الله الرحمن الرحيم

ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ{75} 

نستقرأ الاية الكريمة في اربعة موارد : 

1- ( ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى وَهَارُونَ ) : يشير النص المبارك الى ان الله تعالى ارسل من بعد هؤلاء الرسل موسى وهارون (ع) .

2- ( إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا ) : يبين النص المبارك الجهة التي يقصدها موسى وهارون (ع) بما لديهم من المعجزات البينات فكانت فرعون وحزبه ( قومه ) .

3- ( فَاسْتَكْبَرُواْ ) : موسى وهارون (ع) كانا يرتديان ملابس الرعاة , فأستكبر فرعون وحزبه من اتباعهما . 

4- ( وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ ) : كان فرعون وقومه مجرمين , منكبين على المعاصي , لذلك تهاونوا في ما جاءهم به موسى وهارون (ع) , وتجرئوا عليهما .    

 

فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ إِنَّ هَـذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ{76} 

تبين الاية الكريمة امرين : 

1- ( فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا ) : يدل النص المبارك على امرين : 

أ‌) ان ما جاء به موسى وهارون (ع) كان حقا ثابتا من الله تعالى . 

ب‌) ادرك فرعون وقومه بما لا يقبل الشك ان ما جاء به موسى وهارون (ع) لا يمكن دحضه او حتى تفنيده , لذا لجأوا الى اسلوب الضعيف العاجز امام البينات الساطعة , فعمدوا الى اتهامه (ع) بالسحر .  

2- ( قَالُواْ إِنَّ هَـذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ ) : التهمة ( الاتهام ) سبيل العاجزين والضعفاء , اكتشف فرعون وحزبه ان لا سبيل لدحض ما جاء به موسى (ع) فلجأوا الى اتهامه بالسحر , كون السحر هو السائد في ذلك الزمان . 

ينبغي الاشارة الى ان كل الانبياء والرسل اتهموا بتهم مختلفة , منها السحر , ومنها الجنون وغير ذلك .   

 

قَالَ مُوسَى أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءكُمْ أَسِحْرٌ هَـذَا وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ{77} 

تروي الاية الكريمة جواب موسى (ع) وكان على محورين : 

1- ( قَالَ مُوسَى أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءكُمْ أَسِحْرٌ هَـذَا ) : اتطعنون بالحق وتقولون انه سحر ! . 

2- ( وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ) : يقرر النص المبارك ان الساحر لا يفلح ابد , لا في عمله , ولا في الفوز في الدنيا والاخرة .    

 

قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ{78}

تروي الاية الكريمة جواب فرعون وقومه لموسى (ع) وفيه ثلاثة محاور :

1- ( قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا ) : لتبعدنا وتصرفنا عما توارثناه عن ابائنا من عبادة الاصنام . 

2- ( وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ ) : يكون لكم الملك والسلطان في مصر والاراضي التابعة لها .  

3- ( وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ) : لا نصدق بما جئتما به .      

 

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ{79}

تبين الاية الكريمة ان فرعون طلب حضور كل ساحر بارع وماهر في صنعته , بناءا على اقتراح قومه , لعلهم يهزمون موسى وهارون (ع) .  

 

فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ{80}

تبين الاية الكريمة ان عند حضور السحرة في الموعد , بادرهم موسى (ع) (  أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ ) حبالهم وعصيهم , ويستفاد من ذلك , ان موسى (ع) اراد ان يبدأ السحرة ويستعرضوا كل ما لديهم من مهارات , ومن ثم يقوم (ع) بابطالها والتغلب عليها , فلا يكون للحاضرين من حجة او عذر .    

 

فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ{81} 

تبين الاية الكريمة (  فَلَمَّا أَلْقَواْ ) حبالهم وعصيهم , (  قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ ) , قال لهم موسى (ع) ان سحركم هذا سيمحقه الله تعالى وسيثبت لكم بطلانه وعدم جدوته , (  إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ) , يبين النص المبارك ان الله تعالى لا يؤيد ولا يقوي ولا يثبت اي عمل فاسد يصدر من مفسدين .      

 

وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ{82} 

تبين الاية الكريمة ان الله تعالى يؤيد ويثبت الحق بأوامره , فيظهره وان كره المجرمون ذلك . 

 

فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ{83} 

تبين الاية الكريمة ( فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ ) قومه هنا فيها رأيان :  

1- قوم موسى (ع) وهم بنو اسرائيل ."تفسير الصافي ج2 للفيض لكاشاني" . 

2- ثلة من قوم فرعون , اهل مصر . "تفسير الجلالين للسيوطي , تفسير الصافي ج2 للفيض لكاشاني ". 

كانوا قد امنوا بما جاء به موسى (ع) لكن ( عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ) , يخشون فرعون وحزبه ان يصرفونهم بالتعذيب , ( وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ ) , متجبر طاغ , ( وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ) , في الكفر والبغي والظلم وادعائه الربوبية .    

 

وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ{84}

اوردت الاية الكريمة ما قاله موسى (ع) لقومه ( من امن به ) ( إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ ) لتكن فيه  ثقتكم واسندوا كل اموركم اليه جل وعلا , بعد ان شاهد ورأى تخوفهم من فرعون وحزبه , ( إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ) , ينبغي للمسلم ان ينقاد الى الله تعالى وطاعته , ويفوض جل اموره له جل وعلا .    

 

فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{85} 

تروي الاية الكريمة جواب قوم موسى (ع) عليه ( فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا ) , وثقنا واسندنا كل امورنا اليه جل وعلا , ( رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) , يسألون الله تعالى ان لا يسلط قوم فرعون عليهم فيفتنون بهم وفي ذلك رأيين :    

1- قد يصرفوننا عن ديننا تحت طائل الحبس والتعذيب . 

2- يتبادر الى ذهان ال فرعون عند تسلطهم على قوم موسى (ع) انهم على حق , وان قوم موسى على باطل , ولو لا ذاك لما سلطهم الله تعالى عليهم , وهذا ما حدث فعلا , حيث جاء في تفسير الصافي ج2 للفيض لكاشاني (  والقمي : عن الباقر عليه السلام إن قوم موسى استعبدهم آل فرعون وقال لو كان لهؤلاء كرامة كما يقولون ما سلطنا عليهم ) . 

وايضا ما اورده السيد هاشم الحسيني البحراني في تفسير البرهان ج3 ( العياشي :  لا تسلطهم علينا فتفتنهم بنا ) .

 

وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ{86}

تستمر دعوة قوم موسى (ع) في الاية الكريمة , فيسألون الله تعالى النجاة من كيد ال فرعون , حيث كانوا يستعبدونهم , ويسخرونهم في الاعمال الشاقة .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/10



كتابة تعليق لموضوع : تاملات في القران الكريم ح140 سورة يونس الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net