صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

لا يتحاورون!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كلما سمعت كلمة (حوار) , تتردد على لسان السياسيين في خطبهم , أعرف بأن المشكلة قد تعضلت وتطورت , ووصلت إلى طريق مسدود,  فهم يدركون ويؤمنون  تماما بأنهم يكذبون, ويسوغون ما سيقدمون عليه من إجراءات تعسفية.
فالحوار بمهاراته ومفرداته وآلياته , غائب ومجهول ومنكور , في واقعنا العربي من أقصاه إلى أقصاه , فهل وجدتم قضية عربية واحدة تم حلها بالحوار , إبتداءً من أكبر قضية إلى أصغرها.
وبسبب ذلك فالمجتمع العربي مرتع خصب للإستبداد والتطرف والفئوية والتحزبية , ولا يمكنه أن يتجاوز القبلية والعشائرية , والإنتماء للفرد وتعظيمه وتأليهه , وأن يكون تابعا ومذعنا مُصادر الإرادة.
فالعرب لا يعرفون الحوار , بل أن هذه المفردة غريبة , ويحسبونها ضعفا وجبنا وتمريغا للرجولة في أوحال المذلة والهوان.
وبسبب فقدان الحوار , فلا يمكنهم إقامة أنظمة ديمقراطية حقيقية , لأن الديمقراطية جوهرها الحوار , والقبول بالرأي الآخر ,والتفاعل الإيجابي لتحقيق مصلحة العباد والبلاد.
والحوار في أصله , مرحلة متقدمة في النضج الحضاري الإنساني , تصل إليها الشعوب والمجتمعات عبر مسيرتها الطويلة , ويكون ثقافة مترسخة في أعماق الأجيال ونفوسهم وأفكارهم وأذواقهم وعقولهم , التي يستنهضون ما فيها من القدرات لتأكيد ثقافة وسلوك الحوار.
فثقافتنا وتربيتنا ليست ثقافة وتربية حوار.
ونحن مجتمعات تعلمنا عبر العصور أن نؤكد سلوك " سبق السيف العَذل"
وبرغم أن نبينا وقرآننا أعطيا أهمية كبيرة للحوار , ودوره الإيجابي في صناعة الحياة الأفضل.
"...وجادلهم بالتي هي أحسن....". النحل 125
وقد ترجمنا بسلوكنا الأحسن إلى القوة والهيمنة على الآخر من بيننا.
فنحن أكثر عدوانية على أخينا , وأشد قسوة , من أي عدو آخر عليه.
فعدونا لايفعل بنا مثلما نفعله نحن ببعضنا البعض.
فعدوانيتنا داخلية , وهي تعبير عن التدمير الذاتي والموضوعي.
وفي عصر نسميه بالديمقراطي , فأن هذه العدوانية قد إنفلتت واتخذت أبعادا مذهبية طائفية دينية , مما أججها ومنحها طاقات تدميرية هائلة.
ووسط هذا الجحيم اللاهب , تحول الحوار إلى سراب وخيال وضعف , وانطلقت قدرات الشرور , بعد أن رفعت شعارات دينية , وتخندقت خلف أجندات ذات طاقات وهمية عالية , لا يمكن للحوار أن يكون له مكانا فيها.
فهل سمعتم على مدى التأريخ أن أحزابا وفئات دينية تتحاور.
إنه المأزق الحضاري الفتاك الذي قفزنا إليه , فتورطنا في مصيرنا القاسي , وبملئ إرادتنا واختيارنا , وخضوعنا لآليات الإندثار والإنقراض والفناء.
فهل سنتعلم الحوار ونعاصر , أم سنبقى في خنادق التناحر والتصاغر؟!
 
*وهم يتحاورون أي يتراجعون الكلام. والمحاورة مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة, وقد حاوره.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/06



كتابة تعليق لموضوع : لا يتحاورون!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net