رسالة موحشة ... 1
وجيه عباس
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اعلم ان الموت قريب منك،بل ربما اقرب اليك مني،انا الذي لم ار وجهك او تلمست يداي روحك من قريب،لكني بالمسافات وحرماني،أشعر بانفاسك وهي تحاول رد الموت باطراف الثياب،انت تنامين على الفراش وتتركين تاريخك معي خارج الغرفة،الغرفة التي تسكن فيها منشفتك وفرشاة اسنانك وعباءتك التي تحاول صبغ بياضك بالأسود،بينما انا على بعد هذه المسافة ارسم جسدك ملموما على سرير لاتختلف رائحته عن اي سرير في المستشفى الا بعطرك الذي يدوّخ الكون،ارسم قنينة ماء(اتذكرين حين قلت لك ان العراق لم ير الخير بسبب الشفافية وابطالة المي!؟)،ارسم قدحا يصل الى طرف شفتيك وهما تبللان عطشك الدائم،اشم رائحة العرق المتيبس على جبهتك الذي يحمل عطر التراب...انسل من غرفتك مثل عتوي كبير خشية ان اوقظك من احلامك لاني اعلم انك تتهيئين للرحيل عني ولاتملكين سوى تذكرة الخيال.
اعلم اني ستموتين قريبا لانك قلت لي ان ايامك معدودات،انا مؤمن بان الموت راحة لك،لكن يعز عليّ ولو لمرة واحدة ان اراك بعد ان قضيت هذه السنين تماطلين ان اراك ولااراك،اعلم ان لا لقاء بيننا في الدنيا لهذا وضعت كل همي ان اراك في الاخرة...هل سمعت بمجنون تحمّل مجنونة مثلك الى هذا الحد؟.
الموت ياسيدتي رحلة في اتجاه واحد،سفرة الى عالم ثان تحت التراب،هذا التراب السائل الذي ستجدين فيه كل شيء مباحا لك سوى الاتصال بمن تتركينهم خلفك،رحلة عمل لاجهد فيها،حلم طويل تعبرين في قنطرة تلو اخرى الى حيث يستقر همك ويستريح جسدك،الله ارحم بنا من انفسنا،كيف لقلب مثل قلبك ان يتعذب وانا ارفع اصابعي في الدعاء له؟
اتذكرين حين كنا نقطع الساعات بخطواتنا،كان الليل اجمل مافيك،وكنت اجمل مافي الليل،سوادان يغمراني وانا الغريب الذي يبحث عن نافذة للبكاء...او للبقاء،كنت اشعر اني أحبك مثل اعمى تعشّق بالصوت وترك الصورة،وكانت عيناك تشبحان بعيدا الى هذا الوجه المتورم في العراق...
اين ستتركين اشياءك؟ اتركي لي عطرك الذي تفوح منه الحياة،وهَبي كل شيء للفناء،لكن لم تقولي لي اين تذهبين بهذا الوقت من الحزن؟الم تعلمي انك حين ترقدين على فراش الموت تسحليني اليه مثل جثة هامدة،كلما قلت آآآآآه...اوجعني المرض وسقطت مدمى القلب على وجهي،وكلما قلت انني مشيت على البحر ،رميت روحي فيه،لهذا تأكدي انك قبل ان تغمضي عينيك سوف تجديني احمل لك الفانوس لادخل الى حيث يغطونك بالابيض!.
سوف تنتفح عيناك من الدهشة حينها،لاني سأكون هناك.... بإنتظارك!.