صفحة الكاتب : محمد جواد سنبه

المَقَامَةُ الصَّحَفِيَّةُ
محمد جواد سنبه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

(1)

بَيّْنَ مَسَاءٍ وَمَسَاءْ. تَحلُو مَعِي الأَجْوَاءْ. عِنْدَمَا يَزَورُنِي أَعَزُّ الأَصْدِقَاءْ. )مَسْلُوبٌ) صَدِيقٌ يُصَاحِبُنِي بالسَرّاءْ. ولا يُفارِقُنِي وَقْتَ الضَّرَاءْ. هُوَ ابنُ مَنْهُوبٍ وأمُّهُ (الغَرّاءْ). وَطَنِّيُّ المَشَاعِرِ عَرِيْقُ الآبَاءْ. نَلتَقِي نُقَلِّبُ أَحْوالَنَا العَوْجَاءْ. وَنشْكُو لبَعْضِنَا هُمُومَ الضُعْفَاءْ. وَنُفَكِّرُ بِسَلامَةِ العِرَاقِ وَالأَبْنَاءْ. مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَبَغْيٍ ووَعثَاءْ.

(2)

وَفِي ذَاتِ مَسَاءٍ زَارَنِي(مَسْلُوبْ). قَالَ: هَلْ أُخْبِرُكَ يَا(ابْنَ سُنْبَةَ) المَحْبُوبْ. عَنْ خَبَرٍ يُسِرُّ القُلُوبْ. ويُلَطِّفُ مَزَاجَكَ المَكْؤوبْ. وَتَصْبَحُ كَشَابٍّ طَرُوبْ. وَكَأنَّ شَيْبَكَ يُخَضَّبُ بِخُضُوبْ؟. خَبَرٌ لَهُ يَرقُصُ المَنْكُوبْ. وَسَيَحْفَظَهُ التَارِيخُ كَسِفْرِ أَيُّوبْ. إِنَّهُ نِعْمَةٌ مِنْ عَلاّمِ الغِيُوبْ. قُلْتُ: يَا(ابْنَ مَنْهُوبٍ)، أَخْبِرْنِي عَنْ المَحْجُوبْ؟.

قَالَ(مَسْلُوبُ): بُشْرَاكَ يَا مَهيُوبْ، يَا(ابْنَ سُنْبَةَ) المَنْدُوبْ. بُشْرَاكَ يَا مَنْ آلَمَتْهُ الخُطُوبْ. وَحَارَبَهُ اللِّئَامُ، بِالزَمَنِ الكَلُوبْ. آنَ الأَوَانُ لِتَكُنْ غَالِبَاً غَيّْرَ مَغلُوبْ. فَقَدّْ أَصَابَكَ الظُلْمُ الجَدُوبْ. وَمَسَّكَ الضَّيْمُ اللّغُوبْ. قُلْتُ: يَا ابْنَ مَنْهُوبْ: إِذا لَمْ تَأْتِ بِالمَطْلُوبْ. سَأَرْمِيْكَ بهَذَا النِعَالِ المَقْلُوبْ!!!!. قَالَ يَا(ابْنَ سُنْبَةَ) اليَعْسُوْبْ: لا تَنْزَعِجَ، إِنّْهَا فَرْحَةُ المَحْبُوبْ. بَغْدَادُنَا تَأَلَّقَتْ بَعْدَ غُرُوبْ. عَاصِمَةٌ للثَقَافَةِ اختَارَهَا أَهْلُ الشَمَالِ وَالجَنُوبْ.

(3)

سَيُقِيْمُونَ حَفْلاً يُسْمِعُ الطِّرْشَانْ. وسَيَدْعُونَكَ لِحُضُورِ المَهْرَجَانْ. وسَيَذْكُرُكَ أَربَابُ البَيَانْ. مِنَ المَسْؤولِيْنَ وَالخِلاّنْ. سَتَأْتِيْكَ دَعْوَةٌ مِنَ الإِخْوَانْ. يُخْبِرُوكَ فِيْهَا بِالمَكَانِ وَالزَمَانْ. وسَيَطْبَعُونَ اسْمَكَ بِإِمْعَانْ. عَلى المَظْرُوفِ وَتَحْتَهُ العُنْوَانْ. فَأَنْتَ رَائِدٌ بِذَا المَيْدَانْ. وَلَوْ كُنْتَ عِنْدَ الرّْوُسِ وَالبُلْقَانْ. لَقَلّدُوكَ وِسَامَ الشُجْعَانْ. وَمَنَحُوكَ أَكْثَرَ مِنْ نِيْشَانْ.

قُلْتُ يَا مَسْلُوبَ الجِنَانْ. إِنَّهَا فَرْحَةُ الحَلْمَانْ. اطْمَئِنْ، كَمَا تَطْمَئِنُ الخُرْفَانْ. فَلا يَذْكُرُنَا الأَعْوَانْ. وَلا تَغُرُّكَ كُثْرَةُ الإِعْلانْ. فَالمَصَالِحُ أَقّوَى مِنَ العِلْمِ وَالبَيَانْ. وَأَمْضَى مِنَ الشُعُورِ والوِجْدَانْ، ومِنَ الثَقَافَةِ وَفِكْرِ الإِنْسَانْ. حَقَائِقٌ شاخِصَةٌ كالبُنْيَانْ، فَبِأَيٍّ مِنْهَا يُكَذِبَانْ. فَدَعْكَ يَا(ابْنَ مَنْهُوبٍ) مِنْ الهَذَيَانْ. فَلا نُرِيْدُ مِنْهُمْ إِلاّْ النِّسْيَانْ. وَنَحْنُ نَقُوُمُ بِوَاجِبِنَا بإِحْسَانْ. بِمَا يُرْضِي الضَّمِيْرَ وَرَبَنَا المَنَانْ.

(4)      

قَالَ(مَسْلُوْبُ) إِنَّ مَا فَاتَ مَاتْ. وَالخَيّْرُ آتٍ آتْ: وَالغَرِيِبُ يَا(ابْنَ سُنْبَهْ) عَمَلُ البَلَدِيّاتْ!!. قُلْتُ: هَلْ وَزَّعَتْ كُتُبُ الثَقَافَاتْ؟. قَالَ(مَسْلُوْبُ): لا... ولكِنَّهَا قَامَتْ بِغَسْلِ الطُرُقَاتْ. وَأَخَذَتْ تَصْبَغُ الأَرْصِفَةَ بالدِّهَانَاتْ. وَتُبَلِطُ الشَوَارِعَ وَتَرْفَعُ العَثَرَاتْ. وَمُوَظَفُوهَا للنَّاسِ يُقَدِّمُونَ النَشَرَاتْ. وَبَاشَرُوا بِرَصْفِ المَمَراتْ. وَزَيَّنُوا الأَرْصِفَةَ بِأَجْمَلِ البِلاطَاتْ. وَبَدّْلُو أَضْوِيَةَ الشَوَارِعِ العَاطِلاتْ. إِيّْ وَاللهِ يَا ابْنَ الطَّيِبَاتْ. فَقَدّْ حَلَّ النَشَاطُ مَكَانَ السُبَاتْ. وَزَرَعُوا الفُسُحَاتِ بِالشَتَلاتْ. بِأَنْواَعِ الوَرْدِ غُرِسَتْ مَسَاحَاتٍ شَاسِعَاتْ.

قُلْتُ يَا(مَسْلُوبَ): هَذا غِشٌّ بإِثْبَاتْ. وَبَعْدَ حِيْنٍ سَتُعْلَنُ السَّرِقَاتْ. وَيَتَلاعَنُ القَوْمُ بالفَضَائِيّاتْ. وَتَتَحَوَّلُ الثَقَافَةُ شَتَائِمَ وَمُنَاكَفَاتْ. وَيُنْشَرُ غَسِيْلُنَا عَلى الشَاشَاتْ. وَسَتُعْلَنُ الفَضَائِحُ فُرَادى وَبَاقَاتْ. لأَنَّ الإِخْلاَصَ قَلِيْلٌ بالنِيّاتْ. وَالكَثِيْرُ مِنَ الضَّمَائِرِ أَمْوَاتْ.

(5)

قُلْتُ يَا(ابْنَ مَنْهُوبٍ) المُرْهَفْ(1). لِنَسْتَثْمِرَ هَذَا الظَّرْفْ. وَنَكْتُبُ فِي الصَّحَافَةِ مَا يُسْعِفْ. فَوَضْعُنَا صَعْبٌ مُقْرِفْ. نَجْعَلُ أَخْبَارَ القِمَامَةِ للمَسْؤولِيْنَ رَسَائِلَ تَزْحَفْ. الأَزْبَالُ رَوَائِحُهَا مُقْرِفَةٌ تُزْكِمُ الأَنْفْ. تُرْمَى بِجِوَارِ المَدَارِسِ بِلا خَوفْ. نَتْنَتُهَا تَدُوْرُ فِي كُلِّ صَفّْ. لاَ تَرْفَعُهَا البَلدِيّْةُ، وَكَأَنَّهَا أَمْوَالُ وَقْفْ.

قَالَ(مَسْلُوبْ): يَا(ابْنَ سُنْبَهْ) وَكَيّْفَ السَبِيْلّْ؟. قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ، سَأكُونُ لَكَ الدَّلِيلْ. فَغَداً اقْصِدّْ الجَرِيْدَةْ. جَرِيْدَةُ (البُنْيَةِ الجَدِيْدَةْ). قَالَ(مَسْلُوبُ)‏: أَعْرِفُهَا لَمّا كَانَتْ سِيْرَتَها حَمِيْدَةْ. وَكُنْتَ تَنْشِرُ فِيْهَا مَقَالاتُكَ السَدِيْدَةْ. لَكِنَّهَا حَادَتْ عَنْ الحَقِّ وَالحَقِيْقَةْ. فَقَاطَعْتَهَا مُنْذُ مُدَّةٍ لَيّْسَتْ قَرِيْبَةْ.

قُلْتُ: هَكَذَا يَا(مَسْلُوبَ)هِيَ صَحَافَتَنَا الحَدِيْثَةْ. تَمِيْلُ إِذْا مَا الْرِّيْحُ مَالَتْ، بِصُوْرَةٍ أَكِيْدَةْ. إِنَّها تَرَكَتْ مَنْهَجَهَا ذِيْ الطَّرِيْقَةِ الرَّشِيْدَةْ.  فَأَصْبَحَتْ مَهْزَلَةً وَتِجَارَةً رَخِيْصَةْ. تُمَوِّلُهَا السِّيَاسَةُ وَعِلاقَتُهَا بِهَا وَثِيْقَةْ. لَكِنْ نَقْصِدُهَا بِقَهْرٍ لِحَاجَتِنَا الرَتِيْبَةْ. لَعَلَّنَا نُصِيْبُ غَايَتَنَا الوَحِيْدَةْ.  

قُلْتُ يَا(مَسْلُوْبَ): اذْهَبْ إلى تِلْكَ الجَرِيْدَةْ. وَإِنْ كَانَتْ عَنّا بَعِيْدَةْ. وَاشْرَحْ لِمَسْؤُولِها بِجُمْلَةٍ مُفِيْدَةْ. مَا بِنَا مِنْ مِحْنَةٍ شَدِيْدَةْ. فالأَزبَالُ أَمسَتْ تِلاَلاً مَدِيْدَةْ. وَامْتَدَّتْ بَيْنَ الأَحْيَاءِ مَسَافَاتٍ طَوِيْلَةْ. فَرُبَمَا يَكْتِبُونَ عَنْ المَوضُوعِ كِتَابَةً رَشِيْدَةْ. وَسَتَعْرِفُ الأَمَانَةُ مَأْسَاتَنَا الأَكِيْدَةْ. وَرُبَمَا تُجْهِزُ الأَمَانَةُ بِحَمّلَةٍ فَرِيْدَةْ. وَتَرْفَعُ الأَزْبَالَ بِهِمَّةٍ عَتِيْدَةْ. قَالَ(مَسْلُوبُ): سَأُبَكِّرُ إِلَيّْهِمْ وَمَسَاءً أُوَافِيْكَ بِالنَّتِيْجَةْ.

(6)

وَبيّنَمَا رَقَدْتُ بِقَيّلُولَةِ الظَّهيْرَةْ. وَطَافَتْ بِيْ أَحْلاَمِيْ الجَمِيْلَةْ. لَكِنْ أَفْزَعَنِي صَوّتٌ بِرَعِيْدَهْ. عَرِفْتُ أَنَّهُ(مَسْلُوبٌ) راْفَعَ العَقِيْرَةْ. وَسَمِعْتُهُ يَصْرُخُ وَيَقُولْ: نَمّْ قَرِيْرَ العَيّنِ يَا بْنَ البَتُولْ!!. وَأَنَا أَفِرُّ مِنَ الزِّحَامِ كَالمَخْبُولْ!!. فَوَصَلْتُ إِليّْكُم سَيّراً كَالخُيُولْ!!. قُلُتُ: حَيّْا اللهُ مَنْ بِالخَيّرِ مَجْبُولْ. فَشَانُكَ هَذا يابْنَ الأُصُوْلْ. لَقَدّْ أَسْدَيّتَ مَعْرُوْفَاً لا يَزُوْلْ. وَمِنْكَ ذَا الأَمْرُ مَأْمُوْلْ. أَبْشِرْ، بِحَمَامَةٍ إِنْشَاءَ اللهُ حَظَيْتْ؟. قَالَ(مَسْلُوبُ): لا وَاللهِ، بَلْ بِبُوْمَةٍ وَبِغُرَابٍ أَتَيّْتْ. قُلْتُ: العِيَاذُ بِاللهِ بِمَا أَبْدَيْتْ. إنَّكَ بِفَأْلِ شُؤْمٍ عَنَيّْتْ.

قَالَ(ابْنُ مَنْهُوبٍ)‏: دَعْنِيْ أَرْتَاحُ مِمّا عَانَيّْتْ. وَأَقِصُّ عَلَيْكَ دَاخِلَ البَيّْتْ. مِمّا شَاهَدْتُ وَلَقَيّْتْ. مِنْ ذِهَابِيْ إِلى حَيّْثُ أَتَيّْتْ. وَبَعْدَمَا أَجْلَسْتُ(مَسْلوُباً) دَاخِلَ الدَّارْ. وَقَدَّمْتُ لَهُ بَعْضَ المَاءِ وبَعْضِ الثِمَارْ. وَبَعْدَمَا ارْتَاحَ وَهَدَأ الأُوارْ(2). قُلْتُ يَا عَزِيْزِي يَا(مَسْلُوْبَ) مَا الأَخْبَارْ؟. مَاذَا فَعَلّْتَ اليَوّْمَ يَا مُغْوَارْ؟. قَالْ: إِنَّهَا مُجَرَّدُ أَضْرَارْ.                 مَتَاعِبٌ وَمَشَقّْةٌ بِاسْتِمْرَارْ. قُلْتُ: سَاعَدَكَ اللهُ العَزِيْزُ الجَبَّارْ. وَجَزَاكَ بكُلِّ خُطْوَةْ جَزَاءَ الأَخْيَارِ والأَبْرَارْ.

(7)

قَالَ(مَسْلُوبُ): لَكِنْ بِانْزِعَاجٍ مَرِيرْ. اسْمَعْ سَأُوَافِيْكَ بِالتَقْرِيرْ. عِنْدَمَا وَصَلْتُ إِلى اسْتِعْلاَمَاتِ المُدِيرْ. سَأَلَنِي شَابٌّ لَطِيْفٌ غَرِيرْ. عَنْ مَقْصَدِيْ وَمَا التَّدْبِيرْ؟. أَصْحَرْتُ عَنْ حَاجَتِي بِإِيْجَازٍ يَسِيرْ. فَوَجّهنِيْ إِلى شَخْصٍ يُدْعَى أَبُو(مُنِيرْ). وَقَالَ: هُوَ صَاحِبُ التَّقْدِيرْ، لأَنَّهُ مِديْرُ التَّحْرِيرْ.

(8)

وَلَمّا وَصَلّتُ إِلى مَكْتَبِ السَيِّدِ المَسْؤولْ. شَاهَدْتُهُ فَخِلْتُهُ بِالبَلادَةِ مَعْلُولْ!!!. شَارِدُ الذِّهْنِ عَنْ العَالَمِ مَذْهُولْ. شَعْرُهُ مِنَ الخَلْفِ كَالذُؤابَةِ مَجْدُولْ. وَمِنْ طُوْلِهِ عَلى الأَكْتَافِ مَسْدُولْ. نَظَراتُهُ حَيْرَى بَيّْنَ الجُدْرَانِ تَجُولْ. وَكُلَّمَا أَرْجَعَ طَرْفَهُ، سَمِعْتُهُ يُهَمْهِمُ وَيقُولْ: كَيّفَ أَصُوْغُ أَخْبَارَ البَلَدِيَّةِ، وَمَاذَا أَقُولْ؟. فَقَدّْ صِغْتُهَا وَأَلّفْتُهَا مِنَ المَجْهُولْ. كَرَرّْتُهَا، قَلَّبْتُهَا، لِتَكُوُنَ بِالمَعْقُولْ. هَذِهِ الأَخْبَارُ، ذِهْنِيْ دَوْمَاً بِهَا مَشْغُولْ. اخْتَلَقْتُ لَهَا أَلْفَ قِصَةٍ، بِالكَلامِ المَعْسُوُلْ. وَمَعَ كُلِّ ذَاكْ، ظَلَّتْ أَعْمَالُهُمْ وُعُوْداً بِلا مَحْصُولْ.

وَأَضَافَ(مَسْلُوبٌ): فَتَنَحْنَحْتُ لِيُشْعِرَ بِوُجُوْدِي الرَجُلْ. لأَقْضِي حَاجَتِي عَلى عَجَلْ. وَلَمّا سَمِعَ صَوْتَ نَحْنَحَتِي جَفَلْ. وَقَالَ أَهْلاً أَخِي تَفَضَّلْ. قُلْتُ لَهُ، يَا أُسْتَاذَ الفَضْلُ مِنْكَ أَجْمَلْ. هَذِهِ عَرِيْضَةُ مَحَلَتِنَا، عَلَّكُمْ تَنْشُرُونَ خَبَرَهَا بِالمُفَصَّلْ.

(9)

وَلَمّا قَرَأَ العَرِيضَةَ تَحَسّْرَ الصُعَدَاءْ. وَجَفَّ رِيِقُهُ وَتَنَاوَلَ كَأْسَ مَاءْ. وَقَالْ: خُذْ شَكْوَاكَ بِحَقِّ السَّمَاءْ. فَالبَلَدِيَّةُ تَعْمَلُ مِنَ الصَّبَاحِ حَتّى المَسَاءْ. وَأَنْتُمْ أَبَدَاً، لاَ تُقَدِّرُوْنَ هَذَا العَنَاءْ. فَلَوْلا جُهُودُها، لأَصْبَحَتْ أرْضُكُمْ قَفْراءْ. وَلَسَكَنْتُمْ وَسْطَ يَبَابِ(3) الصَّحْرَاءْ. خُذّْ هَذِهِ النِسْخَةَ مِنْ جَرِيْدَتِنَا الغَرَّاءْ. وَاقْرَأْ عَنْ البَلَدِيَّةِ فَمُنْجَزَاتُهَا عَلْيَاءْ. أَعْمَالُهَا عَظِيْمَةٌ لا يَحْجِبُهَا غِطَاءْ. أَبْسَطُ أَعْمَالِهَا رَشُّ الشَوَارِعِ بِالمَاءْ. حَتّى يَتَلَطَّفَ الهَوَاءُ، وَتَتَحَسَّنَ الأَجْوَاءْ. كُفّْوا عَنْ تَشْوِيْهِ سُمْعَةِ النُجَبَاءْ. إِنَّكُمْ تُدَمِّرُوْنَ مُنْجَزَاتَ الشُرَفَاءْ.

(10)

قَالَ(مَسْلُوْبُ): لَمَّا سَمِعْتُ مِنْهُ هَذَا الهُرَاءْ. عَرَقَ جَبِينِيْ وَاسْتَعَرَتْ بِعُرُوْقِي الدِّمَاءْ. قُلْتُ لَهُ مَهْلاً، هَوِّنْ عَلَيّْكَ هَذِهِ الغَلْوَاءْ. قَالَ: صَهٍ دَعْكَ مِنْ هَذا العِوَاءْ. هَيّا اخْرُجْ إِلى الفَنَاءْ. وَلا تُرِنِي طَلْعَتَكَ البَلْهَاءْ.

 قَالَ(مَسْلُوْبُ): أَجِبْتَهُ، أَصَابَكَ اللهُ بِدَاهِيَةٍ دَهْمَاءْ. وَأَلَمَّتْ بِكَ مُصِيّْبَةٌ سَوّْدَاءْ. َتَجْعَلُكَ كَالبَهيْمَةِ البَهْمَاءْ. مَاذَا أَرَدْتُ مِنْكَ غَيّْرَ تَسْلِيّْطِ الأَضْوَاءْ؟. عَلى مُعَانَاةِ أَهْلِ الأَحْيَاءْ. عَلَّكَ تَكُوْنُ سَبَبَاً لِنَقْلِهَا إِلى المُدَرَاءْ. فَتُسَاعِدُ الجَمِيْعَ، وَمِنْهُمْ أَهْلُ مَحَلَتِنَا الضُّعَفَاءْ.

فَأَجَابَنِي: إِشْكُوا أَمْرَكُمْ إِلى رَبِّ السَّمَاءْ. صَحِيْفَتُنَا لاَ تُشَوِّهُ سُمْعَةَ المُخْلِصِيْنَ الأَكِفَّاءْ. قُلْتُ لَهُ: عَلَيّْكُمْ سَنَدْعُو صَبَاحَ مَسْاءْ. دَعْوَةُ المَظْلُومِيْنَ الضُّعَفَاءْ. عِنْدَ خَالِقِ البَرِيّْةِ والسَّمَاءْ. فَأَنّْتَ وَأَمْثالُكَ الأَدْعِيَاءْ. تَتَسَتَّرُوُنَ عَلى المُفْسِدِيْنَ بِدَهَاءْ. تَبّْاً لَكُمْ سُحْقَاً لَكُمْ يَا أَشّْقِيَاءْ. تَتَلَوَنُونَ مَعَ الأَيّْامِ تَلَوُّنَ الحَرْبَاءْ. أَنّْتُمْ الّذِينَ تَكْتُمُونَ أَصْوَاتَ الشُرَفَاءْ. أَنّْتُمْ تَصْنَعُونَ مِنَ الكَسِيْحَةِ الجَّرْبَاءْ. فَرَسَ حَرْبٍ تَصُولُ فِي الهَيّْجَاءْ. بِتَزْوِيِّقِ الكَلاَمِ، تُصَوِّرُونَ الحَمِيْرَ بِصُوْرَةِ الأَذْكِيَاءْ. وَتَرْفَعُونَ الأَغْبِيَاءَ، إِلى مَنازِلِ العُلَمَاءْ. فَيُطْمَسُ الحَقُّ وَيُرْفَعُ البَاطِلُ لِلْعَليَاءْ.

قُلْتُ يَا(مَسْلُوبَ): جَزَاكَ اللهُ أَحْسَنَ الجَّزَاءْ. إِنّْهَا وَاللهِ خُطْبَةٌ عَصْمَاءْ. يَا ابْنَ(مَنْهُوبٍ)، لَقَدّْ أَبْلَيّْتَ وَأَحْسَنْتَ الْبَلاَءْ. وَأَلْقَيّْتَ الحُجَّةَ، نَاصِعَةً بَيّْضَاءْ. 

(11) 

قَالَ لِيْ(مَسْلُوبٌ): خُذّْ هَذهِ الجَرِيْدَةِ بِلا لَوّمْ. الّتِي أَعْطَانِيّْهَا ذَلِكَ المَشْؤومْ. وَأَرِنَا فِيْهَا ادّعَاءَهُ المَزْعُومْ؟. فَتَنَاوَلْتُ مِنْهُ (البُنْيَةَ الجَدِيْدَةِ) تَنَاوِلَ مَهْضُومْ. وَلَمّا بَسَطّْتَها بَيّْنَ يَدَيَّ بَسْطَ مَهْمُومْ. رَأَيّْتُ عَلى صَفْحَتِها الأُوْلَى أَمراً كَشَفَ المَكْتُومْ!!!.

إِعلانٌ مُزَوّْقٌ بِأَجْمَلِ الأَلْوَانْ. وَعَنَاوِيْنَ تُبْهِرُ الأَذْهَانْ. تَحَسَّرْتُ حَسْرَةً، رَقْرَقَتْ دَمْعِي بَيّْنَ الأَجْفَانْ. بَعْدَهَا اسْتَرْجَعْتُ(4) بِذِكْرِ الخَالِقِ المَنَانْ. وإذا بِـ(مَسْلُوبٍ) يصرخُ كَالّذِيْ مَسَّهُ جَانْ. قَالْ: يَا(ابْنَ سُنْبَهْ)، لِمَ اسْتَرْجَعْتْ؟، هَلّْ مَاتَ رَئِيْسُنَا الوَجْعَانْ؟!!.

قُلْتُ: كَلاّ يَا(مَسْلُوبَ)، إِنَّهُ يَتَعَافَى بِأَمَانْ. وَعَلى خِدْمَتِهِ يَقِفُ الأَلْمَانْ. لَكِنَّ الإِعْلاَنْ، كَشَفَ مَا قَدَّمْتَ مِنْ وَصّْفٍ وَبَيَانْ. أُنْظُرْ إِليّهِ فَقَدّْ صُمِّمَ بِإِمْعَانْ. وَبِدِقَّةٍ اخْتَارُوا لَهُ فِي الصَّحِيْفَةِ مَكَانْ. أُنْظُرْ إِلى صُوْرَةِ الشَّارِعِ المُزَانْ. كَمّْ نَظِيْفٌ كَمّْ أَنِيْقٌ كَمّْ مُصَانْ؟. قَالَ(مَسْلُوبٌ): إِيّْ وَاللهِ، فَإِنَّهُ يُبْهِرُ العِمْيَانْ. وَمِنْ جَمَالِهِ يُعْجِبُ الذُكْرانْ. كَمَا أَنَّهُ يُسْحِرُ بِرَوْنَقِهِ النُّسْوَانْ.

(12)

قُلْتُ(يَا ابْنَ مَنهُوْبٍ) انْتَبِهْ بِسَدَادّْ. واقْرَأْ هَذَا العِنْوَانَ الأَحْمَرَ المِدَادّْ. وَأَبْصِرْ مَا بِهِ مِنْ لَحْنٍ وَإِنْشَادّْ: (أمَانَةُ بَغْدَادُ فِي خِدْمَةِ الْعِبَادِ وَالْبِلاَدْ). فَمَنْ يُصَدِّقُ بَعْدُ، مَا بِنَا مِنْ أَنْكَادّْ؟. وَأَزْبَالُ مَحَلَتِنَا صَارَتْ كَالأَوّتَادّْ(5). وَبَسَبَبِهَا تَكَاثَرَتْ الْجُرْذَانُ أَعْدَادَاً أَعْدَادْ.

يَا(ابْنَ مَنْهُوبٍ) يَاحَكِيْمَ الزَّمَنْ. إِنَّهُ إعْلاَنٌ بَاهِضُ الثَمَنّْ. لاَ يُدْرِكُ سِرَّهُ إلاّ أَهْلَ الفِطَنْ. لِذَا رَأَيّْتَ مُدِيْرَ التَّحْرِيْرِ مِنْكَ جَنّْ. وَنَاحَ أَبُو(مُنِيْرٍ) نِيَاحَ شَجَنْ. وأَدَارَ إِليّْكَ ظَهْرَ المِجَنْ(6). وَثَارَ عَلَيّكَ ثَوْرَةَ الغَوْغَاءِ فِي الفِتَنْ. هَكَذا يُشْرَى العَبِيّْدُ، فِي كُلِّ زَمَنْ. يَا صَاحِبِي إِنَّهُ المَالُ رَبُّ المِحَنْ. لَهُ سِحْرٌ، بَعْضُ النُّفُوْسِ بِهِ تُفْتَتَنْ. فَيَقْتُلُ الضَمَائِرَ، وِبَعْدَهَا يَضِيْعُ الْوَطَنْ.

1.  (المُرهف): اللطيف/الرقيق . 2.(الأُوار): الحرارة . 3.(يباب): خراب. 4.(استرجعت)أي قلت:(إنّا لله وإنّا إليّه راجعون). 5. (الأوتاد): الجبال. 6. (المِجَن): الدرع.المَقَامَةُ الصَّحَفِيَّةُ

 

                                                                                       مُحَمَّد جَواد سُنبَه

                                                                                        كاتب و باحث عراقي

Mjsunbah1@gmail.com

3.(يباب): خراب. 4.(استرجعت)أي قلت:(إنّا لله وإنّا إليّه راجعون). 5. (الأوتاد): الجبال. 6. (المِجَن): الدرع.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد سنبه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/05



كتابة تعليق لموضوع : المَقَامَةُ الصَّحَفِيَّةُ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net