صفحة الكاتب : الشيخ عدنان الحساني

الرؤية الاسلامية في فهم الواقع الاجتماعي
الشيخ عدنان الحساني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مقدمة
أحدث المشروع الإسلامي نقلة استراتيجية في مجمل العلاقة بين الإنسان والواقع بل أحدث انعطافاً محورياً وشاملاً في تحديد ملكات هذه العلاقة وترسيم خطوطها المركزية فبعد أن كان الإنسان يعيش هاجس العبثية الجاهلية من جهة وهاجس الانكفاء المنهجي بعد تحريف المسيحية من جهة أخرى جاء الإسلام ليبدد هذه الهواجس ويوجد انبثاقاً جديداً وأملاً مشرقاً للبشرية في تحديد المسار وترسيم المناهج الكفيلة بتوفير المعطيات الضرورية في تحقيق سعادة الإنسان.
إن تعاطي الإسلام مع المشكلة الإنسانية لم يكن منبثقاً عن مبدأ تكريس الحد الأدنى من المعالجة كما هو في الشرائع السابقة والتي كانت حلقات يكمل بعضها بعضاً وإنما كان المشروع الإسلامي يتعاطى مع هذه المشكلة من موقع الانبثاق الشمولي والذي يتلامس مع جوهر المشكلة ويعالجها من الجذور، وبعد أن أقرّ الإسلام مبدأ التعقّل والتفكير بل إنه قائم أساساً على هذا المبدأ فإنه من خلال هذا المبدأ وفّر للإنسان مساحة واسعة للحركة بين نقطتي الجهل والعلم من خلال الشك المنهجي وهو الداء الذي لا بد منه للوصول إلى الدواء ـ وآخر الدواء الكي كما يعبرون ـ فالاستدلال العقلي من جهة والتنبيه الفطري والعرفي من جهة أخرى، والتوجيه الشرعي من جهة ثالثة كل هذه كفيلة في وضع الإنسان على جادة الحق واليقين.
وعليه، فإن طبيعة العلاقة بين الإنسان والواقع خاضعة في تفسيرها إلى حيثيات مختلفة ومتعدد، فهذه العلاقة من جهة هي سنخ علاقة اضطرارية، ومن جهة أخرى هي سنخ علاقة اختيارية يتحكم الإنسان في ترسيم ملامحها ولكن ليست على الإطلاق.
فالحكمة من خلق الإنسان، هو لجعله منسجماً مع الواقع فهماً وتفسيراً من جهة، وعملاً ووجوداً من جهة أخرى، ولا يمكن للإنسان أن يكون ساهماً في تجذير هذه العلاقة وتحقيق وجه الحكمة فيها تكليفاً؛ ما لم يكن على مستوى من الفهم والمعرفة لذاته أولاً، وللواقع وما يقع في دائرته ثانياً، ومن أهم المراكز التي يجب أن يقع في دائرة المعرفة، هو مركز (الدين)، وأقصد بالدين هنا بمعناه الساذج لا بمعنى الشريعة أو التنزيل المعيّن، وتتعمق أهمة هذا المركز كلما تعمق الإنسان في فهم الوجود وتفسير العلاقة الوجودية القائمة على سنن كونية مختلفة بينه وبين الواقع هذا من جهة الوجود والموجود أما من جهة الموجد والخالق فإن الإرادة والمشيئة هي التي تحدد أسلوب العلاقة بين الموجودات سواء ما كان واقعاً تحت طائلة السنن الشرعية والتي تختص بوجود الإنسان وعلاقته مع محيطه الكوني والبشري من جهة ومع موجدة من جهةٍ أخرى.
إن فلسفة الدين قائمة على فلسفة الوجود  كما أن فلسفة الوجود قائمة في فهمها وتفسيرها على فلسفة الدين وبما أن المنطلق المعرفي في كل منهج قائم على الفهم والتفسير وعليه فلابد أن ننطلق من الدين وفلسفته لتفسير الوجود وفلسفته وعلاقات الإنسان الوجودية ومركزه من الواقع وأقصد من الواقع هنا هو الأعم من الظواهر البشرية والواقع بمعناه النفس أمري كما يعبرون.
الإنسان وتحديد المنهج في الفهم والسلوك
إن المشكل الأهم الذي يواجه الإنسان حينما يعمد إلى اكتشاف نفسه ومحيطه واكتشاف نوع العلاقة التي يجب أن تتأسس على هذا الاكتشاف هذا المشكل يتركّز في تحديد منهج ثابت وشمولي يتحكم في امتدادات هذه العلاقة من حيث التفسير والفهم والتعاطي المعرفي من جهة ومن حيث العملانية والسلوك الأتم الذي يحفظ توازنات هذه العلاقة من جهة أخرى.
ومن البديهي أن هذه المشكلة لم تكن غائبة عن حكمة السماء ابتداء إلاّ أن هذه الحكمة اقتضت أن يكون الإنسان هو الفاعل في صناعة المنهج الذي يلاءم تطلعاته بعد أن وضعت حكمة السماء له ملامح المنهج الاستراتيجية المتمثلة بقاعدة السنة الكونية كبنية تحتية والتي تعتمد على مبدأ الاختيار {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} والمتمثلة أيضاً بقواعد الدين وسننه الشرعية كبنى فوقية تراعي ظروف الإنسان الزمانية والتي تعتمد على مبدأ التدرج القائم أساساً على مراعاة مستوى النضوج المعرفي المتدرج.
إلاّ أنّ الإنسان بقي يواجه تحديات متجددة في تحديد هذا المشكل بسبب تطلعاته وميوله المحظورة والتي تؤثر سلباً على علاقته المباشرة مع الواقع فهماً وسلوكاً فبقيت مشكلة تحديد المنهج قائمة رغم الاستراتيجيات الفخمة والمُحكمة التي وضعتها السماء من خلال الشرائع المتوالية.
مما أدى بالنتيجة إلى تباين في الرؤى الكونية ومن ثم تأسيس مناهج متعددة تتلاءم مع الميول والتطلعات الفئوية أو الطائفية يقول تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} يونس: 19، ولعل العائق الأهم في جزئيات هذا المشكل والذي شكّل المستوى الأكبر في مواجهة المنهج الثابت والشمولي هو العائق الذاتي (النزعة الفردية) فإن إتباع الهوى وحب الذات والانصراف عن الجماعة والانفلاق على الذات فهماً وسلوكاً هو الذي أدى إلى ابتداع المناهج وتشتتها وتعددية الفهم واختلاف القراءات، والتوجه الذاتي مهما حاول أن يلمّع صورته من خلال إبرازه لاهتمامات الجماعة والمجتمع فإن ذلك لا يعدو كونه ؟؟؟ إما أن يكون نفاقاً معرفياً من حث الفهم والتفسير أو نفاقاً عملانياً من حيث السلوك والتوجه السياسي والاجتماعي وعليه فلا بد من تحديد عوامل نشوء النزعة الفردية وسبل مواجهتها ومعالجتها وفق الرؤية الكونية للمشروع الإسلامي انسجاماً مع القراءة الموضوعية لمدرسة أهل البيت^.
المنهج الفردي في تفسير العلاقة الوجودية المنشأ وعوامل الانحراف
بعد تحديد المشكلة الإنسانية والتي هي الارتباك البشري في الثبات على تحديد منهج شمولي وكامل في تفسير الحياة بالانسجام مع السلوك العملاني لهذا التفسير، ولعل منشأ هذا الإرباك هي تلك الميول الذاتية في فردنة المنهج وتأسيس أرضية لهيمنة الأفراد وتسلط القوى ذات التوجه الفردي.
ولم تكن النزعة بفردية أصيلة في نشأة الإنسان ونوازعه الفطرية وإنما هي التباس غريزي وضعَ الإنسان في دائرة تغليب الطموحات المنظورة المؤقتة اتكاءً على إلقاءات الحس فمارست هذه الإلقاءات الحسية نوعاً من الهتك المقنن لنوازع الفطرة الإنسانية كما أغلقت منافذ العقل الواقعي المنسجم مع عمليات التعقّل الواقعي وأنتجت عقلاً جديداً مبنياً على أساس تداعي المصالح والطموحات وما منطق الديالكتيك ـ مثلاً ـ إلاّ نموذجاً صارخاً على هذا التوجه الإنساني المتهاوي.
ولعل العوامل التي أدت إلى نشوء هذه النزعة كثيرة ومتعددة ونحاول هنا أن نلاحق مجملها وهي:
أولاً: العامل الحِكَمي أو مقتضيات الحكمة في جريان السنن الكونية وهي مرتبطة أساساً بالتدبير واخلق فالنزعة الفردية وغريزة حب الذات لم تُخلق عبثاً وإنما اقتضت الحكمة أن يعيش الإنسان هذا النزاع الكوني المنبثق عن هذه النزعة وفاقاً لمبدأ الامتحان.
ليهلكَ مَن هلك من بينة ويحيى من حيَّ عن بينة، ينقل الكليني في هذا الشأن حديثاً عن الإمام الصادق× إذ يقول: >ما من قبض ولا بسط إلاّ ولله فيه مشيئة وقضاء وابتلاء<( ).
 يقول المازندراني في شرح هذا الحديث: >... ولعل  المراد بالقبض والبسط هنا القبض والبسط بالأرزاق بالتوسيع والتقتير، وفي النفوس بالسرور والأحزان، وفي الأبدان بالصحة والألم وفي الأعمال بتوفيق الإقبال إليها وعدمه، وفي الأخلاق بالتحلية بها وعدمها، وفي الدعاء بالإجابة له وعدمها، وفي الحكام بالرخصة في بعضها والنهي عن بعضها، يعني ما من قبض ولا بسط بشيء من هذه المعاني إلا ولله تعالى فيه مشيئة واراءة وقضاء وحكم... الخ<( ).
ومن هذا وأمثاله تتضح الكثير من العلل والحِكم والأحكام المنطوية على جملة من الشبهات التي اُثيرت على مدى تاريخ الفكر الإسلامي كشبهة خلق الكافر وشبهة خلق الشيطان (إبليس) وهذه الشبهات كثيرة لعل ما نُقل على لسان إبليس وهو ما يسمى بالشبهات السبعة والتي ردّ عليها صدر المتألهين، هي كل ما يختلج على لسان قدوة الكافرين والفاسقين إبليس.
ثانياً: العامل التاريخي: أو ما يسمى بسنن التاريخ في علم الاجتماع فمجريات الوقائع والأحداث الاجتماعية تؤثر تأثيرها على نزعة الأفراد مما يسهم في تعزيز طموحاتهم ومهما كانت سنن التاريخ وفلسفته تتسم بالكلية والعمومية إلا أنها لا تنفك عن التأثير الفردي خصوصاً تلك التحولات الجزئية للمجتمعات الواقعة تحت طائلة كلية السنن التاريخية فإن هذه التحولات لا ريب أنها تأثرت بعوامل إما اقتصادية أو سياسية وهذه العوامل هي لبّ انتزاع التوجهات الفردية والعكس صحيح أيضاً فإن التوجهات الفردية خصوصاً السلبية منها لها آثار كبيرة في بنية التحولات الاجتماعية وبالتالي التأثير على السنن الكونية ابتداء من الآثار التكونية للعملية السلبية (الذنب) وانتهاء بالمنعطف الاجتماعي الخطير أو ما يسمى بهلاك الأمم يقول تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} الأعراف: 34.
من هنا كان الارتباك واضحاً في المجتمعات اللادينية في توجيه هذه المشكلة وتفسيرها فذهب البعض إلى مبدأ أصالة الفرد وذهب البعض الآخر إلى مبدأ أصالة المجتمع وسوف نطرح هذه التوجيهات والحل الإسلامي الأمثل لها في مواضيع لاحقة.
ثالثاً: العامل المعرفي: أو أزمة شخصنة المسار المعرفي وهو عامل هيمنة النخب الفكرية في تقرير مصالح البشر وفق رؤاهم الفردية والشخصية وانعكاس هذه الرؤى على واقع الأزمة البشرية في الأخلاق والسلوك والعبادة والتوجه في تحديد القيم الاجتماعية اتفاقاً مع هذه الرؤى وكان للمدارس الوضعية الغربية أثراً فعالاً في بلورة هذا العامل.
ولعل هذا العامل ـ أي: المشكلة المعرفية في تفسير العلاقة بين الإنسان والواقع ـ هو من أكثر العوامل إيغالاً في تثبيت أركان النزعة الفردية والتسلط الفردي في أكثفة المسارات المعرفية وتحييد التوجه الوحدوي في فهم الحياة وتفسير علاقاتها الوجودية في حين أن هذه المدارس في الأعم الأغلب تتبنى فلسفة أصالة المجتمع إلاّ أنها في الواقع ترسم ملامح هذه الفلسفة من خلال طموحات النزعة الفردية ففي نظرية المعرفة أو (الابستملوجيا) نجد هذه المدارس تتبعثر في تحديد مسار ابستمولوجي واحد ومحدد أما في مجال النظرية الاجتماعية فهي تتبنى أصالة المجتمع ووحدته كبناء بشري متماسك تتحكم فيه قوانين كلية من حيث السلوك والتعاطي الأخلاقي والمصير الواحد وهو ما تبتني عليه سياسات الدول ونظريات الحكومة لديهم وهذه المحايثة الارتباكية بين النظرية والمنهج جعلت من النُّظم الغربية على الرغم من تبنيها مبادئ حضارية كما يسمونها نفاقاً وخداعاً كالديمقراطية والحرية إلا أن هذه النظم لا تنفك عن طموحاتها في التسلط والسيطرة والنزعة التفردية الأُحادية الهيمنة بل ذهبت إلى أبعد من ذلك من خلال تقنين هذه النزعة فبعد أن كانت هذه النزعة مستترة خلف الشعارات أصبحت الآن مشرعنة دولياً وأممياً تحت ضرورة العولمة والنظام العالمي فكان تبني هذه الأنظمة لمبدأ أصالة المجتمع يخبئ خلفه نوايا مبيتة هي أقرب للنزعة الاستعمارية منه إلى ضرورات المنهج المعرفي.
في المقابل من ذلك كان هناك من يتبنى أصالة الفرد وذلك بناءً على أن الفرد يدخل في نطاق التحليل الفلسفي للوجود أولاً وبالذات، على عكس المجتمع والذي لا يدخل في هذا النطاق إلاّ عرضاً من حيث تدبير الشأن المدني والأصالة بطبيعة الحال تكون من حق الذات لا العرض وهناك مناقشات طويلة في هذا المجال للتلازم بين القول بالأصالة لأحدهما والقول بالجبر إما الجبر الاجتماعي أو الجبر الفردي ولهذا الجبر أكثر من فهم وحيثية فهو إما أن يكون الفرد ملزماً بعادات المجتمع وقيمه قهراً فيكون مجبوراً من هذه الجهة أو أن يون موجِّهاً للمجتمع باعتباره فرداً فاعلاً أما علمياً أو سياسياً فيلتزم المجتمع بتوجهاته ويكون مجبوراً على هذه التوجهات ولأجل ذلك وقع الغرب في تناقضات المذهَبين بين دكتاتورية الفرد وهيمنة الضرورة الاجتماعية فحاولوا الهروب من هذه التناقضات من خلال تأسيس نظريات متشعبة في السياسة والاجتماع لمعالجة هذه المشاكل المتفاقمة فأُسست نظريات سياسية كثيرة ومتنوعة ومبادئ عديدة منها (البيروقراطية ـ والبراغماتية) وذلك تخفيفاً للنزعة الاستبدادية التي نتجت عن القول بأصالة الفرد ونتجت عنها اتجاهات مؤقتة نظاماً واصطلاحاً كما هو النظام (الاوتقراطي) الذي سادَ أوربا الشرقية أبّان القرون الوسطى.
الحل الإسلامي ونظريته الاجتماعية ـ الانسجام والواقعية ـ
إن الشمولية والدقة التي يتمتع بها المشروع الإسلامي جعلته قادراً على خلق التكافؤ المناسب بين الوجودين أقصد الفرد والمجتمع واستطاع علماء الإسلام ومفكريه ببركة ما وقعوا عليه من أدلة ونصوص وسياقات فكرية وشرعية إضافةً إلى تجارب وأعراف وقيم كل ذلك أدّى بهم إلى إيجاد مناخات مناسبة لتأسيس نظرية اجتماعية متكاملة ترتقي بالفرد والمجتمع معاً نحو الازدهار والتكامل الوجودي من خلال توفير فرص التكافؤ على كافة الأصعدة ولعل أهمها الصعيد السياسي والحكومي.
والحلّ الأمثل الذي قرّره المشروع الإسلامي بحسب التباني المعرفي الذي توصّل إليه مفكروه هو القول بأصالة الفرد والمجتمع معاً كما ينقل ذلك الشيخ السبحاني ويعلّق قائلاً: >... إن النظرية الإسلامية تذهب إلى أصالة الفرد والمجتمع معاً وترى أن لكل منهما واقعية وحقيقة، فلا تتبنى النظرية الإسلامية أصالة الفرد بصورة محضة بنحو لا ترى للمجتمع أي وجود حقيقي ولا قانون ولا سنة، ولا أنّه قابل للإدراك والمعرفة، وأن مصير الفرد متميز مائة بالمائة عن مصير الأفراد الآخرين؛ وكذلك لا تتبنى أصالة المجتمع المحضة بنحوٍ لا وجود إلا للروح والشعور والإرادة الجماعية فقط، وأن شعور الفرد ووجدانه نما هو نموذج للوجدان الجماعي؛ وأن الفرد في هذا الخضمّ مسلوب الإرادة وفاقد للحرية والاختيار... الخ<( ).
ولأجل ذلك كان الإسلام ينظر إلى المجتمع ككيان واحد موحد له روح والجماعة مسئولة عن التزاماتها كما أن الفرد مسئول عن التزاماته وللجماعة في الإسلام التزامات تشريعية تخصها كما أن عليها التزامات تجاه الفرد على الصعيد الاقتصادي والسلوكي كذلك الفرد عليه التزامات تجاه الجماعة من حيث عدم التجاوز على حقوق الجماعة وحريتها من جهة وعدم الانسلاخ عن سلوكياتها العامة بما يتناسب مع العقل والشرع من جهة أخرى وقد وردت أحاديث وروايات عديدة في هذا الشأن منها ما عن أمير المؤمنين× في نهج البلاغة >وألزموا السواد الأعظم فإنَّ يدَ الله مع الجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشاذ من الناس للشيطان كما أن الشاذ من الغنم للذئب<( ) وقال× أيضاً في خطبة أخرى: >وألزموا ما عقدَ عليه حبل الجماعة وبنيت عليه أركان الطاعة<( ) ولعلّ في مبدأ الشورى الذي أسسه القرآن الكريم ما يعطي دلالات واسعة لأهمية التباني الاجتماعي في شخصنة المصالح العامة ليس هذا فقط فمن الناحية الفكرية والتباني التأسيسي في التشريع الإسلامي نجد الشعور الاجتماعي والقوة الجماعية هي الحاضرة والفاعلة في هذا الاتجاه كما هو الملحوظ من إقرار الشارع لسيرة المتشرعة بل وسيرة العقلاء والعرف العام وما إلى ذلك.
 
 
الشيخ :عدنان الحساني 
كاتب ومحقق إسلامي                             
 
الهوامش:
( ) شرح أصول الكافي، محمد صالح المازندراني: ج4، ص281.
( ) نفس المصدر.
( ) من مقال بعنوان (التركيب بين أصالة الفرد وأصالة المجتمع) للشيخ السبحاني من موقعه (الإمام الصادق).
( ) نهج البلاغة،خطب الإمام علي    : خ127.
( ) المصدر السابق: خ149. 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عدنان الحساني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/17



كتابة تعليق لموضوع : الرؤية الاسلامية في فهم الواقع الاجتماعي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net