صفحة الكاتب : كريم السيد

تصحيح ما بعد التغيير
كريم السيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هل يختلف معي احد لو قلت ان الدولة العراقية الحديثة بنيت بعشوائية وعلى أسس هشّة؟ من ينكر ان الدولة العراقية الحديثة قد بنيت على دمار سابقتها بتكرار، اقل ما يقال عنه انه صورة طبق الأصل لنظام يمنح رخص بقائه بما يريده هو لا شعبه؟ هل نجح الصندوق الانتخابي بأن يجعل من الفرد العراقي المُغيب والمتأثر بكل هذا الإرث، بأن يقدم له طبقة سياسية ناضجة بمستوى ما حدث لتلبي رغباته في استثمار أولى رياح التغيير؟ هل الوقت كاف لان تصحح أوضاع البلاد؟ أم أن للشعب ثقة كبيرة بممثليه في تغير واقع الحال المزري هذا؟ هل نجحت الدولة العراقية الحديثة في تعويض المواطن العراقي عمّا لحقه من ماض جرّ البلاد للموت والخراب؟ هل ان منظومة التشريع القانوني سليمة في البلاد؟ هل هناك طريق سالك لمبدأ الفصل بين السلطات؟ هل نجح الدستور الحالي في قيادة البلاد لاستقرار سياسي ام انه كان نقطة الخلاف الجوهرية؟ ما أخبار الصحافة والقضاء، هل هي بخير؟ ما المعالجة الحقيقة لمرض الطائفية الذي يجتاح البلاد، هل نجحت المصالحة بكتم صوته ام ان أصوات الكواتم كشرت عن صوت الموت بهدوء مرتكبيها؟ هل نجحت المؤسسة الأمنية في اداء واجبها ام انها بقيت تراوح في مكانها بلعبة السلم والأفعى؟ هل يملك العراق نظاما تأديبيا جزائيا له اثر بالغ في ردع الجريمة والقضاء على كم الموت الذي يحيط للبلاد، ام ان فضائح هروب السجناء باتت العنوان الأكثر إثارة بعد عناوين المفخخات والخلافات السياسية؟ هل الدولة العراقية بخير؟ هل أوصلت العراق لنافذة الأمل من خلال وعي الشعب وهمة سياسييه؟ هل الوضع الحالي يستدعي بقاء الحال كما هو عليه ام لابد من المطالبة بالتغيير الواعي؟
أسئلة كثيرة، لكن مخاطرها أكثر وأكبر. ان السنوات العشر التي خَلت كفيلة بأن تجعلنا ننادي بالإصلاح بعد التغيير. اما الأدوار السلبية التي تؤديها مختلف شرائح المجتمع، ما هي إلا تعبير واضح عن حجم قلة الحلول في سبل الخلاص وجديته ايضا، اذ لا سبيل للوصول الى نهوض الوطن إلا عن طريق سلسلة مطالب واعية تعد من افضل ممارسات الديمقراطية الحديثة ملائمة مع المجتمع العراقي المتعدد المنشق والمبعثر. ان الغاية الأهم والأسمى هي ان تناط أمور البلاد برجل يسمى "قائد" يُحكم بمدة دستورية ومجلس نيابي منتخب من قبل الشعب عن طريق تعديل دستوري يكون ملائما لواقع هذا الشعب الذي ينظر للحاكم على انه ولي أمره وسبيل خلاصه، وهذا ما لا يحققه النظام البرلماني الذي نجح في تشتيت مسؤولية الكتل السياسية، وفشل في ان يخرج بقرار سياسي واحد له القول الفصل فيما يجري. قائد للجميع لا لكتلة ولا لحزب.
إن النظام الرئاسي لكفيل بان يجعل الشعب يدلي بدلوه لرئيس منتخب يختار حكومته وفق ثقة الشعب لا وفق محاصصة الكتل التي جعلت من الوزارات والمؤسسات املاكا تدار لصالح الأحزاب والمنتفعين. ان كان النظام الرئاسي قد فشل في الزمن السابق فهذا لا يعني فشله كمنظومة عمل، انما يعني فشل القائمين عليه بعد ان غاب دور المجلس التشريعي الرقابي بتسلط الدكتاتور على جميع مفاصل الدولة وزمام امورها (اي ان الخلل في القاعدة لا في التطبيق)، وحين يكون الرئيس منتخبا لولاية يحدد امدها في التعديل الدستوري فأن هذا كفيل بأن يجعل الشعب يعرف اين مكمن الخلل بدقة وتشخيص ويعرف اين يرمي بمسؤوليته بعيدا عن تشتتها بين الكتل والاحزاب، لا كما اليوم حيث يشخص الجميع بعشوائية نظرا لضمور ارادة الشعب في الكتل التي تمارس الدورين (الحكم والمعارضة) والتي تضع للمصالح والمنافه الخاصة اسسا للحوار لا يدخل للشعب فيه رأي ولا ارادة.
ان التقييم الحقيقي لهذه السنوات التي جلبت الويل والبأس والثبور لكفيل بنا ان نعيد الحساب بما فاتنا، وما يمكن ان نعمله لما هو آت. وانطلاقا من رؤيتنا هذه نرى ان من الضروري تصحيح ما بعد التغيير من خلال القيام بعدة اصلاحات على مستوى نظام الدولة برمته لا يستهدف حزبا ولا شريحة ولا طائفة ولا لونا، انما هو اعادة تقييم لمرحلة خسرنا فيها الكثير وننتظر من قادمها بصيص أمل لحياة افضل تليق بالعراق وثقافته وعمقه الاقليمي وتاريخه الخالد، بدل ان نعيش فوضى مشرعنة بنظام حكم لا يلائم العراق بعد ان ثبت ذلك بالتجربة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم السيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/06



كتابة تعليق لموضوع : تصحيح ما بعد التغيير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net