صفحة الكاتب : محمود كريم الموسوي

الحسين (عليه السلام)في الشعر الحلي
محمود كريم الموسوي
في الثالث من شعبان من العام الثالث للهجرة ، سطع نور أضاء مدينة الرســول الكريم ، صلى الله عليه وآله ، بالوليد الثاني قي شجرة الدوحة المحمدية ، أفـرح النبي فرحاً عظيما ، وأخـذ الوليد بلهفة ، واحتضنه، وأذن فـي أذنه اليمـنى ، وأقام فـي أذنـه اليسرى ،بعدها ظهرت على محياه الشريف، صلوات الله عليه وآله،مسحة من الحزن ســرعان ما تحولت إلى بكاء ، وهو يحضن الوليد الذي سمّاه حسينا ، ويشمّه ، ويقبّله ولما سئل خاتم الأنبياء عن سبب بكاءه ، قال : ( تقتله فئة باغية كافرة مـن بني أمية لعنهم الله ، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ) 0 
هكذا عرف عن الحسين عليه السلام ، في يوم مولـده ، انه ســيكون من الشهداء العظماء ، الذين قال عنهم الله سبحانه وتعالى : ( ولا َتحسبَنَّ الـذينَ قُتلوا فـي سَــبيلِ اللهِ أمواتا بَل أحياءٌ عِندَ رَبِّهم يُرزَقونَ ) آل عمران 169 0
وفي يوم00 خرج الرسول صلى الله عليه وآله من بيته ، فمرّ ببيت علي بن أبي طالب عليهما السلام ، فسمع الحسين يبكي ، فهرع إلى ابنته فاطمة عليها السلام قائلاً لها : ( ألم تعلمي إن بكاؤه يؤذيني ) ،وكان يضع إبهامـه الشريف في فيــه ، ليمصّها ويرتوي منها ، وتواترت أحاديث نبوية في حب الحسين ، ومكانته عند جدّه الرســول منها : (حسين مني وأنا من حسين ) ،و(الحسن والحسين إمامان إن قاما وان قعدا) و(مـن أحـب أن ينظــر إلى أحـبّ أهــل الأرض والى أحــب أهـل الســماء فلينظر إلى الحسين ) 0
لقد كانت علاقـة الرســول الكريـم ، صلى الله عليه وآلـه ، مـع الحسنين عليهمـا السلام علاقة روحية،اختزل الله سبحانه وتعالى فيهما شــمائل جدهما الــذي قال فيه : ( وانَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ ) القلم4 0
وشخص عاش في تربية ثلاثة من أشرف ما خلق الله على أرضه ،خاتم الأنبياء وعلي بن أبي طالب ، وفاطمة الزهراء عليهم السلام ، لابد أن يكون على مستوى من العلـم ، والأخلاق ، والـورع ، والتقـوى ، والفضيلة ، والحلـم ، والشجاعة ، والإيثار ولا يرضى إلاّ أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر 0
ومهما اختلفت الآراء ، وتضاربت الرؤى ، على مـدى ما يزيد مـن ثلاثة عشـر قرناً ، فان ما يعنينا ، هو وصول معاوية ، ومن بعده ابنه يزيد ، لعنهما الله إلـى إمـرة المسلمين ، باغتصاب الحق من أهله 0
ولم تختلف الروايات المعتبرة في كتب التاريخ ، في سوء سيرة يزيد، وسريرته في شرب الخمر ، وعمل الموبقات ، وخلاعته ، وفجوره ، ومجونه ، واستهتاره بقيـم الإسلام ، والخروج عن مبادئه والإســلام ما زال يحبو ، و إن اســتمر يزيد في إمـرة المسلمين ، فسيؤول الإسـلام إلى التخلـف ، والتحلل ، بل وانتهاء وجــوده العقائـدي ، والاكتفاء بوجود شكلي ، ذلك إن ثنائية السلطة (دينيــة ــ سياسية) ، فـي ذلك الــوقت تتمثل في شخص واحد هو الخليفة ، أو أمير المؤمنين 0 
وحيث أن الحسين ، هو الامتداد الروحي لرسالة جدّه إلى الإنسانية ، التي يراها تتراجع عن أهدافها ،على يـد يزيد لعنــه الله ، فأمامه واحد من أمرين : إمّا أن يهـادن وهو يرى الحق ينحدر إلى هاوية ، والساكت عن الحق شيطان أخرس ، وأما أن يقف بوجه الباطل بثورة عارمة ، تعيد الأمور إلى نصابها ، وليأخذ كل ذي حق حقه 0 
والسؤال:هل كان الحسين في قـوة تؤهـله لمجابهة يزيد ؟ ، نعـم00 لم تكن القوة المادية بالعدد والعدة كذلك ، ولكنه كان يمتلك القـوة الـروحية التي تزيد على قوة يزيد أضعافا مضاعفة ، إنها قوة الإيمان ، روح الفداء الذي شــربها من أبيه الذي كان أول فدائي في الإسلام ، عندما نام في فراش الرسول وهو يعلم علم اليقين إن أربعين سـيفاً بتاراً بأيدي اقوى أقوياء الكفار، ستنهال على جسده الشريف دفعة واحدة ، لتمزقه شر تمزيق 0
لقد كان الأب أول فدائي ، عندما كان العرب لا يعرفون لايعرفون من الفداء إلاّ معناه فقط ، مع ما يملكون من شجاعة ، أذهلت الآخرين 0
وعندما نقف على رؤية آل البيت ، متمثلة بالحسين عليه السلام ،ورؤية آل أمية متمثلـة بيزيد ، التـي لخصها لنا الدكتور المسيحي انطون بارا ، بكتابه ( الحسـين فـي الفكر المسيحي ) ص28 ، قائلاً : ( أهـل البيت يرون أن الخلافـة مـركب يقـود إلـى الآخــرة وفــق أحكـام الله ، وبنــو أميـة يتطلعـون إليها باعــتبارها مركباً يقـود للجاه، والسلطان ، وانقياد الـدنيا وفـق أهـواء النفس ، ومطالبـها ) ، لا يمكـن إلا أن نرى إن الحسين عليه السلام ، يثــور على يزيد لا طمعا في سـلطة ، أو جاه ، وإنما لتصحيـح المسار الذي انحرف عن أهدافه كثيرا ، برغم إن طلب السلطة لم يكن عيبا أو جريمة فالســلطة قد اغتصبت مـن الحســين عليه السلام ، اغتصاباً ، كما اغتصبـت مـن أبيه علي بن أبي طالب في خلافة الرسول الكريم 0 
إذن00 الحسين كان يحارب من أجل إقامة العــدل ، وتحقيق الحـرية ، وإحقـاق الحق ، وإصلاح الفساد ، وردّ الظلـم ، ومقاومة العـدوان ، والعــودة بالمبادئ والقيــم الإسلامية إلى مسارها الطبيعي،والمحافظة على الإسلام الفتي ،فلخص أهداف ثورته بالقــول : ( ألا واني لــم أخــرج أشـرا ، ولا بطـراً، ولا ظالماً ، ولا مفسـدا 00 وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي ، أريد أن آمــر بالمعروف ، وأنهى عن المنكر 00 فمن قبلني بقبول الحق ، فالله أولى بالحـق ، ومن رد عليّ هــذا ، حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ، وهو خير الحاكمين ) 0
ثورة 00هذه مبادئها ، والحسين الذي يقول :(لا أرى الموت إلاّ سعادة ) قائدها، وأهل بيته وأصحابه جنودها، وواقعة ألطف ، التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، وهزت أحـداثها ، وجـدان الإنسانية فـي كل مكان ، كان لهـا أن تعيـش فـي نفــوس المؤمنين، لا يطالها الزمن ، ولا يمسكها النسيان 00 كيف لا ؟، والرسول الكريم صلى الله عليه وآله يقول : ( إن لقتــل الحسين حـرارة في قلــوب المؤمنين لا تبـرد أبـدا ) ، فخصّ المؤمنين فقط ، ولم يقل المسلمين ، وهي أعظـم شهادة لمن يظهر حرارة قلبه في قتل الحسين عليه السلام ، بفعاليات مختلفة بأنه من المؤمنين 0
يقـول الدكــتور انطـون بارا : ( لم تحظ ملحمة إنسانية ، فــي التاريخين القـديم والحديث ، بمثـل ما حظيـت به ملحمة الاســتشهاد فـي كــربلاء مــن إعـجاب ودرس وتعاطف فقد كانت حركة على مستوى الحدث الوجداني الأكبر لأمة الإسلام بتشكيلها المنعطف الروحي الخطير ، الأثر في مسيرة العقيدة الإســلامية ، والتي لـولاها لكان الإسلام مذهباً باهتاً ، يركن في ظاهر الرؤوس ، لا عقيدة راسخة في أعماق الصدور وإيمانا يترع في وجدان كل مسلم )، ثم يقول :( لقد كانت هـزّة وأي هـزة 00 زلزلت أركان الأمة من أقصاها إلى أدناها ، ففتحت العيون وأيقظت الضمائر على مالسـطوة الافك والشر من اقتدار ، وما للظلم من تلاميذ برره على اســتعداد لزرعه في تلافيف الضمائر ليغتالـوا تحت ستر مزيفة 00 قيـم الـدين وينتهكـوا حقـوق أهليــه ويخمــدوا ومضات سحره الإلهي ) ص69 0
وحيث أن الكتابة عن آل البيت ، هي طاعة لله ولرسوله ، لقوله تعالى :( قُــل لا أسـألُكُم عَلَيه أجــراً إلاّ المــوَدةُ في القُربى) الشورى 23، فقــد انبــرى مؤرخــون ، ومفكرون ، ومؤلفون ، وخطباء ، وشـعراء ، وأدباء ، ورواة ، وعلى مـر العصور ، كل يكتب في اختصاصه ، ولقـول الإمام الصادق عليه السلام ( من قال فينا بيتاً ولــو كان ملحناً صافحنا في الجنة)، أخذ المؤمنون يعبرون عن صدق إيمانهم بالله ورسوله وحبهم لآل بيته الأطهار،في قول الشعر لبيان صفاتهم، ومكانتهم ، وأخلاقهم وكرمهم ومبادئهم ،وقيمهم ،وشجاعتهم فسمي بشــعر المديح لأل البيت ، وفــي بيان المصائب التي ألمت بهم ، وخصوصاً فاجعة كربلاء ، فسمي بشـعر الرثاء لآل البيت ، وميّزت تلك النتاجات مســمّيات عـدة ، منهـا الشعر الحـسيني ، وأدب ألطـف ، وأدب العتــرة الطاهرة ، وأدب المأساة ، وغيرها 0
وكان لابد للأدب الحلّي ، أن يكون له وسام الحضور الفاعل ، في ميـدان الأدب الحسيني ، وخصوصاً وان هنالك عوامل كثيرة تشجع على أن يكـون الأدب الحسيني الحلي مميزا عن غيره ، منها حب أهالي الحلة لآل البيت حباً لا ينقطع أبدا ، ولكــون الحلة كانت حاضنة للحوزة الدينية مدة ليست قصيرة ،إضافة لكـثرة مــراقد ومقامات أنبياء ، وأئمــة ، وعلماء ، ودعــوة الإمام علي عليه السلام لأهلـها ، خيـر دليل علـى مباركتها، مما يستوجب تتويجها بما يجعلها مميزة في تراثها الحسيني 0
واستخدم الحليّون كل جهودهم لبيان حبهم لآل البيت في فعاليات متنوعة وكثيرة ومنها الأدب ، فكتبوا البحوث ، والدراسات ، ووظّفــوا كل أنواع الفنون الثقافية ، من منبر ، وخطابة ، وقصة ، ومسرحية ، ومقالة ، وشعر ، الذي صار تراثا ضخماً لابد من لملمته، وتدوينه ، فتطوع الدكتور سـعد الحـدّاد لذلك العمل في البحث ، والتقصي ليعلن عن مدى حبه لآل البيت ، وبجهود مضنية استطاع أن يمـسك بأكثر مـن ســبعة آلاف وأربعمائة بيت من الشعر العمودي الفصيح ،وثمانية قصائد من الشـعر الحديث لمائة وثلاثة وستين شاعرا حلياً ، فينشرها فـي كتاب مبارك ، بعنوان ( الحســين فـي الشعر الحلي 00 تراجم وقصائد) ،في (645) صفحة من القطع الاعتيادي ، وقد نهج نهجاً رائعاً في أن ترجم للشعراء الذين وردت لهم مشاركة ، وقد وضعهم فـي بابين ، الباب الأول تضمن الذين توقف عطائهم ، لانتقالهم إلى الدار الآخـرة وعــددهم (98) شاعرا ، وقد ســلسل ذكرهم حسب تاريخ الوفاة على وفق التقويم الهجري تصاعدياً ، والباب الثاني ذكر فيه الشعراء الأحياء وعددهم (65)،فسـلسل ذكـــرهم حسب تأريخ الميلاد على وفق التقويم الهجري أيضا ، وتصاعدياً 0
سبق الدكتور الحداد البابين ، بمقدمة أعلمنا فيها إن أول من رثى الحسين عليــه السلام ، الشاعر عُقبة بن عمرو السهمي القائل : 
مـررت على قبــر الحســين بكربلا ففاض عليه مـن دمـوعي غزيرها 
ومازلــت أبكــــيه وأرثـي لشــجوه ويســعد عينــي دمعهــا وزفيــرها 
وناديت من حول الحسين عصائباً أطافــت به مــن جانبيــه قبـــورها 
ســلام على أهـــل القبـــور بكربلا وقــــل لـها منــي ســلام يـــزورها 
مشيرا إلى إن الشـعر الحلّي :(عبّــر تعبيـرا ولائياً مطلقاً بانتمائـه للحسـين عليه السلام ، وجسد شــعراء الحلة منذ تمصيرها ســنة 495هـ / 1101 م ، واقعـة ألطف تجسيداً حافلاً ، في اســتعراض بطولة الإمام الحســين عليه السلام وأهله وأصحابه ، وتصوير مواقفه الانسانية ، وأهـداف ثورته في الدعوة إلى الإســلام الحـق ، وتطبيق أحكامه بعد الحالة التي آلت إليها في ظل حكم الطاغية يزيد بن معاوية ) ص8 0
وأورد تسعة عوامل مساعدة لنمو القصيدة الحسينية الحلية تحت عنوان (عوامل نمو الشعر الحسيني الحلي ) ص9 0
وتحت عنوان ( هــذا الكتاب ) يقول الدكتور الحداد : (حاولت جمــع نماذج مـن الشعر الحسيني الحلي ) ص13، ثم بين لنا الجدب،والعطاء في القرون الهجرية على وفق ما حصل عليه من نتاج شعري حسيني 0 
وجدنا أن الدكتور ســعد ، حصل على قصيدتين ، لشاعرين فـي القـرن السادس الهجري ، الأولى للشاعر سالم بن العودي (ت558هـ) ، تتكون من (111) بيتاً يقول فيها مادحاً آل البيت :.
هم منقذونا من لظى النار في غـد إذا ما غــدت في وقــدها تتضــرم 
ولولاهــــم لـــم يخلــــق الله خلقه ولا هبطـــا للنســل حـــــــوا وآدم 
وبعد أن يتحدث عن واقعة الطف ، يشير إلى وصية النبي صلى الله عليه وآله ، بخلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام فيقول :
وقد نصّها يوم الغـــدير محمـــــد وقال لهــم ياأيها الناس فاعلمــوا 
علــيّ وصــي فاتبعـــــوه فانـّـــه إمامكم بعــــــدي إذا غبت عنكــــم 
فقالوا رضــيناه إمـامـا وحاكـــما علينا ومولـى وهـــو فينا المحكــم 
والثانية للشاعر سعيد بن مكي النيلي (ت 565 هـ) تتكون من (61) بيتاً يصـف فيها السبايا وما جرى في ديوان يزيد لعنه الله ، ويختم قائلاً :
يا آل طــه لقد نال الأمان بكـــــم في البعث كل ولــي مؤمن صــدقا
وعن القرن السابع الهجري ، يقول الدكتور الحداد : ( يؤســفنا إننا لــم نعثر في القـرن الســابع إلاّ عـلى مجموعــة أبيات متفرقــة للشــيخ الفقيه جعفــر بن نما الحلي (ت680هـ) ، وكان ما حصل عليه ، أربعة مقاطع متفرقة يقول في إحداها : 
فعيني لقتل السبط عبرى ولوعتي على فقدهـــــم ما تنقضي زفراتها 
فيا كبدي كــم تصبرين على الأذى أما آن أن يغني إذن حســراتها ؟!
ووجدنا في القرن الثامن الهجري ، ثلاثة شــعراء ، كانت قصيدة الشــاعر علي الشفهينـي (ت ق8 هـ) ، أطــولها ، يرثــي فيها الحســين عليـه الســلام بـ (135) بيتا مطلعها :
ذهــب الصبا وتصــرم العمــــــر ودنا الرحيـــــــل وقوض الســـفر 
ويختمها مخاطباً آل البيت :
صلى الإلــــــه عليكـــــم أبـــدا ماجـــن ليــــل أو بــدا فجـــــــر 
وعليكـــــــم منــي التحيـــة ما ســـح الحيا وتبســــم الزهـــــر
وحصل الدكتور الحداد على تسع قصائد ، لسبعة شعراء ، أطولها قصيدة رجب البرسي (ت ؟ ) ، مكونة من (155) بيتاً ،يرثي بها الحسين وآل بيته الأطهار فيقول: 
مصابي وصوب الدمع فيكم مجدد وصبري وســلواني به اخلق الجهد
تذكــــرني يابن النبــي غــــدا إذا غـــــــدا كل مولى يستجير به العبـد
فأنتـــم نصيب المادحين وإننـــي مدحت وفيكم في غــد ينجز الوعــد 
أما قصيدة صالــح بن العرندس (ت ق9 هـ) ، التي يقــال ما قــرأت أبياتها فــي مجلس إلا وحضر الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه ، في ذلك المجلس ،فهي في (98) بيتاً يقول فيها :
أيُقتــــل ظمآنا حســـــينا بكـــــــربلا وفـي كل عضـو من أنامله بحــــر
ووالدهُ الساقي على الحوض في غد وفاطمــة ماء الفــرات لها مهــــر 
فوالهف نفســي للحسين وما جنــى عليه غداة الطف في حربه الشمـر
وعن القرن العاشر الهجري ، يقول الدكتور الحداد : ( يحز في النفس إن القرن العاشر غُيب من قبل المؤرخين في توثيق المنجز الشعري الحلي ) ص13 0
فيما نقل لنا أربع قصائد لأربعة شعراء في القرن الحادي عشر الهجري أطولها قصيدة محمد بن السمين الحلي (ت ق11هـ) ، تضمنت (112) بيتاً ، فـي رثاء الإمام الحسين عليه السلام يقول فيها : 
يقــول اصبروا فالله جــل جلالـــه يوف لأجــــر الصابرين مـــزيد
وصـــــبرا جميلا آل بيت محمـــد فمجدكــم والفضـــل ليـــس يبيد
ووردنا من القرن الثاني عشـــر الهجري ، قصيــدة للشــاعر أحمـــد النحــــوي (ت 1138هـ) بـ (78) بيتاً مطلعها : 
لــو كنت حين سلبت طيب رقادي عوضت غير مدامـــع وســـهاد 
وقصيدة للشاعر حمزة النحوي (ت ق12هـ ) ، مكونة من (95) بيتاً في وصف ظروف واقعة الطف يختمها قائلاً : 
عليكم سلام الله ما اخضر يابس وما بزغت شمس وما كوكب يبدو 
ويذكر له الدكتور الحــداد في ترجمته ، ص (116) قائلاً : ( ولولا شــعره فـي الإمام الحسين عليه السلام وآل البيت لضاع اسمه ) 0
وأضاء لنا الدكـتور ، القرن الثالث عشر ، بعشرين قصيدة لأربعة عشر شاعراً كان أكثرهم نتاجاً بين يدي الدكتور ، الشاعر محمد بن الخلفة الحلــي (ت 1247هـ ) فاستطاع أن ينقل لنا قصيدة في رثاء سيد الشهداء بـ (80) بيتاً ،وأخرى بـ (85) بيتاً فيقول فيمن اغتصب حق آل البيت ، داعياً ظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه :
هم أسسوا وبنت أمية بعدهــــم ويل لهـــم من حـــر نار جهنــــم
فمتى أرى المهدي يظهر معلنا للحــق يوضــح بالحسام وبالفـــم 
وقد خزنت لنا ذاكرة القرن الرابع عشر الهجري (القرن الماضي) ،ما نفتخر به ونفاخر ، من نتاج في الشعر الحسيني الحلي ، فنقل لنا الدكتور (71) قصيدة ،و(11) قطعة ،لسبعة وأربعين شاعراً من الذين تركوا مباهج الحياة ، وانتقلوا إلى رحمة الله ، أما الشعراء الإحياء ، أطال الله أعمارهم ، فلم نستطع حصرهم ، وحصــر نتاجاتهـــم ضمن القرن المعني ، لعدم تأرخة قصائدهم ، فتداخل نتاجهم مع القرن الذي نعيش0
و للشاعر السيد حيدر الحلي( ت 1304هـ) الــذي قال فيه الحــداد ( أجمـع نقاد الشعر من معاصريه ،والمتأخرين،على انه أشعر من رثى الإمام الحسين عليه السلام فهو بحق أمير فن الرثاء بلا منازع ) ص 190 ، له حيزا واضحاً بأربـع قصائد منها لاميته التي اهتز لها الشاعر أحمد شوقي ، عندما تليت على مسامعه ، من قبـل طالب عراقي ، فقال : هذا هو الشعر الذي يهز حقا ، والتي مطلعها : 
عثر الدهـــر ويرجــــو أن يقالا تربت كفـــــك مــن راج مـحالا 
كما ذكرت أربع قصائد لكل من الشاعر جواد القزويني (ت 1358هـ) والشاعر صالح الحلي(ت1359هـ) ،والشاعر محمد علي اليعقوبي (ت 1358هـ) الذي اشتهر بمؤلفاته العديدة ، منها ديوان شعر في آل البيت بعنوان الذخائر ، والمقصورة العليــة بـ (450) بيتاً ، ففي قصيدة (أبو الشهداء ) ، يصف الحسين عليه السلام عندما ســقط في أرض المعركة قائلاً :
وصدر نشا فـوق صدر النبي بـــــــه أودع الله أســـــــراره
غــــــدا لخيول العـــدا حلبـــة تعفــــــي الــــــــسنابك آثاره
وقد أشار الدكتور الحداد أن قصيدة للشاعر حمادي نوح الحلي (ت 1325هـ) ، في رثاء الإمام الحسين بـ (350) بيتاً ذكر منها (76) بيتاً جاء فيها :
برز ابن أحمــــد للزمان يقيله عثرات معلن غــدره المتنصل
ومسوما في الركب كل نجيبة غير المكارم فوقها لــم تحمل
أما القــرن الخامس عشر الهجري (القرن الذي نعيش) ، جاء الدكـتور الحـــداد بثماني عشرة قصيدة ، وقطعة واحدة لثمانية عشر شاعراً،كان أكثرهم نتاجاً في كتاب الحداد الشاعر فرهود مكي الجبـوري (ت 1427هـ) ،فوردت له قصيدة بـ (89) بيتاً يفتتحها قائلاً في الحسين عليه السلام: 
القلب عيدك والنفوس حـــــواري فاخلـــــد فانك خالــد التذكار
مصباح أهل البيت كوكب فخرهم يابن البتول ويا أبا الأحـرار 
ثم يقول :
لأبيك كان السبق فـي إســـــلامنا واليك آل السبق في اسـتئثار
هذا ما كان في الباب الأول ، أما الباب الثانـي الذي يحتوي على قصائد مختارة من الشعر الحسيني لخمسة وستين شاعراً حلياً ،على قيد الحياة أطال الله في أعمارهم والذي نشر في ساحة القرن الرابع عشر ، والقرن الحالي ، افتتحه الشاعر محمد علي النجا ر (تولد 1341هـ) بقصيدة يقول فيها :
وارتجــت الدنيا لهــــول فجيعة كبرت بما حملته من أســرار
فأقمـــت دين محمـــد في كربلا وجعلت منها كعبة الـــــزوار
لولاك لانطمست معالـــــم دينه ولا صبحــت أثـــرا من الآثار
والشاعر شريف الزميلي (تولد1364هـ)، يصف جيش الإيمان ، بقيادة الحسين عليه السلام ، فيقول في قصيدة ( صولة الوجد) :
ولم يكن له غير أهليه ســـــند وآخرين وهل كانوا سوى نفر
والشاعر جبار الكواز (تولد 1367هـ)، يختم قصيدته المختارة في كتاب الحداد فيقول في البكاء على الإمام الحسين : 
ما كل دمع بكا يودي إلى دعـــة إلاّ بكاء حسـينا الســبط مرتجا 
فكل دمعة حــزن نحــن نسكبها حبا له في لقاء الخلد قد شــفعا
وللشاعر صلاح اللبان (تولد 1371 هـ ) قصيدتين ، يصف في إحداهما العباس عليه السلام ، وإصراره على حمل القربة لجلب الماء ، فيقول : 
(يا قربة) خلدت عنوان تضحية تسمو وتطغى على كل العناوين 
من أجلها قطعت زندان ما وهنا بالنهـــروان ولا يوما بصفيـــن 
والشاعر أسعد محمد علي النجار (تولد 1372هـ)، إذ ينهج نهــج والده ، فيرثي الحسين ويصف ما وصل اليه حال أعدائه قائلا :
ياويــح مـن يغتال ديـن محمــــد تغتالـــه الأحقــــــاب والآبـــــاد
فيزيد أضحى في القمامة رمسه والشمر نحـــــو رذيلة ينقـــــاد 
وللشاعر مالك المسلماوي (تولد 1372هـ) ، مساهمة بقصيدة ( اليـــوم ينتفـض الحسين ) ، مطلعها : 
قف هــــذي أرض ترادف همها وتوشحت ثوب الــــدماء أديمها 
وفــي قصيدة (النجيــع الأخضــر) ، يقــول الشــاعر حامـــد خضير الشـــمري (تولد1375هـ) :
ياســـيد الأســـياد كل مجاهــــد يهفــو لنهجك مبصـرا متبصرا
ثم يختم قصيدته معتذراً للإمام الحسين عليه السلام فيقول :
صفحا أبا السجاد عن عيّي فلم أنصف ولو كان المـــداد الأبحرا
وللشاعرة حسينة عباس بنيان (تولد 1376هـ) ، قصيدة بعنوان (صريـع الدمعة الساكبة ) تقول فيها :
أبا الشهداء يا عـلماً وأســـمى ومحـــراب الكـــرامة للكــــرام 
مشى زهـــوا لك التاريخ عمرا وخط كــواكبا فـــوق الغمــــــام 
وقصيدة ( ما خلد الحر إلا والأسى سبب )،اسهامة الدكتور الحداد نفسه (تولـــد 1380هـ) ، يقول فيها في تخليد الحسين 
عهدا، أريج دماك الغر في صُعــد مادام في الأرض أفواج من النجب 
يا ســـيدي يوم عاشوراء مزدهر مسارب النصر من ســلساله العذب 
ويختــم الدكـتور الحداد الباب الثاني ، بقصيدة (أنت الشراع ) للشــاعر الشــاب ياسين الحميري (تولد 1404هـ) التي مطلعها : 
كــــذب الــزمان وزوّق التنكيـــد فـي أن مـن قتــــل الحســـين يزيد
فســيوفهم إن مــزقت أحشـــاءه فلــقد تكفـــــــل ثأرها التخليــــــــد 
وحيث علمنا ، إن الدكتور الفاضل سعد الحداد منشغلاً ، بإعادة طبـــع الكتاب ، وإضافة نتاج أكثر من أربعين شاعراً اليه ، نبارك جهـــوده الخيرة ، ونتمنى تخريــج القصائد ، والمقطعات ، فقد وجدنا إن هنالك اختلافات بين مصـدر وآخــر ، فقصيــدة الشـاعر (صالـح بن العرندس ) ص89 ، ظهــر فيها اختلافات كثيــرة ، مقارنة مـــع القصيدة نفسها في كتاب ( الإمام الحسين من الميلاد إلى الاستشهاد ) ، المعـد من قبل هيئــة محمــد الأمين عليه الســلام ، والـــذي أشار إلى مصدرها : (المجلة الحســينية المصورة ) ، الصادرة في الكويت ، عن الهيئة نفسها 0 
كما وجدنا في الكتاب نفسه ، لامية السيد حيدر الحلي بزيادة بيتين إلى ما ذكــره الدكتور الحداد وهما : 
حين ننسى أوجهاً من هاشـــــم ضمّــها التربُ هــلالاً فــــهلالا 
أفتَـــديهم وبمـــن ذا أفتـــــــدي مَن لهلاّك الـورى كانوا الثمالا
وكان موقعهما (25 ، 26) في تسلسل أبيات القصيدة 0 
ويحزن النفس أن الصوت النسائي كان ضعيفاً جداً ، في شعر الحلّيـين الحسيني فقد تمثل في ثلاثة أبيات من قصيدة للشاعرة غزوة القزويني (ت1331هـ) ، لــــم يتم العثور عليها برغم إن الدكتور الحداد يذكر لها في ترجمته : ( شـاعرة مقبولة سريعة البديهة مشهود لها بطرافة الأدب ) ص 257 ، وخمسة عشر بيتاً للشاعرة حســــــينة 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمود كريم الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/10



كتابة تعليق لموضوع : الحسين (عليه السلام)في الشعر الحلي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net