صفحة الكاتب : ود رزاق

حب حلال
ود رزاق
صديقي عقيل ..... انا اعرف انك حزين منذ ان مرضت حبيبتك . وتركتك لا تحاول ان تنكر حزنك . فانا لم اعد ارى على وجهك تلك الابتسامة الواسعة . التي كنت تستقبلني بها ...ولم اعد احس بحرارة يديك وانت تصافحني ولم اعد اسمعك تحدثني كعادتك عن احلامك الكبيرة .. ارجوك .. لا تغضب مني .... وانا اشكر اجمل اعتذار ... 
                                                                 شاهد عيان 
..... 
كان يعلم انها ستموت , ورغم ذلك تزوجها ، تزوجها .. وملاك يطوف حول فراشها الابيض يهز اجنحته فوق عينيها الذابلتين , والموت يبصم فوق جبينها العالي باصابعه العشرة , ولم يتزوجها شفقة بها كما تصور البعض , ولم يتزوجها طمعاً بميراثها كما قال الناس , عندما احتاروا في امر زواجه بها , بل على العكس كانت فقيرة حد الموت , ثم لم يجدوا سبباً يقنعون به عقولهم الضيقة , الا ان يقولوا انه " زواج مؤقت " وسينتهي حتماً ... لا .... انكم لن تعرفوا ابداً قصة زواجه منها , الا اذا رويتها لك بنفسي وسارويها لا حتى ارضيكم ،ولكن فقط لاني احب ان اتحدث عن ملاك صغير هبط علينا من السماء , ولاني اجد في الحديث عن هذا الملاك تنفيساً عن الجهد المتجمع في صدر صديقي وعن النار التي تسري في اوصاله , لقد التقى بها منذ اكثر من خمس سنوات , كانت ايامها شابة يمرح الجمال والصحة في خديها ، وتحمل من الحياة اكثر مما يطيق جسدها الصغير الانيق شابة تعطي , تعطي دائماً , تعطي المرح والحب والامل ، والجمال تعطي كل من حولها كانها تحمل خزانة سحرية مملوءة بالحياة , لا تفرغ ابداً , واحبها ... واحبته .... لا يدري متى بدأ يغار عليها , ربما بدأ ذلك من اللحظة التي احبها فيها , ربما قبل ذلك , قبل ان يحبها , كان يغار عليها عندما يرى صورتها منشورة  في الصحف عندما يسمع اسمها يتداوله الناس عندما يلمحها من بعيد في الشارع , وابتسامتها تسع الناس جميعاً , عيناها تصبان السحر في قلوب كل الناس , ولعلكم يجب ان تعرفوه , حتى تعرفوا كيف احبها , وكيف كان يغار عليها , انه شاب عاش حياته في مجتمع ملتزم , دينياً وادبياً وخياله اوسع بكثير من المجتمع الذي يعيش فيه يصبح ويمسي في حالات حرجة يتقرر مصيره في كل لحظة , ويملأ اذنيه بموسيقى تنسيه عقله , وكان بخياله الواسع يسرق الاضواء , والجلسات والرجال قبل النساء , يستطيع ان يسرق , يسرق بسهولة واصبح لا يشعر بمتعة الا بمتعة السرقة , ولكنه عندما تقدم اليها لم يشعر بانه سارق على العكس شعر انه مسروق , فقد شيء منه ,قلبه ,عقله, شبابه انها المرة الاولى التي شعر فيها بانه ليس سارقاً .. ولكنه مسروق , وهذا الاحساس دفعه الى احساس اخر , وهو انه ضعيف , وهي قوية , ولانه ضعيف بدأ يغار ولم يكن يغار على امراة من قبل !..كانت كل النساء يغارن عليه , وهو لا يغار , وكان دائما واثقا ً من نفسه , واثقاً بقوته , واثقاً ان احداً لا يجرؤ ان يعتدي عليه , واثقاً من ان ليس هناك امرأة يمكن ان تخونه , لكن هي كانت اقوى منه, مزقت ثقته بنفسه , جعلته يعرف الغيرة , وفكر من فرط غيرته عليها ان يتزوجها , ولم تكن قد انقضت ثلاثة شهور على لقائهما , عندما بدأ يفكر بالزواج منها , ولكن هل يستطيع ان يفكر بذلك ؟ هل يستطيع بعد ان فقد ثقته بنفسه , وبقوة شخصيته ,هل يستطيع وهو مقتنع بانها اقوى منه , لا , واذا كان يخاف عليها وهي حبيبته , فمن الطبيعي ان يخاف عليها وهي زوجته , واذا كان لا يثق بنفسه وهو حبيبها فمن الاولى ان لا يثق بنفسه وهو زوجها وبدأت الغيرة تستبد به ، وتأخد مظهراً اشبه بالجنون جنونه وهو يحاول ان يبدو اقوى منها ، وان تغلب شخصيته على شخصيتها , فامرها – واستبد بها – وظلمها .. وكانت تحبه ، وتطيعه ، راها جميلة فحرم عليها ان تضع المكياج على وجهها حتى تبدو اقل جمالاً ولكنها عندما ازالت الاصباغ , بدات اكثر جمالاً , واقوى منه , لقد كانت تكشف عن ذراعيها وصدرها , فقرر ان تغطيهما , وعندما فعلت راها اكثر فتنة واقوى منه , وغار عليها من عيون الرجال التي تلتهمها كلما ذهبا الى مكان او سارا في طريق , فحبسها في بيتها , واصبح يشعر وهو ينظر اليها كأن آلافا من العيون الاخرى تنطلق من رأسه وتنظر اليها معهم , عيون لا يعرفها , عيون كل الرجال انها ما زالت اقوى منه , وهو من خلال ذلك يفكر بالزواج منها كل يوم , ثم لا يستطيع , لا يستطيع ان يعدها بالزواج , انه اضعف من ان يتزوجها , اضعف من ان يكون زوجاً لها , اضعف من ان يسيطر عليها , ومرت السنوات , وهو يحبها هذا الحب , وهي كذلك لم تخنه يوماً , ولم يخنها , ولم تعص له امراً , ولكنها كانت دائماً اقوى منه , الى حد انه لم يكن يستطيع ان يصدق ان كل هذه القوة تحبه , وتخلص له وتخضع ايضاً , ثم بدات تشعر بالآم في رأسها , في صدرها ومعدتها , في كل شيء من جسمها , لم يصدق انها مريضة ان كل هذه القوة لا يمكن ان تمرض , ولا ان تضعف , ان قوتها هي قوة الحياة بنفسها , والحياة لا يمكن ان تضعف , وان لا تقف , واشتدت الآلام , ربما بدأت الدماء تذوب من تحت وجنتيها, وربما بدأت شفتاها تمتقعان ولمعان عينيها يذوي ، وجسدها يهزل , ولكنه كان يراها اكثر جمالاً واشد فتنة ، واقدر على العطاء , وكانت دائما اقوى منه , ثم تركها وسافر في بعض اعماله , وعاد , ووجدني قربها في المستشفى, نظر اليها بهلع , انها بيضاء بلون شرشف السريرالذي ترقد عليه, وليس في وجهها قوة , ولا ضعف بل لا شيء , وهناك رائحة غريبة تحيط بها كرائحة الموت , وفتحت عينيها ونظرت اليه نظرة لم ار فيها شيئاً , لم يكن في عينيها سوى الدمع , نعم همت ان تقوم من رقدتها نبوءة للقادم حبيبها , وهي تمد اليه ذراعيها , لكنها لم تستطع , سقط جسدها , وسقطت ذراعيها , وفي هذه اللحظة فقط , شعر بانه اقوى منها , واسقط نفسه بجانبها على الفراش , ووضع ذراعه حولها , واحتضنها بعنف , لم يكن يشعر ساعتها بحزن ولا بلوعة , بل كان يشعر بأنه يحميها , يحميها من الموتن , لانه اقوى منها , وصرخ : القاضي استدعوا القاضي , انني الان استطيع ان اتزوجها , انني اقوى منها , ولن يستطيع احد ان يأخذها مني , ولن اغار عليها , وجاء القاضي , وارتسمت ابتسامة ضعيفة على شفتيها , ابتسامة عقيل الذي منحها له , انها لا تستطيع ان تعطي عقيل هو الذي يعطي , وكانت اخر ابتسامة ارتسمت على شفتيها , هكذا تزوجا , وكنت انا الشاهد شاهد عيان , قولوا اي شيء , قولوا عقيل مجنون قولوا انه اناني , وقولوا انه جبان قولوا اي شيء فانكم مهما قلتم فلن تقولوا اكثر مما يقوله الآن لنفسه, لن تعذبوه اكثر من عذابه لنفسه عذاب الندم لانه عاش معهها سنوووات , دون ان يجد القوة في نفسه ليتزوجها , اتدرون ؟ انه ما زال يشعر بانها اقوى منه , حتى وهي في قبرها , احساس يؤرقه , ويكاد يصل الى الجنون 
هيا يا عقيل ,قم , احلق لحيتك , ويكفيك حزناً عليها , وليغفر الله لها .... 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ود رزاق
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/07



كتابة تعليق لموضوع : حب حلال
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net